عادل الخياط
الحوار المتمدن-العدد: 2197 - 2008 / 2 / 20 - 11:24
المحور:
كتابات ساخرة
كادت تلك العبارة أو المقولة أو المصطلح العقائدي أو .. سميها أو سمه ما شئت , كادت أن تتفتق عنها أزمة سياسية عميقة , أو تعصف بالعلاقات السمينة , الثخينة , الدسمة , التأريخية , العقيدية الـ .. أيضا سمها ما شئت , ولكن لا , لماذا تسميها , فثمة تسمية يتفق عليها هؤلاء وأولئك , يتفق عليها المُلحد والصوفي , يتفق عليها القومي والعجمي ..تسمية تُدعى العلاقات الـ ..؟
تلك العبارة أُطلقت في إحدى الإجتماعات الحزبية الرفيعة لحزب البعث العربي الإشتراكي السوري بقيادة القائد الوريث - بشار الأسد - وأطلقت على شفاه هذا البشار بعد أن توجه أحد الحاضرين بمُداخلة على هيئة تساؤلات تقول : ما مدى المنفعة التي ستنالها سورية أو الحزب بصورة عامة من نشر المخابرات السورية والتشكيلات الحزبية البعثية في حشود دارفور والجنجويد , هل ثمة أفق يزداد به البعث عناصرا في صفوف تلك التشكيلات الجنجويدية وهل .. وهل .. وأضاف هذا السائل : أسئلة كثيرة يا سيادة الرفيق الرئيس , لكن السؤال الجوهري : هل هؤلاء الجنجويد عربا قبل كل شيء لكي ينال حزبنا هذا التشويه على ألسنة المُعادين لنا , كوننا نحشر أنفسنا أو بالأحرى نحشر حزبنا القومي العظيم في أية زوبعة بعيدة وقريبة , ومنها كما أعتقد والعالم معي علاقة هؤلاء الجنجويد أو راعيها البشير بإيران , بمعنى إن الحزب سوف يناله تشويه أكثر في تلك المعمعات بعد معمعات صدام وتوابعه ؟!
كانت تلك التساؤلات من أحد الرفاق البعثيين قد ضربت على وتر في مُنتهى الحساسية , وعليه فقد أطلق القائد - بشار - جوابه في مُنتهى الثقة والصراحة . لقد أغشته التساؤلات عن إمتداد عمقه التحالفي مع عمائم طهران فأطلق قولته الشهيرة : الجنجويد بعثيون وإن لم ينتموا . "
والإغشاء ليس من عدم , إنما النبض , النبض القومي المُتدفق في شرايينه القومية العظيمة , ولذلك فقد تواصل في تثبيت عروبة الجنجويد أو بعثيتهم رغم أنوف الحلفاء العجم , ولا يعلم المرء ما مدى هذا التجاهل بالحلفاء العجم , لأنهم في الطور الأول حلفاء من أجل البقاء على الكرسي , وليس ما يُنثر على الدهماء عن التحرير وإسرائيل وأميركا وإلى غيره من القيء العروبي .. المهم , نقول إنه تواصل في عض الجنجويد كغنيمة في الإنجاه القومي بالقول للرفيق المُتسائل : كيف نستطيع في هذا الموضع أن نبرهن على إن الجنجويد عربا ؟ فأولا يجب أن نعرف ما معنى كلمة الجنجويد , فالجنجويد تعني - الفرسان - , والفرسان العرب وليس أي فرسان , لأن مُصطلح الفروسية أو الفرسان بالنسبة للشعوب الأخرى قد سقط في هذا الزمان , وعلى الأخص الشعوب التي تُسمي نفسها عربية أو إسلامية , على سبيل المثال - إيران - , فتلك الإيران أيضا لها وجود في السودان لمساعدة الجنجويد , لكن هل تمتلك تلك الإيران فروسية العربان , بصرف النظر عن كون تلك الإيران حليفة لنا , لأننا الآن في نقاش قومي بحت , لذلك نقول هل إستطاع الإيرانيون كسب وُد الجنجويد رغم تلك المساعدات ؟ والجواب إنهم لم يتمكنوا رغم الضخ الإسلامي الذي ضخوه لإخواننا الجنجويد , ولم يتمكنوا للسبب الذي ذكرته عن عروبة الجنجويد الفروسية , نعم , نحن نتعامل مع الإيرانيين للدفاع عن الجنجويد ضد التمردات المُسلحة وبمساعدة رفيقنا العرباني - البشير - وضد الحملات الدولية , لكن ذلك لا يعني إعطاء أية فرصة للإيرانيين للتأثير على العقيدة القومية لرفاقنا العربان الفرسان الجنجويد , مع التأكيد إن الإيرانيين مهما إستخدموا من الوسائل فليس بمُستطاعهم التأثير على البُعد العقيدي العروبي لرفاقتا الجنجويد الفرسان ."
المسؤولون الإيرانيون حين علموا أو طرق سمعهم هذا الحديث على لسان الرفيق - بشار - ثارت ثائرتهم العجمية المطبوعة في تكويناتهم وقالوا : هل نسترجع التاريخ لينطق : من هم الأكثر فروسية , نحن أم العربان , وكيف إن ملوكنا قد إحتلوا الدنيا بفروسيتهم من - قورش - إلى - داريوس - إلى - أردشير - إلى .. إلى ..
