أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمال المظفر - لصوصية مراهقة















المزيد.....

لصوصية مراهقة


جمال المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 2141 - 2007 / 12 / 26 - 11:41
المحور: الادب والفن
    



أصوات مغرية تنساب من خلف جدران الكوخ المشيد من القصب على حافة نهر الداكير ، الليل يعطي تلك الأصوات صدى ابعد وخيالا أوسع وشهية الى التلصص على ماوراء تلك الجدران ..
الصقت اذني بالقصب لاراقب عن كثب مايجري ، ليست هناك نافذة على الجهة الترابية اذ يبدو ان صاحب الكوخ فضل ان يجعل النافذة بأتجاه مجرى النهر خوفا من تلصص المارة أو لاعطاء الكوخ فسحة للتأمل على الشاطئ ...
أسمع صوت المرأة من خلف الجدار : أتعبتني ياجياد ، قلت لك ليس لي ألقدرة هذه الليلة على تلبية رغباتك ، أشعر بأن فقرات ظهري تتفتت وتتآكل ، متى تنهي رعونتك هذه ...
قال لها : تحملي ياأم الليل ، بضع دقائق وينتهي كل شئ ، رغم اننا نشعر بالملل احيانا الا انه ما أن ننتهي حتى نسلم أنفسنا لرقاد ينسينا مرارة التعب .
قالت : أنت قاس معي ياجياد ، مذ تزوجتك وحتى هذه الليلة ، ليس لك غير ان تجهدني في ما ليس قدرة عليه ، لقد تقدم بنا العمر ياجياد ، لاأدري هل أن احساسك قد مات مثل .....!!ّ!!!
رد عليها : ياأمرأة ، هناك نساء في اعمار متقدمة ويرين انفسهن بروح الشباب ، وانت تتمللين من أشياء بسيطة ، تحاولين أن تتدلعي من أجل تثيري عطفي .
أسمعها تتأوه وتئن : آآآآآآه ..آآآآآآه ياجياد ، لم اعد احتمل ، صبرك علي يارجل ، ساقاي تهرأتا من كثر ترهاتك ، امنحني لحظة لالتقط أنفاسي ياملعون الشيب .
أثارتني تلك التأوهات ، هدوء الليل يعطيها صدى أوسع في أذني ، اشتهاءات ورغبات وجنوح ... كم تغري الاصوات احيانا أكثر من الصورة ، حاولت أن أجد فتحة ما في جدار القصب لاراقب مايجري ، اتجهت صوب الجهة الاخرى ليس هناك من شباك ، علي أن أجد وسيلة لارتياد النهر ، لمحت زورقا صغيرا قرب شجرة ربطه صاحبه بحبل سميك ، فتحته وجدفت بيدي بهدوء كي أصل الى النافذة المطلة على النهر، أدركت أن صاحب الكوخ ذكي للغاية بحيث انه لم يعط أي مجال للأخرين لان يتطلعوا الى داخل الكوخ ..
هرولت الكلاب نحوي كما لو انها تتبع سارقا في منتصف الليل ولكني حمدت الله لأن الكلاب ستساعدني كثيرا في التغطية على اية حركات غير اعتيادية قد تصدر مني أو من أضطراب الماء ، قلت : اصرخي ، ياأيتها الكلاب واكثري من نباحك فأنت معي في لصوصيتي تشاركينني متعة الاثارة ، ولكني أخاف أن ينكشف أمري لأن القمر كان يضئ الليل تماما وقد أنفضح لمجرد رؤيتي من قبل صاحب الكوخ أو لربما يصوب بندقيته ولاأرى نفسي غير جثة هامدة في بطن زورق تلاحقه الفضيحة ....
جدار الكوخ بمحاذاة النهر تماما حتى لكأن القصب ينبت في النهر ، رجل في منتهى الفطنة والشيطنة بأن يجعل الكوخ تماما مع الحافة ليس هناك من سنتمتر واحد لوضع اصبع لرؤية مايجري ...
كما اني اخاف ان ينجرف الزورق لمجرد وقوفي لأن الزاوية ستكون منفرجة نوعا ما لكي ألصق نفسي على حافة الكوخ فينزلق الزورق وأرتطم بجسدي بالجدار وعندها ستكون الفضيحة ..
أحيانا أحاول أن أجبر نفسي على التراجع عن هذا التلصص الا ان الفضول يدفعني لرؤية مايجري ..
أم الليل : آذيتني كثيرا ياجياد ، لعنة الله على اليوم الذي تزوجتك فيه ، لقد مانعت أمي كثيرا في زواجي منك ولكن أبي هو الذي أصر من أجل عيون شيخ القرية ( عناد ) ... ليتك كنت بتلك الفحولة الظاهرة عليك ، فلو تزوجت غيرك لأنجبت كومة من الاطفال بدلا من أن أصفق بيدي ترحما على هذا العمر الذي ولى من دون خلفة تزيح عني وحشة الايام .
قهقه بصوت عال وألزمته نوبة من السعال الشديد ورد عليها قائلا : ايه ياأم الليل ، ألم يقل سيد دخيل بأن هناك سحرا قد عمل لنا من أجل ان لاننعم بزواجنا وأعتقد أن قريبكم الذي كان يريد الزواج منك هو الذي عمله .
