أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف: الدولة الديمقراطية العلمانية في فلسطين - سلامة كيلة - ماركس وحده لا يكفي لكنه ضروري - تعقيب على رد الصديقين عادل ومسعد















المزيد.....



ماركس وحده لا يكفي لكنه ضروري - تعقيب على رد الصديقين عادل ومسعد


سلامة كيلة

الحوار المتمدن-العدد: 2163 - 2008 / 1 / 17 - 11:54
المحور: ملف: الدولة الديمقراطية العلمانية في فلسطين
    


اختار الصديقان رداً "كرونولوجياً"على نقاشي لمداخلتهما (نحو حل اشتراكي في فلسطين:مناقشة نقدية في "حل الدولة الديمقراطية العلمانية"). حيث تتبعا النص فقرة بفقرة، دون أن يعملا على تناول الأفكار المطروحة كأفكار. وهو ما أوقعهما في تناقضات سوف تبدو لاحقاً. كل ذلك في "كرونولوجيا" من التهم والتوصيفات ،والأحكام، التي لن أتطرق عليها لان هدفي هو نقاش الأفكار ،وليس إطلاق بوق التهم..ولسوف أبدأ من النقطة التي قالا أنني اقتربت منهما فيها،إذن لنبدأ من التوافق.
حين وصلا في التعليق عند فقرة في نقدي(سلامة كيلة:حل الدولة الديموقراطية العلمانية والحل الاشتراكي) تقول"سيكون تحقيق المهمات الديمقراطية مقدمة تحقيق الاشتراكية".علقا على ذلك بالتالي:"قد تكون هذه المرة الأولى التي تتقرب (يخاطبان ،أنت ،أي سلامة)فيها من موقفنا ،أي السير بالمهمات الديمقراطية إلى تحقيق الاشتراكية. من هنا كان إصرارنا على التمسك بالحل الاشتراكي، مواصلة العمل والنضال من اجله،وليس الانقطاع في متاهة المهام الديمقراطية التي هي في الأساس رأسمالية،أو ما تسمح له السيدة الرأسمالية".
شكراً، إذن تقاربنا، وكان يكفي أن نقف عند هذا الحد. لكن قارئ القسم الأول من ردي على مداخلتهما(بالمناسبة الصديقان يردان هنا على القسم الأول فقط،متجاهلين القسم الثاني،من خلال القول أنني لم أرسله لهما)، يستنتج بأن كل نقاشي كان يتركز على تأكيد هذه الفكرة: إن الماركسيين لا يسعون إلى تحقيق الاشتراكية الآن.لان أمامهم مهام جدية يجب أن يحققوها كخطوة انتقال إلى الاشتراكية. بمعنى أن هناك "حزمتان"من المهام تقتضيان وضعهما في مرحلتين،الأولى ديموقراطية تهيئ للانتقال إلى الثانية التي هي الاشتراكية..وبالتالي فما قلته بالتحديد هو أن الواقع يفرض تحقيق مهمات ديموقراطية،.وان هذه المهمات ليس من الممكن تحقيقها إلا بالدور الفاعل والقيادي للقوى الماركسية وللطبقة العاملة والفلاحين الفقراء،بالتحالف مع طبقات أخرى.لكن الماركسيين يعتبرون أن تحقيق هذه المهمات خطوة انتقال إلى الاشتراكية.خطوة ضرورية لتحقيق الاشتراكية.
إذن لماذا كل هذا النقاش وكل هذه الأحكام والتهم؟
طبعاً قال الصديقان بأنها"المرة الأولى" التي أقترب منهما، لان كل نقدهما انطلق من أنني أقول بحل الدولة الديمقراطية العلمانية فقط. وبالتالي اطرحها في إطار رأسمالي.حيث أن حل الدولة الديمقراطية في أي بلد"هو في نطاق التشكيلة الاجتماعية الاقتصادية الرأسمالية،التي محركها نمط الانتاج الرأسمالي بلا مواربة".وبالتالي "إذا كان الحديث مع الأخ سلامة هو حديث مع ماركسي، فالحل الديمقراطي الذي يتحدث عنه هو حل رأسمالي بامتياز. نحن لسنا ضد المهام الديمقراطية ولا العلمانية، لكننا لا نتوقف عندها". لهذا فـ"إن عدم مناقشة الجوهر الطبقي ، مناقشة التشكيلة الاجتماعية الاقتصادية لها، هو دفن الرأس في الرمل،وهو إيمان بالملكية الخاصة، ودفاع عنها بالمناورة والمداورة".
هنا يبدو أنني أطرح حل الدولة الديمقراطية العلمانية في إطار رأسمالي، إنطلاقاً من أنني أتوقف عند الحل الديمقراطي العلماني. هل أتوقف عند الحل الديمقراطي العلماني؟ لقد اكتشفا بعد لأي أنني لا أتوقف عنده، بل أعتبر أن تحقيقها هو خطوة انتقال إلى الاشتراكية،وبالتالي لا أتجاهل الاشتراكية. إذن، لماذا وقعا في هذا التناقض؟
لو لم أحدّد في أكثر من فقرة، وليس في الفقرة التي أشارا إليها ، أنني أعتبر تحقيق المهمات الديمقراطية هي خطوة انتقال إلى الاشتراكية، لكان يمكن أن"يعتقدا"بأنني أطرحها في إطار رأسمالي، أو كان يمكن لهما أن يستنتجا ذلك، رغم أن استنتاج كهذا يفترض التدقيق أكثر،ومعرفة جوهر رأيي. ربما عبر كتابات أخرى، دون استسهال الوصول إلى استنتاج بتسرع. لكن المشكلة سوف تكون اكبر حينما يكون النصّ ذاته محدّداًَ بالضبط للفكرة. وبالتالي فهما لم ينتظرا الوصول إلى نهاية الفقرة لكي يفهما ما هو مطروح، لم يعملا على فهم ما أطرح عبر قراءة النص كله. لقد صادفا تعبير الدولة الديموقراطية العلمانية فاستنتجا فوراً دون انتظار نهاية النص على أنه مطروح في إطار رأسمالي، لان كل حل ديموقراطي هو حل رأسمالي كما يعتقدا. وهنا استنتجا أنني توقفت عنده ، دون أن أربطه بما هو لاحق. كيف استنتجا ذلك؟عبر القراءة الذاتية،لان تعبير ديموقراطي لديهما يعني بالضبط رأسمالي.لان هذا التعبير هو "بعبع"يقتضي الرد العنيف والسريع دون فهم سياقه، أو قبل فهم سياقه، لان التوتر لا يسمح بانتظام إكمال الجملة.
وبالتالي فإن الاستنتاج الوحيد الممكن هنا هو أنهما اختارا هذا النقاش "الكرونولوجي" لكي يقوما بقراءة ذاتية للنص تلمس كلماته دون أن تلمس مضمونه. وبالتالي فهي قراءة ذاتية شكلية أوقعتهما في هذا التناقض.
يمكن أن نتجاوز هذه "الهفوة"(المتكررة)ما داما قد أكدا على التقارب.لكن هل أن اكتشافهما أنني تقاربت منهما قد حسم المسألة؟ أي أننا اتفقنا وانتهى الأمر ؟ لا،حيث سوف توضح المناقشة ذلك، لكن أشير هنا إلى أن التباس المفاهيم والمصطلحات،وعدم الارتباط، هو الذي يجعل أفكارهما مرتبكة،ومتناقضة. والمهم هنا هو الحوار من أجل الوصول إلى "ضبط"الفكر ،وليس لكيل الاتهامات عبر قراءة ذاتية تفشل في فهم النص المقروء(وأرجو أن لا يفهما من أحكامي هذه اتهاماً،أو يتحسسا منها، فقد أفاضا في الاتهام قبلاً).
المهام الديموقراطية والاشتراكية
يفشل الصديقان في التقاط الهدف من التركيز على المهمات الديمقراطية، وبالتالي على أهمية اعتبار أن تحقيقها يشكل مرحلة في سياق تحقيق الاشتراكية. بالضبط لأنهما يتعاملان بردود أفعال ووفق مفاهيم مشوشة. وسنلمس هذا تالياً حيث يؤكدان على أن "ما نريده نحن هو تحضير الوعي باكراً وبوضوح ودون مساومة، إلى أن الحل هو اشتراكي، وبالتالي تكون المسألة الديمقراطية العلمانية مقدمة له، لا نقف عندها ولا نحصر الطرح والتثقيف بها". وبالتالي يؤكدان على أن المسألة الديمقراطية العلمانية هي مقدمة للحل الاشتراكي ، وان التركيز على هذا الحل يهدف إلى "تحضير الوعي"و"التثقيف". وهما يكرران ذلك في أكثر من مكان، فيؤكدان على أن ما قصداه"هو تأصيل المعتقد الاشتراكي للحل.وليس القفز إلى الاشتراكية صبح غدٍ"، وكما يعتبران أن الاشتراكية هي "هوية"وهما"ضد إخفاء الهوية"، ولهذا فـ"إن التثقيف بالاشتراكية هو الذي يخلق اشتراكيين صامدين". ويكرران هذا المنحى"التثقيف بالاشتراكية"و"الحديث عن الاشتراكية" في مكان آخر من النص.
بمعنى أن ما يطرحانه هو الحل الديمقراطي كمقدمة للحل الاشتراكي، لكن دون تجاهل الدعوة إلى الاشتراكية، والتثقيف بها، والتحليل على أساس طبقي.لان الحل الاشتراكي ليس"صبح غدٍ". فقد طرحا الحل الاشتراكي ولم يطرحا"في حرف واحد وجوب قيامه الآن.."..في هذا السياق يمكن أيضاً أن يجري التوافق بيننا ،حيث أنني أشدد على التثقيف الماركسي،والوعي الماركسي، وأؤكد على وضوح الهوية. واعتبر – كما هما- أن اليسار الفلسطيني عانى من ضياع الهوية. ولم يلتفت جدياً للتثقيف الماركسي. وبالتالي في هذه الحدود هناك توافق. لكن التصيّد (كما اتهماني ،والذي أسميه تدقيق الفكر)يفرض التدقيق في النص لتحديد هل أن كل ما يطرحانه يتسق مع ذلك؟
فأولاً يقر الصديقان منذ عنوان مقالتهما الأولى بأن ما يطرحانه هو الحل الاشتراكي"نحو حل إشتراكي". ورغم كل هذه الإشارات إلى أن قصدهما من طرح الاشتراكية هو الدعاوى والتثقيف والموقف الاشتراكي، إلا أنهما يحددان معنى الحل ضمن سياق النص بالتالي"فطالما هو حل فهو تنفيذ الآن" ويؤكدان بأن الحل هو مشروع والمشروع مرتبط بالتنفيذ كذلك. فالحل مرتبط بما هو عملي ،وليس بالدعاوى والتثقيف بالتالي. لهذا سيبدو الحل الاشتراكي كبديل للحل الديمقراطي.حيث يطرحا الحل الاشتراكي الفلسطيني وليس الحل الديمقراطي العلماني، وكذلك الحل في الوطن العربي. وهنا نعود إلى التشويش ذاته، أي ماذا يطرحان؟ فما دام الحل يعني التنفيذ ، أي ما هو للراهن، ما هو عملي، فإن تحقيق المهمات الديموقراطية هو الراهن كمقدمة لتحقيق الاشتراكية، التي تطرح كخيار فكري وكدعاوى،وكزاوية نظر من اجل تحقيق الانتقال من المرحلة الديمقراطية إلى المرحلة الاشتراكية. وبالتالي ستكون الدولة الديمقراطية العلمانية هي الحل الراهن لفلسطين.وللوطن العربي. أما الاشتراكية فهي وعي لدى الاشتراكيين، وأساس في تحليل الواقع،وتحديد المهمات انطلاقاً منه.
