أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وديع العبيدي - إشكالية الخروج.. من الاغتراب الذاتي للاغتراب الوجودي















المزيد.....

إشكالية الخروج.. من الاغتراب الذاتي للاغتراب الوجودي


وديع العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 2179 - 2008 / 2 / 2 - 10:43
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


(هوامش على تأملات المبدعة بريهان قمق في..عندما يحين الأوان!..)

إذا كان التحول [الخيميائي] من (طاقة) إلى (مادة) هو [تصوف] في {روحانيات} الشرق، فهو [فلسفة] في {عقليات} الغرب. وإذا كان اصطلاح [التصوف] وقع ضحية الافتئات والعجز والاستهلاك الطقوسي، فاستخدامها هنا لا يتناسب وروح الجمال ونقاء السريرة المختلجة في كلمات وأفكار الأديبة بريهان قمق التأملية المتدفقة، مثل مياه سدّ كانت محسورة، أو أنها امتلكت وقتاً كافياً وناراً هادئة لتنضج. اللغة هنا شعرية منسابة، والأفكار تتكشف عن نفسها خلل غلالة رومانسية، يتماهى فيها الأدبي بالنزوع الفلسفي الوجودي. لكن الكاتبة الشاعرة، شأنها شأن معظم الكتاب العرب، لا تستغني عن المراوغة اللغوية والبنية المزدوجة للنص. فهي تجد خلاصاً في التورية والتعمية والكنايات، ولا تستطيع الاستغناء عن البوح. الازدواجية هنا تتحول إلى صفة بنيوية لثقافة شمولية الأفق في واقع محدود. العبارة نفسها هنا تمرّ باستحالات مريرة في لا وعي المبدع للتكيف مع (إناء) النص/ الواقع. ينتج عن ذلك أن ثمة (نصين) متراكبين أو مستويين من المعنى أو القراءة في النص، المعنى القريب (المادي) المباشر، ومستوى ما بعد (المادي) الذي تمتزج فيه نفحات نفسية/ روحية/ وجودية.

رغم أن النص يطرح نفسه في صورة تساؤلات أو (تأملات)، ولا يواري قلقه وحيرته، إلا أنه لا يتورع عن تقديم أو اقتراح (أجوبة)؛ لأسئلة وجودية أو إنسانية، قد لا تعني شيئاً لكثيرين اليوم، في حمأة اللهاث العولمي وراء المادة والاستهلاك اليومي. هذه الأسئلة القديمة قدم البشرية، مثل [من نحن؟.. أين كنا قبل أن نأتي هنا؟.. ماذا سيحدث لنا بعد الموت؟..] ما زالت قادرة على التناسل، والبحث والاستغوار. – أذكر هنا قصيدة الشاعرة فرات إسبر (إلى أين تأخذني)* التي تطرح السؤال الأخير (ما بعد الموت)، وهو ما يشكل علامة فارقة في الأدب الشامي، بالمراجعة والمقارنة مع الأدب المصري أو الخليجي أو المغاربي، ممثلا في النزوع للفلسفة والأسئلة الكونية، دون إغفال تراث جبران وأدب المهجر اللبناني عموماً. و يمكن لإعادة قراءة النص، أجماله بالنقاط التالية..

- المرحلة الأولية (المراقبة والبحث) ..
[فالنهايات التراجيدية لهؤلاء العظماء كالحلاج ونيتشه رغم كلّ الحبّ الذي امتلأوا به، رغم كل الاعجاب بجنونهم وتمردهم، إلا أنني أحسّ بمشاعر ملتبسة تجاههم أمام ضياع المفاتيح في أدقّ وأهمّ لحظات ما فوق العادية./ هذا يدفعني للبحث، كمن بهدوء شديد، من عمق البحر، يصطاد (سمكة) ليطعم الضعاف..].