قالت : ولماذا لاتكون فريدة العوبة هي التي عملته كي تستحوذ عليك أو لكي تنتقم منك لأنك تركتها ولحد الآن بدون زواج ..
قال : أرفعي ياأم الليل قليلا ، فلقد حشرتيني في الزاوية الضيقة ، آه يا أم الليل ، بسرعة ارفعي قليلا ...
قهقهت هي الاخرى وقالت : جنت على نفسها براقش ، تلق مصير أفعالك ياجياد .
نقيق الضفادع ونباح الكلاب يتداخلان مع صوت أم الليل وجياد في الكوخ ، ألصقت أذني أكثر لأركز على انسياب الكلام من خلف الجدران ، أمسكت بالقضبان الحديدية المتوازية الافقية للشباك المطل على النهر ، يجب ان اكون حذرا ، أي حركة غير اعتيادية يمكن ان تلقي بي في النهر ، أو ربما يفتح أحدهما الشباك فجأة فينكشف أمري وتتحول القضية الى نزاع عشائري لايحمد عقباه .
رفعت رأسي قليلا نحو الشباك ، اقترب الصوت مني ، رجعت و أخفيت نفسي كي لايشعران بوجودي .... ضوء الفانوس النفطي كان يتسلل من فتحات الدرفات يضئ مساحات محدودة من الفضاء المحيط بالكوخ من جهة النهر .
قال جياد : ياأمرأة ، أشعلت أمي وأبي ببرودك هذا ، من أي جنس أنت ، لاتجيدين غير التململ والتأوهات والشكوى ، ظهري ... بطني ... وركي ... سرتي ... رأسي ... مصاريني ، أيه ياأمراة ، يراد تبديل قطع غيارك بالكامل ...!!
ردت عليه : أكلت عمري ياجياد بعنترياتك وجنونك وفجورك ... لو كانت لدي خلفة سواء بنات أو ولد ليساعدوني في الطبخ والتنظيف لهانت حياتي معك ، ولكني منذ تزوجتك ولحد هذه اللحظة لم أشعر بالراحة ، طوال اليوم حركة وعمل وتنظيف لاتطأ مؤخرتي الارض الا للحظات معدودة ..
رد عليها : هل رأيت خلفة أختك نورية ، الابن الاكبر حرامي والاوسط جندي هارب من الخدمة العسكرية وتطارده الشرطة العسكرية والاصغر يسرق أحذية المصلين من الجامع ، أما ابنتها فوزية فأنها مثل كلبة البرية مزواجة على طول الخط لاتعمر مع زوج سنة الا وعاشرت الثاني وهلم جرا ... أبقي من دون خلفة أفضل من أبناء يشلون حالك وحينها تلعنين ساعة التمني التي تراودك .
ردت عليه : ليس لك غير ان تعيرني بأختي ، حظها أو قسمتها هكذا ، أما فوزية فأنها غير محظوظة بالرجال ولكنها تجازف دائما ولاتسمع نصائح أمها ، أنها راكبة رأسها دائما .
رد عليها : حتى نسينا كم رجلا تزوجت ، هل تخطت حاجز العشرة .
قالت : لاياجياد ، لاتظلم بختك ، انهم لايتعدون الثمانية ، ثلاثة ماتوا وأثنين خلعتهم هي وثلاثة أشبعوها ضربا حتى أن أحدهم أحدث فجا في رأسها تطلب أجراء عملية جراحية كبرى لفتح الدماغ في بغداد كادت تموت بها .
قال : ليتها ماتت لتخلصنا من العار الذي لحق بنا ، انها مشروع تكاثر بشري ، من كل رجل دزينة أطفال حتى انها تنسى اسماءهم وأسماء آبائهم ، هل تذكرين عندما نسيت أحد أطفالها ولم تشعر بفقدانه لولا السائق الذي عاد في اليوم الثاني بالطفل لتتذكر بأنها نسيته في السيارة .
قالت : لعنة الله عليك ياجياد ، أتق الله يارجل لاتأخذ غيبة العالم ، أنهم أولاد حلال .
قال : ومن قال بأنهم أولاد حرام ..!!
هدوء للحظات ، يزداد نقيق الضفادع يرافقه صفير خفيف للاشجار بسبب نسمات هوائية هبت بأتجاه الكوخ .
قالت : رأيتك تنظف بندقيتك صباح هذا اليوم ، لابد أن هناك مشكلة ما في القرية ، هل رجعت الى مشاكلك .
رد عليها : هناك رجل أثار أعصابي هذا اليوم ، وان أعادها سأفرغ مافيها من خراطيش في كرشه ....
أدركت حينها أنه ربما تكون تلك الخرطوشات مهيأة لرأسي ، انتابتني موجة من الرعب ، احسست بطعم الموت من تلك الجملة التي اطلقها ، ربما شعر بوجودي فأراد ايصال رسالة لي بصورة غير مباشرة .. اخاف ان تأتيني طلقة مثلما حدث لسعيد ابن القابلة عندما شاهدوه يستل النظر من فتحات الكوخ الى رسمية وهي تستحم في الحمام ..
قال : هيا ياأم الليل ، لاتكوني عنيدة ، لقد نخرت قواي ولم أعد أحتمل ..
قالت : أصبر علي يارجل لالتقط بعض أنفاسي وبعدها أنفذ رغباتك وأوامرك ، آآآآآآآآآآآآآخ...آآآآآآآآآآآآآآخ ، ياجياد ، فركت رجلي يارجل ....