هنا يجب عدم الخلط بين الرؤية الفكرية(والايديولوجيا بالمعنى الايجابي) والمهمات السياسية. بين الاشتراكية(الماركسية)كرؤية فكرية وكمنهجية، وبين "الموقف السياسي" و"الحل السياسي". فالرؤية هي أوسع من المهام أو الموقف أو الحل، لأنها تتصل بطريقة في التفكير، وبقيم ومفاهيم وأحلام ، وبديل تعتبر انه محقق أحلام البشر، بينما الحل أو المهام أو الموقف فهي خاصة بلحظة محددة في ظرف محدّد، وتعالج مشكلات محدّدة. هذا الفارق هو الذي يجعل الاشتراكية كحل هي الآن"تنظير".ويجعل "الموقف السياسي والحل السياسي"هو تحقيق المهمات الديموقراطية. وربما هذا يعيدنا إلى ما طرحته في الرد السابق، أي أنه الفارق بين الفرد/الحزب الذي هو ماركسي/اشتراكي، والمهمات العملية المطروحة الآن. التي هي مهمات ديموقراطية. فالحزب الاشتراكي يطرح حلاً ديموقراطياً الآن كخطوة لتحقيق الاشتراكية.
طبعاً معنى الحل هنا هو الذي عاد وشوش على ما يطرحان، لان التأكيد على الحل الاشتراكي الذي يصرّان عليه يعني أنه راهن ،والآن و"صبح غد"،.وليس "متى وكيف وبأية قوى؟". وهذا ما يتوضح أكثر حين تناول التشكيلة(أو نمط الانتاج) حيث ينطلقان من أن"هناك حل اشتراكي وهناك حل رأسمالي"، ،والحل يعني مشروع (أي مشروع راهن). و"فالحل الاشتراكي يعني هيمنة نمط الانتاج الاشتراكي، ليحُل محل ويزيح الأنماط الأخرى وخاصة الرأسمالي". ويكملا "وعليه ، ففي هذا العصر تحديداً، إما أن يكون هناك نمط وتشكيلة رأسماليان أو اشتراكيان، وما ليس اشتراكياً فهو رأسمالي، وما قد يتوسط بينهما هو وضع انتقالي ليس أكثر".
ماذا نفهم من ذلك؟ هل يعني أن المهمات الديمقراطية التي أصرّا على أنهما يطرحانها"كمقدمة للحل الاشتراكي"يجب أن تتحقق في إطار النمط الاشتراكي؟ أم أنها تتحقق كما يشيران في "وضع انتقالي"؟
يسألانني ما هو نمط الانتاج الديمقراطي؟ رغم أنني لم أطرح ذلك، وربما كان الحوار حول هذه المسألة يوضّح طبيعة ما يطرحا. والمقصود هنا هو تحديد طبيعة "نمط الإنتاج، أو"التشكيلة الاجتماعية الاقتصادية"في المرحلة التي نسعى خلالها إلى تحقيق المهمات الديمقراطية. فإذا كان الحل الاشتراكي يعني"هيمنة نمط الانتاج الاشتراكي"، وإذا كانا يحددان بأنه"إما أن يكون هناك نمط وتشكيلة رأسماليان أو اشتراكيان". فما هي طبيعة "نمط الانتاج ،في تلك المرحلة، التي ربما كانا يسميانها"وضع انتقالي". وبالتالي هل سيكون هذا "الوضع الانتقالي"رأسمالي أم اشتراكي؟
من خلال النص يبدو أن النمط يجب أن يكون إشتراكياً،حيث أنهما يرفضان الفصل بين المرحلتين، الديمقراطية والاشتراكية، لان ذلك"يعني إعطاء الفرصة لقوى كثيرة بالتوقف عند الديموقراطية" لان"تحقيق المهام الديمقراطية يفترض دون مواربة أن السلطة ليست بيد العمال والفلاحين"، أي ستكون بيد الرأسمالية ، لماذا؟قلت أن تحقيق المهام الديمقراطية يفترض الدور القيادي والفاعل ،وبالتالي يفترض استلام السلطة، وليس تسليمها للرأسمالية، لكن هل يعني ذلك هيمنة نمط الانتاج الاشتراكي؟
إذا كان الخيار هو بين النمط الرأسمالي والنمط الاشتراكي فيجب أن يندرج"الوضع الانتقالي"في أيٍّ منهما. ربما كان النص مبهماً هنا، فإذا انطلقنا من أن الحل الاشتراكي هو ليس "صبح غد"، وأن كل حل اشتراكي هو ابن مرحلته"لهذا لم يكتباه "فمن نحن حتى نرسم لخمسين سنة قادمة ما هو جوهر الاشتراكية". وكان هدف النص هو "تحضير الوعي"،والتثقيف لما هو مستقبلي.و"تأصيل المعتقد الاشتراكي"، فإن "الوضع الانتقالي"سوف يكون رأسمالياً. لكنهما يرفضان الحل الديمقراطي العلماني لأنه رأسمالي بامتياز. إذن، كيف نحلّ هذا التناقض؟
حينما أشرت إلى أن استنتاجهما بأنه مادام الحل ليس رأسمالياً فهو اشتراكي، باعتبار أنه استنتاج متسرع وشكلي، علقا بأنه يمكن الحديث عن"مئة حل ما بينهما...فالحل بالنسبة لنا سيبقى الاشتراكية". لكن يكملان "ويكون السؤال الفعلي متى وكيف وبأية قوى؟ وليس استنكار القول أن الحل هو الاشتراكية". إذن الحل هو الاشتراكية ؛ لكن هناك"وضع انتقالي"تتحقق فيه المهام الديمقراطية(أشير هنا بين معترضين بأن هذه الصيغة هي الصيغة التي يطرحها التروتسكيين:الثورة الاشتراكية والبرنامج الانتقالي. وسأشير إلى أهمية هذه الملاحظة تالياً)، لان بديل هذا الفهم هو أن كل"الحل الاشتراكي"(بما فيه مهام التحرير والوحدة والتنمية)هو حل ليس راهناً، ليس"صبح غد"،بل انه –عكس ما يقولا- حل مستقبلي"ابن مرحلته". وهما هنا يتناقضان مع تحديدهما لمعنى الحل الذي يعني"التنفيذ". وأعتقد بان الصديقين ينوسان بين هذا وذاك، وبالتالي يقيمان علاقة خاطئة بين المهمات الديمقراطية والاشتراكية.
مرحلتان
أشير إلى أن المسألة هنا تتعلق بضرورة الانطلاق من أننا إزاء مرحلتين، وليس مرحلة واحدة، مرحلة ديموقراطية(أسميت الثورة الوطنية – أو القومية-الديمقراطية) ومرحلة إشتراكية، رغم أن ليس من"سور صيني" بينهما. وأن تحقيق المرحلتين منوط بالعمال والفلاحين الفقراء، لكن وفق شكلين /صيغتين مختلفتين، أو وفق تحالفين مختلفين. المرحلة الأولى بالتحالف مع الفلاحين المتوسطين والبرجوازية الصغيرة المدينية،ـ والمرحلة الثانية في إطار تحالف العمال والفلاحين الفقراء فقط. في المرحلة الأولى يجب أن يكون العمال والفلاحين الفقراء هم أساس السلطة، رغم وجود تحالف مع طبقات أخرى.لان ذلك وحده هو الذي يسمح بتحقيق المهمات الديمقراطية. وسيكون"النمط الاقتصادي" قائم على سيادة الملكية الخاصة، واقتصاد السوق، لكن مع دور مركزي للدولة في الاستثمار والحمائية ، وعلى طريق أن يصبح"قطاع الدولة" هو أساس الاقتصاد المنتج، وهذا ما أسماه لينين خطوة هامة نحو الاشتراكية. هذا"الوضع الانتقالي"هو مرحلة قد تقصر وقد تطول، حيث يجب بناء قوى الإنتاج،وتحقيق التحديث.
طبعاً هذا يتناقض مع ما يريد الصديقين، ولسوف يقولا هذه المرة إنني أكرر لينين بعدما جزما أنني أكرر ماركس في موضع مختلف عما يقول ماركس،وهي هذه المسألة التي أشير إليها بالتحديد،أي دور الماركسيين في تحقيق المهمات الديمقراطية، التي هي فكرة لينين وليست فكرة ماركس ، ماركس يقول ما تقولا:أي تحقيق الاشتراكية، وهو ما أفضى إلى الاستشهادكما بنص من "البيان الشيوعي" لتأكيد ذلك. أما لينين فقد اختلف مع كل الماركسية الاورثوذكسية في هذه المسألة التي فتحت أفقاً لدور هائل للماركسية في القرن العشرين.
لكن ليس من الممكن الوصول إلى الاشتراكية دون هذه المرحلة. وهما هنا يناقشان المسألة بسذاجة مفرطة،حيث أن مقياس التحوّل إلى الاشتراكية "ليس التصنيع والنمو، وإنما طبيعة المشروع التنموي: هل هو اشتراكي أم رأسمالي". وليس كذلك حجم الطبقة العاملة فما"القيمة العلمية للحجم هنا!"، حيث أن"العبرة في حدود وعي وثورية وشيوعية العمال".
من حيث الحجم ، هل يمكن لأقلية أن تحقق كل هذا المشروع؟ وبالتالي ما دامت الطبقة العاملة أقلية ليس من الممكن لها أن تنتصر. وسنلمس تالياً بأن للصديقين ميل"نخبوي" (وهي التهمة التي يكيلانها للتروتسكيين) لهذا لا يعيرا أهمية للكتلة التي تخوض الصراع لكي تنتصر.حيث أن تحقيق المهمات الديمقراطية، وكذلك الاشتراكية، يفترض فِعل أغلبية الشعب. وإلا منْ غير الممكن تغيير ميزان القوى. هذه المسألة هي التي تطرح التأكيد على ضرورة التحالف الطبقي، تحالف الطبقات الشعبية.التي أحددها بالعمال والفلاحين والبرجوازية الصغيرة المدينية.وليس الاكتفاء بمن يقتنع منها بالاشتراكية كما يقولا، وهو ما سوف أناقشه تالياً.
لهذا دون هذا التحالف ليس من الممكن تحقيق الوحدة ،وتحرير فلسطين ،والتطور. وضعف الوجود الواقعي للطبقة العاملة هو الذي يفرض ذلك في مستوى أول. ورغم أن حجمها يمكن أن يصل إلى 40% من السكان فإن تحالفها أمر ضروري لتشكيل "الكتلة التاريخية" (وهذا ما يقول به غرامشي وليس الطبقات الشعبية التي يعتقد الصديقين أنني أنقلها عنه) القادرة على الانتصار .
وفي هذا التحالف هناك طبقات تسعى لانتصار الرأسمالية (عموم الفئات الوسطي). وهناك العمال والفلاحين الفقراء الذين يسعون لتحقيق الاشتراكية، لكن هذه وتلك يتوافقون على المهام الديمقراطية ، وعلى دور الدولة الاقتصادي في تحقيق التطور، ولا يتوافقون على أن يكون هدف تحقيق الاشتراكية هدف راهن؛ أي لا يتوافقون على إلغاء الملكية الخاصة، وفرض قانون قيمة اشتراكي، وتحقيق تنمية اشتراكية كما يشير الصديقان، فهذه يحققها العمال والفلاحون الفقراء حينما يصبح ممكناً الانتقال إلى الاشتراكية (والصديقان يحددان في هذه المسائل طبيعة الاشتراكية التي يطرحانها،وبالتالي أتوافق معهما حول طبيعة الاشتراكية).
وإذا كانا يخشيان من أن تحقيق المهام الديمقراطية يمكن أن يقود إلى انتصار الرأسمالية، وهي خشية منطقية مبررة، فإن دور العمال والفلاحين الفاعل والقيادي ، وتشكيلهما الكتلة الأكثر تماسكاً وفاعلية ومبادرة في التحالف، هو الذي يجعلهما السلطة في المرحلة الديمقراطية، وبالتالي يتيح لهما تهيئة الظروف لتحقيق هذا الانتقال إلى الاشتراكية، وليس انتصار الرأسمالية. خصوصاً وأن الفئات الوسطى (الفلاحون المتوسطون،والبرجوازية الصغيرة المدينية) لا تحمل مشروعاً رأسمالياً واضحاً، بل تعيش إلتباساً يجعلها أحياناً تقبل بعض المفاهيم الاشتراكية. وبالتالي يجعلها تبقى ملحقة بكتلة العمال والفلاحين الفقراء. إن "تنافر" هذه الفئات هو المدخل لكي تصبح تحت هيمنة العمال والفلاحين الفقراء ، في حدود المشروع الديمقراطي،وليس الاشتراكي.
