(( مرحى مرحى! صار بوش لا يثق حتى بوالديه من شدة الخوف! ))
(( أحسن الدعايات لك وأحمدها، ما يقدمها عدوك!! ))
حين غزت القوات الأمريكية والفرنسية والإسرائيلية لبنان، وبعد الضربة الثلاثية الغراء على مقرات قواتهم مجتمعة عام 1983 (كما أذكر) فنسفتها من جذزرها، آنذاك شتم ريغن الهمجية العربية وتظلم بيغن لضحاياه، بينما قام الرئيس الفرنسي متران بزيارة خاطفة لكتيبة من قواته في شمال لبنان خطب فيهم لنصف ساعة وغادر.
وكالمتوقع، فمبعضهم تغنى بشجاعة متران وآخر ضحك على هذه الزعرنة والتهور الطفولي حتى بدت نواجذه. وسرعانما انتهت الزوبعة الإعلامية لتلك الزيارة وبقيت تلاحق الرئيس العجوز ثلاثة من استحقاقاتها:
- مطالبة السلطات اللبنانية له بغرامة على اجتيازه الحدود لا شرعيا،
- التحقيق في فاتورة تلك الزيارة المكلفة
- النتيجة المحتومة التي أراد متران درءها بزيارته فلم يفلح. وأعني بها مغادرة كل قواته لبنان، الأمر الذي حدث بعد شهر فقط من تلك الزيارة - الصرعة.
ويوم أمس زار بوش بغداد، أو هكذا يقال!
فالزيارة كانت ليلية كما قيل، لكن إحدى الصور المنشورة عن تلك الزيارة* ملتقطة خلال النهار حيث بوش يتناول طعامه بين جنوده في صالة بينما تلوح عبر الزجاج آلية أو سيارة في ساحة مكشوفة. أما وجود كلبي وطلباني ومن معهما إلى جانب بوش في صورة أخرى، فلا يدل على شيء. وقد صور لنا الإعلام الأمريكي نيل أرمسترونج على سطح القمر، فكذب نفسه بعد هذا بثلاثين عاما. وكلبي ومن معه لا ولن يفضحوا لعبة أشركوا بها.
لكن لنفترض أن الصورة التي نشك بها التقطت مسبقا، لضمان الحبك وحسب، وهي الوحيدة الموضوعة. ولنتابع وقائع الزيارة، ونبدأ أول الأمر بخطاب بوش الذي تعنى آلاف الكيلومترات وتحمل عناء رحلة طولها 30 ساعة ليقوله.
ولقد اتفقت المواقع والصحافة على ما جاء بالخطاب من مديح وثناء لجنوده، وأنه جاء في بعض منه: ((أنتم هنا في العراق تقومون بدحر الإرهابيين حتى لا نضطر لمواجهتهم على أرض وطننا،، انتم هنا في مهمة صعبة الذين يهاجمون قوات التحالف ويقتلون عراقيين أبرياء يتحدوننا، أنهم يأملون في رؤيتكم تنسحبون لكننا لم نقطع مئات الكيلومترات حتى قلب بغداد لننسحب أمام عصابة من اللصوص القتلة، سنبقى هنا حتى يتمكن العراقيون من حكم أنفسهم ))
ولا جديد في الخطاب. وهو لن ينقذ جلود المحتلين الأمريكان ولن يعصمهم الموت المحيق على أرض شنعار. ولو كانت الصرعات، كهذه الزيارة، تنفع لنفعت زيارة جونسون إلى جنوده في فيتنام!
وعموما، فصاحب الشأن العراقي وصاحب القرار على أرضه، المقاومة الوطنية العراقية، يزدري هذه الصرعات ويضحك من قرار نفسه عليها، هذا لو عبأ بها أصلا.
وحقيقة فرب حالة جديدة بين بوش ورامسفيلد تظهر الآن، أو هكذا أفترض، ألا وهي تضارب السلوك والتصريحات بينهما. فبوش يردد جمل تطييب الخواطر لجنوده ومعها يردد وعود تسليم الحكم للعراقيين، بينما رامسفيلد يركز على بقاء القوات وزيادة عددها حتى وصل به الأمر أن ناقض تعليمات بوش التي أعلنها بريمر عن تسليم السلطة للعراقيين في حزيران المقبل. حيث خرج رامسفيلد وبتحد ظاهر، قائلا: إن ما يقرره مجلس الحكم يخص مجلس الحكم ولا علاقة له بالقضية الأمنية ولا بفترة بقاء قواتنا على أرض العراق.
