أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد البوزيدي - ساحة سيرست














المزيد.....

ساحة سيرست


محمد البوزيدي

الحوار المتمدن-العدد: 2304 - 2008 / 6 / 6 - 09:08
المحور: الادب والفن
    



وسط المدينة تنتصب ساحة سيرست صامدة قوية ، تنشرح فرحة بالجميع، محتضنة تتلقف كل تائه وخائف، وطالب لراحة خاصة قد يفتقدها في الأمكنة المبثوثة في أرجاء المدينة .

تستضيف الساحة يوميا زوارها الثقلاء والظرفاء ، تزرع فيهم ابتسامة خاصة لم يألفوها في الجدران الأربعة المتواجدة في الفضاءات المغلقة إلا من البحر الذي لا شاطئ له سوى الأحجار الشرسة الذي تؤذي كل من يقترب منها .

حين يتوقف كل مار بها ليستريح يحتار في أي مكان يجلس ، فالكراسي مملوءة عن آخرها ،الأطفال يلعبون ويركضون كمن تخلص من عقال سرمدي، وأمهاتهم تواصلن بهدوء تقعيد النميمة وعد الحكايات والأخبار التي راجت طوال اليوم داخل المدينة حول مختلف الملفات ، الفتيات يمشين الهوينا في ثيابهن المثيرة للاستفزاز ، والفتيان يجدون متعة جميلة في تتبع الأجساد الفاتنة التي تعرض سلعا غير قابلة للبيع والمساومة بل للعرض فقط...وبالمجان......

وفي وسط الساحة ايضا تتقاذف الكرات هنا وهناك في الملاعب التي رسمت قرب النافورة الحزينة التي جفت مباشرة بعد حفل رسمي، كما تناثرت أحجارها المرصعة قبل زمن يسير .

ومع إطلالة الربيع بدأت شجيرات الساحة تورق وتكسو أغصانها بأوراق صغيرة فتعيد إليها بعض البهاء الجميل على إيقاع رقصات جميلة للرايات الزاهية الألوان والتي ترفرف بهدوء يغري أكثر بالتعلق بالوطن .

ومع مغيب الشمس يمتلئ الشارع ذهابا وإيابا، بائعو الكاكاو وعباد الشمس القديمة يواصلون عملهم بانهماك أكثر، فالتجول يلزمه شيء في اليد ليتلهى به الفم وهكذا ...تشتد حركة الزحام، ويتواصل هدير السيارات وبصعوبة بالغة تسمع كلام صاحبك القريب منك .

قرب الساحة مقهى خاصة وإن كانت غير مأهولة على الدوام ،فهي مكان متميز للمراقبة من بعيد لأصحاب الحال ،لقد جمعت كل متناقضات الزمن الرديء، لعبة الكولفازور تحتل فيها مكانا مرموقا فيها تتهاوى العصي الطويلة وتضرب الكرات المختلفة الألوان ،دخان السجائر يعلو المكان...وبعض الرواد يناقشن المشاريع اليومية التي تدر عليهم بعض الاموال .

وعلى الجهة الأخرى وراء الشبابيك تعقد لقاءات خاصة موازاة مع الغروب،لقد اعتادت سارة وعلي مواصلة لقاءاتهما اليومية الطفولية حول الحياة وآفاقها، علاقات بريئة رومانسية تتطور فجأة بعد لقاء عابر في الساحة نفسها
*أحبك يا سارة
+ وأنا كذلك ياعلي
*لكن أمك تغار مني .
+كيف؟؟
*اعتقد ذلك
+ أنا الذي اعتقد أن أباك المحافظ غاضب مني
*لا عليك اتركينا من هذه الهموم كيف قضيت يومك ؟.....وهل توصلت برسالتي الإلكترونية وبالبطاقة الجميلة التي طالما بحثت عنها في مواقع العشاق ؟
+ آه شكرا على الوردة الحمراء الجميلة.

في هذه اللحظة مر أمامهما عابر سبيل ، ترددا للحظة قبل أن تعلو وجنتاهما خجل طفولي، فأحسا أنهما كمن اقترف جناية، خاصة أن العابر سبق له تدريسهما معا، فلم يكن لهما من حل آخر سوى الافتراق على قبلة خفيفة محددين لقاء آخر يوم الغد في نفس المكان والتوقيت .

