أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد عبد القادر الفار - السجون : جريمة وفشل اجتماعيان (2)















المزيد.....

السجون : جريمة وفشل اجتماعيان (2)


محمد عبد القادر الفار
كاتب

(Mohammad Abdel Qader Alfar)


الحوار المتمدن-العدد: 2256 - 2008 / 4 / 19 - 11:12
المحور: حقوق الانسان
    


إيما جولدمان / من كتابها "الأناركية و مقالات أخرى" (Anarchism and Other Essays) الإصدار الثاني سنة 1911
(ترجمها للعربية : محمد عبد القادر الفار)

الجزء 2
إن الذهن العادي بطيء في استيعاب حقيقة ما. ولكن عندما تثبت أكثر المؤسسات المركزية تنظيماً -والتي تتم المحافظة عليها على حساب نفقات وطنية هائلة- فشلاً اجتماعياً تاماً، فحتى أغبى الأغبياء سيبدأ يتساءل بالضرورة عن حقها في الوجود. لقد ولى الزمن الذي يمكننا أن نكون فيه راضين عن نسيجنا الاجتماعي فقط لأنه "مفروض بحق إلهي"، أو بسلطان القانون.
شهدت السنوات القليلة الماضية انتشاراً واسعاً لتحقيقات ونقاشات وتعليم عن السجون، وكانت تلك التحقيقات والنقاشات والتعليم دليلاً قاطعاً على أن الناس أصبحوا يتعلمون الحفر عميقاً للوصول إلى قاع المجتمع وإلى أسباب ذلك التعارض الرهيب بين حياة المجتمع والفرد.
فلماذا كانت السجون جريمة وفشلاً اجتماعيين؟ للإجابة على هذا السؤال الجوهري، ينبغي علينا أن نبحث عن طبيعة الجرائم وأسبابها، والطرق المتبعة في التغلب عليها، وأثر هذه الطرق في تخليص المجتمع من شؤم الجرائم ورعبها.
أولاً، في ما يتعلق بطبيعة الجريمة :
يقسم هافلوك أليس (عالم نفسي كبير، المترجم) الجريمة إلى أربع مراحل: سياسية، وانفعالية، وجنونية، وعرضية.
*ويقول أن المجرم السياسي هو ضحية محاولة حكومة استبدادية المحافظة على استقرارها. فهو ليس بالضرورة مذنباً بإساءة ضد المجتمع، هو ببساطة يحاول قلب ترتيب سياسي معين قد يكون هو نفسه ضد المجتمع. هذه الحقيقة معروفة في كل أنحاء العالم، باستثناء أمريكا حيث لا تزال الفكرة الحمقاء سائدة عن أنه لا مكان للمجرمين السياسيين في نظام ديمقراطي.
ومع ذلك فإن جون براون (ثائر أمريكي أبيض ضد نظام الرق، المترجم) كان مجرماً سياسياً، وكذلك أناركيو شيكاغو؛ وكذلك كل مضرب عن العمل . يقول هافلوك أن المجرم السياسي في زماننا أو مكاننا قد يكون بالتالي البطل، أو الشهيد، أو القديس بالنسبة لزمن آخر. سيزار لومبروزو (عالم جريمة إيطالي، المترجم) يعتبر المجرم السياسي المؤشر الحقيقي على حركة التقدم في الإنسانية.
* "المجرم بالانفعال هو عادة شخص سوي الولادة، وصادق في حياته، قام تحت وطأة ظلم كبير لا يستحقه بصنع العدالة لنفسه" (2)
الكاتب هوغ س. وير Hugh C. Weir في قصته "تهديد البوليس" "The Menace of the Police" يستشهد بقضية جيم فلاهيرتي Jim Flaherty ، وهو مجرم بالانفعال، بدلاً من أن يتم إنقاذه من قبل المجتمع، يتم قلبه إلى سكير من أصحاب السوابق، مع عائلة مدمرة وفقيرة كنتيجة لذلك.
نموذج محزن بشكل أكبر هو "آرتشي"، الضحية في رواية براند ويتلوك Brand Whitlock "تحول التوازن" "Turn of the Balance"، وهي أعظم تعرض أمريكي للجريمة يجري العمل عليه.
آرتشي ، وبدرجة أكبر من فلاهيرتي، انقاد إلى الجريمة والموت عبر قسوة ووحشية بيئته، وعبر المطاردة اللاإنسانية من قبل أجهزة القانون. آرتشي و فلاهيرتي هما مجرد نموذجين من آلاف كثيرة، تظهر كيف أن الجوانب القانونية للجريمة، وطرق التعامل معها، تساعد على خلق المرض الذي يقوض حياتنا الاجتماعية بأكملها.
* " المجرم المجنون لا يمكن اعتباره مجرماً حقيقة إلا بقدر ما يمكن اعتبار طفل كذلك، لأنه في نفس الوضع الذهني للطفل الرضيع أو الحيوان". (3)
القانون يعترف بذلك أصلاً، ولكن فقط في حالات نادرة تكون سافرة جداً في طبيعتها، أو عندما تسمح ثروة الجاني برفاهية الجنون الإجرامي. لقد أصبح من الدارج جداً أن يكون ضحيةً للبارانويا (جنون الاضطهاد، المترجم). ولكن إجمالاً، تستمر "سيادة العدالة" في معاقبة المجنون إجرامياً بكامل صرامة قوتها. ومن هنا يستشهد "هافلوك أليس" بإحصائيات د.ريختر (عالم ألماني،المترجم) التي تظهر أنه في ألمانيا حكم على مئة وستة رجال مجانين، من أصل مئة وأربعة وأربعين مجنوناً إجرامياً، بعقوبات شديدة.
