أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - سامح عوده - ملائكة خلف القضبان .. ( .. !! .. ) ..














المزيد.....

ملائكة خلف القضبان .. ( .. !! .. ) ..


سامح عوده

الحوار المتمدن-العدد: 2142 - 2007 / 12 / 27 - 06:10
المحور: حقوق الاطفال والشبيبة
    


صوره من عذابات الطفوله الفلسطينية
لم يكن الثلاثين من حزيران في العام الماضي يوما ً عاديا في حياة الأسيرة سمر أبو صبيح ، ربما تعجز الأقلام .. عن سرد أحداث ذلك اليوم ، وتجف المحابر لهول تلك اللحظات ، حينما تمتزج الفرحة بالآلام ، لتبدأ الحكاية وتبدأ رحلة المعاناة خلف القضبان ، يسرد الليل اليتيم مواجعه ، أشرقت شمس صباح ذاك اليوم خجولة ً وجدران سجن (الشارون) ترتجف ، لصيحات آلام سمر .. !! فهي تعاني ألم المخاض .. بعيدا ً عن الأهل والأحبة والمقربين .. كل ما حولها قضبان بشعة المنظر وجدران باردة تقتل كل ما هو جميل ، ببطء ٍ ولا مبالاة تنقل سمر إلى إحدى المستشفيات الاسرائيليه التابعة لإدارة السجون لتضع مولودها الجديد ( براء .. ) .. ملاك أتى في عالم بلا رحمة ليضاف إلى القائمة الطويلة من المعتقلين الفلسطينيين يحمل رقما في السجن .. في الوقت الذي لا يحمل فيه أية أوراق ٍ ثبوتيه .. تدل على أنه إنسان ولد على هذه الأرض ، المستشفيات الاسرائيليه ترفض رفضا قاطعا إعطاءه أية أوراق ثبوتيه تثبت فلسطينيته وحقه في الحياة ، الوالدان يقبعان خلف أبواب زنازين موصده ، لا يقدران الوصول للدوائر الحكومية الفلسطينية لاستصدار شهادة ميلاد له .. !! .

الملاك "براء" .. منذ عام ونصف تقريبا ً يقبع في غرفة ٍ أسير في مدفن الأحياء ، مع باقي الأسيرات الفلسطينيات ، غير مدرك ٍ لِماَ يجرِي حوله من أحداث ، لا يقوى على عد الدقائق والساعات ، تمر الأيام والليالي غير مبالية ٍ به وبدموع أمه التي تنهمر كالجمر من مقلتيها كلما لاحت منها نظرة عابرة إليه .. ما زال رفيق غرفتها .. رفيق (البرش) رفيق للقضبان الجاثمة على صدره دون أن يدرك معنى القيد والسجّان ، يحيط به الجند والعسكر من جميع الجهات المدججين بالسلاح باترين طفولته ، محطمين آماله في الحياة كباقي أطفال العالم .. !! مهددين صحوته .. وقاطعين حبال النوم كلما أرادت أن تربط له الأجفان .. لينام نوما ً آمنا ً مستقرا ً ، الضجيج لا يتوقف في تلك الأقبية المظلمة والرطوبة تنخر عظامه التي لم يكتمل نموها بعد .. !! الحشرات الزاحفة والطائرة في الغرفة الضيقة .. تستفز كل لحظة سكون قد تجعله يشعر بالأمان ولو للحظه .

إنها صورة قاتمة السواد في كل زاوية حاولت النظر إليها ، لن تجد إلا السواد يكسوها والقهر يعلوها ، هذا الملاك الصغير القابع رغما ً عنه في زنزانة لا تتجاوز مساحتها بضعة أمتار هو .. ورفيقات والدته في الأسر ، اللواتي تجاوزن السنوات على اعتقالهن يشاركهن هواء الغرفة الملوث .. !! بفعل ما يقوم به الجند من إطلاق لغازات تقتل في الإنسان آدميته ، يقاسمهن ( كسرات ِ .. ) .. الخبز اليابسة والأكل الشحيح غير الكافي لإطعام ملاك رضيع ، فالرضيع لا يعرف وقتا للأكل .. !! يبكي كلما باغته الجوع وداهمه العطش ، لا يفهم الصبر حتى يأتي وقت الطعام المقرر حسب ما أقرته لوائح إدارة السجون.