وما من شك في أن الانتقال إلى الاشتراكية يفترض توسّع حجم الطبقة العاملة(الريفية و المدينية)، وهو ما يطرح مسألة بناء القوى المنتجة . وهي مسألة لا تروق للصديقين. لكن أهمية بناء القوى المنتجة (الصناعة خصوصاً) تكمن في تحقيق الفائض (فائض القيمة) وفي إعادة تشكيل المجتمع على أسس حديثة، حيث يجب الانتقال من كون القوى المنتجة الزراعية هي أساس الاقتصاد، إلى أن تصبح الصناعة هي أساس الاقتصاد. وهذا هو أساس تشكل المجتمع على أسس حديثة:الطبقات،والوعي، وبالتالي تجاوز الطبقات القديمة، والوعي التقليدي. وهذه لا تتحقق فقط بسيادة العلاقات الرأسمالية دون الإنتاج، كما حدث في الوطن العربي. نتيجة تبعيته للنمط الرأسمالي العالمي، وليس نتيجة نشوء قوى منتجة محلية. هل تكفي سيادة العلاقات الرأسمالية؟ سوف أناقش هذه المسألة تالياً لأهميتها، حيث يغلّب الصديقين علاقات الانتاج على قوى الانتاج.
وما داما لا يعيران أهمية لحجم الطبقة العاملة، يبدو لهما أن تحقيق الاشتراكية هو "إرادة" و"وعي"، رغم أن المسألة أعمق من ذلك، وتتعلق بواقع، واقع وجود قوى الانتاج ، وواقع نشوء طبقة عاملة كبيرة وقوية. إضافة إلى الإرادة والوعي.حيث أن المسألة تتعلق بالصراع الطبقي، الذي يؤكدان على ضرورته دون أن يلمسا آلياته. لأنه ينطلق من صراع طبقات، وليس فقط صراع الفئات المقتنعة بالاشتراكية فيها، فهو بالأساس صراع طبقات، أي صراع الطبقات المفقرة ضد الرأسمال ، ودور الفئات الاشتراكية في هذا الصراع هو وضع التصورات والبدائل الأوضح لهذه الطبقات، وقيادة صراعها ضد الرأسمال (كما ضد الاحتلال والسيطرة)، من اجل بديل يحقق مصالحها. وبالتالي حينما يكون حجم الطبقة العاملة (المدينية والريفية) محدوداً، كيف يمكن لها أن تفرض البرنامج الاشتراكي؟ وإذا تعلق الأمر بـ"النخب" (أي الاشتراكية منها) فإن المسألة أكثر تعقيداً من ذلك.
وإذا كان توسّع الطبقة العاملة يفترض تطوير القوى المنتجة،في الصناعة والزراعة، فإن بناء القوى المنتجة ضرورة من أجل تحقيق نقلة في التطور المجتمعي، وفي استيعاب جيش العمل الاحتياطي، ولكن بالأساس من أجل تحقيق فائض القيمة، الذي هو أساس رفاه الشعب. وحيث ليس من الممكن تطبيق قانون القيمة الاشتراكي دون وجود فائض قيمة بالأساس. الاشتراكية يجب أن تقوم على الوفرة وليس على الكفاف، ولا يمكنها أن تكون على الكفاف. وهو الأمر الذي يعطي أهمية لتطوير القوى المنتجة بالضرورة. وهو الذي يفضي إلى تحوّل عميق كذلك في العلاقات والوعي. هي ضرورية من اجل تحقيق الانتقال إلى الاشتراكية.
أليس يمكن أن يتحقق ذلك في إطار الاشتراكية؟ أي في إطار إلغاء الملكية الخاصة بالتحديد؟ ربما، وهو ما حصل في تجربة الاتحاد السوفييتي ، لكنه تحقق في ظل سلطة استبدادية، إرادوية، أسست لانهيار التجربة في النهاية بعد أن تحقق بناء القوى المنتجة والتحديث المجتمعي الشامل. ثم أن هذه المسألة تتعلق في الضرورة التي تفرض ذاتها لكي يجري اللجوء إلى إلغاء الملكية الخاصة ، وميزان القوى الطبقي الذي يسمح أو لا يسمح بذلك. وشكل السلطة الذي يجب أن يكون ديموقراطياً. وبالتالي فإن تحقيق هذه النقلة تحتاج إلى موافقة الشعب ذاته، لكي يتحقق الانتقال ديمقراطياً. وما دامت المسألة متعلقة بوضع محدّد لم يأت بعد، يجري العمل على الأساس الذي أشرت إليه سابقاً، أي إكمال تحقيق المهمات الديمقراطية التي تشمل بناء القوى المنتجة،والتحديث المؤسسي والثقافي/العلمي،والتكوين الديمقراطي.
إذن، يمكن تحقيق ما يسمى بـ"التنمية" (أي بناء القوى المنتجة) في إطار نظام إشتراكي، لكن الأسس التي تسمح بوجود هذا النظام هشة، والبديل الممكن هو النظام الديكتاتوري لان من يحمل المشروع الاشتراكي هم أقلية. الأمر الذي يجعلها تلجأ إلى هذه الخطوة عبر القوة والفرض، وليس عبر الخيار الديمقراطي. وهو الأمر الذي يؤسس – كما أشرنا للتو- إلى مشكلات عميقة تطيح بالاشتراكية ذاتها. إن المسألة التي يجب أن تكون واضحة هنا هي أن تغيير التكوين الاقتصادي الاجتماعي القائم لمصلحة تكوين يتأسس على الصناعة ، وبالتالي هي ضرورة لكي يصبح ممكناً تحقيق الاشتراكية. دون أن يعني ذلك عدم توقع إلغاء الملكية الخاصة قبل أن ينجز كل ما أشرنا إليه. لكن التركيز على أهمية بناء القوى المنتجة،وتحقيق التحديث (الحداثة) مسألة حاسمة في سياق الانتقال إلى الاشتراكية.
ما هو "نمط الإنتاج" في هذه المرحلة؟ طبعاً حينما نشير إلى مرحلة ديموقراطية، أو مهمات ديموقراطية، لا يعني أن نمط الإنتاج هو ديموقراطي، فلا وجود لذلك. المسألة هنا تتحدّد في هل ستستمر سيادة الملكية الخاصة أم تلغى، ويجري تحقيق الاشتراكية؟ ما دمنا قلنا أن هناك مرحلة تسبق تحقيق الاشتراكية فهذا يعني استمرار الملكة الخاصة، وهذا مترابط مع مشاركة طبقات تنطلق من مبدأ الملكية الخاصة، ولا تعمل على تجاوزها ،في تحقيق المهمات الديمقراطية.
سيقول الصديق عادل أن في ذلك اعتراف رسمي بأنني أطرح الرأسمالية. لكن في هذا الحكم تبسيط شديد. إن تجاهل أهمية بناء القوى المنتجة هو الذي يفرض سيادة هذا التبسيط، والانطلاق من"إما الرأسمالية أو الاشتراكية..إما هيمنة نمط الانتاج الرأسمالي أو هيمنة نمط الانتاج الاشتراكي..إن مشاركة (أو السعي لمشاركة)الفئات الوسطى (الفلاحون والبرجوازية الصغيرة المدينية)في تحقيق التطور هو أمر ضروري، نتيجة ما أشرنا إليه سابقاً، وبالتالي فهذا الأمر يفرض الحفاظ على الملكيات المتوسطة والصغيرة ،وهي الأكبر. لكن مع ضبط نشاط الملكيات الكبيرة من خلال فرض قيود على نشاطها والتركيز على توظيفها في القطاعات المنتجة، وتدوير فائض القيمة داخلياً.
ولأن الرأسمال الخاص يهرب من التوظيف في هذه القطاعات نتيجة سيادة النمط الرأسمالي عالمياً، فإن السياسة الاقتصادية سوف تتمحور على دور الدولة الاستثماري (إضافة إلى دورها الحمائي ،المتعلق بضبط – وليس قطع- علاقات التبادل مع الخارج من أجل تدوير الفائض داخلياً).وهو ما أسماه لينين في حينه:رأسمالية الدولة، والتي اعتبر أنها خطوة هامة نحو الانتقال إلى الاشتراكية.حيث تصبح قوة اقتصادية منافسة من خلال توظيفها في الصناعة والزراعة والبنى التحتية والعلم،ومن ثم لتصبح قوة اقتصادية مهيمنة.
المسألة الأخيرة في هذا المجال هي طبيعة السلطة، والطبقات المسيطرة فيها. ولقد أشرت في أكثر من مكان إلى أن نجاح تحقيق المهمات الديمقراطية، بما فيها تحقيق التطور الاقتصادي، يفترض قيادة الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء (والاشتراكيين أو الماركسيين) للسلطة،لأنها الطبقة الوحيدة التي لن تسعى إلى تغليب مصالحها الخاصة على مصلحة التطور العام للمجتمع، كما البرجوازية الصغيرة. ولان الاشتراكيين (أو الماركسيين) هم بالأساس ضد التملك،وسيادة الملكية الخاصة، لهذا ستستمر مصالحهم الخاصة متوافقة مع مصلحة التطور العام. تطور المجتمع وتحقيق المهمات الديمقراطية، من أجل الوصول إلى الاشتراكية. وهنا يصبح التثقيف الماركسي، و"تأصيل المعتقد الاشتراكي" ذو أهمية كبيرة، لأنه يؤسس لفئات عميقة الوعي بالتطور، من خلال التمسك برفض الملكية الخاصة، وتحديد آليات علمية للتطور ذاته، من خلال وعي الواقع. وهذا ما أشار إليه الصديقان محقين.
هذا الوضع المركب ،والمعقد، هو الذي أشرت إليه في الرد السابق، وأكدت أن المسالة أكثر تعقيداً من أن توضع في ثنائيات:رأسمالية واشتراكية، مع ميل لهيمنة العنصر الاشتراكي.
وعملية التطور هذه هي التي ستعزز تحقيق "التراكم الرأسمالي" (وهنا يعني فائض القيمة) وتُوسِّع من حجم ودور الطبقة العاملة المدينية والريفية . وتحقيق تطوير الوعي المجتمعي (وليس وعي النخبة فقط ) بما يجعل إمكان تحقيق الاشتراكية قائماً.
وبالتالي فإذا كانت الفئات الوسطى تسعى لتعزيز انتصار النمط الرأسمالي، وتطمح لان تصبح هي السلطة من أجل انتصار النمط الرأسمالي، فإن مقدرة العمال والفلاحين الفقراء على أن يكونوا هم القوة الفاعلة والمهيمنة يعزز من تحقيق الانتقال إلى الاشتراكية. وهذه عملية صراعية ستبقى قائمة، كما سيبقى قائماً لمرحلة طويلة في الاشتراكية الصراع من أجل العودة إلى الرأسمالية. وهنا يجب أن يكون واضحاً أن كل عملية التطور هذه هي عملية صراعية،حتى حينما تهيمن فئة /حزب ويفرض إلغاء هذه العملية عبر الديكتاتورية، حيث سيأتي الرد كما شاهدنا في التجربة الاشتراكية التي تحققت في الاتحاد السوفيتي والبلدان الاشتراكية الأخرى. وعلى كل هذا احتمال تاريخي يمكن أن يتكرر، لكن يجب أن ندرس التجربة الاشتراكية بجدية فائقة من أجل الإفادة العميقة منها كي لا نكررها. وهنا تطرح مسألة الديمقراطية وموقعها في السلطة الممثلة للعمال والفلاحين الفقراء. وشكل هذه الديموقراطية ،وعلاقة الحزب بالطبقة التي يمثلها.
"المشروع النهضوي الاشتراكي العربي"
وبالتالي ، إن بناء القوى المنتجة مسألة جوهرية في المرحلة الأولى (مرحلة الثورة القومية الديمقراطية). لكن هذه التنمية لن تكون اشتراكية كما يحدّد الصديقان،حيث "التنمية التي نفهمها...هي الاشتراكية بلا مواربة "، لان التنمية الاشتراكية تفترض إلغاء الملكية الخاصة. لكنها ليست تنمية رأسمالية تقليدية .أي تطور رأسمالي في إطار اقتصاد حر وعبر طبقة رأسمالية، لأن هذا غير ممكن نتيجة أن الرأسمالية لدينا لا تحمل هذا المشروع ، مصالحها لا تتوافق مع هذا المشروع. وهو الأمر الذي جعل التطور(أو التنمية)مرتبط بالدور الاقتصادي /الاستثماري للدولة كما أشرنا للتو.
