أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - انتصار عبد المنعم - نصف جنيه وقطعة حشيش














المزيد.....

نصف جنيه وقطعة حشيش


انتصار عبد المنعم

الحوار المتمدن-العدد: 2201 - 2008 / 2 / 24 - 06:11
المحور: الادب والفن
    


الواحدة ليلاً , يدخل بجلبته المعتادة, يلقي بمفاتيحه وجراب نظارته على طاولة الطعام , وبشوق يكاد يقفز من عينيه يخرج محفظة نقوده المتضخمة , و يبدأ في عد النقود وتصنيفها إلى فئات , عشرات ، مئات ....، ينهض , يدخل حجرة النوم , لا يرى من تحكم الغطاء على جسدها كأنها جسد مسجى ، يخرج حقيبة سوداء من خزانة ملابسه ، و يضع فيها النقود ، يريحها حتى الصباح ليهرع بها إلى البنك ، لتنضم إلى سابقيها . تتحرك يده تتحسس جيب بنطاله الأيمن ، يظهر الارتياح على وجهه ، يخرج منديلا كالحاً يأخذ شكل الصرة , يفك الصرة ، ينظر إلى ما تحتويه بفرح طفولي , يحنى رأسه ، و يتشمم ما فيها ويقبله كحجر مقدس , يربط المنديل كما كان ، ويريحه تحت الوسادة التي ينام عليها ويغمض عينيه ، ويده اليمنى تقبض على خبيئته المندسة تحت الوسادة .
في يوم الأحد يستيقظ مبكراً جداً , يخرج المنديل الكالح , يقبل مافيه ويضمه الى صدره ثم يربطه مرة أخرى و يضعه كالعادة في جيب بنطاله الأيمن ويخرج , لا ليحضر قداس الصباح في كنيسة مار جرجس الملاصقة لبيته ، ولا ليدخل حجرة الإعتراف ليجلس وراء بابها وهو يعلم أن الأب متى يسمعه ، بل يطرق باب جاره أحمد ويصطحبه للبورصة .
يتابع أخبار الأسهم , عيناه معلقتان على الشاشة الالكترونية ويده تقبض على خبيئته ، ترتفع قيمة الأسهم ويزداد فرحاً وقبضته تشتد على المنديل وما فيه , وتتضخم النقود ويزداد تشبثه بالمنديل .
كل ذلك والحال كما هو ، سيارة عادية ، وملابس عادية ، وأحلام عادية، وخبيئته كما هي في المنديل كالح ، فالسيارة الحديثة تبعث الحقد والحسد في قلوب البشر , والملابس الجديدة كماليات ، والصغير لابد أن يلبس ملابس الكبير , والكبير لابد أن يصبر فهو ليس بأفضل ممن ترهبن ونبذ الحياة الدنيوية من أجل الحياة الأبدية , والمنديل الكالح وما فيه هو إرثه من أبيه الراحل وهو سر نجاحاته وتميمته التي لا تفارقه أبداً ، ؛ حتى البسمة لا تزور وجهه إلا وهو يفك المنديل ويرى ما فيه , فقد أعجبته يوما مقولة لا يدري من قالها أهو جاره بطرس أم جاره أحمد من أن أحدهم قال ( لا أبتسم و.... أسير ) و نسى الكلمة المقصودة أهي الأقصى , أم كنيسة القيامة , فالأمور لديه عادية ولا يخضع لأي سلطة روحية , يكفيه الحظ والسعادة اللذان يشعر بهما عند رؤيته لخبيئته .
وتمر الأيام , ومنديله في رحلته اليومية المعتادة , مابين جيبه وأشواقه ووسادته ..والنقود تتضخم ، وعلاقاته بالآخرين تتقلص ، ولكنه لا يشعر بأي مشكلة , فهو على الأقل لن يكون كأبيه الذي مات ولم يترك خلفه غير منديل كالح به نصف جنيه وقطعة حشيش !



#انتصار_عبد_المنعم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انتحار
- أبحث عن ذئب *ق ق ج
- إدكو ..مدينة الماء والرمال(2)
- إدكو ..مدينة الماء والرمال(1)
- ممكن تسمعني بقلبك!!!
- نوافذ الأمل والألم
- هل تذكرون سرحان بشارة سرحان؟؟
- قيود بلا حدود
- البلكونة ..غرام وانتقام
- المدونون وجدار الصمت
- قصتان قصيرتان جدا
- معاقون أم معافون ؟
- جمهوريات المقاهى العربية
- وللبحر شئون
- قصة قصيرة بعنوان شهرزاد تستيقظ
- حدث في رحم ما
- أنا أحيي وأميت
- قصة قصيرة بعنوان غجرية


المزيد.....




- كيف تُغيّرنا الكلمات؟ علم اللغة البيئي ورحلة البحث عن لغة تن ...
- ما مصير السجادة الحمراء بعد انتهاء مهرجان كان السينمائي؟
- وفاة الممثلة الإيطالية ليا ماساري عن 91 عاما
- البروفيسور عبد الغفور الهدوي: الاستشراق ينساب في صمت عبر الخ ...
- الموت يغيب الفنان المصري عماد محرم
- -محاذاة الغريم-... كتاب جديد في أدب الرحلات لعبد الرحمن الما ...
- -أصيلة 46- في دورة صيفية مخصصة للجداريات والورشات التكوينية ...
- -نَفَسُ الله-.. هشاشة الذات بين غواية النسيان واحتراق الذاكر ...
- جبل كورك في كردستان العراق.. من خطر الألغام إلى رفاهية المنت ...
- لماذا يفضل صناع السينما بناء مدن بدلا من التصوير في الشارع؟ ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - انتصار عبد المنعم - نصف جنيه وقطعة حشيش