فالكاتبة تشعر بالخيبة جراء استمرار استغلاق لغز الوجود وعدم اتضاح هوية الانسان في دوامة الوجود التي لا تكف عن الدوران. ويمتلك هذا التساؤل الكثير من المشروعية. لأنه إذا كانت هذه (الأسئلة) على هذا القدر من [القدمية، والأهمية]، فلماذا لم يحسمها الفكر الانساني على مدى تاريخه الطويل. وقد تعمّدت الكاتبة انتقاء مفردتين من هذا الفكر، أحدهما من الشرق (الحلاج) والآخر من الغرب (نيتشه). وهما مفردتان حافلتان بالقلق والتمرد والاستحالات الروحية والفكرية المصطرعة، مما لا مجال لاستغواره الان. وهو مؤشر رؤية الكاتبة لعدم وصول كل منهما إلى مشارف الحقيقة، وإطفاء اعتلاج قلق النفس الانسانية، مستخدمة عبارة شعرية موجزة (ضياع المفاتيح!). لكن هذا، ليس سوى تمهيد للنص.. عتبة دخول المنزل. ان استمرار الوجود رهن باستمرار السرّ أو اللغز.. وبافتضاحه تفتقد الحياة دهشة الطفولة.. من الحريّ هنا الاعتراف.. ان الطريق المنكشف النهاية لا يغري بالوصول، ولا يدفع حتى للسير فيه. فنحن هنا لأننا لا نعرف.. ونعيش أيامنا على أمل أن نقع على السرّ أو نتقدم خطوة باتجاهه. وننسى في غمار ذلك. أننا مهما سرنا لا نصل (الحلاج). وأن حياتنا (ليست) سوى - حلم- قصير في سحابة الأزل. وهنا يتجسد مغزى ظاهرتين وصمتا حياة البشرية [العجز، التسليم]. ويتجسدان في ظاهرة (الدين) ومحاولته تلخيص نظام الوجود وربطه بالحياة الأرضية وفق مبدأ تراتبية منسجة مع قواعد الحكم والتسلط. فما على المرء غير الخضوع والتسليم.

على الجانب الآخر، [تيار العقل]، تستمر الدراسات والتحليلات والطروحات الجديدة. فالتسليم كمعطى.. شرقي، ديني، غير قابل للتسليم به لدى هذا التيار. وفي الفلسفة، يفضل البعض العودة لمناقشة الجذور وإعادة تقليب تربتها، على أمل (اصطياد) ما أغفله السابقون أو اختلفوا في تأويله. على سبيل المثال فقط، أشير إلى كتاب الألماني (فالتر بوركيت) [Weisheit und Wissenschaft: Studien zu Pythgoras, Philolas und Platon]، والذي يفند فيه المؤلف كثير من الأفكار والنظريات المنسوبة إلى فيثاغورس [حوالي 572- 497 ق.م.]، ويعيدها إلى الفيلسوف الاغريقي (Thales von Miltus) [625- 547 ق.م.]. استخدم الاغريق المنطق الرياضي لرسم صورة الكون، ولعب الفكر الاغريقي دوراً مهماً في تغذية الفكر الفلسفي الوجودي، بما فيه فكرة الأزلية والثنائية والتضادّ والتكامل، والتي انعكست جوانب منها في خدمة منظومات سياسية ودينية. تقول الكاتبة في هذا الصدد..

- التشخيص والتحديد..
[ تقسيمات كالثنائيات، التي تبدو متناقضة، لكنني لا أعتقدها كذلك. أي ليست متناقضة – لأنها ليست في ثبات كما تبدو ظاهريا. ويخيل لي أن لا ثبات لأي شيء في الكون..]
فكرة الثنائية أو [منطق] الثنائية الذي قام عليه الفكر والتفسير البشري للكون ليس منجزاً جديداً. ومن المؤسف أنه – كما تقول الكاتبة في الفقرة الأسبق- رغم المسيرة الطويلة والشاقة للتطور، فأن (البنى التحتية الأساسية) التي قامت عليها الحضارة البشرية لم تتغير قدر أنملة، لا في الفلسفة ولا الفكر، لا في السياسة ولا الدين. ولعلّ هذا ما يجعل الحياة على الأرض أدنى للاجترار منها إلى الابداع، وأكثر اندفاعاً للاغتراب، منها إلى الطمأنينة والانسجام. الثنائية كمبدأ لا تنحصر في الفيزياء الكونية وانما تتعداها للسياسة والدين والأخلاق والتاريخ، فالأسود والأبيض والخير والشرّ والحياة والموت والليل والنهار والمؤنث والمذكر، ليست غير منتجات لترويج هذا المبدأ. هل ينبغي الاستمرار في [التسليم] بهذا المبدأ (التوصيفي) أو الشكّ فيه والانطلاق للبحث في جغرافيا غير محروثة. تسلّم الكاتبة بفكرة الثنائية وترى نظاماً من الانسجام والهارموني يحتضن فوضى التناقض والتنافر الظاهرة للعيان. في هذا الصدد يقول جون بريجز وف. ديفيد بييت في كتابهما المشترك [Turblent Mirror].. أن الفوضى والنظام هي مجرد اختلاف في وجهة النظر. ويعللان ذلك بأنّ كلّ الأشياء مترابطة داخليا. فالذرات أو الجزيئات انما تتكون من قوى وعناصر داخلية. وهذه القوى والعناصر لها من التشابه والتناظر ما يقارب بين الذرات والجزيئات التي تبدو مختلفة ظاهرياً. بل أن التناقض الداخلي قد يخدم الانسجام الخارجي في المحصّلة. ولا يخفى أهمية (فكرة) التكامل القائمة بذاتها على فكرة التنوع والاختلاف، وهي صورة أخرى من صورة التنافر والتجاذب والفوضى والنظام. لكن بريهان قمق، التي تميل لاستخدام ألفاظ (شعرية) نسبية [أعتقد، يخيل لي] أو عبارات شعرية سائبة [أدق وأهم لحظات ما فوق العاديّة/ ننتقل إلى عود ريّان من نوع جديد..]، تعود للاحتماء بسقف خيمة تجدها أمامها أو تجد نفسها في داخلها فتقول ..

