أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي البزاز - السلطان والمدينة : تحولات الحياة والملك في امبراطورية آل عثمان.... معرض تركي في امستردام:















المزيد.....

السلطان والمدينة : تحولات الحياة والملك في امبراطورية آل عثمان.... معرض تركي في امستردام:


علي البزاز

الحوار المتمدن-العدد: 2226 - 2008 / 3 / 20 - 05:42
المحور: الادب والفن
    


الحديث عن هوية نقيّة وصافيّة يعني في ظاهره الوقوف عكس ثراء التاريخ المستمد تنوعه من قابليته علي صهر الجميع في احداثه وتشكيل هوية له وهي هوية المجتمعات. او يقود هذا الحديث في باطنه الى النتيجة التي آلت اليها الاصولية: التطرف ثم الارهاب. هذه الافكاريشعر بها الزائر الي المعرض التركي في امستردام على صالة نيو كيرك حول تاريخ الامبراطورية العثمانية بعنوان السلطان والمدينة . التنوع هو التاريخ بعينه وهو يصيب اكثر المناطق حساسة للهوية وهي الفكر وحاضنه العقل المتمثل جسديا ومعنويا بالرأس. في المعرض نلاحظ تطور شكل العمامة التي لبسها السلاطين العثمانيون اثناء حكمهم في بداية ازدهار الامبراطورية العثمانية اذ كانت عمامة كبيرة مساوية لضعف حجم الرأس الطبيعي وبشكل مخروطي والمراد بها هو الايحاء بالمبالغة في القوة والسيطرة وبما ان العمامة تعتلي الرأس فهي اشارة هنا الي الهوية فالقوة هي هوية الحكم العثماني حينذاك والشكل المبالغ فيه للعمامة للتعبيرعن الافراط بالجبروت. نتيجة الاحتكاك مع الثقافات الاخرى تغيّر شكل العمامة وبالتأكيد اختلف المفهوم من ارتدائها من عمامة تركية تقليدية مبالغ في حجمها الى عمامة صغيرة تتناسب وحجم الرأس احيانا مزركشة ومرة عليها صورة السلطان العثماني نفسه محاكاة لزي الملوك الاوروبيين، إذاً التغيير وبفعل التعرف على الغرب قد اصاب اكثر المناطق تعبيرا عن الهوية ومقاوما لها وهو الرأس مرادف الفكر، ثم تبدل شكل وحجم العمامة من مخروطي كبير الى دائري صغير ومزركش حينما فقدت السلطة فوران الجبروت ودخلت في مرحلة اخرى وهي المشاركة في مدنية التاريخ وسيُفهم الحكم على انه مشاركة مع الاخر وليس تفردا به ومن هنا اختار الفكر المتمثل بالرأس شكل وحجم العمامة المناسبين لحجم العقل القوي المنتج مدنية السلوك، ولم يمتنع هذا العقل عن اقتباس ثقافة اخرى ففي قسم الازياء نشاهد هذا السلوك الاستعاري: سراويل وبدلات السلاطين المبالغ في حجمها قد اكتسبت الشكل الطبيعي لحجم الانسان بتصاميم وزركشة احيانا روسية لان زوجة احد السلاطين العثمانين من روسيا القيصرية واحيانا اوروبية وبهذا القبول للاخر تخلت السلطة عن مطلقها وكشفت حقيقة ان الجبروت زائل لا محالة اما بالحرب واما بالاحتواء.
هناك تطور آخر وجد له تعبيراً في المكان الذي تُُسن فيه السياسات وُتقرر الحروب الاوهو كرسي السلطان. جلس السلاطين العثمانيون في بداية الامبراطورية على كراسٍ بسيطة ومتقشفة تناغما مع الزهد بالسلطة وتمشيا مع المفهوم الاسلامي المُلك لله وحده ولكن في مرحلة متقدمة من الفتوحات وتغيّر النظرة الى الحكم بوصفه ممارسة مدنية لا دينية فقد تغيّر شكل هذا الكرسي، فكرسي السلطان محمود الثاني ابتعد عن الزهد واقترب من مفهوم الدولة الحديثة وعبر عن سياساتها فهو كبير ووثير مساو لحجم السلطة وبخلفية نُقشت عليها ابواق النفير والرماح والسفن هيبة لمكانة الامبراطورية ومديحا لوسائل فتوحاتها الحربية، والكرسي بشكله هذا يشير هنا الى نظام عسكرة الدولة.
هنالك اقسام مهمة في المعرض مثل: المخطوطات، الملابس، الدراويش وقسم المقهى.
