أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - عذوبة القهقهات قصّة قصيرة














المزيد.....

عذوبة القهقهات قصّة قصيرة


صبري يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 2273 - 2008 / 5 / 6 - 10:08
المحور: الادب والفن
    



أتذكّرُ الآن أنني كنتُ منذ بضعةِ سنوات، أتوجّهُ إلى قلبِ استوكهولم في قطارِ الأنفاق، أقرأ مقاطع شعريّة كانت قد خرجَتْ منذ أسابيع إلى النّور، وإذ بي أجدني أمام صبيّتين جميلتين تشبهان الياسمين، تضحكان ضحكاً طازجاً، نظرْتُ إليهما بفرحٍ عميق، ركّزْتُ على ضحكَيْهما اللَّذيذَين! وتبيّنَ لي أنَّه كان أجمل مقطع شعري قرأته في حياتي، قارنته بالمقاطع الشِّعرية التي كنتُ أقرأها فوجدتُ المفردات الشِّعريّة باهتة وهزيلة أمام عذوبة خدّيهما المبرعمين بإيقاعاتٍ فرحيّة في منتهى الرَّوعة والبهاء.

أبهجتا قلبي من شدّةِ الفرح وعفويّة القهقهات التي كانت تملأ فضاء المكان، سقط الكتاب من يدي متدحرجاً نحوَ عوالمِ القهقهات، انحنت إحداهنَّ ملتقطةً وهجَ القصائد، فخفتَ إيقاع ضحكها وفيما كانت تقدّم إليَّ الكتاب، هجم عليها نوبة ضحك، فسقط الكتاب من يدها فتعالى الضِّحك من جانب صديقتها ثم أمسكت خصرها الحنون هي الأخرى وبدأت تضحكُ وإذ بي أجدني منخرطاً في عوالمهما، كانت قهقهاتي خافتة لكنها كانت تلامس الظِّلال الخفية من عذوبة الفرح، انحنيتُ لألتقط الكتاب وانحنت هي الأخرى بنفس الوقت فارتطم رأسها برأسي، وضعَتْ بآليِّةٍ سريعة يدها مكان الارتطام، ثم فاهت بألمٍ، آآي!..

ضحكَتْ رغم أنّها تلقَّتْ صدمةً مثل صدمتي، وضحكتُ أنا الآخر وكأنّ سنبلة برّية لامَسَتْ فروة الرأس، توقَّفَ القطار في محطّة فرعيّة، دخلَتْ شابّة تشبه هيبّية وجلسَتْ على المقعد الشَّاغر بجانبي، انطلق القطار فانطلقا في الضّحك، ضحكٌ طازج لم أرَ وأسمع أبهجَ منه في حياتي، شعرتُ في تلكَ اللَّحظات أنّ خبرتي في اِطلاق القهقهات الطازجة خفيفة وضعيفة مقارنةً فيما أراه وأسمعه من رنين دافئ يشفي أمراض عقود من الزَّمان، بعد لحظات إنضّمت الهيبّية إلى عوالمهما لكنَّها كانت تضحك بحياءٍ كبير وكانت مندهشة ممّا تراه، حوصِرْتُ من كلِّ الجِّهات بطزاجةِ القهقهات، أخرجْتُ كاميرتي بدون أيِّ استئذانٍ منهما والتقطتُ صورةً لهما، قالا لي، لا لا، لكني لم أخضع للاءاتهما والتقطتُ لهما لَقْطةً أشبه ما تكون قصيدةً منبعثة من هلالاتِ الشَّفق! ..

خَفَتَ الضّحكُ قليلاً لكنّه سرعان ما تعالى مرّة أخرى، ثمَّ استدركتُ أنني لا بدَّ أن أنزلَ في المحطّة القادمة، وفيما كنتُ أهيءُ نفسي للنزول وجدتهما مثل موجةٍ بحريّة يغوصان في نوبةٍ ضحكية جديدة وكأنَّهما يقولا لي يا شيخ كيف يطاوعُكَ قلبكَ أن تتركَ كلّ هذه العذوبة وتنزل؟ لكنّي كنتُ مضطّراً أن أنزل، لم أتمكّن أن أحصلَ على هاتفيهما أو عنوانيهما كي أرسلَ لهما اللّقطة التي التقطتُهَا من خاصرة الزَّمن، وفيما كنتُ على باب القطار، تذكَّرَتْ الكتاب فالتقطتْهُ وفيما كانت تحاول أن تناولني إيّاه، كنتُ خارج القطار، ومن خلال النَّافذة لوّحْتُ لهما، مشيراً بسبابتي إلى صدري على أنّ الكتاب هو من نتاجي، وليكن هديّة لهما، وآمل أن يقرآ القصائد التّي فيه، إنّه يتضمَّنُ قصائد حول طقوس فرحي لعلّه يضيفُ إلى فرحَيْهما قليلاً من الفرح!


ستوكهولم: 5. 1 . 2006
صبري يوسف
كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم
[email protected]
www.sabriyousef.com



#صبري_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التوهان عن الهدف 2 ... 2
- التَّوهان عن الهدف 1 ... 2
- حوار مع صبري يوسف، أجراه السينمائي حميد عقبي: 3...3
- حوار مع صبري يوسف، أجراه السينمائي حميد عقبي: 2 ....3
- الشاعر والفنان التشكيلي السوري صبري يوسف 1...3
- دور العلمانية في قيادة الدولة والمجتمع 3 ...3
- دور العلمانية في قيادة الدولة والمجتمع 2...3
- دور العلمانية في قيادة الدولة والمجتمع 1 3
- أمٌّ معفّرة بباقاتِ السَّنابل
- وردةٌ في مرافئِ القصيدةِ تنمو
- أنشودة الحياة ج8 ص 755
- أنشودة الحياة ج8 ص 754
- أنشودة الحياة ج 8 ص 753
- أنشودة الحياة ج 8 ص 752
- أنشودة الحياة ج 8 ص 751
- أنشودة الحياة ج 8 ص 750
- أنشودة الحياة ج 8 ص 749
- عبور في عوالم واهِم قصّة قصيرة
- أنشودة الحياة ج8 ص 748
- ربيع الشرق الأوسط على كفِّ عفريت


المزيد.....




- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - عذوبة القهقهات قصّة قصيرة