عادت سارة إلى حيث تقوم أمها وبقي علي يرقبها من بعيد بنظرات المحبة المعتادة ، بينما كانت هي تنتشي بمشيتها الخاصة والتي تصنعتها لإثارة حبيبها، ورفعا من إيقاع غيرة صديقاتها اللواتي يطمحن للتواصل مع الفتى الذي لم يتجاوز ربيعه السادس عشر .

وككل فاتح ماي تنزع سيرست عنها رداء الراحة والاسترخاء، والرومانسية وأحاديث العشاق وعلى غير عادتها تمتلئ صباحا لترتدي ملابس أخرى تصنف صمن خانات النضال والاحتجاج و..و....حينها ترتفع الأصوات بالمكبرات فلا يبقى للهمس الذي ألفته أي أثر.....
لذلك ومنذ منتصف ابريل يشتد النزاع بين النقابات حول من سيغازلها أولا، ويلبسها أثواب اللافتات والرايات ..ويلقي خطبه عليها وعلى مرتاديها الذين يصطفون كعلب *التيد* في الدكاكين الشعبية أمام المنصة الوهمية لرفع الشعارات الرنانة الملحنة، والاستماع أو التظاهر بالإنصات لخطب الزعماء المألوفة والمعتادة والتي لايتغير فيها مع مرور السنوات سوى التاريخ وشدة نطق الحروف حسب الظرفية العامة للبلاد والعباد. لكن ما يحز في نفسها أن زائرو العيد العمالي يستنكفون عن توديعها إلى العام المقبل فرغم احتضانها لهم مرة واحدة فلا يقومون بالواجب بل يتجاهلون فضلها وموقعها الذي يسمح لهم باستعراض عضلاتهم المختلفة أمام أهل الحال الذين يسجلون كل شاذة وفاذة .

حين اختلست النظر إليها مع منتصف الليل كانت تبتسم فرحا براحة لم تعهدها من قبل لقد لفظت الجميع الآن لترتاح قليلا وتسترد حيوية غائبة حتى إشعار آخر .



#محمد_البوزيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أرضي
- الدموع المتجمدة
- ممنوع من الكتابة
- تراجيديا الواقع في *ورثة الانتظار * لعبد النور إدريس
- العنف ضد المرأة أشكال وأنواع
- عتبات الطريق 4+كشف الدجال المسمى الحاج دحال
- قراءة في ديوان حتى يهدأ الغبار للشاعر المغربي يونس بن ماجن
- 3+الأزبال
- إصدار جديد للناقد المغربي حسن المودن
- قراءة في ديوان أطياف مائية للشاعر أحمد زنيبر
- رحلة منتصف الليل
- عتبات الطريق
- فرار للمجهول
- حوار صحفي مع رئيس وكالة البحر الأبيض المتوسط للتعاون الدولي ...
- هروب
- الفريق
- رسالة مفتوحة إلي السيد :النائب الإقليمي لوزارة التربية الوطن ...
- دعاء
- حفريات الذاكرة من خلال رواية *رجال وكلاب *للروائي مصطفى الغت ...
- يا بحريي هيلا هيلا


المزيد.....




- توم يورك يغادر المسرح بعد مشادة مع متظاهر مؤيد للفلسطينيين ف ...
- كيف شكلت الأعمال الروائية رؤية خامنئي للديمقراطية الأميركية؟ ...
- شوف كل حصري.. تردد قناة روتانا سينما 2024 على القمر الصناعي ...
- رغم حزنه لوفاة شقيقه.. حسين فهمي يواصل التحضيرات للقاهرة الس ...
- أفلام ومسلسلات من اللي بتحبها في انتظارك.. تردد روتانا سينما ...
- فنانة مصرية شهيرة تكشف -مؤامرة بريئة- عن زواجها العرفي 10 سن ...
- بعد الجدل والنجاح.. مسلسل -الحشاشين- يعود للشاشة من خلال فيل ...
- “حـــ 168 مترجمة“ مسلسل المؤسس عثمان الموسم السادس الحلقة ال ...
- جائزة -ديسمبر- الأدبية للمغربي عبدالله الطايع
- التلفزيون البولندي يعرض مسلسلا روسيا!


المزيد.....

- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد البوزيدي - ساحة سيرست