أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمل فؤاد عبيد - الحلم والنهر والحنظل .. قراءة نقدية للكاتب المصري / محمد نديم علي














المزيد.....

الحلم والنهر والحنظل .. قراءة نقدية للكاتب المصري / محمد نديم علي


أمل فؤاد عبيد

الحوار المتمدن-العدد: 2015 - 2007 / 8 / 22 - 09:17
المحور: الادب والفن
    


(1)

أشهد أنها قصة حب نارية.. امتدت خلال سنوات ثلاث قضياها معاً جنباً إلى جنب, في العمل صباحاً وفي الشارع مساء, يبحثان عن وظيفة إضافية دون جدوى. أما البحث عن مسكن فالتفكير فيه كان ضرباً من الجنون.
وعادة ما كان ينتهي بهما الأمر إلى التسكع اليائس على أرصفة ( كورنيش النهر الكبير), يحصيان بدقة ما تبقى من عملات معدنية, ويزدردان الأطعمة الرخيصة, ويستمعان إلى أغنيات حب شعبية, ويندمجان في حشد المارة, ويتبادلان الحلم, والشوق لهب في العيون, وأجياد الرغبة تتراكض في العروق. فيسترقان في ظل الشجرالعجوز شيئاً من الهمس المتقطع, ويختلسان اللمس المرتعش, ويخطفان قبلة خجولة خائفة, ويلتهمان الترمس المشبع بالملح.

(2)

كان يهذي: أنا ؟ أنا لم أقصر معها في شيء.
- أشهد أنك قمت بما عليك, أؤكد أن المسكينة قد التهمت ما يقرب من طنين من الترمس
(3)

- نعم , على الحكومة أن تجد حلاً.. وأن..
- لا تحمل الحكومة أكثر مما تحتمل, ألا يكفي أنها تستورد لكما الترمس؟
( الفقراء كابوس على قلوب الولاة, فلا يستطيعون بسببهم التمتع بمباهج الحكم)
(4)

الأيام تذوب كالملح في الأفواه... والأحلام تنفخ العقول، كما ينفخ البطون هذا الترمس. والألسن لا ترحم, والأم ينزف قلبها حناناً ودماً، فقد يمتد صهيل الرغبة إلى حافة الخطر, والربيع لا يدوم طويلاً في أرضنا, فسرعان ما ينبت شجر الحنظل.
(5)

دَقَّ البابَ . فُتح الباب مواربا على غير العادة، أطل نصف وجه لطفلة خائفة.
- أخبريها أنني أنتظر... في الأسفل.
- سافرت.
- إلى أين؟
- عند خالتها.
(6)

جاءني مهرولاً حانقاً : خائنة!... لماذا أخفت عني أن لها خالة؟!!
(7)

مع بقال الحي العجوز الذي توسط له في الخطبة يوما ماً، أعادوا له هداياه التافهة, ورحلوا.
اختفت أسرتها من الحي كله, ثم ظهرت فجأة. أما هي فقد تلاشت.
(8)

في الربيع يكون التزاوج بين البراعم والأزاهير, والفراشات الرقيقة. أما على ضفافنا, فالربيع مختلف تماماً, فالشجر المتوحش العجوز الضارب بجذوره المتشعبة في قلب البلاد, ينتشر بكثافة لمجرد أنه قادر على إنتاج الحنظل بكميات تجارية.
(9)

كان يمشي إلى جانبي شارد الذهن ونحن نلتهم قراطيس الترمس المر في ظلال الشجر العجوز المهيمن.
كان يهذي بصوت مسموع : رأس البلاء الحكومة ,لأنها تستورد الترمس المغشوش.
تناهت إلى مسامعنا أغنية حب شعبية, بدا وكأن جهاز التسجيل لا يعمل بكفاءة, فترددت الأغنية كحشرجات ألم في الفضاء المحيط.
(10)

كان طعم الملح زاعقاً في أفواهنا, ونحن نسير بلا هدف وسط الحشود الهائمة ,على حين انتشر باعة الحنظل الذين كانوا ينادون الناس إلى بضاعتهم بحماس شديدعلى (ضفة النهر الهادر الكبير).


