أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد بروحو - قارب العبور














المزيد.....

قارب العبور


محمد بروحو

الحوار المتمدن-العدد: 2276 - 2008 / 5 / 9 - 11:04
المحور: الادب والفن
    


النهار مشمس. يغري بالمكوث داخل البحر مدة طويلة. أثار انتباهي حشد من الناس. تجو قوا حول مكان في الضفة الأخرى من النهر.
تتدلى رؤوس من فوق الأحجار الناتئة. يريد أصحابها استطلاع حدث، ربما كان قد وقع في تلك اللحظة.
في الضفة المقابلة، أقف منتظرا زورقا يجتاز بي النهر الفائض، بمياه البحر المالحة. هناك تتراءى رؤوس تتدافع، وأعناق تتطاول، هو شيء ما هناك يقبع بين شقوق الصخور.
في ثلم صخرة، كان يظهر جسم يتقوقع في ركن. يحوقل البعض، ويبسمل الآخرون. بالتدافع والتلاكم قد تفقأ عين، إن لم يأخذ صاحبها احتياطات زائدة، وهو يشق طريقه بين الجموع.
كنت كالآخرين، أتلهف لاستطلاع ما يحدث. أظنه مادة دسمة صالحة للنشر. لقد مرت شهور، لم أنشر ولو مقالا واحدا. اعتادت نفسي أن تشبع فضولها. من مثل هذه الأحداث. انتظر طويلا قدوم قارب العبور الذي تأخر كثيرا. فكرت أن أعبر المسافة سباحة، لكني أدركت أني لا أتوفر على مايوه السباحة.
يتأخر مركب العبور وأنا في لهفة وعجلة من أمري. بين الجموع، هناك من لا يهمه أمر هذه الجوقة الآدمية، بقدر ما يهمه شيء آخر.
شبح يتراءى هناك، يتحرك ثم يخلع ملابسه، ويرتمي في وهلة بين أحضان الماء. كنت أرقبه بفضول. عطش جسمه. الأسبقية للأبدان، يرددها وهو يرتمي وسط النهر. يتجه نحوي. استغلت فرصة اقترابه مني. سألته. لكنه تخطاني فابتعد عني.
أسمعت كلمات لموج البحر. يبتسم الموج وهو ينتشر على اتساع الشاطئ. صفقت المحارات حين لامسها.
ترتمي حبيبات الرمل فوق جسدي، تعانقه بشوق ثم تتفرق هاربة، عائدة إلى البحر. تداعب الشعيرات الصغيرة التي نبتت في جلدي، والتي تغير لونها من فرط لهيب الشمس.
تمددت لأغنم قسطا من قيلولة هذا اليوم المشمس والدافئ. ذبابة تحلق فوق وجهي، تحط كطائرة فوق شاربي. استدعتها الروائح العالقة به. رائحة السردين المشوي. كان غذائي حين مروري داخل ميناء المضيق.
الذبابة تداعب شاربي، تأخذ حقها من سمك السردين. أقفل عيني والذبابة لا زالت تطير ثم تنزل.
تحضر ذبابة ثانية ثم ثالثة، فسرب كامل بكل عدته. يتغوط على وجهي. حجبته بمنديل. بدأت أسمع أزيز الذباب وهو يتبادل أماكن النزول. أقلقني ذلك. ضيع علي لذة قيلولتي. تذكرت المبيد وما يفعله في الذباب، لو كان حاضرا معي الآن لرششته واسترحت.
كم هذه الحشرات قذرة.. ؟ بل القذارة مني آكل سمكا ولا أفكر في تنظيف فمي ويدي. أعشق رائحة السردين، وأفضل أن تبق عالقة بي طوال الوقت.
يصل القارب وتنفك عقدة الانتظار. أركبه على عجل. أريد الوصول إلى الضفة الأخرى.
يقطع المسافة بين الضفتين وأنا أرقب المكان في تلهف. لم أجد هناك أحدا حين وصول القارب. هرولت نحو مكان الحادث، ولم أخذ كامل احتياطي.
تعثرت فسقطت بين الأحجار. لم أدر كم مر من الوقت وأنا مغما علي. بدأت أصيح و أستغيث.
بعد أن عدت لوعيي. كان حشد من الناس يجتمعون حول المكان يحوقلون ويبسملون. كنت أنظر إليهم وقد تطاولت أعناقهم وتدافعت رؤوسهم. تتدلى من فوق الأحجار تريد استكشاف ما يحدث.
محمد بروحو/ المغرب






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صاحب الكراسة والقلم
- اللحن الأخير
- جبير والخرفان
- نباش منتصف الليل
- متاهات في الزمن الضائع
- فضول / قصة قصيرة
- حضور بلا دعوة / قصة قصيرة
- الرجل الذي تعرى
- عروس البحر / قصة قصيرة


المزيد.....




- دراسة تنصح بعزف الموسيقى للوقاية من الشيخوخة المعرفية.. كيف؟ ...
- كتّاب وأدباء يوثقون الإبادة في غزة بطريقتهم الخاصة
- حين أكل الهولنديون -رئيس وزرائهم-.. القصة المروّعة ليوهان دي ...
- تكريم الإبداع والنهضة الثقافية بإطلاق جائزة الشيخ يوسف بن عي ...
- أهمية الروايات والوثائق التاريخية في حفظ الموروث المقدسي
- -خطر على الفن المصري-.. أشرف زكي يجدد رفضه مشاركة المؤثرين ف ...
- هل يحب أطفالك الحيوانات؟ أفلام عائلية أبطالها الرئيسيين ليسو ...
- أحمد عايد: الشللية المخيفة باتت تحكم الوسط الثقافي المصري
- مهرجان -شدوا الرحال- رحلة معرفية للناشئة من الأردن إلى القدس ...
- لغز الإمبراطورية البريطانية.. الإمبريالية مظهر للتأزم لا للق ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد بروحو - قارب العبور