أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سلامة كيلة - سياسة تقسيم العراق مرة أخرى-1















المزيد.....

سياسة تقسيم العراق مرة أخرى-1


سلامة كيلة

الحوار المتمدن-العدد: 2067 - 2007 / 10 / 13 - 12:08
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


كتبت منذ مدة مقالاً بالعنوان ذاته: سياسة تقسيم العراق، أشرت فيه إلى أن الدولة الأميركية تسعى إلى تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات على أساس طائفي وإثني: الأكراد في الشمال، الشيعة في الجنوب، والسنة في الغرب. لم أكن في مجال التنبؤ، بل كنت أحلل السياسة الأميركية في العراق، ليس كما تُعلن بل كما يمكن أن تمارس. أي ليس كما ترد في تصريحات المسؤولين بل كما ترسم في الإستراتيجيات. كل ذلك من أجل فهم الأهداف الأميركية، والخطوات التي يمكن أن تقدم الإدارة عليها، بعد أن تعالت الدعوة إلى الإنسحاب على ضوء النشاط المقاوم الذي كان (ولازال) يؤثر بشكل كبير على وجود القوات الأميركية هناك.
ولقد إنطلقت من أن المسألة أعقد من أن تفرض الإنسحاب مهما كانت الخسائر، لأن معركة أميركا في العراق هي معركة مصير، حيث أنها المحدِّد لوضع أميركا العالمي: هل ستبقى القوة الاقتصادية المسيطرة، أم تتراجع إلى المرتبة الثانية أو الثالثة؟ وهو ما جعل رؤية "المحافظين الجدد"، وهي الرؤية المعبِّرة عن عمق أزمة الشركات الاحتكارية الأميركية (وليس عن هوى، أو عن ميل فردي أو فئوي)، وبالتالي عن عمق أزمة الاقتصاد الأميركي كاقتصاد مهيمن، جعلها تقوم على عنصر حاسم يتمثل في السيطرة المباشرة على النفط والأسواق، من أجل تعديل الوضعية التنافسية في السوق العالمي لمصلحة تلك الشركات.
ولتحقيق ذلك، كان عليها أن تستدعي كل همجية التاريخ، وهمجية الرأسمالية، لكي تنجح. لهذا لم تلجأ إلى الحرب فقط، ولا إلى الاحتلال فحسب، بل لجأت إلى ما هو أخطر من ذلك. حيث أقدمت على مسألتين وحشيتين، هما: التدمير الشامل، أي تدمير البنى الاقتصادية وكل التطور المتحقق خلال أكثر من قرن. وكذلك القتل الشامل، قتل المجتمع. بمعنى أنها باتت تمارس عملية إبادة للمجتمعات لكي تضمن السيطرة على النفط. ثم المسألة الأخرى، وهي متممة ومتداخلة مع الأولى، وتتمثل في إستثارة الصراعات الطائفية التي كانت تتهمش خلال العقود الماضية مع الانتقال إلى "المدنية"، والدفع نحو تأسيس دول على أسس جديدة/ قديمة: طائفية ودينية وإثنية، وربما قبلية، انطلاقاً من المبدأ هائل الإنسانية: مبدأ حق تقرير المصير، الذي لم يعد يعني الأمم بل بات يعني الطوائف والأديان والقبائل.
كل ذلك من أجل تأسيس "مشيخات"، إمارات، دويلات هزيلة، متعادية. الأمر الذي يمنع كل إحتمال لنشوء مقاومة حقيقية للسيطرة الإمبريالية على النفط والأسواق.
لهذا كان تقسيم العراق أمراً قيد التنفيذ منذ جرى احتلاله. وكانت خطوات بريمر الأولى تشي بذلك، منذ أن دمر الدولة والعراقية وشكّل مجلس الحكم على أساس طائفي، ومن ثم فرض مفهوماً طائفياً للفيدرالية في الدستور المقرّ. وقبل ذلك، منذ الاستقلال "شبه" الكامل للمنطقة الكردية.
وكانت "نظرية الفوضى الخلاقة" تتضمن كل هذا المسار التفكيكي/ التفتيتي، لأنها قامت على النظر إلى المجتمعات انطلاقاً من كونها مجتمعات أديان وطوائف وإثنيات وقبائل، غير قادرة على العيش المشترك، مما يؤجج الصراعات المستمرة فيما بينها، لهذا يجب أن تعمل الدولة الأميركية على مساعدة كل منها على "تحقيق مصيرها"، وبالتالي استقلالها. وهذا هو الحل "الديمقراطي" الوحيد لتجاوز كل التناحرات القائمة. وحينما رفعت شعار الديمقراطية كانت تهدف إلى ذلك بالتحديد، وليس تأسيس دول ديمقراطية بدل الدكتاتوريات القائمة.
وإذا كانت الوقائع تنفي تلك الصراعات المزعومة، فقد عملت على إثارتها طيلة الفترة التالية للاحتلال. ولقد دعمت كل الأطراف الطائفية وعززت مواقعها. وأشركت كل من يمكنه أن يكون لاعباً في القتل وإستثارة الصراعات الطائفية. وعممت عبر الإعلام كل ما يشير إلى أن الصراعات هي صراعات طائفية، وكل ما يشير إلى الطابع الطائفي للقوى.
