أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي البزاز - الفيلم الوثائقي-الكتابةالاولى- هذا الذي راى كل شيء فغني بذكره يابلادي















المزيد.....

الفيلم الوثائقي-الكتابةالاولى- هذا الذي راى كل شيء فغني بذكره يابلادي


علي البزاز

الحوار المتمدن-العدد: 2209 - 2008 / 3 / 3 - 08:17
المحور: الادب والفن
    


يبدو ان الكتابة المسمارية منذ نشاتها قد اعتمدت الصورة كلغة للحديث او للتبادل التجاري وبهذا تكون قد اقتربت كثيرا من لغة التعبير السينمائي في عالمنا المعاصر اكثر من الكتابة التي نستعملها الان اذا استثنينا التشكيل البصري في الخط العربي والكتابة الصينية. يعرض الفيلم الوثائقي* " الكتابة الاولى" انتاج واخراج sang ho-ha لويحا سومريا اسمه "كوشي عام 3300 قبل الميلاد" وهو اول نظام للكتابة المقطعية ، في الجزء العلوي من اللويح تفاصيل صفقة تجارية وعقد بين طرفين : احدهم قد اعار شخصا ما 135 الف لترا لمدة 37شهرا من مادة الحنطة او الشعير التي رمز لها بصورة سنبلة. تفاصيل العقد دونت بالصورة ،اي ان الكتابة المسمارية الاولى قد اعتمت لغة الصورة التي نسميها اليوم لغة السينما.
هذا اللويح يحيلنا ايضا إلى التعامل التجاري المتبع انذاك وهو الإعارة الذي تطور فيما بعد إلى اسلوب المقايضة واخيرا الى نظام البيع والشراء ، اذ يذكرعلماء السومريات بعد فحص اللويح بمادة الكربون وحل رموزه بان شخصا ما ( قد اعار احدهم) وبما ان هذه العملية التجارية قد وثقت بعقد مكتوب، نستدل على ان نظام الاعارة كان سائدا في وقت تحرير اللويح 3300 قبل الميلاد. من الجدير بالذكر ان الكتابة الفرعونية قد بدات عام 3000 والصينية عام 2000 ق.م وعليه فان الكتابة المسمارية هي اقدم انواع الكتابة في العالم .
يتابع الفيلم نشاة الكتابة السومرية من 4000 -3000 ق.م التي بدات على شكل نقوش حُفظت في اوعية صلصالية و تطورت فيما بعد إلى التماثيل السومرية .النحت قبل هذه الفترة لم يكن معروفا بخلاف الرسم الذي مارسه الانسان الاول على جدران الكهوف .النحت يتزامن مع عمل الاختام الاسطوانية التي اشتهرت بها مدن سومرتلبية لحاجة المملكة السومرية الادارية لتوثيق مراسلاتها ما يشير إلى تطور النظام الاداري انذاك وبظهور النحت كفن قائم الذي هو مرحلة متقدمة فنيا من عمل الفخار، مثلا منحوتات لاسود تهاجم ثيرانا وابطال يصرعون حيوانات مفترسة يدل هذا على تطور الحس الفني من الفطرية والبدائية التي تمثلت بالفخاريات اذ جاءت تلبية لحاجة الاستعمال اليومي إلى فن له اصوله وقواعده تمشيا مع الازدهار الفني للانسان السومري، هذه التماثيل قد اكتشفت عام 1845- 1932 في مدينة اور في جنوب العراق موطن الحضارة السومرية ويشير الفيلم الى ان هذه الكتابة الاولى قد مرت بمراحل عدة واحتاجت اإلى 1200 سنة كي تستقر على النظام المعروف في الكتابة والتدوين للحضارة السومرية اذ تقلصت نظم هذه الكتابة من 1500 إلى 600 نظام.
يقول" جان جاك روسو" الذي اقترح ثلاثة اساليب للكتابة :ان هذه الاساليب الثلاثة في الكتابة،توافق بمقدار من الدقة مختلف الحالات الثلاثة التي يمكن ان نعتبر عليها الافراد المجتمعين ضمن امة،فرسم الاشياء يناسب الشعوب المتوحشة ،وعلامات الالفاظ والقضايا تناسب الشعوب الهمجية، والابجدية تناسب الشعوب المدنية - روسو محاولة في اصل اللغات-،ترجمة محمد محجوب).اما" سوسير" فيميز بين اللغة والكتابة بوصفهما نظامين متباينين من وسائل الدلالة : لامبرر لوجود الكتابة سوى تمثيل اللغة،والكتابة تقيم بيننا وبين اللغة حجابا يمنعنا من رؤيتها كما هي،وذلك ان الكتابة ليست ثوبا عاديا تلبسه اللغة بل قناع/خدّاع تتنكّر فيه. هذه الاراء حول اللغة والكتابة الاولى هي التي اوحت إلى "دريدا" بطرح فكرته "الكتابة البدئية.
اسم اللويح "كوشي" وهو من فترة الكتابة المقطعية، كو: تعني باللغة السومرية القديمة "شيء" ويبدو ان" شي" تشير إلى اسم احد المتعاقدين كما يقول الفيلم، وهذا اكتشاف مدهش وله جذوره اللغوية في اللهجة العراقية وتحديدا الجنوبية : لايزال يستعمل العراقيون عبارة ( شكو ماكو) عندما يسالون عن احوال بعضهم البعض والتي تعني :هل يوجد اي شيء ام لا( شكو : ش للاستفهام، وكو تعني شيء السومرية القديمة) وهناك الكثير من المفردات السومرية تستعمل في اللهجة العراقية الان، ومنها على سبيل المثال لا الحصر كلمة (داده) وهي نفس الكلمة السومرية (دادو التي تعني الحبيب) في اغنية للمطربة العراقية زهور حسين (داده شكو شنو الخبر) ،اما الباحث الاستاذ "علي الشوك" في كتابة( التلاقح الحضاري ) فيذكر ان في اللهجة العامية العراقية الكثير من المفردات التي يُظن بانها عامية وهو يؤكد على انها فصحى سليمة سومرية او مندائية الاصل منها : نكرة(اي حفرة) ، كله (ناموسية)، ملخ(هرب).