عُرفت المقهى في مدينة اسطنبول عام 1554 اي قبل قرن من وجودها في مدن مهمة مثل لندن، باريس وامستردام. المقهى بظهورها الى الحياة الاجتماعية كمكان للراحة يجتمع فيه الناس ليتداولوا فيما بينهم قد سلبت من الجامع سيطرتة وغايته بوصفه المكان الاوحد الذي يجمع المجتمع تحت قوانين الدين. يُلاحظ ان كلمة الجامع وهو اسم فاعل مشتقة من الفعل جمع، وبسيادة المقهى على الحياة الاجتماعية في مدينة اسطنبول اقتصرت وظيفة الجامع على الصلاة بخلاف ما كانت عليه سابقا اذ شملت التدريس، القضاء ومن الجدير بالذكر ان الجامع ساهم آنذاك بتأسيس بعض الحركات الاسلامية كالمعتزلة، فلا غرو ان افتى الفقهاء في ذلك الوقت ضد المقهى انتقاما من هذا التطاول علي هيبة الجامع ولاحقا على مساهمته بانفصال دار القضاء عن الجامع. ازدهار فكرة المقهى ساهم بتأسيس نواة المدينة الحضرية فمثلا تأسس مسرح الدمى في المقهىـ قرقوز التسمية التركية ـ وبدوره مهد لانطلاق مسرح المدينة فيما بعد.
نجاح المقهى كمكان باستقطاب الناس شجع القضاء على الانفصال مكانيا ولغويا عن الجامع فبعد ان كان القضاء ضمن اروقة الجامع تحت دار اسم دار الافتاء انفصل ببناية خاصة وسُمي دار العدالة وبهذا الانفصال تمكن القضاء ان يسن احيانا قوانينه بعيدا عن سلطة الدين ما نسميه اليوم القانون المدني، فالافتراق قد حصل بين القضاء والسلطة الدينية بتشجيع من اغواء المقهى. عرفت مدينة بغداد الحانة والخان قبل المقهى ولكن ظل تأثيرهما محدودا فالحانة كسرت هيبة القيود الاجتماعية والدينية،اما الخان فهو مكان يبيت فيه المسافرون بصورة مؤقتة، والمؤقت لا ينتج معرفة وهذا ما اكده ابن خلدون على ان العمران هو نتيجة الاستقرار، اضافة الى محدوية وخصوصية جمهور الحانة والخان مقارنة بجمهور المقهى العريض والمتنوع.
في قسم المدرسة التي تشهد علي تطور التصور الفني والمعرفي للامبرطورية العثمانية المبني على الحكمة: ان الشيطان يخاف من عالم واحد اكثر من خوفه من الف جاهل. يبدو التقارب وثيقا بين المنمنمات الفارسية والعثمانية التي تعتمد على التذهيب والزخرفة وهي تختلف عن منمنمات الواسطي( تسع وتسعون) منمنمة تزين مقامات الحريري وعددها خمسون ولما كانت هذه المنمنمات تصور المقامات لذا اتخذت اسلوب الحكاية في الرسم والمتمعن فيها يجد اثر القصة في المقامة الاصلية فضلا عن مقاربتها من تقنية اللوحة المعاصرة باسلوب (منظور المنارة - من الاعلى-) بينما المنمنمات التركية والفارسية لم تعتمد اسلوب الحكاية وانما آية من القرآن او بيتاً من الشعر، وحدد المظور الافقي إسلوب تنفيذ المنمنمات العثمانية.
بعض الايات القرآنية وقصائد الشعر قد نفذت بطريقة الكولاج عام 1703 وهو امر مدهش اي قبل ان يظهر هذا الفن في الغرب، وفي جانب آخر اهمل العثمانيون فن الرسم تمشيا مع المنع الاسلامي بتصوير الكائنات الحيّة عدا بعض اللوحات الزيتية القليلة والتي رسمها فنانون اوروبيون تصور مراسيم استقبال السلطان للسفراء الاجانب.
تثير لوحات الخط العربي في المعرض تساؤلا مهما و تقود الى تأويل في غاية الاهمية عن التنوع الاسلامي ابان حكم الامبراطورية، ففي اغلب لوحات الخط العربي وبعض الشواهد الرخامية وحتى خلف كرسي السلطان كُتب اسم الامام علي ابن ابي طالب مما يؤكد على نفوذ الطائفة (العلالهية) في الحياة الفنية وخاصة فن الخط او يقود الى تأويل باعتناق بعض السلاطين لفكر هذه الطائفة واخفاء معتقداتهم عملا بمبدأ التقيّة وان حادثة الخطاط العثماني الآمدي لمشهورة عندما رأى في منامه الامام علي ابن ابي طالب يقول له : .انظر الى عنق البطة .الامر الذي الهمه ابداع الخط الديواني. حصل الانفصال مع الفكر الشيعي في الامبراطورية العثمانية بعد ظهور الصفويين كمنافس فني وعسكري هدد كيان العثمانيين.
لم يغفل المعرض عن استعمال المؤثرات الصوتية مستفيدا من التطور التقني ومستعملا بنفس الوقت وسائل الحداثة للتعبير عن القدامة، اذ تُسمع اصوات طاسات الماء في قسم الحمّام وضجيج الباعة في الاسواق الشعبية. اسم المعرض (السلطان والمدينة) يشير في ثناياها الى وجود ثأثير او حكاية للسلطان مع ازدهار المدينة ولكن ترتيب اقسام المعرض لم يفصح عن هذه الحكاية التي كانت جليّة في التاريخ العثماني.
ناقد من العراق



