ناهده محمد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2188 - 2008 / 2 / 11 - 08:35
المحور:
الادب والفن
تجولت قيل أسابيع في دول الخليج وكما وجدت مظاهر الجمال الشرقي والثراء في كل مكان , وجدت أيضاً نساء على الطريق تستدعي أوضاعهن الملاحظة والإعجاب .
كانت تفترش الأرض وتبيع الملابس النسائية , ترتدي الخِمار حتى لا أكاد أرى سوى عينيها , كان صوتها رقيق وصبي صغير إلى جانبها , أخذت أُساوم على السعر وأُحاول أن أكون مشتريةً جيدة , كنت أمسك بقطعة من ( الساندويج ) أثناء تجوالي , أوشكت على رميها في صندوق القمامة بعد أن إكتفيت منها , منعتني المرأة وقالت : ( نعمة الله ) أعطني إياها , قلت : إنها بقايا وأنا مصابة بالزكام سأنقل إليك العدوى , ضحكت وقالت : لا يهم إعطني إياها , لكنني فضلت أن أرميها في صندوق القمامة , لم أستطع أن أرى علامات الغضب على وجهها بسبب الخِمار , وإستحيت أن أُساوم المرأة ثانية بل حاولت أن أُرضي ضميري وأُبقِ لديها بقية المبلغ بعد دفع المطلوب , فرفضت وقالت : إعطني السعر الذي طلبته منك فقط . بقيت أتساءل وأنا أدفع ثمن الملابس , ماذا تريد هذه المرأة ؟ , لماذا رفضت صدقة النقود وأرادت قطعة الخبز ؟ بماذا تفكر ؟ , وكيف تفكر وهي تفترش الأرض في هذا البلد الغني , ربما كانت أكثر نبلاً من الحضارة التي أحملها على ظهري ! .
نساء من بلادي – 2
كنت أتجول في شارع تجاري في بلد عربي وأُحاول التسوق وهي عادة لا تستطيع النساء التخلص منها , إستوقفتني إمرأة تحاول أن تشتري ثوباً لكن التاجر يرفض بيعها الثوب , ولكوني فضولية سألت التاجر لماذا لا تبيع الثوب للمرأة ؟ , أجاب التاجر : بأن ليس لديها ماتدفعه , قلت لها : كيف تتسوقبن بلا نقود ؟ , قالت : لديّ فتاة تنتظرني في بلدي وأُريد شراء هديّة لها , قلت بِلا نقود ؟ , أجاب التاجر : إنها تفعل ذلك كل يوم ومع كل التجار . سألتها كم ثمن الثوب ؟ , أجابت وهي تصطنع البكاء إنه ( عشرة ) , قلت : هذه ( خمسة ) مني وإبتعدت , فلحقتني وقالت : وكيف إشتري ثوباً بـ ( خمسة ) ؟ , قولي لي ؟ , وهي تُعنفني ! , قلت : ستطلبين من آخرين أليس كذلك ؟ , أجابت بحياء : نعم , فصرخ التاجر من بعيد لا تضحكي على المسكينة , أعيدي إليها النقود . لقد وجدت نفسي في وضع يُشم منه رائحة الفساد والتسول المُبطن فهربت بعيداً , وإذا بيّ أمام صف طويل من الأطفال الممزقي الثياب والمادي الأيدي إلى وجوه المارة , ضحكت وأنا أنظر إلى مظاهر الثراء من حولي ! .
#ناهده_محمد_علي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