أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيدة لاشكر - الواقع المؤلم














المزيد.....

الواقع المؤلم


سعيدة لاشكر

الحوار المتمدن-العدد: 2132 - 2007 / 12 / 17 - 08:12
المحور: الادب والفن
    



جلست وحيدة في ساحة المدرسة,في ركن منزوي, لا تحتمل الضوضاء ولا الضحكات المتعالية , ولا حتى الهمسات التي يلقيها زملاؤها عنها, ابتعدت عن كل شيء لتجلس بمفردها, تحتسي وتجتر المرارة, تقدمت نحوها زميلتها سلوى في تردد بالغ, جلست جوارها وبادرت:
- صفاء يجب أن تتحدثي, يجب أن تحاولي إخراج نفسك من هذه الحالة
- أرجوك سلوى اتركيني
- ليس من المعقول أن أتركك هكذا, مر أكثر من شهر, يجب أن تتأقلمي مع الوضع
- لا أستطيع
- تحدثي صديقتي
- لا أستطيع
- حاولي أن تحكي لي لأنك بذلك ستزيحين ثقلا كبيرا عن كاهلك
- كيف تريدين أن أحكي وأنا لا أصدق بعد, حواسي كلها ترفض التصديق
- لا أدري ما السبيل للتخفيف عنك
- فقط دعيني لوحدي سلوى, اتركيني فقط
- أنت تتلذذين بتعذيب نفسك, يجب أن تعلمي أنه كما هناك مصائب هناك أيضا أفراح ومسرات, وحياة الإنسان لن تنتهي بمصيبة, بل غدا سيتخطاها وينساها, ويعيش حياته هانئا مجددا, لقد أنعم علينا الله بنعمة النسيان التي لولاها ما تمكننا من الإستمرار
- ليتني أنسى, لكن النسيان صعب, بل مستحيل
- غدا ستندمل جراحك وتنسين ويصبح كل هذا مجرد ذكرى, أنسيت كلامك, أين تفاؤلك, كنت دوما تقولين مثل هذا الكلام وأكثر لماذا الآن لا تطبقينه؟
- الذي يده في الماء ليست كالذي يده في النار
- اذن فقد كان مجرد كلام, تحاولين فقط به التخفيف عنا
- ربما
- لكن رغم ذلك كنت به تخففين عنا وتزيحين الكثير من الهموم عن قلوبنا, فلما الآن لا تحدي حدونا وتحاولي به التخفيف عن آلامك؟
- لأن جرحي كبير أكبر من أن يستطيع أي كلام شفاءه
- وما الذي سيشفيه إذن؟
- ربما الوقت, الكثير من الوقت, والكثير من الصبر

بعد جهد جهيد أدعنت سلوى لطلبها فرحلت وتركتها مجددا وحدها تحاول نبش الذكريات, تحاول نبش الماضي لمحاولة تصديقة.
قبل شهر تقريبا كانت في أوج نشاطها, كانت فرحة, مرحة, تجود بابتسامتها على كل شخص,حياتها كلها تفاؤل في تفاؤل, لا يهمها أي عائق ولا تكثرت لأي مشكل,إلى أن جاء يوم استدعتها الناظرة لمكتبها, حين وصلت لم تخبرها الكثير, أخبرتها فقك أنها يجب أن تذهب للبيت, هناك أمر طارئ, في الطريق درست جميع الإحتمالات لكنها لم تستخلص لنتيجة تستدعي كل هذا
وصلت للبيت فإذا بها تجده مفتوحا,ثم تجد داخله كل الجارات تقريبا مرت مذهولة من بينهم, واحدة تقول لها:" الله يصبرك يا بنيتي", والأخرى:"الله يعينك" ...
وكلمات كثيرة لم تتبينها من فرط الخوف, اخترقت الجميع, وسارت وكأنها لا تسير, ركبتاها متقلتان, تجمد الدم في جسدها ولم تعد تحركه إلا بصعوبة, وإن حركته فهي لا تحس بأعضائها التي تحرك.
ما إن رأتها شقيقتها حتى أقبلت باكية وعانقتها في قوة, وهي لا تعرف شيئا, ما الذي حدت؟ لما هذه الجلبة؟ فعرفت السبب ويا ليتها لم تعرفه, لقد توفيت والدتها, ماتت أمها وانتقلت لرحمة الله, أحست بجسدها يتجمد من البرد والخوف, أحست باللاواقع, أرادت أن تصرخ عاليا بأن هذا ليس صحيح, لا لا ربما هذا مجرد كابوس من الكوابيس التي تعتريها وتراودها في نومها تم ستستفيق منها, نعم لا بد أنه كابوس, أكبر وأبشع كابوس في حياتها ستستفيق منه بعد قليل, انتظرت ومازالت تنتظر الإستفاقة المستحيلة التي ستنتشلها من هذا الواقع المؤلم.



#سعيدة_لاشكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هواجس
- لعبة المستقبل
- الغريب
- إنسانة والمرآة
- أنتَ طيب
- ذات الطباع الغامضة
- عالم شارد
- نافدة الظلام
- انسان خلف قضبان الإعاقة
- أجمل إحساس
- أقلام سوداء
- أخوة
- الخادمة
- امراءة بين ذئاب الحياة
- ضمير ضاع في الأنقاض
- فراق
- آآه منك يا قدر
- صياد القلوب
- رحلة إلى الريف
- زينب


المزيد.....




- أوركسترا قطر الفلهارمونية تحتفي بالذكرى الـ15 عاما على انطلا ...
- باتيلي يستقيل من منصب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحد ...
- تونس.. افتتاح المنتدى العالمي لمدرسي اللغة الروسية ويجمع مخت ...
- مقدمات استعمارية.. الحفريات الأثرية في القدس خلال العهد العث ...
- تونس خامس دولة في العالم معرضة لمخاطر التغير المناخي
- تحويل مسلسل -الحشاشين- إلى فيلم سينمائي عالمي
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيدة لاشكر - الواقع المؤلم