وما من شك في أن تأكيد الصديقين على أن التنمية هي اشتراكية بلا مواربة، وإن المشروع التنموي هو اشتراكي أو رأسمالي، يعيد خلط الأمور.حيث أنهما يحدّدان أهداف المشروع النهضوي الاشتراكي القومي العربي بالوحدة والتنمية وتحرير الأراضي العربية المحتلة.ويشددان في هذا السياق على التنمية الاشتراكية(نحو حل اشتراكي..).
وإذا كانا يعتبران أن الديمقراطية والعلمانية متضمنين في هذه الأهداف، كما أوضحنا في ردهما(ماركس وحده لا يكفي...)، فإن مستويين من المهمات سيبدوان مختلطين: مستوى المهمات الديمقراطية، ومستوى الاشتراكية. وبالتالي فهما يخلطان هنا المرحلتين في مرحلة واحدة، لان "التنمية"في المرحلة الديمقراطية هي ليست اشتراكية، لا تقوم على إلغاء الملكية الخاصة، على الأقل في الفترات الأولى إلى حين تحقيق التحرير والوحدة، والبدء في بناء القوى المنتجة. وبالتالي فإن هيمنة نمط الإنتاج الاشتراكي، وتطبيق قانون القيمة الاشتراكي لن يكونا هدفين راهنين. وهنا الراهنية لا تعني "صبح"، بل تعني أن المشروع الذي نعمل على تحقيقه لعشر، أو عشرين، أو.....سنة هو مشروع ديموقراطي ، يهدف إلى تحقيق الاستقلال والوحدة والدمقراطة والعلمنة ، والتطور الاقتصادي، على طريق الانتقال إلى الاشتراكية. والزمن هنا مرتبط في أحد وجوهه بفاعليتنا ودورنا.
إن التأكيد على "الفصل"بين المرحلتين مسألة أساسية هنا، كما أكدت في ردي السابق، مع تهيئة كل الظروف لتحقيق الانتقال إلى الاشتراكية، وهو ما حاولت شرحه قبلاً. بمعنى أننا نحن الاشتراكيين الذين نمتلك رؤية اشتراكية، ونتثقف بها، وننطلق منها في تحليل الواقع، نسعى أولاً إلى تحقيق المهمات الديمقراطية لأجل تهيئة الظروف لتحقيق الاشتراكية.
إن الصيغة التي طرح فيها الصديقين الأهداف: أهداف المشروع النهضوي الاشتراكي العربي. هي التي جعلتني أقف ملياً لتحليل معنى الاشتراكية،خصوصاً أنهما ربطا تحقيقها بـ"الطبقات الشعبية" (وهذه مسالة سوف أتناولها تالياً). و إذا كانا قد حدّدا معنى الاشتراكية كونها "اشتراكية تقود إلى الشيوعية،اشتراكية تلغي الملكية الخاصة،ولا تضع مكانها ملكية الدولة".و"اشتراكية للطبقات التي لا تملك". والحل الاشتراكي الذي"يعني هيمنة نمط الانتاج الاشتراكي".و"اعتماد قانون قيمة اشتراكي منفصل عن قانون القيمة الرأسمالي". فإن الصيغة الممكنة للفهم هنا، رغم التأكيد في أكثر من مكان على تحقيق المهمات الديمقراطية، هي أن هذه المهمات الديمقراطية يمكن أن تنجز في ظل هيمنة نمط الانتاج الاشتراكي. في ظل إلغاء الملكية الخاصة. هل يقصدان ذلك ؟ إن العمومية التي تطرح فيها القضايا، والخلط بين المهمات، ،وبالتالي عدم التركيز على المهمات الديمقراطية كمهمات راهنة، كمهمات في مشروع راهن، تجعل إمكانية التأويل قائمة، وحين يسود التشوش تتعدد احتمالات الفهم، ولهذا فإن التدقيق في المفاهيم مسألة ضرورية، وهو الأمر الغائب في نص الصديقين.
يشير الصديقان إلى أن "هناك علاقة جدلية ضرورية وحتمية بين نمط الإنتاج وبين الطبقة التي تحكم حقاً. نمط الإنتاج الرئيسي والطبقة الرئيسية في ظل الرأسمالية. إذن، إما رأسمالية يحملها نمط الإنتاج الرأسمالي بقانون القيمة الرأسمالي، وهو معولم اليوم وحتى من قبل، أو اشتراكية تحملها الطبقة العاملة أساساً ... وفقراء الفلاحين، يحملها نمط الإنتاج الاشتراكي حتى في مراحل تلوثه بالتمفصل مع أنماط الإنتاج الأخرى". وإذا كانت هذه الحتمية تحتاج إلى نقاش، لأن الوضع أكثر تعقيداً من ذلك، ولقد أشرت إليه في الرد السابق (الدولة الديمقراطية العلمانية والحل الاشتراكي)، فإن الفكرة الجوهرية التي ينطلق منها هي أن سيطرة الطبقة العاملة على السلطة يعني حتماً "هيمنة نمط الإنتاج الاشتراكي". وهو ما يظهر بأن المهمات الديمقراطية التي تحققها الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء، تحققها في ظل "هيمنة نمط الإنتاج الاشتراكي"، وليس في ظل أي شكل آخر، حيث إما الرأسمالية أو الاشتراكية.
وبالتالي، إذا كان الصديقين يشيران إلى الوضع الانتقالي ما بين الرأسمالية والاشتراكية، وما دام ما كونه ليس اشتراكياً فهو رأسمالي ، فإن هذا الوضع يبدو ضمن ما سبق ، ما يسمى لدى التيار التروتسكي: "البرنامج الانتقالي"، الذي يتحقق في ظل ديكتاتورية البروليتاريا وتحقيق الاشتراكية، أو هو مشوش به، أي أنه وضع انتقالي في ظل هيمنة نمط الانتاج الاشتراكي. طبعاً سيثور الصديقين من هذه النتيجة، لأنهما أغدقا في السباب على التروتسكية، واتهامها بالصهيونية،...الخ، ليكتشفا بأنهما هناك وليس في مكان آخر. هل هما هناك؟ إذا لم يكونا هناك فسوف يكونا متوافقان مع ما أقول ، لان الخيارات العامة المطروحة ،هي:الخيار الرأسمالي وهو خيار مستحيل رغم أن كثير من الشيوعيين لا زال يحلم به. والخيار الاشتراكي وإن كان مرفقاً بالبرنامج الانتقالي ، والخيار الذي أشير إليه، والذي بدأ به لينين، والقائم على ضرورة تحقيق المهمات الديموقراطية (التحرر،الوحدة،التطور الاقتصادي،التحديث،الدمقرطة والعلمنة)،حيث ليس من الممكن الانتقال إلى الاشتراكية كذلك دون ذلك ، لكن تحقيقها يفترض أن يلعب العمال والفلاحين الفقراء الدور القيادي والفاعل. وهذا هو ضمان الانتقال إلى الاشتراكية كذلك. أين الصديقين من هذه الخيارات؟ هل هناك آخر؟لم ألمس ذلك في كل الخلافات بين الشيوعيين خلال القرن العشرين، ولم يبرز في الواقع كذلك خيار آخر. ويبدو أنهما لا يخرجان عن هذا السياق.
كلمات حول التروتسكية
ما دمنا وصنا إلى هنا، أود التوضيح، ما دام الصديقين كررا الاتهام إنطلاقاً من أنني تروتسكي، أو متأثر بالتروتسكية، أن التروتسكية ليست تهمة، هي رؤية فكرية سياسية، وبالتالي يجب أن تعامل كرؤية فكرية سياسية وليس كتهمة ، أو كشتيمة، كما كانت تفعل الستالينية والمتأثرين بها. لكن هل أنني تروتسكي؟ من الواضح أن الصديقين لم يقرءا لي أي من كتاباتي،وليس واجباً عليهما ذلك في كل الأحوال ، رغم الأحكام العامة التي يصدرانها. وبالتالي أود أن أوضح لهما أولاً، أنني أعرّف نفسي بأنني ماركسي فقط، إنطلاقاً من تحديدي للماركسية بكونها منهجية (طريقة تفكير) بالأساس، تبلورت مع ماركس، مضافاً إليها جملة قوانين يختلف الماركسيين حول عددها، مما حدا بالبعض إدراج بعض النتائج وكذلك بعض الافتراضات على أنها قوانين، رغم تقديري لكل الآخرين. بمعنى أنني أركز على ماركس لأنه مؤسس المنهجية التي قامت عليها الماركسية، وليس لأنني أرى ماركس فقط، ولأن المنهجية هي أساس الماركسية: أساس قوانينها، وأساس رؤيتها للواقع وبالتالي بلورتها لرؤى بديلة في كل زمان ومكان.
ومن هذا المنطلق فإنني ضد تبني تصور تبلور في لحظة(حيث تحوّل إلى إيديولوجيا لطبقة عاملة محددة) كتصور راهن. لأنه تبلور في ظروف محدّدة تختلف عما هو راهن. رغم أنه يمكن أن يتضمن أفكاراً أساسية يجري تبنيها. ولهذا رفضت الماركسية اللينينية بأشكالها السوفيتية (الستالينية) والتروتسكية ، والماوية، لأنني اعتبرت أنها تبلورت كأيديولوجية لظرف محدّد، بغض النظر عن صحتها أو خطلها في هذا الظرف. بما في ذلك التصورات التي قدمها ماركس في زمانه. ولقد أشرت أكثر من مرّة إلى أن قيمة ترو تسكي تكمن في نقده للتجربة الاشتراكية فقط. وأن رؤيته للثورة الدائمة ولديكتاتورية البروليتاريا والثورة الاشتراكية خاطئة. لهذا وجدتني أقرب إلى فكرة لينين حول التطور في العصر الامبريالي(وبالتالي فإذا كنت أكرر لأستاذ فهو لينين وليس ماركس كما يقول الصديقين مظهران عدم تمييز مفرط فيما يطرح كل منهما، ولا لتروتسكي الذي يؤكد على الاشتراكية). ولقد أوضح القرن العشرين أن "خيار لينين"هو الذي انتصر، رغم النهاية التي حلّت بالاشتراكية، حيث استطاع أن يؤسس لتطور حقيقي لتلك المجتمعات التي انتصر فيها.
ومن يحاول مقاربة نقد الصديقين لي، سوف يلمس صدى لنقد ترو تسكي والتروتسكيين للينين، حيث ظل المنطق التروتسكي يصرّ على أن لينين، وهو يدعو لتحقيق المهمات الديمقراطية يدعو لانتصار الرأسمالية، دون أن يلحظ عمق الفكرة اللينينية. ،ولهذا امسك بنص لا زال يتكرر في كتاب تروتسكاوي، وهو ذاته النص الذي يستعين به الصديقين من الصديق بسام هلسة. والقائل بأن لينين حينما عاد إلى روسيا بعد ثورة شباط دعا إلى تحقيق الاشتراكية. حيث فاجأ مستقبليه في محطة القطار في مدينة بيتروسبرغ بالقول"عاشت الثورة الاشتراكية"..و"كان مبعث المفاجأة التي عمت الجميع، بمن فيهم قادة وأعضاء حزبه....هو أنهم يعتقدون أن على روسيا أن ترعى وتوطد ثورتها القومية الوليدة، وأن تبني نظاماً برجوازياً....". ولقد اعتمدت التروتسكية على هذا "التزوير"للقول بأن عودة تروتسكي إلى الحزب جاءت بعد تراجع لينين عن فكرته بالثورة الديمقراطية وتبني الثورة الاشتراكية. بينما ظل لينين يصر في ثورة أكتوبر وبعدها بسنوات على أن الحزب لا يسعى لـ"تطبيق"الاشتراكية (وهذا نصّ للينين في "موضوعات نيسان")، بل يعمل على تحقيق المهمات الديمقراطية، عبر ما أسماه"رأسمالية الدولة". هل بالضرورة هذا صحيح؟ يمكن نعم ويمكن لا، ليس هنا مجال نقاشه،لكن أوردته للقول بأن منطق محاكمة الصديقين هو منطق ترو تسكي.