*المجرم العرضي "يمثل وإلى حد بعيد أضخم فئة من نزلاء السجون عندنا، ومن هنا يأتي أعظم تهديد للصالح الاجتماعي." ما هو السبب الذي يرغم قطاعاً ضخماً من العائلة الإنسانية على الجريمة، على تفضيل الحياة الفظيعة داخل جدران السجن على الحياة خارجه؟ لا بد أن هذا السبب هو بالتأكيد من النوع الذي يقهر الحديد، ولا يترك لضحاياه أي سبيل للهرب، لأن أشد الناس فساداً يحب الحرية أيضاً.
هذه القوة المروعة (التي تدفع للجريمة، المترجم) هي مفروضة بفعل ترتيبنا الاجتماعي والاقتصادي القاسي. لا أقصد أن أنكر دول العوامل البيولوجية، والفسيولوجية، أو السيكولوجية في خلق الجريمة؛ ولكنك لن تكاد تجد أياً من باحثي الجريمة الكبار لا يقر بأن التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية هي أكثر جراثيم الجريمة قسوة وسمية. وحتى مع التسليم بأن هناك نزعات إجرامية فطرية، فإنه من الصحيح بالرغم من ذلك أن هذه النزعات تجد تغذية غنية في بيئتنا الاجتماعية.
يقول "هافلوك أليس" أن هناك علاقة قوية بين الجرائم ضد الأشخاص و ثمن الكحول، بين الجرائم ضد الممتلكات وثمن القمح. ويستشهد بكيتيليه Quetelet ولاكاساني Lacassagne (علماء جريمة، المترجم) حيث نظر الأول إلى المجتمع على أنه المحضـّر للجريمة، وإلى المجرمين على أنهم أدوات تنفيذها. أما الأخير فقد وجد أن "البيئة الاجتماعية هي وسط زراعة الإجرام؛ والمجرم هو الميكروب، فهو عنصر يصبح مهماً فقط حين يجد الوسط الذي يجعله يتخمر؛ "لدى كل مجتمع المجرمون الذين يستحقهم" ".(4)
إن العهد الصناعي الأكثر " رخاء ً " يجعل من المستحيل على العامل أن يجني ما يكفي للحفاظ على صحته وقوته. والرخاء، في أفضل الأحوال، هو وضع خيالي. فآلاف الناس تنضم باستمرار إلى جموع العاطلين عن العمل. ومن الشرق إلى الغرب، ومن الجنوب إلى الشمال، يتشرد هذا الحشد الضخم بحثاً عن العمل أو الطعام، وكل ما يجدونه هو الملاجئ أوالأحياء الفقيرة المزدحمة. وهؤلاء الذين يتحلون بذرة من الاحترام للنفس يفضلون العصيان والتمرد المفتوح، يفضلون الجريمة، على حالة الفقر الهزيلة والمذلة.
إدوارد كاربنتر Edward Carpenter (شاعر وفيلسوف اشتراكي، المترجم) يقدر أن خمسة أسداس الجرائم التي يتم توجيه الاتهام فيها تتكون من بعض الانتهاك لحقوق الممتلكات. ولكن ذلك رقم متدن جداً. فاستقصاء شامل سيثبت أن تسعة من كل عشر جرائم تعود بشكل مباشر أو غير مباشر إلى مظالمنا الاجتماعية، إلى نظامنا الوحشي في الاستغلال والسرقة. لا يوجد مجرم مهما كان غبياً لا يدرك هذه الحقيقة الفظيعة، حتى لو لم يكن قادراً على تفسيرها.
إن تجميعاً للفلسفات الإجرامية، التي وضعها هافلوك إليس، ولومبروزو، وغيرهم من كبار الباحثين، تظهر أن المجرم يشعر بشكل جازم بأن المجتمع هو الذي يقوده إلى الجريمة. قال لص ميلاني للومبروزو : " أنا لا أسرق، أنا آخذ من الأغنياء فقط ما هو فائض أو زائد، بالإضافة إلى ذلك، أليس المحامون والتجار يسرقون؟" وكتب قاتل "لأنني أعرف أن ثلاثة أرباع الفضائل الاجتماعية هي رذائل جبانة، فكرت أن هجوماً مفتوحاً على رجل غني قد يكون أقل خسة من التركيبة الحذرة للنصب والاحتيال". وكتب آخر : "إنني مسجون لسرقة نصف دزينة بيض. والوزراء الذي يسرقون الملايين يتم احترامهم وتقديرهم. مسكينة يا إيطاليا !". وقال محكوم مدان متعلم للسيد دافيت (مايكل دافيت، سياسي وبرلماني إيرلندي، المترجم) : إن قوانين المجتمع تؤطر لربط ثروات العالم بالقوة والاعتبار، وبالتالي حرمان الجزء الأكبر من البشر من حقوقهم وفرصهم. لماذا عليهم أن يعاقبوني على الأخذ – بطرق مشابهة نوعاً ما- من أولئك الذين أخذوا أكثر من حقهم؟" وأضاف الرجل نفسه :" الدين يسرق روح استقلاليته؛ فالوطنية هي العبادة الغبية للعالـَم الذي تمت التضحية لأجله بمصلحة وسلام سكانه من قبل أولئك الذين يربحون بواسطته، بينما قوانين الأرض، في كبت الرغبات الطبيعية، كانت تشن الحرب على الروح الواضحة لقانون وجودنا." واستنتج قائلاً : "مقارنة بهذا، تكون السرقة حرفة شريفة". (5)
حقاً، هناك صدق أكبر في هذه الفلسفة من كل كتب المجتمع القانونية والأخلاقية.
يتبع

