أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي البزاز - الفيلم الوثائقي - سندباديون - تيتانك عراقية معاصرة















المزيد.....

الفيلم الوثائقي - سندباديون - تيتانك عراقية معاصرة


علي البزاز

الحوار المتمدن-العدد: 2151 - 2008 / 1 / 5 - 10:51
المحور: الادب والفن
    


يصرح المسؤولون في الامم المتحدة بان العراق يشهد أكبر هجرة داخلية وخارجية عرفها التاريخ منذ الحرب العالمية الثانية ومع ذلك لم تتخذ الإجراءات الازمة لحماية العراقيين من الاستغلال والقتل والتجارة بهم التي تعيد إلى الاذهان تجارة العبيد . مافيات منظمة وضباط واحيانا انظمة سياسية تشارك في جريمة التهريب للقضاء على العراق . في الفيلم الوثائقي " سندباديون للمخرج هادي ماهود " الذي يروي قصة تهريب لاجئيين عراقيين من إندنوسيا إلى استراليا وغرقهم في البحر ، يتابع ناجيين من الموت يدلون بشهاداتهم ، الموت اليومي الذي عايشوه وسط الامواج وأغلبهم لايعرف السباحة ؛ أطفال و نساء ضحايا السياسة التي جعلتهم تحت رحمة العصابات . هناك إشارة واضحة لارتباط المهربين مع الاجهزة الاندنوسية ، علاقة المهرب ابو قصي المصري مع جنرالات في الشرطة سهلت له القيام بهذه الجريمة ، وعلى الرغم من هول الغرق إلا ان لاشيء يثني المرء عن الحياة ففي شهادة احد الناجيين : إمراة حامل تنجب طفلا في البحر وظل المولود مرتبطا مع أمه بحبل الولادة حتى غرقا معا . لا يُعبر عن الفجيعة بمفردات الخراب والتمزق وانما بنقيض مغاير في الرمز والشعور فالاعمى يشير إلى البصر أفضل من العيون . هذه القصة تنطبق بالضبط على العراق والعراقيين . الدمار والخراب ( هنا البحر ) لايثنيان العراق من الحياة ( الإنجاب ) وهو كالعنقاء سينهض من جديد . العراقيون يلتحمون ببلدهم كإلتصاق ذلك المولود بامه ، مشهد خصوبة وولادة يتغلب على الموت ، الموت عراقي القصد يسلك شتى الطرق للنيل من العراق؛غرق وحروب وقتل . ماالذي يدفع المرء على إختيار فعل الموت للوصول للنجاة ؟؟؟ ، لقد وصف ابو الطيب المتنبي هذه الحالة بقوله " ان لم تكن غير الإسنة مركباً فما حاجة المضطر إلا ركوبها " .
هناك تواطوء سافر على قتل العراقيين أمام صمت العالم المتمدن وما يزال الموت مستمراً وباشكال متنوعة ، التمدن لايعني ركوب الطائرة والتواصل عبر الانترنيت وغزو الفضاء فقط ،فهذا تطور صناعي عظيم وقد يجلب في جنباته الهول والوحشية ، انما الحضارة هي تمدن القانون وتنظيم الحياة الاجتماعية على مبدأ العدل والمساواة والعجيب ان البلد الذي سنّ القوانين يعاني من الجور والتعسف . العراقيون أكثر شعوب الارض إستخداما لكلمة المنفى إجتماعيا وثقافيا في حين يستخدم الآخر كلمة الهجرة . وما مصطلح ادب الداخل والخارج الا تكريسا للنفي يضاف الاستعمال اليومي لهذه الكلمة على شفاه العراقيين . بدا النفي يتشكل عراقيا منذ عهد السومريين اذ تقول الاغنية السومرية " لقد نفتنا الالهة " واعتقد انه عقوبة على العصيان سواء الديني ( هجرة النبي ابراهيم من اور بسبب رفضه تعاليم الكهنه وتبشيره بالتوحيد ) او السياسي نتيجة رفض النظام كما هو حاصل في إبان حكم النظام السابق والنظام الحالي . إستطاع السيناريو ان يصنع من شهادات الناجيين فيلما يبحث في موت عراقيين ودفن احلامهم التي لطالما اشتاقوا اليها قبل السفر وحال العالم بشخص البحر دون تحقيقها . بدا الفيلم بمشهد تمثيلي من حكايات الف ليلة وليلة عن قصة السندباد البحري للدلالة على غرابة الحادثة مستعملا عنصر الروي للاشارة بوقوع قصة الموت في مكان ما ،واُختتم بذات المشهد التمثيلي منسجما مع التراث في عرض القصة بشكل موّفق إلى حد ما ولكن لم يستفد منه كمعالجة سينمائية تؤطر السيناريو وتغني عناصره لخلق قصة إعتمادا على إسلوب الحكاية في الف ليلة وليلة ، لذا ظل المشهد هامشيا وعائما مثل لوازم الضحايا في البحر . عنوان الفيلم "سندباديون " يتصل بشكل معاصر مع حكاية السندباد البحري من حيت موطنها العراق ، والبحر هو وسيلة السفر في الروايتين ، لكن السندباديين المعاصرين ( المهاجريين ) حصدوا الموت في النهاية وقهرهم البحر على خلاف الحكاية الاصلية . جرب المخرج هادي ماهود كل الامكانات الشحيحة التي توفرت لديه ليحقق هذا الفيلم فيقول { صورت في بيتي مشهد تناثر ملابس الضحايا في البحر بإستعمال فانوس نفطي وحوض ماء بلاستيكي ( طشت ) } ويبدو انه قد طرق ابواب السياسيين ورجال الدين لتشجيعهم على تمويله فلم يجد عونا له على حد تعبيره . ينبغي الوقوف هنا لمناقشة هذا الموضوع وهو الوطنية والانسانية التي يتشدق بها ليلا ونهارا السياسيون ورجال الدين . يستخلص المرء من رواية المخرج إستهتار هولاء بالانسان وعذاباته وان مايهمهم من العراق هو المنصب والجاه فاين المبادىء والتضامن ؟ مصداقية هؤلاء تتجلى بتوظيفهم مأساة البشرخدمة شخصية اوفئوية يغيب عنها الهدف الاجتماعي النبيل . وبعيدا عن السياسة والدين نجد هناك تضحية ليست دينية او سياسية على الجانب الإنساني والابداعي ، يقول احد الناجين { في خضم الامواج قررنا رمي أنفسنا في البحر لكي نخفف من وزن الزورق وننقذ الاطفال والنساء ، البعض لايعرف السباحة وبالفعل غرق الكثير منهم } . عندما يقف الانسان امام إختبار حاسم يقرر إختيار انسانيته عندئذ يستميت ليحافظ على شهامته واخلاقه وقديما قالت العرب { ان الجود بالنفس هو اعظم الجود } ، هذا الفعل يثبت وبتجرد بعيدا عن الاستئثار به لمصلحة جهة ما ،كم هو العراقي متفان في سبيل غيره وفي مواجهة الخطر يختار الموت إعلاءً لإنسانيته ولذا فان الموت الحالي الذي يحصد العراق سيجد من يرده بهكذا تضحية . المخرج ومن خلال معايشته لهذا الماتم وتعرفه على هذه التضحية قرر التحدي والاندفاع باكمال فلمه وفاءً للضحايا واستلهاما للتضحية . تحاشى الفيلم التعليق واكتفى بشهادات الناجيين فعندما تحضر المأساة في أوجها يبطل الكلام وتكف وسائل التعبير الاخرى عن الدلالة ، ولإعطاء المأساة طابع الخصوصية اُختيرت أغنية عراقية حزينة بدلا من الموسيقى التصويرية لتكمل إنجاز الالم بكلماتها ولحنها ، رافق بعض اللقطات القريبة التي إعتمدها الفيلم كمادة اساسية ضعف في الإنارة الداخلية ، كما لم تتم متابعة قضية المهاجريين لاحقا ليضمن التسلسل الموضوعي للحدث اذ أُعطيت الاولية إلى شهادات الناجيين لعلها تكون مقدمة لنجاة العراق . يستعيد العراق وبمهارة كل مآسي العالم المنصرمة : من لم يشاهد مأساة غرق تيتانك يعوضه " سندباديون " يتشابهان في الغرق ويختلفان في المسبب ، ففي تيتانك الاصلية يكون الثراء وحب رؤية اميريكا هو الدافع لركوب السفينة العملاقة وفي الفيلم البحث عن وطن آمن يصون كرامة الإنسان ، الهجرة العراقية الحالية تعتبر الاضخم منذ الحرب العالمية الثانية ، اي هولوكوست معاصر من دون أفران ، وحتى حرمان المكافأة هوعراقي ايضا فقد كُرم اليهود على الهولوكوست بوطن بديل بلا حق بينما سلب الوطن من العراقيين ، ويحضر عطش الحسين وولده في هذه القصة ، يقول احد الناجيين " كان ولدي الصغير يطلب الماء مني فكيف السبيل للماء ونحن في عرض البحر ، وعندما يئس قال لي دعني أبلل فمي بلسانك فوجدت لسانه يابسا ولم يقاوم فمات " عطش معاصر يستحضر عطشا تأريخيا تراجيدي في بلاد مابين النهرين