ومن هنا فأتوقع من رامسفيلد أما زيارة خاطفة ومشابهة إلى العراق، أو تصريحا عاجلا يختطف به الأضواء عن رئيسه.
المهم لا جديد في خطاب بوش أعلاه، اللهم سوى أنه ورد ضمن الزيارة – الصرعة التي قام بها إلى بغداد.
أما وقائع الزيارة فهي، كما أوردتها المواقع والصحافة، كما يلي:
تقول رويتر: (( قام الرئيس بوش بزيارة سرية مفاجئة لبغداد بمناسبة عيد الشكر سعيا لرفع معنويات القوات الأمريكية مع تصاعد الخسائر في الأرواح والضغوط في الداخل. ولجعل الرحلة سرية تخلى بوش عن العشاء مع زوجته وأسرته. ولم يخبر والديه بوش وبربارة. ومن مزرعته إلى مطار تكساس استقل سيارة ذات زجاج داكن وبلا أرقام وارتدى قناعا من الذي يرتديه لاعبو البيسبول وحين صادف عابر سبيل على الطريق دس نفسه في المقعد. وفي تكساس صعد إلى طائرته من بابها الخلفي وقال أن الطائرة متوجهة إلى واشنطن لغرض الصيانة. وحين هبطت الطائرة في قاعدة أندروز سحبت إلى حضيرة خلفية ووقفت إلى جانب طائرة مشابهة تماما فصعد إليها الرئيس فأقلته إلى بغداد، برحلة ذات شفرة سرية تجنبا لصواريخ المقاومة. وقد هبطت هناك تحت جنح الظلام، واسدلت الستائر وأطفأت الأنوار. وقد اصطحب بوش معه صحفيين وعدد من كبار مستشاريه بعد أن أقسموا على إبقاء الأمر سريا. واستغرقت الرحلة 30 ساعة منها 27 في الجو وكانت قد خطط لها منذ عدة أسابيع )) ويضيف موقع النهرين: (( أن الزيارة لم يعلن عنها إلا بعد مغادرة الرئيس )) ويضيف إيلاف: (( إختار بوش مرافقيه بعد أن أقسموا أن يبقوا الأمر سرا ولدوافع أمنية، وكانت الزيارة بهدف رفع معنويات الجنود الأمريكين بعد أن ارتفع معدل عمليات المقاومة العراقية إلى 40 عملية باليوم. وكان بوش قد غادر مزرعته في تكساس ليل الأربعاء ووصل العراق بالخامسة والنصف من مساء الخميس أي بعد أن حل الظلام وذلك تخوفا من تعرض الطائرة لأي قصف محتمل من قبل المقاومة العراقية. وقال الرئيس لمصطحبيه أنه كان سيلغي الرحلة لو حدث واستلم تحذيرات أمنية سيلغي الرحلة حتى قبل ثلاث ساعات من هبوطه في المطار )) ويقول عراق الغد: (( زار الرئيس بوش قوات الحلفاء في عاصمة الرشيد، أنها فرصة تاريخية. كان العراقيون يتمنون أن تكون الزيارة في ضروف أخرى لأضهروا سعادتهم للرجل الذي ساعد على تحريرهم )) والخطأ الإملائي في المقتبس.
وهنا، فبوش - رئيس دولة الولايات المتحدة ذات الجبروت، وكإجراء أمني احترازي منه ضد ما يحتمل أن تقوم به المقاومة العراقية، لم يخبر والديه، واسـتأمن مرافقيه فأغلظوا له الإيمان على الكتمان، وموّه عن وجهته بدعوى صيانة طائرته، واستقل سيارة عامة بزجاج داكن وفوق كل ذلك ارتدى قناعا ثم دس نفسه بكرسييه. وفي قاعدة أندروز وللضرورات الأمنية ذاتها غير طائرته بواحدة مشابهة هي التي أقلعت به.
