أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد البوزيدي - 3+الأزبال














المزيد.....

3+الأزبال


محمد البوزيدي

الحوار المتمدن-العدد: 2194 - 2008 / 2 / 17 - 07:39
المحور: الادب والفن
    



عتبات الطريق

الشمس غائمة هذا الصباح، لكنها تحيي من بعيد، تظهر وتختفي مثل أقواس قزح في يوم ممطر، تنحو بعيدة مثل حبيبة تعذب حبيبها بالظهور والخفوت ..........سلاما .وداعا..
إنه يوم الاثنين الأسود، بداية أسبوع ومطلع شهر جديد، بداية لعذاب جديد لا ينتهي من مسافات الدنيا العجيبة .
الإدارات تكتظ بالمواطنين الراغبين والتواقين لقضاء حاجياتهم المختلفة: الإدارية منها والمالية ..الكل تائه يصر على الانصراف قبل منتصف النهار .
لم ادري كيف ولجت مصلحة إدارية لإنجاز المصادقة على وثيقة معينة، في البهو أناس غبرباء كل واحد منهم يتأبط ملفات بألوان غير ألوان الطيف المعروفة، وبثياب تركن إلى السواد منها إلى البياض، كأنها تخفي سواد قلوب لا ترحم في مثل هذه المناسبات وداخل هذه المؤسسات.
تستوقفني أوراق معلقة هنا وهناك، أطالعها لتزجية الوقت الطويل الثقيل، فتكتشف أنها غير ذات معنى وتعود لشهور أو سنوات مضت ، وتتضمن إخبارات تافهة كمداومة الطبيب أو الانخراط في إحدى الجمعيات أو توقيت رمضان الماضي واجتماعات لا علاقة لها بالمواطنين، أما الإعلانات المهمة كعروض الأشغال والدعوات الخاصة والاجتماعات الهامة فهي تأتي عبر الهواتف الخاصة لأصحابها المعروفين جدا ومن الغرائب أن سبورة الإعلانات كانت تتضمن لوائح المستفيدين من بقعة تجزئة سكنية محدثة .
أتأمل إلى جانب آخرين أسماء المستفيدين، ابتسم ابتسامة ذات معنى...
صاح أحدهم في وجه صاحبه :
+ متى أحدثثت التجزئة ؟ ومن أخبر بها ؟ وبأي حق يستفيد هؤلاء الذين يتمتع بعضهم بعمارتين أو ثلاث .....
أجابه الآخر :
-لا تنطبق عليك المعايير الموضوعية للإستفادة
+ وماهي ؟
- الانتماء السياسي وطبيعة اسمك وقبيلتك والتصبين بالذي هو أحسن
لم يفهم المخاطب جيدا، لكن ليوضع أكثر آثر إنهاء الموضوع لما مر أحد المستفيدين المعروف للعام والخاص، تتوسط رقبته الطويلة التي تحتوي على بقع لحبوب لم ينفع معها علاج ولو تم في الخارج على حساب دافعي أموال الضرائب.مشنقة مزركشة بألوان خاصة تجعلك تتيه في اسمها لإختلاطها .
أواصل المسار، يتقمصني اشمئزاز بالتجول هنا أو هناك، أحاول الابتسامة لبعض الذين يلقون علي تحية الصباح الروتينية لكن حزن الأعماق صعب اختراقه ولو أوتيت ما أو تيت من موسوعات علمية خاصة في علم النفس .
في المكان الذي قصدته للمصادقة ازدحام شديد، توزع الناس إلى الحائط ليركنوا إليه حفاظا على توازنهم ومابقي من طاقاتهم بعد أن ملأ كرسيين موضوعين رهن إشارة المواطنين للاستراحة الذين تجاوز عددهم الثلاثين
الموظفون مع وقف التنفيذ يواصلون تهيئ الأوراق الكثيرة بخط رديء جدا يكشف عن المستوى الذي غادروا فيه المدرسة، صوت الطابع يسمع جيدا مرات عديدة كجعجعة الطحين المعتادة، لكن القوة التي يبصم بها هي تعويض عن كبت خاص يتلخص في اشتغال *الموظف* مدة طويلة دون رقم تأجير يحدد موقعه في هيكل الجماعة أو الوزارة، فهم يحملون درجة موظف عفوا عون الإنعاش، ومازالت الدولة لم تعترف لهم بكامل حقوقهم رغم جسامة الأعمال التي يقومون بها، فقط يؤدون خدمات نظير مبلغ مالي شهري محدد منذ زمان ولا تنطبق عليه معارك الزيادة في الأجور.
في لحظة خاصة يكثر الهرج والمرج من بطء الإجراءات ، تارة يصيح ذاك وأخرى تسمع صرخات طفل تحمله أمه ..الآخر يجيب على هاتف مفاجئ ..بينما مازال المكان يستقبل المزيد من المواطنين
ترتفع حرارة وكثرة الأوراق، تختلط رويدا تتبعثر حينا.... لتجمع في الحين
في لحظة ذهول نهض أصلع مكشر لأنيابه المتعفنة المتبقية من ثغره المثقوب جراء السيجارة، حدق عينية وركز نظارتيه القديمة، ووسط ذهول الزوار رفع الأوراق متجها بصوته نحو الآخرين :
اللي حط زبلو يرجع للور ....الذي ترك أزباله يرجع للوراء .
تراجع المغلوبون على أمرهم إلى الوراء، ولا أدري هل هم فعلا في الأمام ليتراجعوا إلى الوراء ؟؟؟؟؟
قبل أن أتمالك أعصابي جالت في ذهني تساؤلات خاصة عن هذا المصطلح الجديد الذي أسمعه لأول مرة في هذه الإدارة العمومية
مامعنى الزبل المقصود ؟ وهل هذه الوثائق هي بمثابة أزبال فعلا ؟
ومن يلعب إذن وسط الأزبال المقصودة ؟؟ومن يوقع عليها ؟ أليس هم أصحاب المزابل يوميا
صحت في وجهه غاضبا، أدرك عمق خطابه، فبدا يخفف أجواء التوتر تارة بالقول أنني لم أقصدك ورد زميله القريب منه أنه يقصد الأوراق....إنسان يخاطب الوراق الصامتة؟؟؟؟؟؟؟؟
ساد صمت مهول بين الآخرين الذين أدركوا للتو جوهر الكلام الذي خاطبهم به
تأملت لحظة، وأحسست خلالها أن أوراقي ستصبح أزبالا فعلا إن أتم العون ملئها وطبعها .
مالعمل ؟ سحبتها بصراخ عميق، وخرجت من المكان تاركا الأزبال يلعبون وسط الأزبال وأمام الأزبال فعلا ............
حين كنت أغادر المكان، فهمت جيدا عمق مايعنيه عون الإنعاش ،فالأزبال تتراكم على بعضها البعض دون أن تتحرك أو يصدر عنها موقف أو اتجاه، لكن للأزبال الخاصة اّقصاها أن ينعتك موظف من الدرجة غير المصنفة بمصطلح خاص دون أن يدري أن أجره مقتطع من ضرائب يحصلها أناس ذهبت بأرجلك إلى صندوق يسمونه اقتراع لتقول لهم نريد هذا ..
وتستمر الإساءات بين الأزبال ووسط الأزبال من طرف الأزبال ............................