نتلمس هنا ما بين ضفتي النهر يتلمس الكاتب خطوط لصراع محموم .. هذه المرة ليس الصراع بين البشر إنما على ضفتي النهر تقع الحقيقة .. واي حقيقة هي .. ان يحتوي النهر بمنتهى عطائه وخلوده .. تضاد الإحساس بين لونين .. هما الحلم والحنظل .. بين لون الأمل ولون التلاشي او المرار .. إنها مقايسة الأحداث على نحو بسيط ولكنه حقيقي .. وتمكن طزاجة الكتابة هنا في واقعيتها بل منتهى واقعيتها .. صدام الخطين .. حتى تلاشي احتمال الانفصال الذي من خلال يمكننا رؤية اللونين كل على حدة .. لا يبقى هناك من تمييز .. سوى ما تحمله الكلمات من أسى .. الكاتب قد استعان بخريطة الواقع في التماس منطقته الصعبة / السهلة في آن .. امتياز الحركة بين سطو وانفلات .. هو سطو الحنظل تارة .. وبين الفكاك من اسر الواقع تارة أخرى .. على أن يكون هذا الفكاك أو هذا الانفلات مسؤولية الحلم الذي يقع على الضفة الأخرى تقديرا .. ولكن ما تبقى في النهاية هو انتشار الحنظل .. تلاشى الحلم تلاشيا يحمل معه رغم ما يحمل من أسى .. يحمل مع صورة واقع مذموم .. هو واقع انتصار الاستسلام ..
تأخذنا القصة المتقطعة / الموصولة .. مابين لقطات .. هي انتقالات محمومة وسريعة إلا أنها لا تني ان تستحضر مسافات الخفاء ضمن سطور واضحة .. وكأننا نعيش الاحداث بسرعة او عشناها بسرعة حقا .. جعلنا الكاتب نشعر وكأننا ابطال لهذه القصة .. انتقالات الأحداث والشخوص وسرعة ملفوظها واختصاراتها .. مكنتنا من استقطاب مفردة الحال الواقع على ضفتي النيل أو النهر .. هناك دوما تعيش الواقعة ممرا من الأمل .. كما قد تسقط صريعة او ضحية في هذا النهر .. وكأنه يستمد حضوره من نزق البشر المترامي على ضفافه عاشق متيم .. أو هو يلتاذ على مشقة الألم والتلاشي .. بين حيرة وامل وبين سعادة وشقاء .. حتى يبات في وقت لا ضرورة فيه للحب .. لا يبقى هناك سوى أن يصبح في وقت ما .. مجرد ممرا لعابري السبيل أو محلا لتحصيل القوت .. او مكانا متاحا للتداول البيع .. هذا هو وجه آخر للنهر .. يتضاد مع شعور اللحظة الأولى للقصة عندما كان مكانا يحمل احساسا مغايرا لما احتمله في النهاية ..



#أمل_فؤاد_عبيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة جديدة لانعتاق الروح .. تجربة ذاتية 9
- من مفاهيم الإيمان .. ما وراء الأسباب والمسببات
- بيني .. وبينك
- سياسة ..
- فاتحة ..
- وجع .. امرأة
- مكاشفة .. 3
- رسائل .. حب
- بلا .. عنوان
- محاولة قراءة جديدة لانعتاق الروح .. تجربة ذاتية 8
- الأمن المخابراتي .. إستراتيجية تخليص البيانات
- إجراءات تطبيق الشعار إشكالية إجراءات التطبيق .. بين الخصوص و ...
- كيفية احتواء رجل الشارع من قبل ضابط الأمن 1 الإسناد لقوة الض ...
- كيفية احتواء رجل الشارع من قبل ضابط الأمن (2)الدعاية والتعلي ...
- محاولة قراءة جديدة لانعتاق الروح .. تجربة ذاتية 7
- البنية المجتمعية من وجهة نظر بنائية / مفهوم .. وتطبيق 2
- البنية المجتمعية من وجهة نظر بنائية / مفهوم .. وتطبيق 1
- غياب ..
- جدلية التحول والتغيير
- مكاشفة ..1


المزيد.....




- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمل فؤاد عبيد - الحلم والنهر والحنظل .. قراءة نقدية للكاتب المصري / محمد نديم علي