أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الكحط - سنوات الضياع المسلسل الذي أضاع أبطاله بوصلتهم















المزيد.....

سنوات الضياع المسلسل الذي أضاع أبطاله بوصلتهم


محمد الكحط

الحوار المتمدن-العدد: 2257 - 2008 / 4 / 20 - 06:07
المحور: الادب والفن
    




مسلسل سنوات الضياع، من أخراج آيدن بولوت

(AYDIN BULUT)

مسلسل تركي مدبلج، يعرض على فضائية ال "أم بي سي" ، وهو ثاني تجربة اختيار ناجحة لهذه المحطة العربية بعد مسلسل "أكليل الورد" كونه يعرض دراما تركية استطاعت أن تشد أليها جمهور واسع من المشاهدين. المسلسل يحمل بين طياته الكثير من القصص المشوقة عن الحب والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية المتعددة الأوجه، ومواضيع أخرى عديدة مهمة، ورغم أن المسلسل مدبلج باللهجة السورية لكن قوة الشد والتشويق بقيت جميلة وممتعة واستطاعت الدبلجة مقاربة الأحداث وتطوراتها. وبالرغم من طول المسلسل الذي يستمر عرضه حتى الثمانين حلقة، لكنه استطاع أن يجلب عدد كبيرا من المشاهدين الهاربين من المسلسلات العربية التي مازالت تراوح على ذات النمط من المواضيع المبسترة والمكررة.

ربما يقال كان الأجدر الانتظار حتى نهاية المسلسل للكتابة عنه، ولكن المحتوى العام للأحداث بدء يتضح، وهناك أحساس مؤكد بأن فواجع عديدة سيتضمنها المسلسل لاحقاً. ومن المؤكد أيضا أن نهاياته سوف تكون سعيدة ومرضية للمشاهد الشرقي الذي تتملكه العواطف النبيلة المحبة للخير والسلام.

يتناول المسلسل قصة حب محورية ترافقها قصص حب أخرى، وهناك أيضا مواضيع تتعلق بواقع المجتمع والصراعات والأحداث الجارية فيه، أهمها الصراع الطبقي بين الشغيلة وأرباب العمل. والتي عكسها المسلسل بأسلوب بعيد عن المباشرة وكيف يتحكم أرباب العمل بمصير العمال، بل حتى يؤثرون على عواطفهم، وأستمر المسلسل من البداية حتى النهاية بعرض هذه الموضوعة التي تراجعت إلى الخلف ولم تكن في واجهة أحداث المسلسل ولعل في ذلك ذكاء يحسد عليه كاتب السيناريو وكذلك المخرج.

لقد أظهر المسلسل حزمة من مشاكل وصراعات تدور رحاها في أجواء متباينة تشمل عالم تتوزع مشاهده ومسالكه عند قرية تعد واحدة من ضواحي القسم الغربي من اسطنبول، ويظهر المسلسل تناقض عالمين حيث الضواحي المهمشة التي تنعدم فيها الخدمات ويسكنها الناس البسطاء من العمال والكسبة، وجوارها المدينة الحديثة بترفها وأحيائها الغنية وأبنيتها الشاهقة. وأيضا يكشف السيناريو عن ترابط وتداخل عالم تلك الضاحية بالمدينة عبر زيجات وحب وعلاقات عمل.

رفيف الفقيرة والطموحة بنت القرية وعمر الغني، ثم يحيي العامل البسيط أبن القرية المنتقم والطموح. وبعد أن تتوفر له فرصة الغنى تكون حصته لميس الجميلة والغنية أخت عدوه عمر لتكون له انتقاما في البدء ثم حبا جارفا في النهاية. كما عكس المسلسل بوضوح التنافس الغير المبدئي بين أرباب العمل ومحاولتهم النيل من بعضهم وتناحرهم بل صراعهم المتعدد الأشكال والذي قد يصل في البعض منه حد الاقتتال، كما عكس المسلسل عالم الرأسمال في عصر العولمة وكيف تدار حرب البورصات والتناحرات بين أصحاب رؤوس الأموال والصراعات المعلنة وغير المعلنة، قدم المسلسل صوراً لما تقوم به العصابات الإجرامية المنظمة، كما عرض المسلسل موضوعة في غاية الأهمية وهي العنف الأسري، حيث لاحظنا كيف تتعرض فخرية "أخت يحيى" للضرب عدة مرات من قبل زوجها "جميل" بعد أن يتناول الكحول ويتحول من إنسان مسالم إلى إنسان آخر يصعب إيقاف عدوانيته، وهذه المشكلة تعد واحدة من أكثر المشاكل في عالمنا الحديث وربما هي واحدة من المآسي التي تتعرض لها النساء وبالذات في العالم الغربي. وتكون هذه الظاهرة واحدة من الأسباب الرئيسية في التفكك الأسري.






