أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عصام عبدالله - أرض الأحلام














المزيد.....

أرض الأحلام


عصام عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 2112 - 2007 / 11 / 27 - 10:51
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


على الضفة الأخرى من كتابات الدكتور زكي نجيب محمود (1905 – 1993 )، يوجد كتاب صغير الحجم عظيم الأهمية يبدو للوهلة الأولى وكأنه خارج السياق "الوضعي" الذي ارتضاه، وان كان في الواقع يضئ جانبا مهما، لم يلتفت إليه الكثيرون، من جوانب شخصيته ومشروعه الفكري العام.


صدر هذا الكتاب الذي ينتمي إلى الفكر اليوتوبي، ويحمل عنوان "أرض الأحلام" في طبعات ثلاث نفدت فور صدورها. صدر أولا في أواخر الثلاثينيات (1939)، فنال عنه جائزة التفوق الأدبي، وهي جائزة رصدتها وقتئذ "وزارة المعارف" التي كان يرأسها الدكتور محمد حسين هيكل .


وصدرت طبعته الثانية عقب قيام ثورة يوليو 1952 في سلسلة "كتب للجميع"، بعد حذف ما يقرب من نصف حجمه نظرا لطبيعة هذه السلسلة، التي كانت تتولي نشر الكتب الثقافية في طبعات شعبية.


واحتفظ الكتاب في طبعته الثالثة في سلسلة "كتاب الهلال" عام 1977 بنفس حجم وقطع الطبعة الثانية، وان بقيت مقدمة الكتاب في طبعاته الثلاث، محتفظة بمضومنها العام وبتوجه كاتبها، الذي ذيله بـ(صيف 1939).


وحفل بعرض وتحليل أهم اليوتوبيات التي ظهرت في التاريخ الانساني، وهي : "الجمهورية" لأفلاطون، "المدينة الفاضلة" للفارابي، "أطلنطيس الجديدة" لفرنسيس بيكون، "يوتوبيا" لتوماس مور، "آرون" لصمويل بتلر، "أبناء الأرض التي لا وجود لها" لوليم موريس، "يوتوبيا حديثة" لـ(هـ. ج. ولز).


وتكمن أهمية هذا الكتاب أساسا في كون موضوعه، وهو اليوتوبيا أو "المدينة الفاضلة"، يرتبط ارتباطا عضويا بمشروع النهضة (أو التجديد بشكل عام)، من حيث أن اليوتوبيا في أنقى معانيها هي طلب المفقود والتطلع لرؤية الواقع في صورة أفضل مما هو عليه.


وما يلفت النظر في تاريخ اليوتوبيات بوجه عام، هو انتعاشها في مراحل التحول التاريخية، وحركة العودة القوية إلى الأصول اليوتوبية في تلك الفترات التي تتميز عادة بتمزق الوجود الاجتماعي ، واندحار قيم قديمة أمام قيم جديدة ناشئة.


ثمة مثلا في تاريخ أوروبا الحديث والمعاصر، فترات معينة يستحضر فيها الخلف أفكار السلف، كما يوجد من أعلام اليوتوبيا من تدخل مؤلفاته في طي النسيان ثم تنهض كالأرواح المستحضرة. حدث ذلك في أثناء الثورة الفرنسية (1789)، وفي أزمة ما قبل الحرب العالمية الأولى (1890 – 1913)، وفي ربيع 1968، حيث استعاد قدامي اليوتوبيين أمثال: توماس مور وبيكون وولز ومابلي وفورييه وغيرهم ملامحهم الفكرية، إذ أعتنى كبار النقاد والفلاسفة في الغرب بنصوصهم عناية علمية فائقة، تحقيقا ونشرا، وخصصت أطروحات جامعية لفلاسفة اليوتوبيا وأدبائها في مختلف لغات العالم.


وفي عالمنا العربي، لم يكن الأدب اليوتوبي الغربي غريبا على رجال النهضة العربية الحديثة منذ القرن التاسع عشر، بل لعل اطلاعهم على بعض آثاره وشخصياته قد اقترن عندهم بفكرة البدء ومشروع التجديد.


وليس مصادفة ان كانت رواية "روبنسون كروزو" لـ(دي فو)، من أول ما ترجم من الروايات إلى اللغة العربية عام (1835)، ثم "مغامرات تليماك" لـ(فينيلون) التي نقلها رفاعه الطهطاوي في منفاه بالسودان (1849 – 1854). والروايتان تنتميان إلى الحقل اليوتوبي، وتتضمنان – إلى جانب غرضهما التربوي – مديحا للحرية والنزعة الفردية التواقة إلى الانعتاق من أسر القرون الوسطى.


