رقبة الوزير وليست ذراعه !

عبدالوهاب خضر

الحوار المتمدن-العدد: 2131 - 2007 / 12 / 16 - 11:26
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    

قال لى أحد القيادات الكبيرة , وصانعة القرار فى الحزب الحاكم المصرى , أن الرئيس مبارك قال أنه لن يضار عامل من برنامج الخصخصة , بينما يعانى الملايين من العمال من هذا التوجه الاقتصادى العشوائى , وذكر لى مسئول اخر فى لجنة السياسات التى يرأسها "جمال " نجل الرئيس مبارك أن بقاء الـ50% ممثليين عن العمال والفلاحين فى البرلمان المصرى يحتاج الى نضال كبير , وقتال من نوع خاص , مؤكدا أن هذه النسبة الموجودة حاليا - كما ذكر المسئول- لا تمثل العمال هذه الفئة المطحونة التى تعانى الجوع والفقر والمرض والفساد لان معظم الموجودين فى البرلمان من الذين يحملون صفة عامل او فلاح هم من رجال الاعمال واصحاب العمارات والاطيان والسيارات الفارهة التى حصلوا عليها بالنصب والنهب .واعترف لى رئيس شركة قطاع عام ان الفساد يملئ البلاد , ونصحنى بعدم مطالبته بحل مشاكل العمال قائلا بالنص :رب البيت عايز كده عايز كده !!
كان رئيس الشركة يتحدث من منطلق بيت الشعر القائل : اذا كان رب البيت بالدف ضاربٌ , فيشمة أهل البيت الرقص .
وفى الفترة الاخيرة ارتفع صوت الدف فى كل مكان , وزاد الرقص بكل انواعه داخل الابواب المغلقة حيث يجلس صناع القرار الذين انفضح امرهم , فخرج الناس يهتفون : جعانيين من يومنا والله , وجيوبنا مفلسة , يا فول ابعد شوية , دى اللحمة زمانها جاية .
الجوع الذى اصاب الناس فى مصر لن يسده الا تحقيق الحلم , والحلم هنا اصبح مختلف تماما , فالناس تثور فى كل مكان , فى المواصلات , فتسمح كلمة واحدة : إتخنقنا , وتعبنا , وحرام , ومنهم لله .
لم تعرف حكومة الحزب الحاكم ان المواطن المطحون لم يعد قادرا حتى على توفير وجبة فول , فهذا النوع من الطعام ارتفع سعره ايضا الى النصف , وصَغُر حجم رغيف العيش , وارتفعت اسعار الزيت .
الحكم لابد انه يعرف من أجهزته الامنية ان هناك حالة غليان فى الشارع , وأن مصر سوف تشهد تغيير حتمى خلال الشهور القادمة مهما كانت تلك الترسانة الامنية التى تحاصر الشعب فى كل مكان , فقد قال لى احد ضباط الامن المركز وبعض عساكره فى تصريحات خاصة : إحنا كمان تعبانيين !!
من فى مصر لا يشعر بالتعب , من فى مصر لا يشعر بالقهر , من فى مصر لا يدعو على الحكم, فالاسعار ترتفع , دون ان يتمشى ذلك مع الاجور الضعيفة ؟ .
إن كميةالدعاء على الحكم من جانب المواطنيين فى الشارع تكفى لاقالة اعتدى الحكام الدكتاتوريين .

استطيع ان اقول الان ان مصر مقبلة على شيئ ما , فالجوع كافر كما يقولون , وللصبر حدود , والثورة وقودها الفقر .
انا لا ادعوا هنا الى ثورة مسلحة , او الذهاب الى مقرات الحكومة والسيطرة عليها , وإنما ادعوا كل المواطنيين الا يسكتوا على حقوقهم المشروعة , وبطريقة مشروعة , ولنا فى عمال شركة مصر للغزل والنسج لعبرة , فقد تظاهر الاف العمال , واضربوا عن العمل , حتى حققوا بعض النجاحات منها صرف بعض الارباح وربطها بالانتاج , وقبل كل ذلك اقالة رئيس الشركة بقرار من الجمعية العمومية , ولنا ايضا فى اضرابات موظفى الضرائب العقارية الذين فضوا اضرابهم الذى استمر اكثر من اسبوع امام مجلس الوزراء بعد ان حققوا بعض النجاحات , ونزل اليهم يوسف بطرس غالى وزير المالية الذى قال فى البرلمان بطريقة مليئة بالغطرسة : انا مبحبش حد يلوى دراعى .
نجح عمال الضرائب العقارية فى لىِّ ذراع الوزير ونزل اليهم موافقا على مطالبهم بضمهم الى وزارة المالية ورفع اجورهم .
كلمة الاضراب اصبحت على لسان كل الناس , يعنى مصر بتغلى يا رجالة .
المطلوب الان حقيقة هو قيادة حقيقية ووطنية لهذه الاضرابات التى يجب ان تكون سلمية , واذكر هنا القيادى الشاب والمناضل الاشتراكى الكبير كمال ابو عيطة الذى كان يقود اضرابات عمال الضرائب العقارية بحنكة كبيرة .
اننا فى مصر نحتاج الى أكثر من " كمال " , وهذا موجود بالفعل ,فالتحركات فى كل مكان , فى النقابات , والجامعات , والاحزاب , والشارع , ويجب ان نعلم ان الاضراب والاحتجاج لا يعنى فقط تنظيم المظاهرات , فقلوب الناس فى مصر محتجة , ومضربة بسبب حالة عدم الاستقرار , فحالة الفوارق الطبقية ترتفع , والغنى يزداد ثراءَ , والفقير يزداد فقرا , وعلاقات العمل سيئة تخدم رجال الاعمال واصحاب المصانع , والحكم مستمر فى بيع كل شيئ بأى ثمن , ولكننى اقول لكم ايها الفقراء أن الحكم يعانى الان من حالة من التخبط والخلافات من جانب بعض من استيقظت ضمائرهم .
مطلوب الان توحيد كل هذه التحركات , وقيادتها بصورة حكيمة ومنظمة , فى هذا الوقت فقط سوف نستطيع لَىّ رقبة الوزير , وليس ذراعة .. اليس كذلك ؟؟

#عبدالوهاب_خضر (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات