أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد عبد القادر الفار - أنهيدونيا آلفي سينغر !















المزيد.....

أنهيدونيا آلفي سينغر !


محمد عبد القادر الفار
كاتب

(Mohammad Abdel Qader Alfar)


الحوار المتمدن-العدد: 2211 - 2008 / 3 / 5 - 02:44
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


Alvy Singer هو شخصية رسمها Woody Allen بعناية فائقة وحرص على لعبها مهتماً بأصغر تفاصيلها في فيلمه الاستثنائي Annie Hall سنة 1977، وهي شخصية مركبة تحمل هماً دائماً وقلقاً يمنعها من الاستمتاع بأي شيء في الحياة. وهي تحمل من الغنى والثراء في البناء ما يؤهلها لتكون نموذجاً متجدداً لمعاناة حالة الأنهيدونيا Anhedonia التي يمكن تلخيصها بأنها عجز عن الاستمتاع بأي شيء حتى أكثر النشاطات متعة بالنسبة للبشر وتعتبر مؤشراً على الاكتئاب.

ورغم أن وودي آلن سلط الضوء على أنهيدونيا علاقات الحب والجنس بين آلفي سينغر وآني هول في الفيلم، إلا أنه أبرز في نفس الوقت أنهيدونيا آلفي في كل شيء، سواء في حديث آلفي عن نفسه لآني أو الكلام الكثير الذي يتوجه به للمشاهد في أجزاء كثيرة من الفيلم أو في كلام آني له في أكثر من موقف أهمها قولها له عندما يلحق بها للوس آنجلوس : إنك عاجز عن الاستمتاع بأي شيء في هذه الحياة، إنك تماماً مثل نيويورك، مثل تلك الجزيرة بالنسبة لنفسك!.

شخصية آلفي سينغر هي شخصية تستهويك لتبحث في ثناياها وتنقب بداخلها عن شيء ما، ربما يكون أسباب الأنهيدونيا.. ولا تدري هل تبحث عنها لتتجنبها، أم لتعالجها، أم ربما لتتمسك بها أمام تفاهة الحياة!

يركز وودي آلن على هوية آلفي سينغر اليهودية ويبرزها غير مرة في الحوار - بمكوناتها الإثنية والثقافية والاجتماعية طبعاً بالنظر إلى كونه يهودياً ملحداً- كما يركز على نرجسيته وقلقه وعدوانيته وهوسه بالموت وحسه التهكمي والنقدي.

وتظهر أنهيدونيا آلفي سينغر منذ اللحظات الأولى التي يبدأ فيها الفيلم حيث يطلع آلفي المشاهد على نظرته التشاؤمية للحياة بروايته لنكتتين، الأولى عن سيدتين تجلسان في مطعم ما، فتقول الأولى: انظري كم هو رديء الطعام في هذا المطعم، فترد الثانية: كما أنهم يقدمونه بعينات صغيرة!! حيث يُسقط آلفي الموقف على نظرته للحياة، فهي مليئة بالوحدة والبؤس والمعاناة والتعاسة وتمضي بسرعة كبيرة فوق هذا.

أما النكتة الثانية فاقتباس يقول : “لن أرغب أبداً في الانضمام لناد ٍ يقبل شخصاً مثلي كعضو ٍ فيه ! “.. ويعتبر ذلك رفضاً لاشعورياً -وهناك حضور كبير للتحليل النفسي الفرويدي في النص- .. ذلك الاقتباس بالذات يتجلى معناه في علاقته بآني… وهذا الرفض اللاشعوري سيجعل الواحد لا محالة عاجزاً عن الاستمتاع بأي شيء.. فإذا رغبت في شيء وحصلت عليه زهدت فيه… إنها قمة الأنهيدونيا … أن تحب فتاة على سبيل المثال يكون حلم حياتك أن تتجاوب معك لتجد نفسك تنفر منها ما إن تجد نفسك على علاقة معها!!

وكتأكيد على تأثر ألن بالفرويدية فإنه يعود بنا إلى طفولة آلفي حيث يظهر جلياً أن الأنهيدونيا بدأت معه في سن مبكرة (9 سنوات) عندما عزف عن حل واجباته المدرسية أو فعل أي شيء عندما تعرف على موضوع توسع الكون، فيتصور آلفي الصغير أن الكون سيصل إلى مرحلة ينفجر فيها وينتهي كل شيء، وبذلك اختبر آلفي الطفل حالة اللاجدوى في مرحلة مبكرة.

كما أن الحس الفرويدي يتجلى أيضاً عندما يتحدث آلفي عن عدوانيته.. وكيف كان يستخدم لعبة صدم السيارات في الملاهي للتنفيس عن عدوانيته، مشهد يعود في جزء لاحق من الفيلم عندما يخرج آلفي من لقائه بآني في لوس آنجلوس خائباً فيصدم السيارة - وطبعاً تكون لدى آلفي مشكلة أصلاً في قيادة السيارات تشير هي الأخرى إلى حالة الأنهيدونيا- المهم أن وودي يبدأ بالتنقل بين المشهدين (صدم السيارة في لوس آنجلوس .. ولعبة السيارات في طفولة آلفي) بسرعة وهو ما يؤشر على تأثره بالتحليل النفسي.