من حق الأطفال أن يناموا في غرفهم التي اختارها لهم آباؤهم .. زينوها وزركشوها بألوان تتناسب مع طفولتهم البريئة ، هيئوا لهم ( الأسرّة ُ .. ) المناسبة تعتليها ألعاب صممت ً كي تمنحهم الاستغراق في نوم عميق .. !! لا ينسون تلك الألوان تلون الجدران.. ولا ألعابهم التي جلبت لهم في مناسبات عدة ، مهما تقدم بهم العمر فإن ذكريات الطفولة تبقى منقوشة على صحائف ذاكرتهم ، لأن المشاهد الجميلة تُبقى لهم أطياف الطفولة السعيدة طازجة كلما عصفت بهم رياح القدر بحفنات الألم ، أما ( براء .. ) ذلك الطفل الذي أوقعه القدر تحت ( نير .. ) .. سجان ظالم ٍ لا يرحم ، فليس له إلا أن يفترش مع أمه إحدى زوايا الزنزانة عله ينعم بلحظة نوم هانئة ، يغلق عينيه وهو يرى قضبان الزنزانة الصدئة تحارب طيف الأمل الذي ربما يمر في سمائه لتطرده بعيدا فيجد نفسه أسيرا في صحراء خاوية لا ينبت فيها إلا الشوك ، كيف له أن يحيا حياة أطفال العالم والمداهمات الليلية لزنازين تتم بوحشية الغاب ، طرق للأبواب ونبش في موجودات الزنازين .. !! وعنجهية يندى لها الجبين فيها انتهاك صارخ لأقدس حق في الوجود .. حقوق الطفولة التي وهبتهم إياها كل الأديان والمواثيق والأعراف الدولية وشددت ومؤسساته الراعية لتلك الحقوق على احترام إنسانية الأطفال والحفاظ على حقهم في الحياة ، حق غير قابل للتأويل أو الانتقاص ، لكن "براء" ذلك الملاك الصغير الموؤده طفولته في مهدها لم تسعفه قوانين ومؤسسات العالم الإنساني في أن تعيد له جزءا ً من طفولته المهدورة عنوة ً وظلما ً ، لقد آثرت تلك المؤسسات المراقبة لانتهاكات حقوق الأطفال الصمت .. !! وعدم التنديد بهذا الخرق الفاضح لحق طفل في أن يعيش طفولته كباقي أطفال الأرض .
يبدو أن صرخات أولئك الملائكة القابعين خلف قضبان محتل غاصب لم تنل قسطا ً من العدل .. !! ولم يحرك ضجيج بكاء هؤلاء الأطفال الضمائر الحية في ما يسمى بضمير العالم الحر .. !! ولم تحرك دموعهم جيش المدافعين عن العدل في محاكم صماء أعدت لقتل العدل ، ولم تجلب حقا لملاك صغير لا يملك إلا جداريه في إحدى أطراف الزنزانة التي دونت عليها إحدى الأسيرات اسمه وجنسه وتاريخ ميلاده ، في الوقت الذي تجد أطفال العالم يحتفظون بدفاتر مذكراتهم يدونون .. و يرسمون ما يشاءون وشهادات ميلاد تثبت أنهم أحياء على سطح الأرض ، تنفي عنهم صفة ( النكرة .. ) .. واللاوجود .



#سامح_عوده (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أغنيات تحت المطر .. ( الجزء الاول .. ) ..
- عن عنتر قاهر الموت .. وحكاية عشق .. !!
- نقطة ضوء على تصريحات .. ( جون .. بوغارد .. )
- جعجعة .. مواطن ( الأسعار .. نار .. ) .. !!
- الاشجار تموت واقفه .. !!
- الصورة في صباحات زياد جيوسي
- فصل امني ام فصل عنصري ؟
- الحب يطلُ من شرفةٍ عاليةٍ
- المغتصبه !!
- بوس الواوا !!
- شموع منتصف الليل
- أصل فكرة حقوق الإنسان وإطارها الفلسفي
- هل حقا القدس عروس عروبتنا ؟
- أزمة قيادات أم تصحر !!!
- طفوله ماسوره واحلام مبتوره
- اغتيال الذاكره
- ليلة شتاء مجنونة
- الدكتور !!!
- لعن الله الفتنة !!
- نقطة ضوء ....... أمريكيا والإرهاب


المزيد.....




- الأمم المتحدة تعلق على مقتل مراسل حربي روسي على يد الجيش الأ ...
- مسؤولون في الأمم المتحدة يحذرون من مخاطر ظهور جبهة جديدة في ...
- الأمم المتحدة: 800 ألف نسمة بمدينة الفاشر السودانية في خطر ش ...
- -خطر شديد ومباشر-.. الأمم المتحدة تحذر من خطر ظهور -جبهة جدي ...
- إيران تصف الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ب ...
- إسرائيل: 276 شاحنة محملة بإمدادات الإغاثة وصلت إلى قطاع غزة ...
- مفوضية اللاجئين تطالب قبرص بالالتزام بالقانون في تعاملها مع ...
- لإغاثة السكان.. الإمارات أول دولة تنجح في الوصول لخان يونس
- سفارة روسيا لدى برلين تكشف سبب عدم دعوتها لحضور ذكرى تحرير م ...
- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...


المزيد.....

- نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة / اسراء حميد عبد الشهيد
- حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب ... / قائد محمد طربوش ردمان
- أطفال الشوارع في اليمن / محمد النعماني
- الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة / شمخي جبر
- أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية / دنيا الأمل إسماعيل
- دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال / محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
- ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا ... / غازي مسعود
- بحث في بعض إشكاليات الشباب / معتز حيسو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - سامح عوده - ملائكة خلف القضبان .. ( .. !! .. ) ..