كما كان لروسو وفورييه وبرودون والسانسيمونيين، أثر قوى على تكوين رجال الاصلاح والتنوير، خاصة أديب إسحق وعبد الرحمن الكواكبي، ولم تخل المشاريع المدنية عند شبل شميل وفرح أنطون من نزعة تعاونية ذات أصول مساواتية فرنسية.


وفي تلك الحقبة ذاتها، أي في مرحلة النهضة الفكرية الأولى، عرضت مجلة الهلال تلاخيص من "يوتوبيا" توماس مور، و"مدينة الشمس" لتوماسو كامبانيللا، و "أطلنطيس الجديدة" لفرنسيس بيكون. كذلك الحال مع مجلو "تراث الانسانية" و "الرسالة" في النصف الأول من القرن العشرين، كما نشر سلامة موسى كتابه "أحلام الفلاسفة"، وحظيت الكتابة في هذا الحقل باهتمام بالغ من القراء.


وقدمت موسوعة البستاني (دائرة المعارف) عام 1887 عروضا ثرية لنظريات سان سيمون، كما كان لتشييد قناة السويس على يد السانسيمونيين دور في ترويج فكرهم في مصر وغيرها من البلدان العربية.


ولا يخرج كتاب الدكتور زكي نجيب محمود عن المنظومة الفكرية لهذه المرحلة، مرحلة النهضة، ولعل في إصراره على الإبقاء على مقدمة كتابه في طبعته الأولى عام (1939)، دون أي تعديل أو تغيير في الطبعات التالية (1952 ) و (1977 )، ما يؤكد انتماءه الفكري لهذه المرحلة دون غيرها، وهي المقدمة التي خاطب فيها القارئ بقوله: "لو أحس القارئ بعد فراغه من قراءة هذا الكتاب بشئ من الضيق بما نحن فيه عيش سقيم بائس ، ثم أحس مع ذلك برغبة في التغيير والاصلاح علي نحو اشتراكي يعرف للأفراد أقدارهم، ويترك لهم حق حرياتهم، ويحطم الفواصل البغيضة بين الناس ... لو أحس القارئ بشئ من هذا بعد فراغه من قراءة الكتاب، تحقق لي الهدف الذي قصدت إليه".





#عصام_عبدالله (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- باقة ورد إلي الحوار المتمدن
- أصل الدستور الأمريكي
- في اليوم العالمي للفلسفة ..
- أحذر الديموقراطية القادمة !
- هل الحداثة إرادة سياسية ؟
- ضبط الكلمات .. العولمة نموذجا
- كيف أصبحت الإمارات رمزا للتسامح ؟
- الدولة القمعية
- شعار التنوير
- الأسس الفلسفية لليبرالية
- مسائل تخص العقل والإيمان
- أليست فكرة جديرة بالتمثل ؟
- ماذا بقي من الدولة ؟
- آخر .. ما بعد الحداثة
- دين حقوق الإنسان
- العنف والحق الطبيعي (3)
- العنف والحق الطبيعي (2)
- العنف والحق الطبيعي (1)
- مشروعية العنف
- محور مفاهيم الحداثة


المزيد.....




- -نفتقدك-.. كيتي بيري تغيب عن زفاف جيف بيزوس ولورين سانشيز
- في كوريا الشمالية.. من يُسمح له بالدخول إلى المنتجع الضخم ال ...
- ليلة تحييها ليدي غاغا وإلتون جون.. وتوقعات اليوم الأخير لحفل ...
- هل توجد مؤشرات حقيقية تدفع نتانياهو للتوجه نحو إقرار هدنة في ...
- -عراك بين إسرائيلي وإيراني- في أستراليا.. ما هي حقيقة الفيدي ...
- -شهيدات لقمة العيش-.. مصر تودع 18 فتاة قضين في حادث مأساوي
- خلفيات التوجه الأمريكي نحو إقرار وقف لإطلاق النار بغزة
- رواندا والكونغو الديموقراطية توقعان اتفاق سلام في واشنطن
- التداعيات المحتملة لاتفاق السلام بين الكونغو الديمقراطية ورو ...
- تحذيرات من موجة حر قياسية تضرب جزء من أوروبا ومخاوف من حرائق ...


المزيد.....

- قراءة تفكيكية في رواية - ورقات من دفاتر ناظم العربي - لبشير ... / رياض الشرايطي
- نظرية التطور الاجتماعي نحو الفعل والحرية بين الوعي الحضاري و ... / زهير الخويلدي
- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عصام عبدالله - أرض الأحلام