- الموروث الديني
[أين الحكمة؟.. هل في التعالي على ما لا نعرف وفيما لا تلتقطه الحواس بسبب قصورها فنقلل من شأنها ونتخلى عنها؟..]. من الناحية العلمية التي تخرج من (التحديد) إلى المطلق اللانهائي، يحاكي المضمون معطيات النظرية النسبية لانشتاين. ولكن من الناحية الدينية يقترب من جدل (أليهو) مع (أيوب)/ إصحاح 32، باعتبار أن مدارك الانسان عاجزة عن استيعاب كل (حكمة) الخلق. والتعالي والغرور كانت الصفات التي وصمت شخصية أيوب إزاء ما حصل له. لكن ايراد مفردة (حكمة) لا يعمل مفتاحاً للانتقال من الفلسفة الوجودية للفلسفة الاجتماعية، حسب المرجعية (الاصلاحية) لمفهوم الحكمة. وهي صفة عامة في كتابات المبدعة بريهان الشعرية كذلك، تجعلها أدنى للوجودي الما ورائي [Meta-Physic] منها للتعامل المباشر مع المعطى اليومي. الموروث الديني هنا خط خلفي للانسحاب إلى طمأنينة الروح من وعثاء الجدل.

- أما خلاصة هذه التأملات فترد في قولها..
[قد يطول الأمر أو يقصر، ولكنه مرهون بتحرر المادة بالكامل، كي تنتقل برمتها إلى شيء آخر (!)، كي ننتقل إلى عود ريّان من {نوع جديد} مختلف، عن حكاية أرضنا هذه في ثقب كوني جديد].

وهي عبارة تنفتح على اكثر من قراءة تأويلية، قد تتداخل مع أفكار واتجاهات متعددة في تفسير الوجود عبر مداخل ووسائل نابعة من سعة التنوع الثقافي والميثولوجي للمجتمعات العريقة. على أن الاطار العام هنا يتراوح بين نيتشه والحلاج، العقلي والروحاني، الوجودي والديني، والذي يتجسّد في نهاية الخلاصة (خلق جديد، ثقب كوني جديد).

أما القراءة الثانية (المراوغة أو الاستباقية) للنص فهي معضلة [الغربة، والاغتراب] التي تتصاعد من أفق الاجتماعي المحلي إلى النفسي العولمي والاغتراب الوجودي والكوني، الذي لا يجد نبعاً يرتوي به، أو (يحرّره) إلا بالموت. ولكن.. لا يني يعود في دورة جديدة ومعاناة خلق جديد، حسب دورة (الكارما) أو التناسخ أو الحلولية غير المنتهية. وهو ما يقتضي وقفة ثانية وأدوات مختلفة.

::. - لندن



#وديع_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرية التوا زنات الافقية في رواية دابادا
- خُوَاء
- جلولاء.. سيرة مكان.. (1 - 4)
- عودة الزنابق
- بعقوبا .. سيرة مكان)
- وقفت عن حبك
- توقفت عن حبك
- وجوه متداخلة
- غسل العار والعودة لوأد البنات
- الفرد والعالم..
- الترجمة والهوية والمسؤولية الاخلاقية
- طُرُقٌ صَحْراويّة
- أطفال المهاجرين ضحايا مزدوجة
- (سيرة يوم غائم)*
- من القاموس العربي
- علّقيني في طرف مباهجك
- (الفارزة بين القاعدة والاستثناء)
- الوجودية والعولمة
- ظاهرة الاغتراب في نصوص مؤيد سامي
- بقية العمر


المزيد.....




- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...
- حادث مروع يودي بحياة 3 ممرضات في سلطنة عمان (فيديوهات)
- تركيا.. تأجيل انطلاق -أسطول الحرية 2- إلى قطاع غزة بسبب تأخر ...
- مصر.. النيابة العامة تكشف تفاصيل جديدة ومفاجآت مدوية عن جريم ...
- البنتاغون: أوكرانيا ستتمكن من مهاجمة شبه جزيرة القرم بصواريخ ...
- مصادر: مصر تستأنف جهود الوساطة للتوصل إلى هدنة في غزة
- عالم الآثار الشهير زاهي حواس: لا توجد أي برديات تتحدث عن بني ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وديع العبيدي - إشكالية الخروج.. من الاغتراب الذاتي للاغتراب الوجودي