أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمل فؤاد عبيد - بين انغلاق النص وانفتاح المعنى في - الخطايا العشر - للكاتب إسلام شمس الدين















المزيد.....

بين انغلاق النص وانفتاح المعنى في - الخطايا العشر - للكاتب إسلام شمس الدين


أمل فؤاد عبيد

الحوار المتمدن-العدد: 2123 - 2007 / 12 / 8 - 09:44
المحور: الادب والفن
    


عندما أحببتكِ سيدتي؛ اقترفتُ – عن حماقةٍ مني- عَشرةَ أخطاء:

1- كنتُ أتحدثُ إليكِ بلغةِ الحاءِ والباء، وما انتبهتُ إلى أن لُغتكِ تتكون فقط من سبعةٍ وعشرين حرفاً.
2- لم أحسن اختيار سفرائي إليكِ، فبعثتُ "أم كلثوم" و"عبد الحليم" و"فيروز" و"نجاة"، فتكلموا بما لا تأبهين به، ودعوكِ إلى غير ما تتطلعين إليه، وعرضوا سوى ما تبتغينه.
3- أهديتُكِ باقةً من زهور الروح، وقلادةً مشغولةً من حجرات القلب، وأقراطاً من الموسيقى الكلاسيكية، ولغةً مغلفةً بخيوطٍ من غمغمات النوارس، ووهبتكِ ألفَ قصيدة عذراء، طهّرتُها من رجسِ الشِّعْرِ، وأكاذيب الشعراء... وعندما عرضتِها في مزادٍ علني على رصيفِ القطارِ المسافر إلى مدينتك المنشودة، لم تساو أكثر من ثمن فنجان قهوتك في مقهى رخيص.
4- اتخذتُ لكِ في الناحيةِ المقمرةِ من القلبِ وطناً ومسكناً، ورفعتُ بنيانه فوقَ سحابات الجوى، وشيدتُ طُوباته من طينِ الصباح، وطليتُ جدرانه بنداوة القرنفل، ودسست بين أركانه دفء الانتشاء، وأضأت جنباته بمصابيح الأمل، وزينتُ شرفاته بعصفور الجنة وأطواق الياسمين، وشققت في باحته الخلفية بحيرةً من الأماني العذبة... وما حسبته أصغر من أن يحتوي أحلامك، وأضيق من أن يتسع لطموحاتك، وأقصى من أن يصلك بمريديكِ.
5- رسمتك لوحةً مائية بألوان الفراشات، وظللتُ زواياها بهدأة البحر في مساءٍ صيفي، وصنعت لها إطاراً من ذهبٍ ربيعي... وفاتني أنكِ تفضلين الدَرَجاتِ الرمادية، والمساحيق الضبابية، والمعاطف الشتوية، قبل أن أكتشف أنني كنتُ أرسم قناعاً لملامح لا تشبهك.
6- اصطحبتك في رحلةٍ استعْمارية إلى غيمةٍ رهيفةٍ على الساحل الفَيْروزي من السماء، دون بطاقة هوية، أو تأشيرة دخول، أو تذكرة سفر مدفوعة، ورشوتُ حراسها بلآلىء من العشقِ الخالص، ففتّحوا الأبواب إلى كل اتجاه... وعندما أخذتُ بيديكِ للمرور عبر بوابة الدخول؛ وجدتُ جذورك مزروعةً في الحارة السفلية من المدينة الطينية على الدَّرْج المنحدر من الأرض.
7- أعدمتُ الليلَ والنهار، والشمسَ والقمر، والفصولَ الأربعة، وجعلتُ اليومَ لوناً واحداً استوحيته من ضوء عينيكِ، والعام فصلاً واحداً له رائحة عطرك ونسائم إطلالتك، والوقت وحدةً واحدة تعبثين بدقائقها كيفما تشائين... وما كنتُ سوى لحظة عابرة على ميقات تقويمك، وسحابة شاردة على خريطة أجوائك، ووقتاً ضائعاً يشغل المساحة المعتمة من أوقات فراغك.
8- طلقتُ نساءَ الدنيا، واعتنقتُ الرهبانية في دير الحب، وبايعتك على مملكتي الصغيرة؛ الملكَ الأوحد والحاكمَ الأوحد والإلهَ الأوحد ... فشغلك عنها ممالكك الممتدة عبر المدن العشوائية والأحراش الموحلة، وقُطْعانُ مواليكِ الطوّافينَ بكَعْبتكِ النارية فوق التلال الصفراء.
9- راجعتُ تفصيلَ شرائعي، فجعلتُ الجنةَ في كل ما يقربني إليكِ، والجحيمَ في كل ما يبعدني عنكِ، والإيمانَ في انحناءات الذات على أهداب كبريائك، والكفرَ في كل قصيدة لا تبدأ باسمك... وما عرفتُ إلا متأخراً؛ أن جناتي إن هي إلا قَبْرٌ خَرِب في فراديس جناتك.
10- دعوتك إلى اعتناق الحب... فاتخذتِهِ صنماً من العجوة، تأكليته كل ليلة؛ ما إن تنقضي صلواته .