من زاوية أخرى، كان وجود الدولة الصهيونية يفرض الوصول إلى تأسيس دويلات طائفية على أنقاض الدولة التي أقامها الاستعمار على أساس إتفاقات سايكس/بيكو. لأنها دولة "طائفية"، حيث تقوم على أساس الدين: الديانة اليهودية، وليس على أساس قومي، رغم كل ادعاءاتها الأيديولوجية بأن اليهود هم قومية وشعب. وبالتالي ليس من الممكن استمرار دولة قائمة على أساس ديني في محيط يقوم (أو ينزع لأن يقوم) على أساس قومي. من هنا نبعت كل جهودها المناهضة لكل ميل قومي، و دفعها نحو تغذية كل ما هو ديني وطائفي. ومن هنا نبعت ميولها لإعادة صياغة الدول العربية التي شكلها الاستعمار على أساس جديد، هو الأساس الطائفي والديني. وهو ما أوضحته العديد من الوثائق التي تسربت، أو نشرت في مراكز دراسات.
إذن، إن دولة قائمة على أساس ديني لا يمكنها التعايش إلا مع محيط يقوم على الأساس ذاته. أو لا يمكنها تبرير وجودها إلا بتحويل المحيط إلى تكوينات مشابهة. هذا من الزاوية الأيديولوجية، لكن – ولأننا نعرف بأن المسألة ليست أيديولوجية تماماً- نكمل بأن الهدف من كل ذلك هو ضمان سيطرة الدولة الصهيونية، لأن تفكك وتفتت المنطقة العربية يجعلها القوة المسيطرة دون منازع، نتيجة كونها أداة في المشروع الإمبريالي (وألأميركي الآن) للسيطرة على النفط والأسواق.
وبالتالي فإن تبرير وجودها الطائفي هو أمر معنوي، لكن الهدف الأساس هو مقدرتها على سيطرة مديدة على كل المنطقة، عبر تفكيكها، وتدمير كل تطورها الذي تحقق خلال أكثر من قرنين.
ولأن الهدف هو التفتيت، فقد كان من الطبيعي أن ينتقل البحث في تقسيم العراق من السراديب السرية إلى العلن. حيث طرح كمشروع في مجلس الشيوخ ونال أغلبية الثلثين (رغم أنه –كما يقال- غير ملزم للرئيس)، ويمكن أن ينال الأغلبية ذاتها في مجلس النواب، وبالتالي أن يتحول إلى قانون. وهو يُطرح كـ "مخرج" لما آلت إليه الأوضاع الطائفية في العراق، ولما "أثبتته الوقائع" من أن التعايش بين الأديان والطوائف والإثنيات غير ممكن!! وبالتالي فهو الحل "الإنساني" و"الديمقراطي" الذي تُقدم عليه الإدارة الأميركية!!
إنها إذن، بعد أن أغرقت العراق في القتل والتهجير والصراعات الطائفية، عبر عملاء لها، كما عبر قوى متخلفة وُظفت في هذا المساق، تبدأ في التحضير لفرض الحل الذي خططت له منذ البدء: تقسيم العراق. وتحت شعار "إنساني"، وكصيغة إنقاذه من المجازر والدمار. رغم أنها هي التي تفعل كل ذلك. إنها تكمل "إنسانيتها" التي بدأتها بإزالة الدكتاتور من أجل "نشر الحرية والديمقراطية"، بتحقيق "الحل الإنساني" الوحيد، حل تفكيك العراق على أساس طائفي وإثني!!
هل أتت من أجل "نشر الحرية والديمقراطية"؟ ربما الجهلة وحدهم هم الذين ظلوا يصدقون ذلك. ولاشك في أن قانون النفط والغاز الذي يعملون على فرضه في "مجلس النواب"(وسيفرضونه)، يوضح عمق السبب الذي كان وراء الحرب والاحتلال (وهو ما أشار إليه بوضوح الرئيس السابق للبنك الاحتياطي الفيدرالي غرينسبان). وهو وضح سبب الميل إلى فرض التقسيم كذلك، لأن عراق مفكك (أو منتهي) هو الذي يسمح بتشكل دويلات هي أشبه بالمشيخات الخليجية التي لا حول لها ولا قوة سوى الخضوع للسياسات الأميركية. إن التقسيم هو "الخطة الاستراتيجية" التي تسمح بالسيطرة الدائمة على النفط. وبعد ذلك يجب قتل "الزوائد" من البشر، وتدمير كل البنى التحتية "غير الضرورية". وإبقاء كتل بشرية متناثرة فوق حقول النفط، هي ضرورية للخدمة فقط. لهذا نلحظ القتل الوحشي والتدمير الشامل، وهو ما يمكن أن يسمى: إبادة مجتمع. فالأميركيون يفعلون اليوم كما فعلوا حينما هاجروا إلى أميركا. إنهم يكررون المأساة ذاتها، تلك التي طالت الهنود الحمر. فهذا هو الشكل الذي يحقق الهيمنة المطلقة، والاستقرار طويل الأمد. وبالتالي الاحتكار "الأبدي" للنفط والأسواق.
لكن، لماذا وصلنا إلى هذا المنزلق؟