ثم، ماذا يطرح التروتسكيون بخصوص فلسطين؟ حزب دعم في الأراضي المحتلة يطرح البديل الاشتراكي للقضية الفلسطينية. والأممية الرابعة تطرح فيدرالية اشتراكية في الشرق الأوسط(وهو أوسع من فلسطين كما هو واضح ). وكذلك أممية لندن (حزب العمال الاشتراكي). أعرف مجموعة تروتسكية واحدة تطرح حل الدولة الديمقراطية العلمانية، هي الحزب العمالي ( PT)في فرنسا، ويبدو أن له مجموعة في فلسطين. لكن الحزب ضد الصهيونية وضد وجود الدولة الصهيونية، وليس حزباً صهيونياً كما يتهم الصديقين. وبالتالي فإن غالبية التيار التروتسكي تتقاطع مع ما يطرح الصديقين ،وليس معي. وخلافي مع هذا التيار هو حول النقطة ذاتها التي اختلفت مع الصديقين فيها." (يمكن العودة إلى كتابي "مشكلات الماركسية في الوطن العربي"، والحوار مع عصام شكري.المنشور في موقع الحوار المتمدن. وعصام ليس تروتسكياً لكنه يتبنى الطرح ذاته). حتى اشتراكية القرن الواحد والعشرين التي يدعوان لها (والتي لم أعرف عنها الكثير بعد) هي من تنظير تيار ترو تسكي . فلماذا هذا الهجوم على التروتسكية؟لماذا هذه الأحكام المطلقة؟هل هو الخلاف مع طرف ترو تسكي حول الحل؟حيث النقد لذاك الطرف الذي يطرح حل الدولة الديمقراطية العلمانية؟
طبعاً ليست المشكلة في التقاطع أو الاختلاف مع التيار التروتسكي ، فهذا وضع طبيعي. لكن المشكلة التي أشير إليها،إضافة إلى أنه لا يجوز الاتهام ولا يجب أن يستخدم في الحوار السياسي، هي أن التقاطع كبير بينهما، وهو ما يجعل الاتهام مستغرباً، ليبدو أنهما يريا التيار التروتسكي كله من خلال مجموعة تروتسكية يهودية ربما، فلا ينتبها لهذا التقاطع ،الذي هو أكبر من تقاطعي مع التيار التروتسكي. كما يريا الدولة الديمقراطية العلمانية من خلال طروحات بعض اليهود للدولة الواحدة. لهذا نراهما يقرّان على أن هذا الحل هو"حل صهيوني" رغم ما أوضحته لرؤيتي (ورؤية قطاع واسع من الفلسطينيين) للدولة الديمقراطية العلمانية. ورغم أن الحل الصهيوني هو"الدولة اليهودية"، أي الدولة القائمة على الدين، وتخصّ من هو يهودي فقط. وإن حل الدولة الواحدة يطرح لـ"قوميتين"، وهو ما أوضحت موقفي منه بشكل مفصّل في ردي السابق (وفي الورقة الأساسية)، رغم أنه ليس صحيحاً أن يوضع في الإطار الصهيوني. لكن الصديقان ينطلقان من أن كل حل في فلسطين ليس إشتراكياً هو حل صهيوني، إنطلاقاً من "مسألة الملكية"واستيلاء المستوطنين على الأرض" ، رغم ما أوضحته في ردي السابق من أن لهذه المسألة حلّ آخر يقوم على الانطلاق من الحق الأساسي للفلسطينيين في الأرض. وعلى أن تلعب الدولة الجديدة القائمة على أنقاض الدولة الصهيونية دوراً في إعادة صياغة الوضع الديموغرافي على ضوء عودة اللاجئين، والاقتصادي بما يقر الحقوق دون أن يتجاهل الوضع الجديد القائم على وجود المستوطنين اللذين قرروا التعايش في الدولة الجديدة..
أتمنى أن يخرج الصديقان من مجال "الأحكام المطلقة".وان يتريثا قليلاً، وان يناقشا في الموضوع بدل كل هذه الشتائم.
قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج
أدخل هنا في مسألة خلافية في إطار الماركسيين، وتتعلق بما هو محدّد نمط الانتاج ؟ قوى الإنتاج كما أقول، أو علاقات الإنتاج؟ وإذا كان أشار الصديقان إلى كل من ماو وآلتوسير وباليبار وسمير أمين، كقائلين بأن علاقات الانتاج هي محدّد النمط، فلسوف أوضح بأن من ينطلق من علاقات الإنتاج، ويعتبر أنها الأساس المادي المحدّد للنمط هم آلتوسير وباليبار، ومهدي عامل بتأثير منهما. لكن المدرسة السوفيتية كلها تنطلق من ذلك، لهذا تشير إلى التشكيلة الاجتماعية الاقتصادية، مسبّقةً الاجتماعي كونّه المعبر عن العلاقة على الاقتصادي. أما كل من ماوتسي تونغ،وسمير أمين فإنهما ينطلقان –وفق معرفتي-من العكس.
طبعاً الصديقين اعتبرا تأكيدي على ضرورة بناء قوى الانتاج كخطوة ضرورية للانتقال نحو الاشتراكية،خلل متكرر ، واختلاط فكري. ونقدا تأكيدي على ضرورة تجاوز التكوين القروسطي،والمجتمع الزراعي والمهمش إلى تكوين حديث يقوم على بناء القوى المنتجة، وتحديداً الصناعة. ولقد اعتبرا بأن "التشكيلات الاجتماعية المحيطية ،منها العربية،أصبحت رأسمالية اليوم". وبالتالي طرحا "مشروع تجاوز التشكيلة الاجتماعية الاقتصادية ما قبل الرأسمالية والرأسمالية إلى الاشتراكية". وهذا ما كان يعزز من التفسير الذي سقته سابقاً حول أنهما يعتبران بان تحقيق المهمات الديمقراطية يأتي في إطار"هيمنة النمط الاشتراكي".
إذن، قوى إنتاج أم علاقات إنتاج؟.
هذه مسألة نظرية بامتياز، ومجال خلاف في إطار الماركسيين. لكن لنبدأ من السؤال: ما هو محدّد وضع الطبقة، لنفترض الطبقة العاملة؟ هل هو علاقاتها بالرأسمالي، أم حاجتها للعمل في المصنع؟ وهكذا طبقة الفلاحين، فهل أن محدّد وجودها هو علاقتها بملاّك الأرض أم عملها في الأرض ذاتها؟ صفة العامل، أو الفلاح، ما هو مصدرها؟أليس العمل والفلاحة؟
إذا كانت الماركسية تنطلق من أولوية المادة، وهي الفكرة التي بلورت الجدل المادي، وأعطت الماركسية طابعاً مادياً، أسست على ضوئه الفهم المادي للتاريخ، فإن الوجود له الأولوية، والوجود في المجتمع، هم البشر ووسائل عيشهم، وحيث تتحدد العلاقة بين المالك والعامل في وسيلة العمل التي يملكها المالك ويعمل العامل فيها. دون وسيلة الإنتاج هذه ليس من علاقة في إطار النمط. هذه بديهية في الماركسية. وكل الذين ركزوا على العلاقة بدل الوجود تاهوا في المثالية. حيث العلاقة شكل وجود. والوجود يقوم على ما هو مادي، الأرض،المصنع. وهما وسيلتا الإنتاج اللتان شكلتا نمطين إنتاجيين، وكل حديث عن أنماط إنتاج أخرى في السابق (عدا المشاعة)ليس علمياً.
لهذا اعتبر ماركس بأن الاقتصاد هو الأساس،المحدّد(وأن كان أضاف أنجلز تعبير"في التحليل الأخير"وهو محق في ذلك). الاقتصاد الذي ينتهي بالسلطة، ويبدأ في قوى الانتاج، البشر وسيلة الإنتاج، مروراً بكل الدورة الاقتصادية.حيث أن وجود البشر، حياتهم، متوقفان على المعيش:العمل والإنتاج. والعلاقة تصبح ضرورة نتيجة ذلك. إنها نتيجة وليست سبباً . وهي شكل وليست جوهراً. لكن هذه العلاقة هي التي تشكل الطبقات، وفيها يدور الصراع الطبقي، وهو المستوى الثاني في الصيغة الماركسية، اللذين يشكلان (قوى الانتاج وعلاقات الانتاج)ما يسمى البنية التحتية، التي تتأسس عليها البنية الفوقية، أي الدولة والايديولوجيا.
إن القول بأن العلاقة هي الأساس، يفضي إلى تصور مثالي. فعلاقات الإنتاج هي شكل وجود قوى الإنتاج. ولان الصديقين انطلقا من الشكل، أي من العلاقة، لم يمسكا بأهمية التأكيد على "بناء القوى المنتجة"الذي كررته في ردي السابق. فلا شك في أن العلاقات في بلدان المحيط ،ومنها الوطن العربي، قد أصبحت رأسمالية، لكنها لم تتجاوز القرون الوسطى في العديد من المستويات، وهي مسألة الوحدة القومية،وتشكل الدولة/الأمة، وفي الوعي القروسطي السائد، وفي استمرار الانقسامات القبلية والطائفية والمناطقية. وسيادة العلاقات ما قبل رأسمالية.إضافة إلى تدني فائض القيمة، والاعتماد على المواد الأولية في الغالب، وبالتالي الفقر والتهميش. وأساساً لم تنوجد وسائل الإنتاج الحديثة، التي هي الصناعة إلا في شكل هامشي.
وبالتالي فقد تعممت العلاقات الرأسمالية (وليس علاقات الانتاج الرأسمالية)نتيجة هيمنة النمط الرأسمالي العالمي، النمط الإمبريالي. حيث دون وسيلة إنتاج ليس من علاقة في أي نمط. لهذا ظلت العلاقات الإقطاعية هي السائدة في الوطن العربي، إلى أن بدأ الزحف الرأسمالي الأوربي، الذي عمل على تحويل العلاقات بما يخدم مصالح شركاته. فكيّف الزراعة لإنتاج مواد أولية تخدم الصناعة (القطن،الحرير...)، وكيّف التجارة بما يجعل الرأسمال المحلي وسيطاً بين مصانعه والسوق المحلي. وفي إطار هذه الصيرورة تعممت العلاقات الرأسمالية. لكنها حافظت على كل تخلف القرون الوسطى، لان كل هذا التخلف لا يتعارض مع هيمنة نمط الانتاج الرأسمالي. لهذا، ولغياب وسيلة الإنتاج الحديثة(أي الصناعة) انجدل اقتصادنا حول مركز النمط، وتبع له. لقد أصبحنا سوقاً تنتج المواد الأولية، ويستورد كل السلع تقريباً.
هنا شكل العلاقات لا يعبّر عن مضمون حقيقي عندنا، لأنها ليست نتاج قوى إنتاج محلية. إنه صدى لقوى الانتاج في المراكز/المركز. وهذا ما جعل المسألة أعقد من تحديدها في طرح"مشروع تجاوز التشكيلة الاجتماعية الاقتصادية ما قبل الرأسمالية والرأسمالية إلى الاشتراكية". ما جعل مسألة المرحلة الديمقراطية أعقد من أن تحلْ في سياق بناء الاشتراكية. حيث أن تجاوز كل مخلفات القرون الوسطى تفترض بناء القوى المنتجة الحديثة، أي الصناعة. لأنها أساس إعادة صياغة العلاقات والوعي والمؤسسات ،وتشكل الدولة/الأمة .
هل يستطيع تكوين اقتصادي اجتماعي ما قبل رأسمالي أن ينتقل إلى الاشتراكية لان العلاقات هي علاقات رأسمالية؟ لان هيمنة النمط الرأسمالي فرضت تشكل علاقات رأسمالية ومنعت نشؤ القوى المنتجة التي هي أساس تشكّل هذه العلاقات؟
هنا يبدو أن الصديقين هما اللذين ينطلقان من"منطق طبقوي "ولست أنا ، فلا يكفي أن تسود العلاقات الرأسمالية لكي نستنتج بأن على الطبقة العاملة أن تحقق الاشتراكية. هذا فهم طبقوي ضيق. حيث أن هذه العلاقات ذاتها أصبحت عبئاً على التطور. أصبحت حجزاً لنشؤ القوى المنتجة. وبالتالي أصبحت مواجهة الرأسمالية الامبريالية(بالمناسبة يسأل الصديقان حول هذا التعبير .أشير هنا إلى انه يعني رأسمالية المراكز/المركز.وليس الرأسماليات التابعة) ضرورة من أجل فتح أفق تحقيق التطور الاقتصادي، عبر بناء الصناعة. وهو الأمر الذي يعيدنا إلى ما قلناه مطولاً، حول ضرورة المرحلة الديمقراطية كمرحلة سابقة لتحقيق الاشتراكية، وضرورة لتحقيقها. وبالتالي لن أكرر ما قلت، رغم أن ردهما "الكرونولوجي" يمكن أن يتناولها دون انتباه لكل التوضيح السابق.