وكشاهد أخير على الفرويدية في هذا المقام لا ننسى مشهد آلفي في طفولته في المدرسة عندما يظهر وودي آلن فجأة مكان الطفل الذي يؤدي دور آلفي الطفل ليتحدث إلى المشاهد عن بداية علاقته بعالم الجنس.

ومن خلال علاقات آلفي العاطفية سواء علاقته الرئيسية بآني هول او تلك العلاقات قبل التقائه بآني أو حتى تلك العلاقة العابرة خلال افتراقه عن آني للمرة الأولى، تتكشف لك بوضوح ملامح أنهيدونيا العلاقات التي يقربها لنا وودي آلن في اختتام الفيلم بالقصة التالية : يشتكي رجل للطبيب من أخيه الذي يظن نفسه دجاجة، وعندما يقول له الطبيب: فلماذا لا تسلمه للمصحة ؟.. يجيبه: لكنني لا أستطيع الاستغناء عن البيض! .. وهكذا هي العلاقات في نظر آلفي.. غير معقولة، وسخيفة، وعبثية، لكننا نتمسك بها فقط لأن معظمنا يحتاج إلى البيض!.. ومع أن هذا الكلام يظهر وكأنه رغبة في إقامة العلاقات وهو ما أبدته الأحداث وحِرص آلفي على استعادة آني بعد أن تتدهور العلاقة، إلا أنه في الحقيقة لا يخرج عن أنهيدونيا آلفي سينغر الذي يرى في العلاقات عبثية وحمقاً لا مفر منه.. فليس معنى أنني أحتاج البيض أنني أستمتع بتناوله.

عدم تقبل آلفي للتغيير وخوفه من تجربة أي شيء جديد - مثل الأفيون على سبيل المثال - يـُظهر أنهيدونياه مرة أخرى، كذلك هروبه من الحقيقة إلى الخيال من خلال المسرحية التي يكتبها في نهايات الفيلم ويقص فيها علاقته بآني حيث ينهي المسرحية بعودتهما لبعضهما وهو ما لا يحصل في حقيقة الأمر.. فهو يحاول من خلال الفن تعديل الواقع ولو لساعات عرض المسرحية، يهرب من هزيمته إلى انتصار كاذب.

إن آلفي سينغر أثرى من تستوعبه تدوينة صغرت أو كبرت، فهو شخصية عميقة بمعنى الكلمة عليك أن تفكر فيها كثيراً وتقرأها قراءة ذاتية مرات ومرات بحيث يشكل فهمك لآلفي جزءاً من هوية آلفي… هذه شخصية يجب أن تتفاعل معها وتؤثر رؤيتك أنت لها في تفسيرها لتقترب منها,,,

آلفي سينغر يقسم الناس في هذا العالم إلى قسمين ، المروعون والبائسون… فالمروعون في نظره هم أولئك الذين لا يمكنهم أن يستمتعوا بالحياة بسبب عجز فيهم كالعمى أو الشلل أو المرض، وهذه أنهيدونيا قسرية…. أما البائسون فهم سائر الناس… يعيشون أنهيدونيا اختيارية بسبب وجود المروعين الذين لا يستطيعون الاستمتاع بالحياة… فأنت وفق ذلك التقسيم إما مروع أو بائس… وسعيد الحظ هنا هو البائس!

فهل كان آلفي مبالغاً هنا؟؟ أم تراه كان محقاً…فذلك التقسيم ليس متشائماً أو سوداوياً بقدر ما هو واقعي وموضوعي… لا يمكن للبعض أن يستمتع بحياته طالما وجد هناك من يعاني… لا يمكن أن تجد نعيماً في الجنة طالما كان هناك من يتعذب في النار… لا يمكن أن ترتاح لفرحك عندما تشاهد على التلفزيون أشلاء “المروعين” في غزة على سبيل المثال لا الحصر …

هل الخطأ في آلفي… أم في العالم الذي لا يستطيع آلفي الانسجام فيه…


أم هو خطأ مشترك……
من يدري…

http://1ofamany.wordpress.com




#محمد_عبد_القادر_الفار (هاشتاغ)       Mohammad_Abdel_Qader_Alfar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لعبة الذكريات !
- جناية جد العلاء المعري !
- عبد القهار يا حرية !


المزيد.....




- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...
- الجيش الأمريكي يعلن تدمير سفينة مسيرة وطائرة دون طيار للحوثي ...
- السعودية.. فتاة تدعي تعرضها للتهديد والضرب من شقيقها والأمن ...
- التضخم في تركيا: -نحن عالقون بين سداد بطاقة الائتمان والاستد ...
- -السلام بين غزة وإسرائيل لن يتحقق إلا بتقديم مصلحة الشعوب عل ...
- البرتغاليون يحتفلون بالذكرى الـ50 لثورة القرنفل
- بالفيديو.. مروحية إسرائيلية تزيل حطام صاروخ إيراني في النقب ...
- هل توجه رئيس المخابرات المصرية إلى إسرائيل؟
- تقرير يكشف عن إجراء أنقذ مصر من أزمة كبرى
- إسبانيا.. ضبط أكبر شحنة مخدرات منذ 2015 قادمة من المغرب (فيد ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد عبد القادر الفار - أنهيدونيا آلفي سينغر !