#سلامة_كيلة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ورقة حول مهمات حركة مناهضة العولمة
- متابعات الوضع الفلسطيني
- المجزرة تكتمل: اقتتال من أجل السلطة يدمر القضية -2
- حول توحيد الشيوعيين في سوريا
- سياسة تقسيم العراق
- المجزرة تكتمل: اقتتال من أجل السلطة يدمر القضية -1
- تنظيم القاعدة في العراق
- اليسار والموقف من حزب الله
- العراق المحتل: عن دور الماركسية في العراق
- القديم في إستراتيجية بوش -الجديدة- في العراق
- حوار مع جريدة النهج الديمقراطي المغربية
- إتفاق مكة -صفقة تقسيم الغنائم-
- القرآن: تحليل للتكوين الاقتصادي الاجتماعي للإسلام
- واليسار الفلسطيني أيضاً
- رد إجمالي على ملاحظات عصام شكري على -نداء الى القوى والأحزاب ...
- الجديد في إستراتيجية بوش الجديدة في العراق
- واليسار الفلسطيني
- أميركا في العراق والمقاومة
- سوريا في الوضع الإقليمي
- خطر الحرب الأهلية في فلسطين


المزيد.....




- حظر بيع مثلجات الجيلاتو والبيتزا؟ خطة لسن قانون جديد بمدينة ...
- على وقع تهديد أمريكا بحظر -تيك توك-.. هل توافق الشركة الأم ع ...
- مصدر: انقسام بالخارجية الأمريكية بشأن استخدام إسرائيل الأسلح ...
- الهند تعمل على زيادة صادراتها من الأسلحة بعد أن بلغت 2.5 ملي ...
- ما الذي يجري في الشمال السوري؟.. الجيش التركي يستنفر بمواجهة ...
- شاهد: طلاب جامعة كولومبيا يتعهدون بمواصلة اعتصامهاتهم المناه ...
- هل ستساعد حزمة المساعدات العسكرية الأمريكية الجديدة أوكرانيا ...
- كينيا: فقدان العشرات بعد انقلاب قارب جراء الفيضانات
- مراسلنا: إطلاق دفعة من الصواريخ من جنوب لبنان باتجاه مستوطنة ...
- -الحرس الثوري- يكشف استراتيجية طهران في الخليج وهرمز وعدد ال ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سلامة كيلة - سياسة تقسيم العراق مرة أخرى-1