أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد بروحو - الرجل الذي تعرى














المزيد.....

الرجل الذي تعرى


محمد بروحو

الحوار المتمدن-العدد: 2090 - 2007 / 11 / 5 - 09:13
المحور: الادب والفن
    


شراع الموت، يبسط أظافره فوق مركب حياته. في حلم بين أحضان عشق وفي ثنايا الأيام الراقصة على نغمات الشدو ضاعت أحلامه.
هذا ما كان يردده.. يبدو ذابلا كأوراق التين في عز الخريف. باهتا كضياء الشمس وقت المغيب.
يحبك قصة عشق في يوم كئيب وفي لحظة انفعال . بصراخه وعويله ، يسمع من مكان بعيد في نفس المكان الذي اعتاد حديه كل مساء . يخاطب اللآ مكان وينبئ اللآزمان .. يمزق الأوراق . يكسر الأقلام .. يشوه وجه الأرض ببصاقه على قدره . في زقاق ضيق من المدينة .. من فوق السطوح رأيته يعبث بما تبقى من ملابسه .. يسب ويلعن كل شيئ ..
لم أدر ما به .. أذهلني هذا المشهد الغريب . رجل يتعرى من ملابسه .. يدور هنا وهناك . يردد كلمات مبهمة .. يهمس بسرها لسحام الليل وسجوه .
دفعني فضول كي أتابع هذا الحدث المثير . يدور صوته في أرجاء الحي كما هبوب ريح تندفع بين أزقة تلتوي وتضيق.
من فوق السطوح . شهدت حدث هذه الليلة . رغم برودة جوها وحلكتها وسكونها الذي أزعجه هذا الذي أراه وقد تعرى صارخا . أبت نفسي الآ أن تتبع شقاوته . فضولي جعلني أن أظل جاثيا أراقبه.
يرتطم باب نافذة بحائط يقابل مكان وجودي . أصوات وهمسات .. تنبعث من وراء شباكها الحديدي . بصعوبة حاولت أن أستوعب ما كنت أسمعه من ذاك الحوار المنبعث من خلف النافذة ، وأن أستشف منه ربما سر هذا الرجل الذي تعرى..
مسكين ، قالت : ألم أقل لك أنه مجنون ..
مجنون بحبها .. فأنتن النساء لا يهدأ لكن بال حتى تذللن الرجال.
ليس كل النساء سواء
ربما قد يكون ذلك
نظرت اليه وهي تقول : لنعد الى مشكلتنا . متى سيتم حفل زفافنا ..؟
اصبري وادع لي بالتوفيق .. سفري مضمون هذه المرة .. كم أتمنى أن تمر هذه اللحظة حتى اراك بقربي .. وأنا غارق في سماع هذا الحوار الذي ينبعث من خلف النافذة ، اذا بالرجل العاري يصل قرب المكان الذي أوجد به .. بصراخه وعويله وشتمه لم أعد أسمع من الحوار شيئا .. لحظة سقط الرجل الذي تعرى على الأرض مغشيا عليه ربما.. قط من قطط الليل يشتم مؤخرته. أصخت السمع، لم أعد أسمع شيئا الآن .. لا صوت الرجل العاري ، ولا الأصوات المنبعثة من خلف النافذة.
أحسست ببرودة تلف جسمي .. نزلت الدرج في تؤدة .. دخلت غرفتي..
تمددت فوق فراشي ، بدأت أعيد شريط ما شاهدت في هذه الليلة ، رجل تعرى يسب ويلعن ، ضاع أو ضيعوه . آخر يريد أن يهاجر سرا . فتاة ضائعة تششتت أفكارها ، تنبئها بأن هذا السفر قد يضيع خطيبها.
أحداث تتداخل فترسم كابوسا يقلق النفس .. أنا مثل هؤلاء ضائع. نعم .. لقد أحسست ساعتها بأن شيئا ما أنا الآخر قد ضاع مني .. إنه نومي.
الوقت متأخر. يطل قمر الخريف من جهة المشرق بوجهه الوضاء . من وراء سحابة أسجمت ، هو الآخر آفل بعد قليل. عند طلوع يوم جديد.
يتيه تفكيري في أحداث الليلة . ينبش في كنهها . سرق النوم جفوني ..
استيقضت على هرج الدلالين ومرج البائعين . تركت فراشي متعبا .. خرجت أسير شاردا. أحداث الليلة ما زالت عالقة بذهني . استوقفني صديق.. لقاؤه يغنيني عن قراءة الجرائد واطلاع الأخبار . أستدرك من خلاله ما فاتني .. بدأ يحكي لي قصة شاب أراد أن يهاجر سرا ، لكن خطيبته منعته . في دهشة نظرت اليه تعجبت من معرفته لقصة البارحة وكأنه كان حاضرا بجانبي .. وأنا أحاول طرد شرودي ودهشتي بسؤاله واستفساره ، اذا به يخبرني أنها حلقة من مسلسل المهاجر الذي تبثه اذاعة طنجة ..
تبسمت في شحوب ، وسرت بجانبه شاردا . أتفكر في أمر الرجل الذي تعرى في نفس المكان الذي اعتاد حديه منذ مدة .. في كل مساء .. يخاطب اللآمكان وينبئ اللآزمان .. يمزق الأوراق .. يكسر الأقلام يشوه وجه الأرض ببصاقه على قدره.
محمد بروحو / المغرب



#محمد_بروحو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عروس البحر / قصة قصيرة


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد بروحو - الرجل الذي تعرى