ولقد أشرت في ردي السابق أن هذه المهمة للماركسيين هي تكميل لما عجزت عنه البرجوازية في الوطن العربي ، فعلقا:"أين فهم الصراع الطبقي؟ أين المصالح الطبقية؟".ولقد أوضحت في أكثر من مكان إلى أن الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء (والماركسيين) يحققون المهمات التي عجزت عن تحقيقها البرجوازية، أو التي لم يعد من مصلحة البرجوازية تحقيقها. والقياس هنا على دور البرجوازية التاريخي(البرجوازية الأوربية التي تشكلت من خلال تحقيق هذه المهمات ، لان النمط الذي شكلته كان يستدعي تحقيقها. ولكن برجوازيتنا لم تفعل ذلك، ولقد أوضحت أيضاً في أكثر من مكان إلى أن عالمية النمط الرأسمالي هي التي جعلت مصالح برجوازيتنا تميل إلى النشاط في قطاع التجارة/الخدمات/المال(كتاب "التطور المحتجز، الماركسية واختيارات التطور الاقتصادي الاجتماعي" دار الطليعة الجديدة -دمشق) وكان هذا التشكل لا يتقاطع مع تحقيق لا تشكيل الدولة/الأمة، و لا تجاوز وعي القرون الوسطى، ولا الحداثة بمجملها. ولان هذه المهمات ضرورة في التطور ، بمعزل عن الطبقة التي حققتها في أوربا (أو أمريكا، أو اليابان) فقد بات من مهمة الماركسيين تحقيقها.
"أين فهم الصراع الطبقي؟"و"أين المصالح الطبقية؟" من لا يرى الصراع الطبقي هنا، ولا يلحظ المصالح الطبقية ، لن يرى شيئاً .حيث أن تحقيق التطور (الاقتصادي/الصناعي) بات يفرض الصراع ضد الرأسمالية الامبريالية والرأسماليات المحلية، لتحقيق مصالح العمال والفلاحين الفقراء،وكل الطبقات الشعبية. الصراع الطبقي هنا هو ضد الرأسمالية الإمبريالية (وبالتالي فهو ليس صراعاً قومياً محضاً)، وضد تمظهرها المحلي، أي الرأسماليات المحلية التابعة. وهو الذي يفرض أن تلعب الطبقات الشعبية، والعمال والفلاحين الفقراء خصوصاً، الدور الأساس. وأن يصبح العمال والفلاحين الفقراء هم القوة الفاعلة والقائدة، لأنها النقيض للرأسمالية الإمبريالية وتوابعها. هذا شكل تمظهر الصراع الطبقي في هذا الوقت.

وبالتالي فإن تحقيق الاشتراكية الحقة يفترض بناء القوى المنتجة. والصناعة خصوصاً، وإعادة تشكيل المؤسسات والوعي إنطلاقاً من هذه النقلة الكبيرة. وحيث في خضمها تتشكل الدولة /الأمة كمنطلق لتحقيق الاشتراكية الأوسع:الاشتراكية على الصعيد العالمي.
إن التركيز على علاقات الإنتاج دون قوى الانتاج يؤسس بالتالي لتصور وهمي عن إشتراكية لا إمكانية لتحقيقها، لا اليوم ولا"صبح غد" ولا في العقود الطويلة القادمة. وهنا بالتحديد تكمن إشكالية المنطق التروتسكاوي كذلك. وأقصد بالتحديد هذه الضرورة الهائلة لبناء القوى المنتجة، التي هي المدخل لتجاوز كل وعي القرون الوسطى. وتشكل الوعي "المدني الحديث"الذي هو ضرورة لازمة للوعي الاشتراكي، ولتحقيق الاشتراكية.
تبقى مسألة تحتاج إلى إشارة عابرة، حيث يشير الصديقين إلى التشكيلة الاجتماعية الاقتصادية، التي تتكون نتيجة تمفصل نمط إنتاج مع أنماط أخريات. وهي وفق بعض الكتابات الماركسية، الأقدم ، أي النمط السابق لتشكل النمط الجديد ، أو بقايا من أنماط أقدم. طبعاً هذه فكرة لدى بعض الماركسيين ، خصوصاً في الأدبيات السوفيتية، أظن أنها بحاجة إلى مراجعة، لان تعابير التشكيلة والنمط لهما المعنى ذاته في الماركسية. ولان النمط الجديد يجبّ ما قبله، لكنه يتضمن في ذاته ما هو قابل للاستمرار ، وضروري لوجوده هو ، وبالتالي يحوّل فيه بما يجعله جزءاً من النمط الجديد.
الطبقات الشعبية
انطلقت في نقاشي حول مفهوم الطبقات الشعبية ، وفي ردي السابق على "ما هو متعارف عليه"في الفكر السياسي، والماركسي خصوصاً، حيث أن ورودها له علاقة بتحالف ضروري في مرحلة محددة، أسماها ماوتسي تونغ "الثورة الوطنية الديموقراطية" تحت عنوان"الجبهة الشعبية المتحدة"، حيث تضم العمال والفلاحين والبرجوازية الصغيرة. وهم ما أسماه ماو بـ"الشعب"،في مواجهة الإقطاع والبرجوازية التي أخرجهما من هذا المفهوم. وبالتالي فإذا كانت هناك مرجعية لهذا التعبير فهي حتماً ليست غرامشي كما يشير الصديقين، بل ماو . حيث أن غرامشي تحدث عن"الكتلة التاريخية" كما أشرنا للتو.
وربما كان هذا الفهم الماوي هو الذي شاع في الوطن العربي، حيث أصبح معنى الطبقات العشبية، هو تحالف الطبقات المشار إليها. وهو المعنى المعروف في الفكر السياسي.
وبالتالي، في الفكر تستخدم المفاهيم"المتعارف عليها"، وحين يجري استخدام مفهوم بمعنى آخر تجري الإشارة إلى ذلك، من اجل أن يكون واضحاً أن هذا المفهوم ورد في سياق غير السياق المتعارف عليه. هكذا هي المسألة في الفكر، أما أن يستخدم المفهوم بأي معنى كان خارج معناه المتداول دون إشارة، فهذه هي"المثالية الذاتية" التي تعتقد بأن ما يقوله الفرد يجب أن يكون مفهوماً من الآخرين، لأنه قيل من هذا الفرد بالتحديد.
هذه مسألة منهجية في الفكر، حيث لا يجب أن استخدم مفهوماً بمعنى من تحديدي دون أن أشير إلى هذا المعنى، لكي يعرف القارئ أنني استخدمه في سياق مختلف عن سياقه، وإلا تحوّل الحوار الفكري إلى حوار "طرشان". كلُّ يستخدم تعريفه الخاص للمفهوم ذاته. فيكون سبب التناقض هو"التعريف الذاتي"للمفاهيم وليس اختلاف المواقف.
لكن هل يعني ذلك أن تحديدهما لمعنى الطبقات الشعبية قد أزال اللبس؟ يعرّف الصديقان الطبقات الشعبية بأنها"ليست سوى من لا يملكون،من ليسوا مرشحين ليملكوا،هي العمال والفلاحين وصغار الموظفين الذين لا يملكون قرارات إدارية". ربما هذا التعريف هو أقرب إلى تحديد الطبقة العاملة، حيث أن الفلاح الذي لا يملك ،ويعمل في الأرض، هو عامل وليس شيئاً آخر. وهنا أشير إلى "حصرية البروليتاريا" التي يتهمانني بها بالإحالة إلى تروتسكيي بريطانيا وفرنسا. حيث أن الطبقة العاملة، ليست هي البروليتاريا الصناعية فقط، هذه جزء منها، بل أنها تضم العمال الزراعيين، وعمال الخدمات، لكنها لا تشمل من لا يملكون عموماً. وهذا ما يجعل التحديد بمن لا يملكون مربكاً، خصوصاً وأن الملكية هنا ليست محددة، وبالتالي يمكن لعامل أن يملك بيتاً مثلاً، أو حتى قطعة أرض صغيرة. وهناك الأساتذة (والمدرسون) الذين لا يملكون لكنهم ليسوا جزءاً من الطبقة العاملة، وكذلك كثير من شرائح البرجوازية الصغيرة. ليبدو هنا أن التحديد بمن لا يملكون هو تحديد اقتصادي وليس تحديداً علمياً.الفلاحون الفقراء يمكن أن يملكوا في وضع ما،العامل يمكن أن يملك كذلك، هل نخرجهم من الطبقات الشعبية؟
طبعاً لا زلت أبحث في مستوى واحد، هو أن هذا التحديد للطبقات الشعبية هو أقرب إلى تحديد الطبقة العاملة في سياق إخراجها من مفهومها الضيق:"البروليتاري". وتحديد الطبقة العاملة ينطلق من موقعها في قوى الإنتاج، وبالتالي هل تنتج فائضُ قيمة؟ وأيضاً موقعها في الدورة الاقتصادية (الخدمات)؟ لهذا نجدها تتكون من عمال صناعيين وعمال زراعيين، وعمال خدمات. هل أكرر المعنى الماركسي التقليدي؟ نعم،وهذه مسألة يجب التوقف عندها، خصوصاً وأن نقاشات جرت لـ"توسيع"معنى الطبقة العاملة، وبالتالي لتوسيع الطبقة العاملة، نتجت عن أزمة تحدُّد الطبقة العاملة في البلدان الرأسمالية في حجم معين، لا يجعلها الأكثرية كما كان ماركس يتوقع، ولان التطور العلمي التكنولوجي رفع من قيمة العمل. لكن تبقى مسألة أساسية هي أن التحديد مرتبط بإنتاج فائض القيمة، وليس بعدم الملكية. أي بالموقع في قوى الانتاج بالتحديد.
وما من شك في أن إضافة الصديقين القائلة"من ليسوا مرشحين ليملكوا ويستغلوا" تلقي ضوءاً على المسألة، حيث أن المسألة إذا ما أخذت كطبقات ،وليس كأفراد، سيبدو أن الطبقة العاملة وأقسام من البرجوازية الصغيرة (المدرسون،الموظفون الصغار والمتوسطون،المحامون ،الأطباء المهندسون،...) غير مرشحين لان يملكوا ويستغلوا، لان من يملك ويستغل هم أقلية تصبح هي الطبقة الرأسمالية. لهذا يظلّ في كل مكان المجتمعات من لا يملكون ،ومن يملكون ملكيات صغيرة ، أو متوسطة، ومن يملكون ملكيات كبيرة. لكن التحديد الطبقي يخضع لموقع كل منها في قوى الإنتاج، وفي النمط بمجمله.
إذن الصديقين يعطيان للطبقات الشعبية معنى مقارباً للطبقة العاملة، عبر ربطها بمن لا يملكون، وإذا كان هذا التحديد يثير إلتباساً كبيراً ، ويفتح على ضبابية(انتقداني بها)، خصوصاً حينما يذكرا الفلاحين ، الذين فيهم من يملك وفيهم من لا يملك، ولسوف انطلق من أنهما يقصدان الفلاحين الذين لا يملكون بالتحديد، أي العمال الزراعيين، وهو ما يعزز هذه المقاربة ، حيث تعني الطبقات الشعبية،الطبقة العاملة بالتحديد ، لكن في إطار تحديد ملتبس ،ضبابي،ومموه. ربما هذا هو القصد الذي لم تسعف الكلمات التعبير عنه، والذي ربما كان نتج عن محاولة توسيع معنى الطبقة العاملة، لتجاوز"حصرية البروليتاريا كما يفعل تروتسكيو بريطانيا وفرنسا". لكنها محاولة غير ناجحة، لان الإشكال في التحديد، وليس التروتسكي(ربما فقط)، بل ذاك الذي كان رائجاً لدى الحركة الشيوعية، كمن في حصر البروليتاريا في العمال الصناعيين، وشطب باقي أقسام الطبقة العاملة، المشار إليها سابقاً. لكن هذا "التوسيع" لا يقوم على أساس صحيح، فالطبقات تتحدّد من خلال موقعها في النمط، المحدّد في قوى الانتاج.
