أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيدة لاشكر - هواجس















المزيد.....

هواجس


سعيدة لاشكر

الحوار المتمدن-العدد: 2092 - 2007 / 11 / 7 - 11:17
المحور: الادب والفن
    



مجددا تأخدها الأفكار بعيدا عن محيطها, تنسى كل شيء وتغوص في أفكارها التي ملأت حياتها مؤخرا, أفكارلا تصارح بها أحدا ولا تفشيها لأحد, بل تتخدها لنفسها وتعذب بها نفسها لوحدها.

تزوجت أمل منذ سنوات قليلة, بعد أن جمعتها بزوجها قصة حب جميلة, كانت الضغوط كثيرة واجها صعاب كثيرة, هي برفض عائلتها وهو بمعارضة عائلته التي كانت عازمة على لم شمل العائلة وتزويجه بابنة عمه المتوفي, واجها كل هذه المشاكل في تحد, إلى أن تبلورت قصتهما إلى زواج, طبعا بعد أن اقتنعت العائلتين, استأجرا شقة وبدأ حياتهما معا.

شردت مع أفكارها وما لبتت أن لملمت شتات نفسها:
- يا إلهي ما هذه الأفكار السخيفة التي تراودني؟ لا يعقل أن يحدت ذلك هذا من المستحيلات ما الذي يحدت لي؟ لم يكن الشك يوما من طبعي.

حملت أطباق الغداء, الغداء الذي مجددا لم يحضره, لم تتناول الكثير, لم تعد لها شهية للأكل , توجهت للمطبخ وبدأت تغسل الأطباق, لكن ما لبتت أن لحقتها الأفكار التي أصبحت تنغص عليها حياتها:
- أين يمكن أن يكون؟ أيعقل أن يكون في المكتب؟ لا لا أظن فهناك دائما فسحة للغداء لو أني سألته حين يعود فبالتأكيد سيقول أنه في غداء عمل ؟ لكن أتساءل لما الآن مرت سنوات ولم يتغدى فيها يوما خارجا إلا برفقتي فلماذا الآن ؟
أعرفه حين يكذب, أعرفه حين يحاول أن يخبئ شيئا, عيناه تفضحانه تصرفاته المرتبكة تفضح عزيمته على الإستمرار في الخداع.
مرت بضع ساعات ومازالت تجوب المنزل, تحاول ضبط أفكارها التي بدأت تسيطر عليها, ما إن هدأت حتى خطرت ببالها فكرة نفدتها توا, حملت الهاتف وبدأت تركب رقم المكتب:
- مرحبا؟
- مرحبا سيدتي هل من خدمة؟
- أجل أيمكن أن تصلني بالسيد كمال
- أخشى أنه غير موجود الآن...
- حقا؟ ومتى سيعود
- لا أدري سيدتي فهو مؤخرا لا يعمر كثيرا في المكتب, يأتي فقط ليتفقد سير الأعمال تم يخرج مجددا, لكن إن أردت يمكن أن تتركي له رسالة أو أعطني اسمك لأخبره باتصالك....
وضعت سماعة الهاتف ببطء شديد...
ادن فهو لا يجلس كثيرا في المكتب, ولا يبقى كثيرا في البيت, إدن أين يمضي النهار بطوله؟ غريبة تصرفاته....
حل الليل وأخيرا هاهو آت
بعد حوار بسيط بادرته:
- وكيف كان يومك؟
- شاق جدا لقد أتعبني العمل
- وأين كنت بعد الظهر؟
- في المكتب طبعا وأين سأكون؟
أحست بجمود تام أيكذب عليها بكل هذه البساطة ما أوقحه
- أمل, أمل..
- نعم؟
- مابالك لقد شردت وتغيرت ملامحك
- لا أبدا, هل أحضر لك العشاء؟
- أرجوك عزيزتي فأنا ميت من الجوع وأحس أني سألتهم خروفا
- حسنا بكل سرور, لكن اعدرني لن أتعشى معك.
- لكن لماذا أأنت مريضة؟
- نعم أحس بألم في الرأس
- هل أحضر لك شيئا؟ دواء من الصيدلية ؟
- لا شكرا سأنام فقط.
- حسنا طابت ليلتك عزيزتي.
- وليلتك.
كيف يجرؤ؟ كيف يجرؤ على الكذب أمام عيني ؟ وأنا البلهاء لماذا لم أصارحه باتصالي بالمكتب؟ كان يجب أن أضع حدا لهذه المهزلة, لماذا أنا ضعيفة هكذا؟ لكن أعتقد أني لست ضعيفة بل خائفة, خائفة من أن تتلاشى حياتي في لحظة, وأفقد ما ظننته لي في تانية.

توجهت لغرفة النوم رأت ملابسه, لماذا لا تبحت فيها عن دليل, عن شعرة غريبة, رائحة مميزة, منديل مطرز, لا أبدا كبرياءها يمنعها, تقتها به تقف جدارا أمامها, لكن أين هي هذه التقة؟ ألم تفضح كذبه مند لحظات؟ ألم تشهد بأم عينها انهيار جسر التقة الذي كان بينهما؟ لا أبدا ليس ما يمنعها الكبرياء أو التقة لا, بل أصعب من ذلك, تخاف من أن تصدم, تصدمها حقيقة ما, ففرق كبير بين الأفكار التي يمكن أن تكون صحيحة أو لا وبين الحقيقة التابتة, التي لن يكون مفر منها, ربما يجب أن تصارحه, أن تنهي المسألة, لأنها ان لم تفعل فلن تحصل سوى على نهاية بطيئة, نهاية تتوجسها في أي لحظة, مرة تأمل ألا تكون اللحظة التالية, ومرة تأمل أن تكون كذلك لتنتهي من العذاب.

