أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجيب المغربي - أصوات لا يسمعها أحد …( …أبجديات حكايا الليل…)!














المزيد.....

أصوات لا يسمعها أحد …( …أبجديات حكايا الليل…)!


نجيب المغربي

الحوار المتمدن-العدد: 2243 - 2008 / 4 / 6 - 09:57
المحور: الادب والفن
    


فتحت عينيّ فاذا بالأشياء تتحرّك مرتجفة…الحياة تكرر نفسها داخل دائرة رتيبة…أغلقتهما…فتحت باب الذاكرة…لم أجد غير بقايا اللّيل…و لكنّها بدأت تتكلّم… صور مبهمة…كلمات مراوغة…ايقاع يبنيه الألم…هذا الصمت ينتهك حرمة جثّة الجراح…

كتاب الخريف يُطوى…الأرض تضجّ بالماء… الشّتاء يقرقع ثانية…الشجيرات ترتوي…عمقها لا يعرف الاشباع…كرحم امرأة شبقة…النهار ابتلعه اللّيل…و تلاشت معه بعض من هوّة غربتي…الظّلام يُلبس الأشياء لونه…حاملا ابهامه الغامض…كأكثر أسرارنا خفاءا…صدى الدروب مطمور…النخلة اليانعة يهدهدها برد اللّيل…ذكرى امرأة تندفع الى رأسي…السّماء أفرغت شهوتها…بعض التجعيدات لا زالت تثقل وجهها …القمر أنهى استدارته تماما… يتحرّك بغبطة خاصّة… أحدّق باستغراب الى كومة الكتب المتناثرة بالغرفة … أوصد النّافذة…

كانت هذه المدينة مكان حب… لكنّي الآن سحبت منها قلبي… البيت …الأزقّة … المقاهي… كل الأماكن أحسّ أنها تعاديني…

ذكريات الطفولة تعبر أمامي كواد راسخ… تغمرني بحنين يتداعى…تلك الأزمنة أحسّ دائما هروبا جاذبا تجاهها…بلا توقّف تبوح لي الذاكرة بها بسخاء…أن نكبر هو أن نغيّر ما نحن عليه من طفولة باستمرار…تمتمت…هذا الجسد الآن يطبق في التكهّل…رؤوس الأسى غارقة بي…أضحك بمرارة…تلك الأمنيات المغشوشة وحدها من كان يمنعنا أن نكبر اذن…أهمس…هذا الحسّ الفائق بالألم هو الآخر… لا يتوقّف عن النمو… كالظل يحاكينا… أستلقي على فراشي… الأرق يعلّمنا اختبار كلّ ما هو انحراف…كنت دائما أتعرّف على شكل العزلة…فقط قبل سنوات صرت أعرفها…حتى نور المصباح يبدو زائفا…ربما يمعن هو الآخر في انحطاطه…شيء بسيط هو السؤال…لا أرى غير مصير خبيث في كل الأجوبة…الافلات من هذا الحصار أكثر مشقة…لم يتبقّى غير مغامرة مستحيلة…

أجول ببصري في الجدران…أحسّ أنها تهزؤ منّي…هل أشجّ رأسي عليها ؟… لكنها تشفيني من وهم الحرية…ربما الآلهة تنتقم…لا…لا أعبأ…الميلاد الأول كان بسبب غوايتها…ربما جاءت بنا لنصير كُهّانا… لنمثّل حفل ديثيرامفوس طويل…فمضينا بعيدا نجامل كرمها معنا… ها نحن نلقي بأنفسنا داخل مسرحها …فلنتابع سيرنا حتى النهاية…دوري أنا ثقيل جدا…لو تجعله أخفّ…ههه