الرفيق بشار الأسد أيضا إنتفخت حوصلته تأثرا حين بلغه هذا الرد من المسؤولين الإيرانيين , فقد قال : لا نريد أن ندخل في مناظرات حول التاريخ , لأننا على بينة إننا سوف نضعهم في زاوية ضيقة جدا بحيث ليس بإمكانهم التنفس , وإشتشهاد بسيط جدا هو إنهم دخلوا الإسلام بحد سيوفنا , أو بكلمة أكثر دقة إننا أدخلناهم الإسلام بحد سيوفنا البعثية المسلولة , كذلك في الواقع الآني نرى إن الإيرانيين غير بارعين بركوب الخيل والهجن , بينما نرى العرب أصحاب مهارات في الخيل والهجن , ومُسابقات الهجن التي تعرضها - قناة الجزيرة - بين حين وآخر خير دليل على براعة العربان في مسابقات الخيل والبعران ."
هذا الرد من قبل بشار عن عبقرية العربان في مسابقات الخيل والبعران قد أوصل الأمور إلى توتر مُطلق , فلقد رد عليه الإيرانيون بالقول : يبدو إن حليفنا تسري فيه نفس دماء - صدام حسين - ولكن لماذا يبدو , فما دام بعثيا فهو بالتأكيد يحتوي ذات عقلية صدام البعثية . والذي يعطي مصداقية أكثر لكلامنا هو إن صدام كان يرتدي سدارة رُعاة البقر ويمتطي الحصان ويدور بين الحشود , ولا ندري هل هذا الحصان عرباويا اصيلا ويُعبر عن فروسية بعثية بشارية , أم إنه بغل من بغال رعاة البقر في أقصى الغرب الأميركي.. وعلى أي حال فإننا الآن على وشك إمتلاك أو تصنيع السلاح النووي والعالم الغربي يضرب رأسا برأس حول تطويرنا للسلاح النووي , فما قيمة الهجن أو البعران التي يتشدق بها بعثيو دمشق "
حين ذاك جاء الرد الدمشقي مزيجا بين الإنفعال ومحاولة رد الصاع بسخرية أشد من رد الملالي الساخر عن السدارة الكاوبوية والحصان , وقد كان على الشكل التالي : إذا كان ذلك الحصان الذي إمتطاه صدام وهو يعتمر سدارة رُعاة البقر ويُدخن السيكار الكوبي ,إذا كان ذلك الحصان سليل الحوافر العربانية الأصيلة فقد دنس صدام هذا الحافر وإن كان الأصيل لا يُدنس .. هذا من ناحية الحافر الصحراوي العرباوي الأصيل , أما بخصوص السلاح النووي فقد قلنا إن الإيرانيين أغبياء بشأن الفروسية وماذا تعني , وإلا ما علاقة السلاح النووي بمفهوم الفروسية , الهند والباكستان وربما جمهورية مدغشقر وغيرهم يُصنعون السلاح النووي , لكن هل هذا يعني إنهم أصحاب فروسية مثل العربان ؟ إذن بعد تلك التصريحات والأقوال البليدة هل نحن بحاجة أن نرد على المزيد , أم ننأى بأرواحنا في أفق فروسيتنا العربانية العظيمة !.. إلى ذلك فقد أضافت الرفيقة البعثية المناضلة - بُثينة شعبان ردا أكدت فيه عظمة البعث أمام القزمية العجمية , وقد كان ردا في مُنتهى التطرف وهو دون شك يعكس الثورية المتوقدة للرفيقة - بُثينة شعبان - , فقد قالت : وهل البعث عورة لكي يتهموننا الإيرانيون بإعتناقه , هذا البعث المُقدس الذي زحف بالعربان إلى أطراف الأرض , وأذل العروش والتيجان , هل نحتاج أن نذكر الإيرانيين كيف أذل البعث عرشهم في الزمن الغابر , لا تقل لي الإسلام , البعث هو النصر والإنتصار والإعصار والإنشطار والإنتشار لا وحي فلاني ولا نبي علاني ولا دين خلاني .. البعث هو البداية وهو النهاية ." ..
ومن هنا , أو على أثر تلك الردود السورية والإيرانية المتشنجة فقد أضحت تلك العلاقة بين الحليفين العاشقين السُحاقيين على حافة الهاوية.. وهكذا ظلت.. إلى أن تدخل الوسيط السوداني - البشير- لردم ذلك الخلاف , ولم يدخل البشير لحل ذلك الخلل لوجه الله , فلقد أحس إن الإنشقاق في صفوف الجنجويد بين قوميين وإسلامويين عجماويين سوف يقود إلى عواقب لا تُحمد على الوضع في دارفور , إضافة للتوتر الموجود أصلا , ولذلك فقد إقترح البشير بأن تكون مسؤولية السيرة عن الجنجويد عقائديا وعسكريا بيد الحكومة السودانية , وأن يقتصر دور المخابرات الإيرانية والسورية على المشورة ورصد التدخلات الخارجية .
الطرفان قبلا بالإقتراح , لكن على مضض , وبالطبع للتربص والإنقضاض على أي وضع ملائم .
#عادل_الخياط (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