بداية يهدينا العنوان الى مناطق جدارية تفصل بين الألوان رغم امتزاج الكلمات حيث أن الخطايا العشرة تنقلنا الى حيث المزايا او السمات التي تتسم بها المرأة / الحياة .. على اعتبار ان هذا الخطاب الذكوري الواضح الملمح والمذاق ينبهنا الى الموجه اليه الخطاب وهي المرأة / الحياة , كما أن استرسال الكاتب / العاشق في رصد الخطايا هو ضمنيا اعتراف بتفاصيل وسمات متحركة وأيضا فاصلة مابين الذات و/ أو الآخر في ذات الوقت يؤكد هذا السرد التتابعي تأرجح الوعي بين التحام والتصاق وفصل أو انفصام وتخلية مابين الوعي بالفعل / الذات وبين الآخر / المرأة / الحياة .. على أن مبررات هذا السرد التفاصيلي والتفصيلي ما هو إلا اتهام ضمني ومعالجة للموقف الإنساني بعامة تجاه كينونته وفعله وتجاه المرأة / الحياة في آن ..
عند القراءة قد يأخذنا شعور السخرية القائم على المفارقة ما بين الممكنات التي يعرضها الكاتب وبين المستحيلات التي استشعرها ومن ثم اصابته بالصدمة او تغليف مشاعره بالأخطاء بقدر ما من السخرية المقنعة .. على أن خسرانه الوحيد ليس في بطلان ما يقدمه ويعرضه للمرأة / الحياة ولكن في مستوى التجاوز وايضا مبدأ النسبية الذي أخذ يحضر في طيات النص هذا .. ومبدأ التناسب غير الموزون بمنطق عقلي ومبرر للحكمة المستوحاة من فعل هذه الجدلية الحياة / الانسان أو على اختصار العلاقة بين المرأة / الرجل .. ومن ثم يبدأ انسحابه بلفظة الاخطاء .. وما هذه النسبية إلا للوصول الى الفرق بين العطااء المقدم والوعاء الذي من المفترض انه يحتوي هذا العطاء على قدره على أن يكون افتراض النسبة والتناسب في العلاقة هو تحقيق مزيج مكتمل الحضور وتحقيق قاعدة ذهبية في الشعور بالالتحام وايضا بالاكتمال والاكتفاء .. هذا على افتراض ما جاء في النص ما بين الرجل / المرأة إلا أن التصور الذاهب لأبعد من هذا يحقق مستوى من الوعي أكبر بكثير من هذه الحدود الضيقة التي تم ترسيمها في مجرد علاقة بين رجل / امرأة .. إنما بين إنسان / حياة .
هذه الازدواجية في الطرح واشتباك المعنى عند حد العلاقات الموهومة توهبنا على وهمها وشمولها لغزا يتفكك على نحو مبعثر .. يطالبنا بأن نلم شعث هذا التبعثر .. ففي حين يقيم الكاتب حدود كلماته بين حدي المرأة / الرجل على اعتبار أن هذه العلاقة هي أساس التكوين الحياتي والوجودي بعامة وأيضا يمثل في ذاته إشكالا وجوديا شخصيا / عاما .. نجد أن النص يفتح أفاقه بذاته وبلا سابق انذار على حدود اكثر احتواءا من حدي طرفي النص في شكله المادي المباشر والمقروء .. إنه يمثل أزمة في ذاتها قائمة وسوف تبقى قائمة .. فالنص على بساطته ووضوحه وعدم رمزيته محملا بالرمز الشفاف .. الذي يعنيه أن يحرك المواقع بهدوء بلا ضجيج .. ويركز الضوء بهدوء أيضا على بؤرة الكينونة والكائن والمطمح إليه في أن يكون في ذات الوقت ..
من ناحية أخرى يطل علينا النص باشتمال التفاصيل على كينونات غير مجردة إنما هي كينونات تحتل لها مناطق موجودة بالفعل ولها من الحضور ما يستوعبه الإنسان ومن ثم هي كل ما يملكه .. إنما وجه المفارقة فيما احتكم اليه الكاتب / الانسان من تشريع وما بين ما يناهضه من تشريع وسنن للحياة ..
في النهاية هذا العرض غير المبهم وكأنه عرض لقائمة تحصيلية لفهم واعي وادراك مكتمل بذاته .. يمنحنا مساحة من اقامة هذا التصور العام لأزمة الإنسان الوجودية وأزمته التفاعلية بينه وبين إمكانه وقدراته وتحصيله المعرفي وبين الحياة على جملة تفاصيلها .. لذا لا يبقى من النص في نهاية القراءة سوى قطبي محاورة وجدل هما الكاتب / الانسان والمرأة / الحياة .



#أمل_فؤاد_عبيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شفافية 3
- شفافية 4
- شفافية 5
- شفافية 6
- وسيم ..
- قد تقترب ساعة .. الملاذ
- سورة الكهف .. مشاكلة الهدم واعادة البناء
- تشوف ..
- من يسكنون .. انبعاثي
- من مفاهيم الإيمان .. الإيمان والتقوى والإحسان
- خلفية الستارة
- شفافية .. 2
- وجع .. امرأة 4
- وجع .. امرأة 5
- شفافية ..
- وجع .. امرأة 2
- وجع .. امرأة 3
- الحلم والنهر والحنظل .. قراءة نقدية للكاتب المصري / محمد ندي ...
- قراءة جديدة لانعتاق الروح .. تجربة ذاتية 9
- من مفاهيم الإيمان .. ما وراء الأسباب والمسببات


المزيد.....




- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمل فؤاد عبيد - بين انغلاق النص وانفتاح المعنى في - الخطايا العشر - للكاتب إسلام شمس الدين