معظم الكتابات الاولى بدات بالصورة وقبلها لجا الانسان القديم الى الرسوم على جدران الكهوف محاكاة لخوفه من الحيوانات او الظواهر الطبيعية وبقيت الصورة هي المعبّر لذلك الانسان عن عواطفه حيث ارتبط عفويا بها قبل الكتابة وهي ذات الصورة التي تعتمدها لغة التعبير السينمائي المعاصر وبتطور النظام اللغوي واساليب الكتابة تراجعت الحاجة التعبيرية السينمائية لدى الانسان وحلت محلها لغة التخاطب اليومية واعتمدت على الكلمات ومدلولاتها اكثر من تركيزها على الصورة إلى ان جاء اكتشاف العدسات والكاميرا فاستعاد الانسان مافقده من وسائل التعبير بالصورة لما نعرفه اليوم بالسينما.
نشات مدن كثيرة في فترة الحضارة السومرية إلى جانب مدينة اور السومرية منها مدينة النخبة المثقفة"نيبور" وقد عُثر فيها على مكتبة ضخمة تضم 40 الف لويحا ،وبعض اللقى الثمينة كشفت ايضا عن اسرار مراحل تطور اللغة السومرية .
الكتابة هي التي ساهمت بحفظ التراث العراقي القديم بعد انهيارالحضارة السومرية في 2004ق.م .ازدهر نظام المدرسة واستعمل الصلصال الذي تجود به ترسبات نهر الفرات لصناعة الدفاتر المدرسية واصبح الطين العمود الفقري في حضارة العراق القديم تصنع منه التماثيل والالواح والدفاتر بينما الصخور هي الاساس في الحضارة الفرعونية ويتبين لاحقا اثرهجرة مسار نهر الفرات على مكانة مدينة اور التاريخية فقد اصبحت قاحلة بعد ان تحرك مسار النهر بمقدار 15كم ،اذ كانت مدينة نهرية شيّد على جانبهاالغربي رصيف لتحميل السفن وعرفت ازدهارا اقتصاديا جيدا دلت عليه إكتشاف الخوذة والاطباق الذهبية وتماثيل تصور جيش اور وبعض مظاهر الرخاء في المجتمع السومري. مدينة اور حكم عليها بالنفي المكاني والنفسي فقد خرج ابراهيم الخليل منفيا من مدينته اور ليكوّن امة في اصقاع الارض وهو نفي قررته الالهة السومرية اذ وجدته يدعو لغير معتقداتها، ونفي مكاني : غيّر نهر الفرات مجراه وترك اور قاحلة (نفي لمجرى النهر الاصلي)، وفي التاريخ الحديث انشئت محطة اورعلى انقاض معبد سومري والمحطة ترمز إلى الحركة والمغادرة رديفي النفي وحلّت اصوات المسافرين مكان الطقوس والتعاويذ وهذه المحطة قد تم تركها وبنيت واحدة اخرى على بعد 15كم، ولم يتوان لصوص الاثار من سرقة تحف المدينة وتهريبها ونفيها من مكان ولادتها إلى الغرب الذي احتضن ابناءها كمنفيين ، ولتعزيز النفي تم انشاء قاعدة عسكرية في مدينة اور حيث منعت سلطة البعث زيارة المدينة وحددت حركة الدخول والخروج ولحد هذه اللحظة يستخدم الجيش الامريكي القاعدة ويشدد من اجراءات المنع. ومن مدينة سومرية تعج بالعلم والثقافة اصبح الغرباء يحددون ملامحها ، فاي مصير سنته الالهة لهذه المدينة حاضنة بداية التاريخ البشري ؟ .
اقتصرت المدارس على اولاد الاغنياء والقادة ورجال الدولة واول ما يتعلم الاطفال هو عمل اللويحات للكتابة عليها وعرض الفيلم مشهد" تشبية واقع " لجانب من الحياة المدرسية السومرية حيث يشرح احد المعلمين الدرس لطلابه ولكن باللغة الفارسية الامر الذي يثير التساؤل عن هذا الخلط وربما عن سوء الفهم من جانب السيناريو لان مهد الحضارة السومرية في جنوب العراق الذي يتكلم اللغة العربية المنحدرة اصلا من اللغة الارامية ذات الجذر اللغوي السومري، فلماذا اذا اللغة الفارسية (تكررت غير مرّة) فهي لا تنتسب لا لغويا ولا تاريخيا للحضارة السومرية. التعليق المزدان بمادة بحثية وتاريخية جيدة ساهم باعطاء فكرة للمشاهد عن مراحل تطور الحضارة السومرية متمركزا حول فكرة الكتابة والابجدية اللتين هما الاساس لتطور واستمرار الحضارة اي ان المعرفة لايمكن ان تندثر بزوال الحضارة.
إلى جانب علوم السومريين فهم اول من قسّم السنة إلى 12 شهرا واكتشفوا العجلة التي استفاد منها فيثاغورس في نظريته ، ازدهرت الثقافة في عصرهم فقد خلفوا الكثير من النصوص والاساطير الادبية كاسطورة الخلق والطوفان المعتمدتين لاحقا في التصور التوراتي للوجود واشهر هذه النفائس ملحمة كلكامش التي تبدا بالمطلع الذي يشير إلى تعدد وعمق المصادر المعرفية في الحضارة السومرية :
"هو الذي راى كل شيء فغني باسمه يابلادي " تجربة حياتية ومعرفية يفتقدها انساننا المعاصر ؟؟