الفرح تنتزعه الأيام منّا…كجدع أجوف كان دوما يولد…بداخلي الآن تكبر صرخة هائجة…أخنقها كل مرة…يحق لها هي الأخرى أن ترتاب منّي… ربما أخونها…ليس بوسعنا أن نبتهج نحن المبتلون بالاحتراق…لنا الحق فقط في التقزّز… أليست الأسماء تعكس ماهياتها ؟…ماذا لو يطوى الكتاب حالا …هل ستتّهمينني بالقسوة…بالنّكران ؟…ألسنا نفقد كل أشياء الحياة التي نُعزّها؟…الرّحيل هو القاعدة…حتى الكلمات بدأت تغادرني…

ضوء الصباح يستفيق على الندى…أنت الآن ترسين داخل غيبوبة نومك…تتلقّين قبلات حلم ما…أنا لن أصغي لتثاقل أجفاني المتورّمة… ليس قبل أن أحرق آخر الكلمات…أدفعها لتتمزّق في رياح الذاكرة…يد البوح لا زالت ممدودة…الأفكار تتّخذ شكل مرثيّة…صقيع بارد يتربّص بالأرض كصياّد سرّي…هذا الفصل ليس خريفا و لا شتاءا !…خيالات تعبر جسور الحنين مرة أخرى…الوحشة وحدها تثرثر…عبثا أحاول أن أمسك بنشيد القلب…الذاكرة لا تكلّ الرّحيل…تلامس رعشة الفراغ….كعلبة مغلقة بدت الحجرة…أتثاءب قرب النّافذة…أعيد قراءة ما كتبته…عيناي لا تقويان على المتابعة… عبثا أحاول فلا أنجح…أبجديات حكايا اللّيل… ربما يسكت صوتها الآن…تغلق نوافذها العالية على برد الشتاء…



#نجيب_المغربي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- همسات أصوات منثورة فوق صفيح الصّمت… .
- كوابيس عائدة من عام جديد…!
- ارتباكات على مرآة اللّيل !..
- باقة حجريّة لمدينة غير مكتملة ..
- هذيان بطعم الصداع ! .
- شذرات فلسفية ! .
- لا… ليست هذه آخر طلقات الصّمت الثقيل .
- ...و للموتِ فينا بياتٌٌُ أبديّ
- تأملات فلسفية جدلية ! .
- تأملات فلسفية دياليكتيكية ! .
- شذرات عرفانية صادمة ! .
- دياليكتيك الوجدانات : الحب كرمز مكثف لفراريتنا من حتمية المو ...
- دياليكتيك الانطولوجيا الوجدانية : الحب كرمز مكثف لفراريتنا م ...
- دياليكتيكية الانطولوجيات الوجدانية : الحب كرمز مكثف لهروبيتن ...
- موضوعات لاجل فلسفة مستقبلية ! ( 2 )
- افكار من اجل فلسفة مستقبلية !
- الحركة الشيوعية المغربية وبناء الخط الطبقي في مواجهة الانتها ...


المزيد.....




- إبراهيم زولي يقدّم -ما وراء الأغلفة-: ثلاثون عملاً خالداً يع ...
- النسخة الروسية من رواية -الشوك والقرنفل- تصف السنوار بـ-جنرا ...
- حين استمعت إلى همهمات الصخور
- تكريم انتشال التميمي بمنحه جائزة - لاهاي- للسينما
- سعد الدين شاهين شاعرا للأطفال
- -جوايا اكتشاف-.. إطلاق أغنية فيلم -ضي- بصوت -الكينج- محمد من ...
- رشيد بنزين والوجه الإنساني للضحايا: القراءة فعل مقاومة والمُ ...
- فيلم -ساحر الكرملين-...الممثل البريطاني جود لو لم يخشَ -عواق ...
- معبر رفح بين الرواية المصرية الرسمية والاتهامات الحقوقية: قر ...
- رواية -رجل تتعقّبه الغربان- ليوسف المحيميد: جدليّة الفرد وال ...


المزيد.....

- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجيب المغربي - أصوات لا يسمعها أحد …( …أبجديات حكايا الليل…)!