ربما لم تكن هذه المواضيع مهمة للمتابع العادي، الذي يراقب فقط الحدث المحوري وهو قصة حب "يحيى" القادم من الريف أو بالأحرى من أطراف المدينة والذي يجمع النقاء والتعصب في آن واحد، والذي أحب بعمق وعنفوان الفتاة أبنة قريته "رفيف" التي يدفعها تخبطها ورغباتها ورغبات أمها إلى الضياع والخسارات على المستوى الشخصي والاجتماعي، والذي تدركه متأخرة، حين تشعر بشكل متأخر أن لا شيء أسمى من الحب الحقيقي والذي لا يمكن أن يعوض بالمال أو الجاه. لقد وضع المؤلف الحكمة في أصغر شخوص المسلسل وهي "سوزان" أخت رفيف التي نضجت وتصرفت بعقل أكبر من عمرها، فكانت هي الواعية في أحكامها والدقيقة في خياراتها التي عجز عن إدراكها أمها أو أختها الكبيرة أو أب زميلها صاحب الأعمال المترف.



رغم جمال رواية المسلسل والسيناريو إلا أن ما يؤاخذ على السيناريو، الاعتماد على عامل الصدفة في تصعيد وتطور الحدث والتي تتكرر كثيراً حتى يبدو للمرء وكأنه يشاهد سيناريو لفلم هندي تتوالى فيه الحوادث المعتمدة على الصدفة، لكنه أحتوى على حوار جميل وشاعري أحياناً، كما تمكن من عكس عادات وتقاليد الشعب التركي في المناسبات والتي هي قريبة من عاداتنا وتقاليدنا، ونقلت الكاميرا لقطات جميلة للقرية ولبؤس ناسها ومعاناتهم قياسا بعالم المدينة الكبير الذي تنقلت الكاميرا فيه عبر استانبول وضواحيها الحديثة وجسرها الشهير الذي يربط جزئيها الآسيوي والأوربي.



المسلسل مليء بقصص الحب الغير موفقة والزيجات الفاشلة، حب يحيى الذي أضاعه بعصبيته وتهوره وجزعه، ورفيف التي شاركته تهشيم ذلك الحب بعنادها ورغبتها بالوظيفة والشهرة والمال على حساب قدسية حبهما، كان حبهما حقيقيا صادقا، ولكنه تحول إلى انتقام مدمر أفقد يحيي بوصلته وكانت ضحية هذا الانتقام "لميس" التي أدت دورها الممثلة التركية "توبا" التي مثلت دور جميلة في المسلسل السابق "أكليل الورد".

في مسلسل سنوات الضياع أحبت لميس للمرة الأولى في حياتها بصدق وعنفوان ثم تكتشف أن هذا الحب لم يكن إلا كميناً نصب للانتقام من أخيها عمر الذي أعتقد يحيي أنه خطف منه رفيف. هناك أيضا قصة أميرة التي أحبت كمال ليتحول حبها إلى حقد وكراهية، بل انتقام مدمر تحاول فيه تنغيص حياة كمال وإفشال مشاريعه. كذلك ليلى المطربة التي أخطأت بوصلة قلبها لتحب كمال المتزوج من امرأة يحبها بكل جوارحه ويريد أن يوفر لها كل شيء ويعمل من أجل إعادة الحب إلى قلبها بعد أن فقدت أبنهما وهو مشترك الحب الكبير بينهما. أكرم الذي أحب ليلى المطربة التي تعتبر من أملاك سيده وهي تحب كمال، محاولة مراد التودد إلى لميس التي تتردد في مجاراته، هالة التي أحبت سابقا طارق الفقير لتتزوج دون رضاها عبود الغني ويبقى ذلك الحب الحقيقي رمزاً وذكرى جميلة تعاد بشكل صداقة طاهرة ولكن هالة تدفع الثمن غالياً. حب صالح لفخرية، هذا الحب الصامت الذي كانت ضحيته فخرية حين تزوجت خطأً رجلا لا تحبه ولا يفهمها، ورغم كل ذلك الزمن الضائع والصعاب فقد أنتصر هذا الحب ليقهر الظروف ويعيد النصاب لوضعه الطبيعي وينتصر الحب بسموه ورفعته.