هذا التحديد الضبابي لـ"الطبقات الشعبية" يفضي إلى إعادة مناقشة مسألة المراحل:مرحلة تحقيق المهمات الديمقراطية، ومرحلة تحقيق الاشتراكية. فقد طرح الصديقين في ورقتهما الأولى أن الطبقات الشعبية هي التي تحقق المشروع النهضوي الاشتراكي العربي، المحدّد في التحرير والوحدة والتنمية الاشتراكية. وفي الرد الأخير حاولا التوضيح بأنهما لا يتجاهلان المهمات الديمقراطية: وأن التأكيد على الحل الاشتراكي هو من باب "تحضير الوعي باكراً" و"تأصيل المعتقد الاشتراكي للحل". ثم حسما بـ"إما،أو"، إما الرأسمالية أو الاشتراكية.إما هيمنة نمط الانتاج الرأسمالي أو هيمنة نمط الانتاج الاشتراكي. أما ما بينهما فهو "وضع انتقالي". وأما"التنمية التي نفهمها فهي الاشتراكية بلا مواربة". كل ذلك هو الذي أوصلني إلى الاستنتاج بأنهما لا يتجاهلان المهمات الديموقراطية، لكنهما يريان أنها تتحقق في إطار هيمنة نمط الانتاج الاشتراكي كما أشرت للتو. وبالتالي ليس من وضوح لديهما حول التمييز بين المرحلتين، إنطلاقاً من أن تحقيق المهمات الديمقراطية يشكل مرحلة قبل البدء بتحقيق التنمية الاشتراكية، وهيمنة نمط الإنتاج الاشتراكي.
وهنا، حين تحديد الطبقات الشعبية نعود إلى الإشكال ذاته. حيث يخرجان كل من يملك. لكنه معني بتحقيق المهمات الديمقراطية. وبالتالي يخرجان كل فئات البرجوازية الصغيرة التي تحوز على ملكيات صغيرة، مثل صغار الفلاحين ومتوسطيهم،التجار الصغار،الحرفيين،والموظفين المتوسطين،والمهنيين هموماً. إنهما يضيقان التحالف إلى أبعد مدى، بما يوضح أنهما يعملان على تحقيق الاشتراكية، وليس الثورة الديموقراطية. وإن عدم تجاهلهما للمهمات الديمقراطية-الذي يشيران إليه في الرد- لا يعني أنهما يعتبران أنها تشمل مرحلة مستقلة عن تحقيق الاشتراكية،وعلى طريق تحقيقها.
إن التركيز على مرحلة "الثورة الوطنية الديمقراطية"(أو الثورة القومية الديموقراطية) ناتج عن جملة عناصر متشابكة، أشرت إلى بعضها سابقاً،(بناء القوى المنتجة،التحديث،...). لكن المسألة ذات الأهمية هنا هي أنه من أجل تحقيق هذه المهمات يجب حشد أكبر تحالف طبقي. ،ولأنها مهمات ديموقراطية (أي لا تمسّ الملكية الخاصة بشكل عام)، فإن طبقات مختلفة تكون معنية بتحقيقها.لمصالح مختلفة طبعاً، ولمآلات مختلفة كذلك. ووفق أوهام لدى بعضها. إن التركيز على مرحلة تحقيق المهمات الديمقراطية (الاستقلال، الوحدة القومية، حقوق الأقليات، التطور الاقتصادي، الدمقرطة والعلمنة) نابع من أن ذلك يؤسس لتحالف واسع يضم أغلبية كبيرة من الشعب . يضم العمال والفلاحين الفقراء،والمتوسطين،والبرجوازية الصغيرة المدينية من تجار صغار وحرفيين، ومهنيين وموظفين ...ألخ، الذي هو وحده القادر على تحقيق الانتصار، وبالتالي إنجاز المهمات الديمقراطية:إنه تحالف الطبقات الشعبية، والتي تختلف خياراتها ومآلاتها، وبالتالي يسعى كل منها إلى فرض نمط اقتصادي مختلف. لهذا كانت قيادة الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء ضرورة من أجل تحقيق الاشتراكية. لكنها ضرورة كذلك لتحقيق المهمات الديمقراطية ذاتها، نتيجة أن الفئات الوسطى حينما تقود تنعطف في أول ميل يتيح لها تحقيق مصالح فردية للفئة التي تقود، أو تنزع وراء أوهام تؤدي إلى الفشل. فهي لا تستطيع أن تتبلور في مشروع مستقل إلا عبر "أوهام أيديولوجية"، تغطي ميلها إلى الترسمل، هذه الأوهام التي تسقط في أول منعطف.
وإذا كانت قيادة الطبقة العاملة ضرورة كما أشرنا، فهي ممكنة كذلك، نتيجة مقدرتها على الانتظام في مشروع واضح، يبدأ في تحقيق المهمات الديمقراطية ولا ينتهي بتحقيق الانتقال إلى الاشتراكية. وإذا كانت، كذلك، لا تمثل أغلبية (ربما الثلث أو أكثر قليلاً)، فهي قادرة بوضوح برنامجها ومقدرتها العملية على توحيد أشتات الفئات الوسطى(أو الفئات الأفقر منهم)خلفها، لتأسيس التحالف الطبقي الضروري لتشكيل"الكتلة التاريخية" القادرة على تحقيق الاستقلال والوحدة القومية، والبدء بتطوير الاقتصاد ،في ظل نظام ديموقراطي علماني.
هل يمكن أن يتحقق الانتكاس؟ نعم،حتى حين الوصول إلى الاشتراكية (كما جرى في البلدان الاشتراكية السابقة)، حيث أن الصيرورة التاريخية لا تسير وفق"خط مستقيم"، بل يمكن أن تنتكس ،وأن يحدث الارتداد (وهذا ما قلته في بداية ثمانينات القرن العشرين عن التجربة الاشتراكية. كتاب "نقد الحزب" دار دمشق –دمشق). وهل يمكن أن تنتصر الطبقات التي تطرح الرأسمالية ؟ نعم أيضاً، إذا لم يستطع الاشتراكيون إتباع سياسة صحيحة، وأن يعوا طبيعة التناقضات، أو تسرعوا في الانتقال إلى الاشتراكية قبل أن يتهيأ الظرف الموضوعي، قبل أن يهيئوا هم الظرف الموضوعي.
هل هذا يعني تأجيل الانتقال لحين"نضج"الحلفاء، كما يتساءل الصديقان؟حيث يطرحا السؤال التالي"إذا كانت الطبقات الشعبية وفق مفهومي للطبقات الشعبية كما يشيران، متأخرة عن الاستعداد لتحقيق المهام الديمقراطية كدرجة أو نقلة نحو المهام الاشتراكية.ماذا على الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء القيام به؟". أولاً الطبقات الشعبية(وهنا الإشارة إلى البرجوازية الصغيرة)ليست متأخرة عن الاستعداد لتحقيق المهام الديمقراطية. وهي ليست معنية بتحقيق الاشتراكية كما أشرت للتو. إنها كقيادة تسعى لتحقيق المهام الديمقراطية. لن تستطيع ذلك،ولقد أشرت في ردي السابق حول الفئات البرجوازية الصغيرة التي قادت التحوّل في الوطن العربي وأشرت إلى سبب فشلها. لكنها في إطار قيادة العمال والفلاحين الفقراء تلعب دوراً ثورياً ، وتشارك في الصراع من أجل تحقيق المهام الديموقراطية. يمكن أن يتوقف بعضها بعد إنجاز هدف أو أكثر ، أو ترفض الاستمرار بعد البدء بالبناء الاقتصادي، وهي في الغالب ربما لن تقبل الانتقال إلى الاشتراكية. لكن أهمية بناء القوى المنتجة تكمن في أنه يغيّر في التكوين الطبقي في المجتمع ، وبالتالي يوسّع من القاعدة العمالية عموماً، مما يفرض إعادة صياغة التحالفات بما يسمح بتهيئة الانتقال إلى الاشتراكية. وهذه هي المسألة التي طلبت التروي إزاءها.
إذن، المسألة ليست مسألة تأجيل، بل مسألة تغيير في التكوين الاقتصادي الاجتماعي، والفكري السياسي، يجعل إمكانية الانتقال إلى الاشتراكية ليست قائمة فقط، بل محققة.
الحزب:
النخبوية والصراع الطبقي
أكد الصديقان مراراً على الصراع الطبقي، لكن حينما كان يجب تناول الصراع الطبقي زاغا إلى طرح نخبوي ، رغم تأففهما من النخبوية ، حيث انتفضا حينما وصلا إلى إشارتي لقيادة الحزب للمرحلة الديموقراطية، فكتبا "الحزب، أي حزب؟ لم يعد للحزب البيروقراطي الفوقي أي دور. الحزب الثوري هو الذي ترفعه الطبقة ليقوم بالمهام والواجبات والمصالح والأهداف التي تريدها. الطبقة تراقبه من خلال مؤسساتها الشعبية، برلمانها الشعبي، كي لا تتحول قيادة الحزب إلى إله جديد. لقد انتهى عصر الحزب التروتسكي المبقرط الفوقي المتعالي، فهذا لا يصلح اليوم. لا معنى لقولك حزب"يقودها"يعبر عنها"هذه فوقية ثقافوية". لماذا فوقية ثقافوية؟ ولماذا انتهى هذا العصر؟
يؤكد الصديقان أنه"كان هذا الحزب سابقاً ممكناً، كونه مكوناً من مجموعة من المتعلمين والذي لديهم وسائل الوصول إلى المعرفة مقارنة بالعمال الفقراء.....الخ، أما اليوم ،فلم تعد المعلومة محتجزة عن الناس. ولذا، لا تقبل الطبقات الشعبية بالانقياد للحزبي العبقري، بل عليه أن يمثل لمصالحها وقناعاتها وبرامجها". لهذا"لم يعد الحزب النخبوي اللينيني وخاصة التروتسكاوي هو الخيار الأفضل في العصر الحديث".
طبعاً هذه فكرة وجيهة، حيث بات الوصول إلى المعرفة أوسع، ولم يعد منحصراً في فئة من المثقفين. لكن عن أي البلدان يجري الحديث؟ عن أمريكا وأوربا أو عن الوطن العربي؟ هذه الفكرة جديرة بالاهتمام في أمريكا وأوربا وروسيا واليابان، لكن رغم توسع المعرفة(وهنا المعلومة)من خلال الفضائيات، فإن الطبقات الفقيرة لا تمتلك المقدرة النظرية التي تسمح لها بصياغة تصورها لتحقيق مصالحها، لا بالمهام ولا بالواجبات ولا بالأهداف. وهذا ليس تحقيراً لهؤلاء ،بل تحديد لطبيعة تكوينهم الناتج عن الظرف ذاته. والمشكلة الأكبر تكمن في أن الذين يشتغلون في السياسة لم يستطيعوا إمتلاك الوعي الذي يؤهلهم الفعل الجدّي. لهذا لا زالت مشكلة الوعي مشكلة عويصة في الوسط السياسي.