لم أعد أتحمل سماع الاصوات ، كل شئ في جسدي يتوتر ، وتتصاعد وتيرة اللذة مع شهية الكلمات المنسابة من خلف الجدران ، يكاد جسمي يفرز غرينه الذي بدأ يعبث بخلاياي ، هل كل تلك المجازفة وارتياد النهر من أجل التنصت ..؟ اذن لبقيت في الجهة الترابية ، علي أن أرى مايجري ، رفعت جسدي بحذر وأقتربت من النافذة كانت هناك بعض الفتحات بين خشب الدرفات ، بصرت من خلالها واذا بعجوزين في السبعين من عمرهما يناوران في ترتيب الاريكة ووضعها في مكان مناسب لأن أثاث الكوخ البسيط قد ملأ الغرفة ولم يعد هناك من مجال لاستيعاب هذه الاريكة ، حاولت أن أعيد توازني الى الزورق كي لاينزلق بعيدا ، سحبت نفسي بهدوء من النافذة ولكن الزورق انساب بسرعة بعد أن فقدت التوازن ورحت أعانق القمر السابح في النهر مع آخر تنهيدة لأم الليل حيث ينساب ضوء الفانوس النفطي من فتحات الشباك الى قاع النهر .....



#جمال_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملتقى الخسارات
- البنية الايقاعية في قصائد رنا جعفر
- التمرد على المقدس عند فليحة حسن
- حكومات .. وهويات
- الشاعر الفريد سمعان يفتح ملف الذكريات مع مظفر النواب والسياب ...
- مؤتمرات حداثوية
- صانعوا الاحلام
- مئة متر مدى سيادتنا
- إستعراض دبلوماسي
- ابعدوا المرجعيات عن اللعبة السياسية
- رسالة غيرمشفرة
- عيناك أجمل المنافي ألسرية
- جوجو يهز الحكومة
- صفات الزعامة
- تنهدات لأمرأة تحترق
- بلد العجايب
- لعنة السمتيات
- الكتابة مابين اللذة والنار
- القاصة والروائية سافرة جميل حافظ: الثقافة الاجتماعية تقف حجر ...
- ضحايا الريادة الشعرية


المزيد.....




- شاهد.. فلسطين تهزم الرواية الإسرائيلية في الجامعات الأميركية ...
- -الكتب في حياتي-.. سيرة ذاتية لرجل الكتب كولن ويلسون
- عرض فيلم -السرب- بعد سنوات من التأجيل
- السجن 20 عاما لنجم عالمي استغل الأطفال في مواد إباحية (فيديو ...
- “مواصفات الورقة الإمتحانية وكامل التفاصيل” جدول امتحانات الث ...
- الامتحانات في هذا الموعد جهز نفسك.. مواعيد امتحانات نهاية ال ...
- -زرقاء اليمامة-... تحفة أوبرالية سعودية تنير سماء الفن العرب ...
- اصدار جديد لجميل السلحوت
- من الكوميديا إلى كوكب تحكمه القردة، قائمة بأفضل الأفلام التي ...
- انهيار فنانة مصرية على الهواء بسبب عالم أزهري


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمال المظفر - لصوصية مراهقة