أحتوى المسلسل على حكايات الحب الممتعة التي جسدت المعاناة والتضحية ونكران الذات بجانب الصور الجميلة الأخرى التي تحكي لنا دروسا بليغة عن الحياة، دروساً للاهثين وراء المال تاركين أجمل ما في الحياة وأسمى ما فيها وهو الحب...وبالرغم مما يكتنف المسلسل من حوادث مأساوية وصراعات دامية وفشل فأن النهاية تبقى دائما انتصارا حقيقيا ومحتما للحب وبالذات حب لميس النقي والحقيقي.

ليحيى الحب.



اللازمة التي تتكرر في المسلسل هي أغنية تركية بديعة اللحن رائعة الكلمات.

تستعرض تلك الأغنية حالة الانكسار في النفس البشرية، لوعة الفراق وألم الجرح حين يسببه الحبيب. تقول كلماتها:

الخجولة مثل... ندفة الثلج

المكسورة مثل... جناح الطير

الحبيب الغريب - (حرام) - لمس جلدك

هذا الفراق قبل الأوان ...

أنا دفنت قلبي في الأرض

وأشجار الزيزفون تذرف دموع من دم

أي نوع من الوداع هذا يا حبيبي ؟...

دموعك سقطت من عيوني ...

أنا صامت

لذلك الحب لا يمسني

حبه مازال معي

خضع راسي للإذلال

لا تجعل هذا الجرح ينزف ...



#محمد_الكحط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- باليه (كوستاف الثالث) عرضٌ راق لفنٍ راق
- في ميلاد الحزب، رفاق يستذكرون الأيام الصعبة
- رفيقٌ غادرنا قبل الأوان في ذكرى رحيله العاشرة الرفيق النصير ...
- ستوكهولم تشهد حفلاً شعرياً على شرف الذكرى المجيدة
- بلدية مقاطعة سبونغا تكرم الشاعر العراقي جاسم الولائي.
- أكليل الورد
- وقفة لابد منها
- الديانات السماوية وتحريم إراقة الدماء
- -المرأة والتكنولوجيا-
- المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون
- عشرون عاماً على الجريمة النكراء، حدثان وحّدهما التأريخ والدل ...
- مناضلان من الرعيل الأول
- ملتقى القاهرة الدولي للشعر العربي
- الشعر وأستذكار بناء قاعدة بهدينان والخطوات الأولى في أمسية أ ...
- مبدعون في الغربة ستار الساعدي
- هل ستسمح أمريكا بإعدام الطاغية...؟
- ستوكهولم: أمسية شعرية إحتفالية
- تجمع من أجل معرفة مصير الرفيق شاكر الدجيلي
- الثقافة الوطنية العراقية في إقليم كردستان
- المسلسل الذي أستحق المشاهدة عن جدارة (الفِرية)


المزيد.....




- مارسيل خليفة في بيت الفلسفة.. أوبرا لـ-جدارية درويش-
- أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة
- نيكول كيدمان تصبح أول أسترالية تُمنح جائزة -إنجاز الحياة- من ...
- روحي فتوح: منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطي ...
- طرد السفير ووزير الثقافة الإيطالي من معرض تونس الدولي للكتاب ...
- الفيلم اليمني -المرهقون- يفوز بالجائزة الخاصة لمهرجان مالمو ...
- الغاوون,قصيدة عامية مصرية بعنوان (بُكى البنفسج) الشاعرة روض ...
- الغاوون,قصيدة عارفة للشاعر:علاء شعبان الخطيب تغنيها الفنانة( ...
- شغال مجاني.. رابط موقع ايجي بست EgyBest الأصلي 2024 لتحميل و ...
- في وداعها الأخير


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الكحط - سنوات الضياع المسلسل الذي أضاع أبطاله بوصلتهم