أشير هنا أنني ضد الحزب العبقري، وضد الانقياد له، وضد كل الأوهام التي تصوّر الحزب كبديل عن الطبقة، وكمتعالي عليها، لأنني لا أرى الحزب إلا "في الطبقة"، وليس خارجها، فوقها. لكن هذا النقد للحزب، أو لتجربة الحزب(اللينيني أو التروتسكي،وبالأحرى الستاليني) لا يجب أن يضيّع، وإذا كان هذا الحزب لم يعد هو الخيار الأفضل، فما هو الحزب البديل ؟ أو هو الحركة؟
الملفت أن كل هذا التأكيد على رفض الفوقية الثقافوية يفضي إلى أن مَنْ ينجز الاشتراكية هو ليس "الجمهور العادي من العمال والفلاحين المعدمين والفقراء والموظفين في الدرجات الدنيا، بل من يؤمن من هؤلاء بالاشتراكية. فليس شرطاً أن يكون العامل اشتراكياً، ،وما أكثر من لا يرون مصالحهم الحقيقية". إذن هما يخرجا "الجمهور العادي"من المعادلة ،ويلقى بها على عاتق الاشتراكيين منهم. ويؤكدا "أن العمال والفلاحين ليسا هما اللذين حققا الحل الاشتراكي. وتلافياً لفرص الاصطياد، هم قد يوافقوا عليه، ولكن من يحققه هم العمال والفلاحون الشيوعيون حقاً". من هم هؤلاء؟ ما هو شكل العلاقة فيما بينهم؟ هل هو حزب جديد، أم حركة؟ ثم أليس هذا فوقية ثقافوية، أو نخبوية؟
ربما كان الخلاف على شكل الحزب ، وطبيعة علاقته بالطبقة يستند إلى التجربة الاشتراكية. لكن في كل الأحوال سنلمس هنا بأن الصراع الطبقي غائب، لأن الطبقة هي التي تخوض الصراع الطبقي، بغض النظر هل أنها تسعى لتحقيق الاشتراكية، أو حتى بعض المطالب. وهي في البداية تسعى لتحقيق مطالب معيشية، لكن أهمية الحزب (سواء اللينيني أوالتروتسكاوي أو الحزب العصري الذي يدعوا إليه) تكمن في أنه يطوّر هذا الصراع ، عبر كونه ليس خارج الطبقة ،بل فيها، إنه عناصر الطبقة الفاعلة، والمقتنعة بالاشتراكية، إضافة إلى مثقفين من طبقات أخرى. بالتالي فإن مهمته هي تطوير الصراع الطبقي، ورفعه إلى المرحلة التي يمكن فيها تحقيق التغيير.
ولهذا حينما أشرت إلى قيادة الحزب للطبقة كنت أتكلم عن حزب كهذا، وليس عن نخبة منعزلة. والحزب بالتفاعل مع الطبقة يستطيع ذلك، لأن مهمته تطوير صراع الطبقة وفق إستراتيجية واضحة، وعلى ضوء أهداف واضحة. هل أكرر أستاذي :ماركس، كما يحلو للصديقين تحقيق اكتشاف مبهر؟ هذا أساس في الماركسية. هل هو حزب لينيني أو تروتسكي؟ كنت أتمنى أن أقرأ نقد الصديقين لهذا الحزب الذي يرفضونه مكررين كلمات باتت مشاعة، مثل التبقرط والفوقية والتعالي....ألخ.الوعي تراكم، ولكي يتأسس حزب أرقى من الضروري دراسة تجارب الأحزاب الموجودة في الواقع، قبل إطلاق الأحكام جزافاً. حيث أن التبقرط مثلاً مرتبط بالحزب الستاليني الذي كان في السلطة، وليس بالحزب اللينيني. أي حينما أصبح حزب/سلطة، بينما لم يكن الحزب اللينيني لا بيروقراطياً ولا فوقياً ولا متعالياً، وإلا لم ينتصر في أكتوبر. مشكلة الأحزاب التروتسكية تكمن في مكان آخر غير هذه الصفات، أولاً وأساساً في خطأ الرؤية السياسية، وفي العيش في بوتقة مغلقة غير متفاعلة مع الطبقة العاملة، وربما نتيجة الاغتراب الذي تؤسسه الرؤية الخاطئة.
وإذا كان من ضرورة لبلورة صيغة جديدة لـ"الحزب" فيجب أن يقدم الصديقين تصورهما. ليست الأمور مغلقة، وليس مطلوباً التمترس خلف صيغة إذا كانت هناك صيغة أرقى.
ما يعالجه الصديقين هو شكل لسلطة بعد استلام الحزب لها، ولا يعالجا مشكلة الحزب في الصراع الطبقي من أجل تحقيق التغيير،حيث أن"ما يمكن أن يحقق الاشتراكية هو سلطة مجالس العمال والفلاحين الذين يديرون حركة الحزب الذي يشكل السلطة، والذي هو والسلطة –تسمى أحياناً الدولة- يرجعون في كل شيء لبرلمان هاتين الطبقتين لأنهما صاحبتي المصلحة في إلغاء الملكية الخاصة، وفي الشيوعية". فكرة جيدة ،ويمكن أن يؤخذ بها، لكن هذه الفكرة مطروحة منذ ماركس ولينين، ويتمسك بها التروتسكيون أكثر من غيرهم. وبالتالي يمكن صياغة العلاقة بين الحزب، الذي يصبح هو المعبّر السياسي عن الطبقة، وبين الطبقة ذاتها،لكي تبقى الطبقة هي محدّد السياسات، ومقرّر كل النظام الاقتصادي الاجتماعي والسياسي. يمكن تأسيس تصور لهذه العلاقة.
لكن الصديقين قبل برهة أشارا إلى أن العمال والفلاحين "ليسا هما اللذين حققا الحل الاشتراكي....هؤلاء لا يحققوا الحل الاشتراكي . هم قد يوافقوا عليه. ولكن من يحققه هم العمال والفلاحون الشيوعيون حقاً "(أي هؤلاء المنتمين إلى الحزب.وكذلك أشارا إلى الاشتراكية التي يطرحانها بأنها"اشتراكية لا ينجزها الجمهور العادي من العمال والفلاحين ....بل من يؤمن من هؤلاء بالاشتراكية". وهذا يتنافى مع التأكيد على أن من يحقق الاشتراكية هم من يؤمن من هؤلاء بالاشتراكية فقط وليس الطبقة ذاتها، فكيف يمكن أن تراقب الطبقة التي لا تؤمن بالاشتراكية دور الاشتراكيين الذين يحققون الاشتراكية؟ الصديقان حددا الفعل في نخبة، هم "من يؤمن"، فكيف يمكن أن يكون الآخرون هم المقرر؟ أم أن هذه المجالس هي مجالس النخبة فقط؟ المسألة في الصراع الطبقي تتمثل في أن من ينجز هو"الجمهور العادي"، وليس نخبته، طبعاً مع ضرورة "النخبة". .والتطور مرتبط بهذه العلاقة المربكة /السلسة بين "الجمهور العادي" و"النخبة"، حيث تتشكل الطبقة لذاتها، أي تتشكل كطبقة تعي مصالحها، وتعرف إستراتيجية تحقيق هذه المصالح. وبالتالي تنتقل من الوعي الحسي(المباشر) إلى الفكر. وفي الماركسية يكون الاعتماد على حركة الجمهور العادي وحدها عفوية، ويكون استحواذ"النخبة"على الفعل دون الطبقة نرجسية وإرادوية. فالحزب يجب أن يكون جزءاً من الطبقة. الجزء الأكثر وعياً وفاعلية، وإلا كفّ عن التعبير عنها. وهنا مهمته تفعيل نشاط"الجمهور العادي". وتطوير وعيه عبر الممارسة ،وصولاً إلى التغيير، والاشتراكية.
بمعنى أن الحزب ضرورة، لكنه الحزب المرتبط بالصراع الطبقي عبر إندغامه بالطبقة، ليس الذي يفعل خارجها. وهو الأمر الذي يفرض البحث في طبيعة الحزب وليس رفضه والهروب إلى الحديث عن المجالس. للحزب دور في الصراع من أجل تحقيق الأهداف، قبل أن يصبح هو السلطة، ولهذا يجب أن يتحدد التصور حول مشكلاته، وبالتالي طبيعته.
إشتراكية القرن الواحد والعشرين
في الختام ينصحنا الصديقين بأن"نرى الخيار الاشتراكي"القائم بكل الشرف الإنساني في كوبا وفنزويلا وبوليفيا......الخ. وأن نرى"اشتراكية القرن الواحد والعشرين". طبعاً لقد رأينا اشتراكية القرن العشرين فقط، لان القرن الواحد والعشرين لما يبدأ ، وبالتالي ليس في مقدوري أن أرى ما لم يأت بعد. في كوبا الاشتراكية وضع شبيه لتجارب الاتحاد السوفييتي وأوروبا الشرقية، مختلف قليلاً ولكنه شبيه، ونحن معها رغم النقد الممكن. وفي فنزويلا معلوماتي أنها لا زالت رأسمالية ، ويحاول شافيز أن"يحقق الاشتراكية". وكذلك في بوليفيا، مواليس جديد في السلطة ولم يبسط سياسته بعد. ولكن ما هي اشتراكية القرن الواحد والعشرين هذه؟ قرأت مقالاً بهذا العنوان لمفكر تروتسكي. مفيد طبعاً الإطلاع على كل الأفكار الجديدة ، ومهم التفاعل معها. لكن كيف نرى خياراً عبر نقل تجربة أخرى، وفي وضع أيضاً لم تنشأ التجربة بعد؟
هل أكرر ما ورد في الرد حول النقل ورفض الأستذة بدءاً من أستذة"العلماء لسوفييت"السابقين، واليسار المركزاني الأوروبي والأمريكي "الأبيض" واليسار التروتسكاوي، وصولاً إلى ما يسمى الاستعمار اليساري". ورفض إرضاء "الخواجا الأحمر"....الخ؟ لكن أتمنى على الصديقين أن يوضحا لي على الأقل ما هي اشتراكية القرن الواحد والعشرين؟
مع كل الود





#سلامة_كيلة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وحدة الشيوعيين ضرورة لكن كيف؟
- مناقشة لسياسات جديدة - حول تصريحات رياض الترك الأخيرة
- من أجل تأسيس تحالف وطني ديمقراطي علماني يدافع عن الطبقات الش ...
- إعلان دمشق في منعطف جديد
- تعقيب على تعقيب ياسين الحاج صالح: مسألة -بناء الأمة- في سوري ...
- ملاحظات عابرة على مقال الصديق ياسين الحاج صالح ) التفكك الوط ...
- التفكك الوطني والطيف الحداثي (تعقيباً على ياسين الحاج صالح)
- نقاش في النقاش (ملاحظات على رد الصديقين عادل ومسعد)
- الدولة الديمقراطية العلمانية والحل الاشتراكي - مناقشة الصديق ...
- ورقة حوار حول المسألة الفلسطينية
- الدولة الديمقراطية العلمانية والحل الاشتراكي (مناقشة مع الصد ...
- الدولة الديمقراطية العلمانية والحل الاشتراكي (مناقشة مع الصد ...
- سياسة تقسيم العراق مرة أخرى -2
- الباحث الفلسطيني :تصاعد التيارات الأصولية سببه تراجع دور الي ...
- سياسة تقسيم العراق مرة أخرى-1
- ورقة حول مهمات حركة مناهضة العولمة
- متابعات الوضع الفلسطيني
- المجزرة تكتمل: اقتتال من أجل السلطة يدمر القضية -2
- حول توحيد الشيوعيين في سوريا
- سياسة تقسيم العراق


المزيد.....




- أمريكا تزود أوكرانيا بسلاح قوي سرًا لمواجهة روسيا.. هل يغير ...
- مقتل أربعة عمال يمنيين في هجوم بطائرة مسيرة على حقل غاز في ك ...
- ما الأسلحة التي تُقدّم لأوكرانيا ولماذا هناك نقص بها؟
- شاهد: لحظة وقوع هجوم بطائرة مسيرة استهدف حقل خور مور للغاز ف ...
- ترامب يصف كينيدي جونيور بأنه -فخ- ديمقراطي
- عباس يصل الرياض.. الرئيس الفلسطيني وزعماء دوليون يعقدون محاد ...
- -حزب الله- يستهدف مقر قيادة تابعا للواء غولاني وموقعا عسكريا ...
- كييف والمساعدات.. آخر الحزم الأمريكية
- القاهرة.. تكثيف الجهود لوقف النار بغزة
- احتجاجات الطلاب ضد حرب غزة تتمدد لأوروبا


المزيد.....

- -دولتان أم دولة واحدة؟- - مناظرة بين إيلان بابه وأوري أفنيري / رجاء زعبي عمري
- رد عادل سمارة ومسعد عربيد على مداخلة سلامة كيلة حول الدولة ا ... / عادل سمارة ومسعد عربيد
- الدولة الديمقراطية العلمانية والحل الاشتراكي - مناقشة الصديق ... / سلامة كيلة
- مناقشة نقدية في حل -الدولة الديمقراطية العلمانية- / عادل سمارة ومسعد عربيد
- ماركس وحده لا يكفي لكنه ضروري - تعقيب على رد الصديقين عادل و ... / سلامة كيلة


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ملف: الدولة الديمقراطية العلمانية في فلسطين - سلامة كيلة - ماركس وحده لا يكفي لكنه ضروري - تعقيب على رد الصديقين عادل ومسعد