#علي_البزاز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفيلم القصير - المهد -عدالة السلوك
- الفيلم العراقي القصير - الليلة الثانية بعد الالف - الحكاية ا ...
- الفيلم الوثائقي – الدرامي - ذاكرة وجذور - ذاكرة الثلج االحار
- أحقاً كان الزرقاوي مُطارداً ؟
- -بعيداً عن بغداد- لقتيبة الجنابي المكان المنفي يعثر على صورت ...
- الفيلم الوثائقي -المراسل البغدادي الحلم يبدد رغبة العدم -
- الفلم الوثائقي دبليو دبليو دبليو كلكامش صداقة كلكامشيه وعراق ...
- مهرجان روتردام السينمائي تطور أم تراجع؟
- أضرحة وتعاويذ لتوطين النار وحفظ الأسرار الكتب الصناديق في م ...
- المعرض الفوتوغرافي العالمي الأرض من السماء
- الفيلم الوثائقي (أم ساري) الحرب: إرهاب للمستقبل
- فيلم -العراق في أشلاء
- مهرجان السينما العربية في بروكسل
- الفخاخ أكمن لعدالتها الآن
- عن فيلم الطريق إلى بغداد-الجزء الثاني - مشرق الارض - تربية ا ...
- عن فيلم الطريق إلى بغداد: غياب الفيلم كشخصية
- ذكرى رحيل الشاعر والرسام احمد أمير ..1 ..غياب مؤطر بمشاعل.. ...
- الحرق أسهل حلول الضعيف: فلم وثائقي عن العراق
- المنفى لباس الفجيعة إلى الشاعر كمال سبتي في منفاه
- مقام اليراع


المزيد.....




- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي البزاز - الفيلم الوثائقي - سندباديون - تيتانك عراقية معاصرة