#علي_البزاز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مهرجان الفيلم الوثائقي العالمي في امستردام IDFA ...تفاهم عال ...
- الفيلم الوثائقي-الكتابةالاولى- هذا الذي راى كل شيء فغني بذكر ...
- مهرجان ميلانو للسينما العراقية... مخرجون يخترعون الصور كي لا ...
- الحكمة مزينة بالضوء وبالموسيقي.. وريادة النوع
- الفيلم الوثائقي ( بلاد مابين الحربين ) *العراق منهوب الكرامة
- الفيلم الوثائقي - سندباديون - تيتانك عراقية معاصرة
- الفيلم القصير - المهد -عدالة السلوك
- الفيلم العراقي القصير - الليلة الثانية بعد الالف - الحكاية ا ...
- الفيلم الوثائقي – الدرامي - ذاكرة وجذور - ذاكرة الثلج االحار
- أحقاً كان الزرقاوي مُطارداً ؟
- -بعيداً عن بغداد- لقتيبة الجنابي المكان المنفي يعثر على صورت ...
- الفيلم الوثائقي -المراسل البغدادي الحلم يبدد رغبة العدم -
- الفلم الوثائقي دبليو دبليو دبليو كلكامش صداقة كلكامشيه وعراق ...
- مهرجان روتردام السينمائي تطور أم تراجع؟
- أضرحة وتعاويذ لتوطين النار وحفظ الأسرار الكتب الصناديق في م ...
- المعرض الفوتوغرافي العالمي الأرض من السماء
- الفيلم الوثائقي (أم ساري) الحرب: إرهاب للمستقبل
- فيلم -العراق في أشلاء
- مهرجان السينما العربية في بروكسل
- الفخاخ أكمن لعدالتها الآن


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي البزاز - السلطان والمدينة : تحولات الحياة والملك في امبراطورية آل عثمان.... معرض تركي في امستردام: