أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - حبيب فارس - إسأل روحك !














المزيد.....

إسأل روحك !


حبيب فارس

الحوار المتمدن-العدد: 2239 - 2008 / 4 / 2 - 09:14
المحور: كتابات ساخرة
    


بيل موريسون، وزير دفاع أسترالي أسبق في حكومة غوف ويتلم العمّالية التي أقيلت بقرار تعسّفي من الحاكم العام جون كير(ممثل ملكة إنكلترا). المتعارف عليه في أستراليا، حتى من قبل الأوساط المحافظة، أنّ الأسباب غير المعلنة لإقالة حكومة ويتلم، كانت توجهاتها الإستقلالية عن العرش البريطاني والإتجاه نحو إقامة نظام جمهوري في الدولة / القارة، رفضها التبعيّة المطلقة لسياسات الولايات المتحدة الأميركيّة ونزوعها نحو عدم الإنحياز، علاقاتها الجيدة مع الدول الآسيوية المجاورة بما فيها الصين، تعاطفها (ولو الخجول) مع حركات التحرر الوطني بما فيها حركة التحرر الوطني الفلسطينية، وسلّة كبيرة من البرامج الإصلاحيّة الداخليّة ذات الطابع التقدمي على رأسها الإعتراف بالحقوق القوميّة للسكان الأصليين.

تميّز غوف ويتلم بشخصيّة قويّة وكاريزميّة محبوبة، وكان العديدون من عرب أستراليا يسمّونه "عبد الناصر أستراليا".

بعد فترة من إقالة حكومة ويتلم، تمّ تعيّين بيل موريسون سفيراً لإستراليا في أندونيسيا ومارس وظيفته هناك لسنوات عديدة. وعندما تقاعد من عمله الدبلوماسي أعلن ترشيحه لعضوية (لا رئاسة) بلدية ضاحيته في مدينة سيدني، وكان برنامجه الإنتخابي يتمحور حول تخفيف زحمة السير في الضاحية!

(شيء لا يصدّقه العقل العربي هه؟!). إذن خذوا المزيد:

قبل حوالي عشرين عاماً، هاجر صديق طفولة لي إلى أستراليا، بعد أن عايش ما فيه الكفاية من حروب لبنان وعليه. خلال أحد الأيام الأولى لهجرته، كان يجلس إلى جانبي في سيارتي وسط الضاحية التي نقيم فيها، وهي نفس ضاحية بيل موريسون. صديقي لم يكن يعرف عنه شيئاً ولا حتى سمع به من قبل، لكنني كإبن منطقته وكناشط سياسي كنت أعرفه حسباً ونسباً.

كانت سيارتي تنتمي لآوّل أجيال جيلها، ولآخر جيل يُسمح له باستخدام طرقات أستراليا (كي لا أقول العالم). كنت سعيداً جداً بتجديد دائرة المواصلات أوراق استعمالها لعام جديد. وبحكم وضعها التعيس جداً، خلقت لي هاجساً جعلني أستخدم عينيّ لوظيفتين مختلفتين، واحدة للسواقة والأخرى لمراقبة السيّارات العابرة والمتوقفة، علّني أجد سيّارة أبأس من سيارتي، أو على الأقل بنفس بؤسها، كي أفكّ مركّب النقص الذي خلقته لي.

يومها شاءت الأقدار أن يأتي الفرج الموعود. عند أحد معابر المارّة في الشارع الذي كنا نسلكه، أوقفتنا ثلّة من العابرين، أتاحت لي أن أدرس ملامح السيّارة التي توقفت في الجهة المعاكسة، وأكثر من ذلك ملامح سائقها، لأكتشف مرّة واحدة بأنّ سيّارتي ليست السيّارة الأتعس في أستراليا، بل ولست أنا الأقلّ أهمّية في القارة.

إحترت بين أمرين: هل أشفي غليل سيّارتي بالتركيز على جسم السيّارة الأخرى التي يبدو أن لونها الأصليّ كان أبيضاً قبل أن يترك الزمن بصماته المحزنة عليها، بما في ذلك استبدال أحد أبوابها بباب لونه أحمر، يبدو أنه ترك أحمراً لأنه ما زال يحتفظ ببعض بريق حمرته؟ أم أنني أشفي غليلي بالنظر إلى ذلك الجالس على مقعد القيادة "ومش فارقة معه العالم كلّه"؟!

إنّه هو نفسه، صاحب نفس تّسريحة الشعر الكثّ الفضّي الأملس الطويل ، إنّه نفس الشخصيّة الجذابة ذات العينين اللامعتين ذكاء، حنكة وتفاؤلاً ، إنّه وزير الدفاع والسفير الأسترالي الأسبق وعضو البلديّة الحالي المهتمّ بتخفيف ازدحام السير في ضاحيتنا الجميلة، إنّه بيل موريسون بلحمه وشحمه!

"ما طلع معي شي" غير ضحكة عالية جعلت صديقي يقفز من مقعده مرعوباً!

بإلحاح منه، أخبرته بعض ما أعرفه عن بيل موريسون. ما لم أخبره كان ما هو سبب ضحكتي الغريبة!

ربّما اعتقد فيما بعد أن أسباب هذه الضحكة الهستيريّة هي ذات الأسباب التي دعته ليطرح عليّ عشرات الأسئلة مثل:

- وزير سابق ويستقلّ مثل هذه السيّارة؟
- وزير سابق بلا "شوفير" خاص؟
- وزير سابق بلا مواكبة؟
- وزير سابق بلا لعلعة رصاص؟
- وزير سابق بلا زمامير؟
- وزير سابق ولم يتجمّع الفضوليون على الأرصفة؟
- وزير سابق ويتوقف للمارّة؟
- وزير سابق بلا "بعدو من الطريق يا إخوات الشـ..."؟
...
لم أخبر صديقي أنّ همّي الأوّل والأخير كان منصبّاً على إكتشافي المزدوج والمفرح:
سيّارة أقلّ أهمّية من سيّارتي ويقودها شخص (كان يوماً) أكثر أهمّيّة منّي!

فقط اكتفيت بإجابته: هل تتذكّر أغنية أم كلثوم "إسأل روحك"؟




#حبيب_فارس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حبيب فارس لرئاسة الجمهوريّة اللبنانيّة !
- من بديهيّات الإنفصام البيو- سياسي
- طبيخ
- أسبوعٌ مع سعدي يوسف
- أربعُ رسوماتٍ بالأسْوَد والأبْيَض
- لنْ ينتصرَ السّمُ على الحياةْ
- بالعَكْسْ
- اعذريني يا غزّة
- إنتمائيّات
- كلمة
- زمن العضّ والنّسيانْ
- حوارات مُقتضبة
- دراسة حول مسرحية آرثر مِيلَرْ الخالدة -البوتقة-
- عناقيدٌ تكرَهُ الحياةْ
- أودغيرو نونيوكول أوّل شخص أبوريجيني أسترالي يُنشر لها ديوان ...
- قراءاتٌ مُشاكِسَة
- سقوط الحكايات
- جوديث رايت رائدة في الشعر الأسترالي المعاصر
- قراءة أوّليّة في قصص -شقائق الأسيل- للأديبة راوية بربارة


المزيد.....




- منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في ...
- مصر.. الفنانة غادة عبد الرازق تصدم مذيعة على الهواء: أنا مري ...
- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- مايكل دوغلاس يطلب قتله في فيلم -الرجل النملة والدبور: كوانتم ...
- تسارع وتيرة محاكمة ترمب في قضية -الممثلة الإباحية-
- فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى ...
- بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين ...
- ترامب يثير جدلا بطلب غير عادى في قضية الممثلة الإباحية
- فنان مصري مشهور ينفعل على شخص في عزاء شيرين سيف النصر


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - حبيب فارس - إسأل روحك !