صبري يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 2294 - 2008 / 5 / 27 - 10:57
المحور:
الادب والفن
وقفَ الحزنُ فوقَ مرابعِ الرُّوحِ
فوقَ رُقيماتِ الطِّينِ
ناثراً فوقَ جنونِ الوغى
خفايا جذورِ الأنينِ
دموعٌ على مساحاتِ الأسى
على أغصانِ الحنينِ
تاهَتِ الأمّهاتُ
من جنونِ الحروبِ
ولَّتْ من شرارةِ الموتِ
من أوجاعِ الغروبِ
وقفَ البكاءُ فوق ربوةِ القصيدةِ
يشكي للبحرِ حكايةَ القهرِ
يروي قصصَ العبورِ
في أوجِ المتاهاتِ
حلمَ طفلٌ بوردةٍ بيضاء
تستقبلُ أمُّه بها خيوطَ الصَّباحِ
انفجارٌ حارقٌ
خلخلَ خميلةَ الحلمِ
جاءتْ طفلةٌ
تحملُ في مآقيها دموعاً
ممزوجةً بأحزانِ المدائنِ
ماتَ كهلُ عندَ مسقطِ الرأسِ
لم يعدْ لمساقطِ الرُّؤوسِ أماناً
تدحرجتْ الرُّؤوسُ
على قارعةِ العذابِ
شَرْخٌ في جبينِ الحضارةِ ينمو
ارتعدَتِ العصافيرُ من أزيزِ العاصفة
ماتَ السَّلامُ في أوائلِ الرَّبيعِ
في أوجِ ضياءِ النَّهارِ
ضاعَ الأمانُ من ضراوةِ الجورِ
من قيحِ القرارِ
لم يَعُدْ في السَّاحةِ جندٌ
ولّوا في أعماقِ البراري
حضارةٌ حبلى بعُصَيَّاتِ العمى
تفرشُ سوادَ اللَّيلِ
فوقَ نواقيسِ المنى
ظلمةٌ ظالمة تخيِّمُ
فوقَ هلالِ الهدى
رأسٌ مفخَّخٌ بالآهاتِ
عاشقة غارقة في براثنِ الأسى
من يستطيعُ أن ينقذَ الأوطانَ
من أنيابِ الوغى
ماتَتِ الحمائمُ
جوعٌ على امتدادِ المدى!
هبطَ القهرُ فوق لجى النَّهرينِ
فارشاً شراهاتِ الرَّدى
كم من الانشراخِ
حتّى اندلعَت اهتزازاتُ الصَّدى
جنونٌ أن تفرِّخَ هناكَ رؤىً
من هديرِ السُّدى!
دموعٌ تنسابُ
فوقَ شموخِ جلجامش
وجعٌ في تجاويفِ المآقي
أولى الحضاراتِ تتلظّى
في ذاكرةِ الأزقّة
تتهاوى حضارةُ الحضاراتِ
بينَ مخالبِ الغدرِ
غدرُ الطغاةِ
غدرُ الكبارِ
غدرُ الصغارِ
غدرٌ مترامي الأسى
كأمواجِ البحارِ!
زمنٌ من بوحِ الغبارِ
زمنٌ يزدادُ انتفاخاً
بِجِرارِ القيرِ
يتهافتُ على زراعةِ الشرِّ
على اقتلاعِ نورِ الضَّميرِ
يقطرُ سمّاً
فوق ضفافِ العمرِ
في عذوبةِ انسيابِ الغديرِ
زمنٌ مقوّسُ الظهرِ
يسطعُ بأنهارِ الأنينِ
يفرِّخُ المراثي على اغفاءةِ اللَّيلِ
على تنامي شخيرِ النَّهارِ
زمنٌ ملولبٌ بقيحِ الحروبِ
ينغشُ بشاهداتِ القبورِ
يخلخلُ قاماتِ الطفولة
يصهرُ عظامَ الكهولةِ
دموعٌ على رحابةِ الحلمِ
حلمٌ مندّى بالدموعِ
بجراحِ قاماتِ الوردِ
حلمٌ معشعشٌ في تلافيفِ الغمامِ
حلمٌ يخبو في متاهاتِ السَّرابِ
حلمٌ يزدادُ انكساراً
بكَتِ القبّراتُ من هولِ الدَّمارِ
فرّت بعيداً
عن شظايا النَّارِ
توارَتْ أسرابُ القطا
في جوفِ البراري
تورَّمَتْ عيونها الكحيلة
من انبجاسِ أكوامِ الغبارِ
حروبٌ مفخَّخة بالأوجاعِ
تفرِّخُ رغوةً معفَّرة بالهزائمِ
أفسدَتْ نضارةَ الرَّوحِ
أبادَتْ خصوبةَ البذارِ!
#صبري_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