* عرض الفيلم على شاشة قناة الجزيرة



#علي_البزاز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مهرجان ميلانو للسينما العراقية... مخرجون يخترعون الصور كي لا ...
- الحكمة مزينة بالضوء وبالموسيقي.. وريادة النوع
- الفيلم الوثائقي ( بلاد مابين الحربين ) *العراق منهوب الكرامة
- الفيلم الوثائقي - سندباديون - تيتانك عراقية معاصرة
- الفيلم القصير - المهد -عدالة السلوك
- الفيلم العراقي القصير - الليلة الثانية بعد الالف - الحكاية ا ...
- الفيلم الوثائقي – الدرامي - ذاكرة وجذور - ذاكرة الثلج االحار
- أحقاً كان الزرقاوي مُطارداً ؟
- -بعيداً عن بغداد- لقتيبة الجنابي المكان المنفي يعثر على صورت ...
- الفيلم الوثائقي -المراسل البغدادي الحلم يبدد رغبة العدم -
- الفلم الوثائقي دبليو دبليو دبليو كلكامش صداقة كلكامشيه وعراق ...
- مهرجان روتردام السينمائي تطور أم تراجع؟
- أضرحة وتعاويذ لتوطين النار وحفظ الأسرار الكتب الصناديق في م ...
- المعرض الفوتوغرافي العالمي الأرض من السماء
- الفيلم الوثائقي (أم ساري) الحرب: إرهاب للمستقبل
- فيلم -العراق في أشلاء
- مهرجان السينما العربية في بروكسل
- الفخاخ أكمن لعدالتها الآن
- عن فيلم الطريق إلى بغداد-الجزء الثاني - مشرق الارض - تربية ا ...
- عن فيلم الطريق إلى بغداد: غياب الفيلم كشخصية


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي البزاز - الفيلم الوثائقي-الكتابةالاولى- هذا الذي راى كل شيء فغني بذكره يابلادي