هذا في أمريكا.
وفي الجو، فطائرة الرئاسة الأمريكية تحلق على ارتفاع لا يقل عن 18000م. والله وحده يعلم كم جهاز إنذار مبكر بها، وكم من جيش أمريكي رفع حالة الحذر إلى الحد الأقصى.
وفي بغداد وصلت الطائرة بشكل مفاجئ وعند حلول الظلام وقد أغلقت ستائرها وأطفأت أنوارها وأنوار المطار، ليقضي رئيس دولة الولايات الأمريكية ذات الجبروت 150 دقيقة فقط ثم يعود بمنتهى السرية.
ولو حدث أي طارئ خلال الرحلة مهما صغر شأنه، كما قال بوش بعظمة لسانه للصحفيين، ألغيت الرحلة كلها ولو على مشارف مطار بغداد. الأمر الذي كاد يحدث حين كشف البريطانيون حلفاء بوش، أمر الطائرة فوق بريطانيا.
والحمد لله أن شيئا لم يحدث ليعرف العالم وقائع هذه الرحلة الممتعة.
وفي بغداد لم يحض بوش وبسبب الظروف الأمنية باستقبال ما. أي أن جزءا هاما مما توخته الزيارة طار. واعني به حفاوة الاستقبال، وإن من مريديه وخصيانه.
والزيارة مجملا كما تقول المواقع أعلاه، تقررت لرفع معنويات الجنود بسبب عمليات المقاومة ضدهم والتي بلغ معدلها 40 عملية يوميا.
(( لا تنسوا 40 عملية يوميا بينما قال أبي زيد يوم أمس الأول أن العمليات انخفضت إلى النصف!! ))
المهم أن كل حيثيات زيارة رئيس دولة الولايات المتحدة الأمريكية ذات الجبروت الذي به تريد أن تخضع العالم، زيارة هذا الرئيس كما يعترف هو، وكل وقائعها وما رافقها من حيطة وتخف من بدايتها حتى نهايتها، كل هذا جاء نتيجة ما فرضته المقاومة الوطنية العراقية على الساحة. أي أنها زيارة وبكل دقائقها حتى المخفية منها، تمت ليس بشروط البنتاجون ولا cia ولا fbi ولا البيت الأبيض، وإنما بشروط المقاومة الوطنية العراقية، وتساوقا مع المعادلة التي فرضتها على ساحة العمليات. ولم يكن للرئيس الأمريكي أو أي من إدارته ومؤسساته من تلك الزيارة شيء سوى التكاليف والتنفيذ وحسب.
وباختصار أشد، ففي الزيارة تلك لم يكن جورج بوش سوى اركوز برتبة رئيس دولة، دست المقاومة الوطنية العراقية أصابعها في أطرافه ورأسه فحركته على المسرح العالمي وقدمت به مسرحية تحكي قصة شخص صار يخاف حتى من خياله!
مسرحية، كانت هوليود حتما، ستطلب ما لا يقل عن مليار دولار، لإنتاجها كفلم دعائي لصالح المقاومة!
تقولون: الحيطة والحذر والتحسب؟!
نعم! هذه أمور مفروضة، خصوصا وهرب وولفريتز حافيا في شوارع بغداد وبملابس نومه ماثلة، ولابد وشاهدها بوش قبل مجيئه.
لكن أن يصل الخوف من المقاومة إلى اتخاذ الحيطة ليس داخل أمريكا وفي البيت الأبيض وحسب بل ويصل إلى درجة عدم الثقة بالمساعدين الأقربين وبالوالدين، فهذا ليس خوفا وإنما هلع ورعب ورهبة تعدت مرحلة الهوس.
فطوبى لكم يا فتيان شنعار! ونعم الإرهاب المحمود الذي تفعلون!
www.alkader.net
----
* http://www.iraqoftomorrow.org/print_art.php?id=7237&pg=index
http://www.elaph.com.:9090/elaph/arabic/index.html
http://www.elaph.com.:9090/elaph/arabic/index.html
http://www.reuters.com/locales/newsArticle.jsp?type=topNews&locale=ar_ME&storyID=3905568