أغمضت عينيها والنوم يجافيها: حسنا سأخبره بكل ما يجول في خاطري في الغد ولن أرجئه لبعده.

في الغد قبل الظهر جاء مبكرا كما لم يفعل يوما:
بادرته ما إن لمحته:
- جئت اليوم مبكرا, هل هناك خطب ما في المكتب؟
أجاب وعينيه تلمعان ببريق غريب:
- لا أبدا جئت فقط لآخدك في مشوار سريع...
استغربت الأمر وسألت بفضول بالغ:
- تأخدني أنا؟ لما؟ وأين؟
- هي مفاجأة أحضر لها منذ فترة هيا بنا ستعرفين كل شيء بعد قليل.

سارت بهما السيارة تلتهم الطريق, وأفكار أمل تلتهم ما بقي لها من صبر, مجددا تترصدها الأفكار وتتكوم على مخيلتها الصغيرة فتحدت بها العجائب.
حل صمت مطبق لا يقطعه سوى المرور الخاطف للسيارات المعاكسة, والفرامل وضوضاء الشوارع , أما داخل السيارة فلا يسمع سوى الصوت الرتيب للشهيق والزفير ودقات قلب أمل التي ما فتئت تتسارع, تجاهلت كل هذا ونظرت إليه وهو يجلس هادئا بجانبها, حاولت قراءة أفكاره, لكن ملامحه لا تنطق بشيء, ماذا تراه يخبئ؟ ماذا تراه يخفي خلف هاتين العينين ؟ أيمكن أن تكون النهاية بعد قليل؟ ...
أخرجها من تفكيرها صوته وهو يطلب من السائق الوقوف وقفت السيارة فتح لها الباب وخرجت.
سالها توا
- ماهذا الذي ترينه؟
- هذا منزل, هل سنزور أحدهم؟
- لا, لكن خمني لمن هذا المنزل؟
- كيف سأخمن وأنا لم أزره قط؟
- حسنا لن أطيل عليك, هذا منزلنا الجديد سيكون ملكنا ولن نضطر للكراء أبدا.
- أتمزح يا كمال ما الذي تقوله؟
وبردة فعلها هذه أجاب منتصرا:
- أنا لا أمزح أقول الحقيقة لقد أشرفت على بنائه منذ مذة, ربما لاحظت أني أكثر الخروج وأغيب كثيرا عن المنزل مؤخرا....
اختلطت عليها الأمور لم تعد تدري أتفرح للبيت الجديد وتحول أفكارها التي نغصت حياتها لفترة لسراب, أم أنها تحزن لوصولها لذلك المستوى من الشك والتفكير غير المجدي , والساعات والأيام من تعذيب نفسها دون أدنى سبب.
خرجت من أفكارها ووجدته مازال يشرح بزهو كيف أنه تمكن من تشييد المنزل في مذة بسيطة وبدون علمها,
قاطعته:
- كمال...
سكت واتنظرها لتتكلم
بعد برهة قالت:
- ربما أنت رممت بيتا جميلا لكنك هدمت أشياء كثيرة أجمل...
أجاب باستغراب:
- ماذا تقولين؟ مالذي هدمته
- هدمت التقة بيننا, والصدق ...
فكر قليلا تم قال:
- نعم ربما كذبت بضع مرات لكن كل هذا لأجلك من أجل أن أفاجئك لأنك تحبين المفاجأت
- أتعلم شيئا؟ لم أعد أحب المفاجآت أصبحت أكرهها.


بعد أيام انتقلا للعيش في المنزل الجديد, بروح جديدة, مفعمة بالحب والصدق وكل ما هو جميل,
جلست بانتظار وصوله, مرت ساعة على موعد رجوعه من العمل, تم ساعتان
أنصتت قليلا, تعرف هذا الصمت, تعرف هذا السكون, تعرف هذا الهدوء الغريب, تعرف هذا الدماغ الذي يحاول الهرب من شيء, يجاهد للإبتعاد عن شيء, فلا يقع إلا فيه.
هاهي الأفكار تحوم كأسراب من الغربان تعشش في الرأس وتضل تنقب وتنقب لتقول شيء واحد
- أين هو؟ أين يمكن أن يكون؟
وهذه المرة أضافت شيء آخر
- أيمكن أن يكذب مجددا؟ من كذب مرة يكدب ألف ومن خان التقة مرة لن يسمى سوى خائن.



#سعيدة_لاشكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لعبة المستقبل
- الغريب
- إنسانة والمرآة
- أنتَ طيب
- ذات الطباع الغامضة
- عالم شارد
- نافدة الظلام
- انسان خلف قضبان الإعاقة
- أجمل إحساس
- أقلام سوداء
- أخوة
- الخادمة
- امراءة بين ذئاب الحياة
- ضمير ضاع في الأنقاض
- فراق
- آآه منك يا قدر
- صياد القلوب
- رحلة إلى الريف
- زينب
- طريق بلا رصيف


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيدة لاشكر - هواجس