#محمد_البوزيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إصدار جديد للناقد المغربي حسن المودن
- قراءة في ديوان أطياف مائية للشاعر أحمد زنيبر
- رحلة منتصف الليل
- عتبات الطريق
- فرار للمجهول
- حوار صحفي مع رئيس وكالة البحر الأبيض المتوسط للتعاون الدولي ...
- هروب
- الفريق
- رسالة مفتوحة إلي السيد :النائب الإقليمي لوزارة التربية الوطن ...
- دعاء
- حفريات الذاكرة من خلال رواية *رجال وكلاب *للروائي مصطفى الغت ...
- يا بحريي هيلا هيلا
- الانتخابات المغربية: دروس وعبر
- الأمن والمواطنة
- كرامة ضائعة
- أحزان بلا حدود
- عتبات -في انتظار الصباح-
- يورتريه الشهيد مهدي عامل
- الشباب والراهن :أية علاقة ؟
- ذكريات معلمة في الخليج كتاب يرصد التعليم بمدينة صحار بسلطنة ...


المزيد.....




- مصر.. وفاة المخرج والسيناريست القدير عصام الشماع
- الإِلهُ الأخلاقيّ وقداسة الحياة.. دراسة مقارنة بين القرآن ال ...
- بنظامي 3- 5 سنوات .. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 الد ...
- مبعوث روسي: مجلس السيادة هو الممثل الشرعي للشعب السوداني
- إيران تحظر بث أشهر مسلسل رمضاني مصري
- -قناع بلون السماء-.. سؤال الهويّات والوجود في رواية الأسير ا ...
- وفاة الفنانة السورية القديرة خديجة العبد ونجلها الفنان قيس ا ...
- مطالبات متزايدة بانقاذ مغني الراب الإيراني توماج صالحي من ال ...
- -قناع بلون السماء- للأسير الفلسطيني باسم خندقجي تفوز بالجائز ...
- اشتُهر بدوره في -أبو الطيب المتنبي-.. رحيل الفنان العراقي عا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد البوزيدي - 3+الأزبال