(2) The Criminal, Havelock Ellis
(3) The Criminal
(4) The Criminal
(5) The criminal
موقع النص الأصلي الذي أترجم عنه
http://dwardmac.pitzer.edu/anarchist_archives/goldman/aando/prisons.html
ملاحظة: في الجزء الأول قلت خطأً أن الرابط هو لترجمة أترجم عنها، والصواب أنه النص الأصلي وهو مكتوب بالإنجليزية.
موقع المترجم
http://1ofamany.wordpress.com



#محمد_عبد_القادر_الفار (هاشتاغ)       Mohammad_Abdel_Qader_Alfar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سلمى (3) ... شفاعة
- كروبوتكين .. وأفكاره الفدرالية (4)
- حول الخادمات في الأردن
- السجون : جريمة وفشل اجتماعيان (1)
- كروبوتكين .. وأفكاره الفدرالية (3)
- سلمى (2) ... في أسباب النزول
- كروبوتكين .. وأفكاره الفدرالية (2)
- سلمى (1) ... التجلي الأول
- أين أخطأ الشيخ إمام !
- كروبوتكين .. وأفكاره الفدرالية (1)
- شيء كحزني
- أنهيدونيا آلفي سينغر !
- لعبة الذكريات !
- جناية جد العلاء المعري !
- عبد القهار يا حرية !


المزيد.....




- محكمة العدل الدولية تصدر-إجراءات إضافية- ضد إسرائيل جراء الم ...
- انتقاد أممي لتقييد إسرائيل عمل الأونروا ودول تدفع مساهماتها ...
- محكمة العدل تأمر إسرائيل بإدخال المساعدات لغزة دون معوقات
- نتنياهو يتعهد بإعادة كافة الجنود الأسرى في غزة
- إجراء خطير.. الأمم المتحدة تعلق على منع إسرائيل وصول مساعدات ...
- فيديو خاص: أرقام مرعبة حول المجاعة في غزة!!
- محكمة العدل تأمر إسرائيل بفتح المعابر لدخول المساعدات إلى غز ...
- مسؤول أممي لبي بي سي: -المجاعة في غزة قد ترقى إلى جريمة حرب- ...
- الأونروا تدعو لرفع القيود عن وصول المساعدات إلى شمال غزة
- الأمم المتحدة: هناك مؤشرات وأدلة واضحة تثبت استخدام إسرائيل ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد عبد القادر الفار - السجون : جريمة وفشل اجتماعيان (2)