أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بولس ادم - اسماك ( فؤاد مرزا ) التي طارت !..(15)















المزيد.....

اسماك ( فؤاد مرزا ) التي طارت !..(15)


بولس ادم

الحوار المتمدن-العدد: 2113 - 2007 / 11 / 28 - 08:26
المحور: الادب والفن
    



بورتريه عيسى الأبله :-

كان ( وليم فولكنر ) واحدا من الذين شطبوا من قاموس سردهم مفهوم الوصف الخارجي الرتيب والمزركش بابرة نقش على نسخة الشكل
لنقله الى القارئ فوتوغرافيا .. في الفعل تماما نبعت ديناميكية شكل تجريدي ينقل رسالة الحالة الداخلية للبورتريه ، كانت السينما
و التحول الكبير نحو التجريد في الفن التشكيلي قد تبادلتا والأدب الرغبة الأكيدة في الطلاق الأبدي مع التصوير الستاتيكي للأشياء ..
اصبحت الذاكرة وعيا .. والماضي قدرا ! والوجه الأنساني متحركا متموجا قلقا ناطقا في تجاعيده ونظراته /انعكاس الأمكنة والأحداث عليه .. ازيلت الكليشيهات والماسكات الجبسية لبورتريه حكايات القرن التاسع عشر لصالح وجوه يتداول الزمن بثلاثيته على ملامحها
لتكون متحولة في قلب الحدث طرية في يد نحات حديث وليس مثال هندسي في التشبيه .. مايمكننا رؤيته من بورتريه الجنرال المعزول كورتيز
في فيلم ,الرؤيا الآن ,هو القسوة المتماهية على هيئة ظلال لبورتريه يعيش الظلمة التي تعكس ظلاما داخليا حاضرا في وعي البورتريه في
حاضره لكنه وسيلة لأظهار احتقان الماضي القريب ايضا ..
عند قراءة رواية ( قلب الظلام ) / جوزيف كونراد / نلمس تمامااحترافية المخرج ( كوبولا ) في نقل ذلك من الأدب الى السينما ..
وهكذا فان ماظهر من وجه براندو على الشاشة كان يسيرا لكنه كاف لوصف الرعب وحدسه الأستثنائي في البورتريه !

نقرا التالي عن ( عيسى الأبله ) /ابن عم اخر للسارد / :-

( قالَ إبن عمي عيسى الأبله: أن أخته عنّة تحبني وتريدني أن (أعرس) عليها. و قهقه بقوة. يضحك لكي ينبه كُلّ من حوله الى الفضيحة التي أعلنها للتو. وكلما كان وقع الفضيحة كبيراً, كان سروره باعلانها أكبر. يشد قبضتية ويعصب جسمه, ويغرق في ضحكة وحشية لا قرار لها, حتى يحمّر وجهه, ويكاد الدم ينفجر من اذنيه ومن جلدة رأسه الحليقة ومن عروتي أنفه المنكمش.)

ملامح البورتريه هنا تظهر في حالة خاصة بالشخصية نفسها فهي
تتحرك من خلال اعتقاد اكيد لها مصدقة اياه بان هناك حب وزواج محتمل
ورغبات سرية حول ذلك والبورتريه ينقل لنا غبطة وسرية ماتكتشفه
الشخصية من اسرار لنفسها وتنتشي بانتصارها لمناسبة ذلك الأكتشاف !
هي حالة انسانية تحمل روحا لتبادل المشهد الجمالي الظريف والحميم
من خلال هذا البورتريه الناضج قصا والقاصر نفسيا .. هناك خيط
معين لو كان ( فؤاد مرزا ) قد انقاد له / خيط الشفقة على الشخصية / لكان قد فشل منطقيا في ابعادنا عن الميلوداما !
بل عالج المعيار الأخلاقي هنا روائيا وركز على لعبة ( عيسى ) السرية في التلصص متخفيا في الدواليب وخلف الأشجار .. مشوقا
ايانا لرغبة معرفة تلك الأسرار البريئة :-

( ومن أجل الحصول على أكبر عدد من الأسرار, كان يختبئ في الدواليب, وتحت الأسّرة, وخلف الأشجار, وفي اي مكان يتسع لحجب جسمه البدين القصير. يختبئ لساعات حتى تفتقده أمه وتطلب من الجميع البحث عنه )

يستثمر ( فؤاد مرزا ) الألعاب الشعبية لأيضاح اكثر استيعابا لمحلية الروح الشعبية وخصوصيتها :-

( وحينما يعجز عيسى عن الحصول على اسرار جديدة, يضطر للتودد اليهن, فيحطنه ويلبسنه ملابس البنات. يضعن الأقراط في أذنيه, و خطوط من الكحل عريضة ومضطربة حول عينيه, لأنه يتلفت ولا يصبر على السكون. ومع ذلك يمد بوزه ويدوّر شفتيه, ويلمض بلسانه بين لحظة وأخرى, مستسيغاً طعم الديرم على شفتيه. البنات يكركرن ويقايضنه باسرار وفضائح لا يكترث لوقعها أحد.)

هناك سرور وفرحة كبيرة ترافق (عيسى الأبله) حول فضائح لايكترث لها
احد .. نحن هنا امام ابله اخر غير ابله ( ديستويفسكي ) وان كان
التمثيل النفسي حاضرا هنا وهناك .. لربما اقارن تناص الجو الناتج
كاثر ظريف حول المسرة السرية مع واحدة من المشاهد القصصية الرائعة التي قدمها ( فولكنر ) حيث ينام الهندي الأحمر العجوز المصاب بالربو على كرسي خشبي، ولكنه يفرض على زوجته الصغيرة الشابة أن تنام على السرير مذهب جلبه من باريس. ماذا يحدث بعد ذلك؟ كان يسمعها تنسل خلسة من السرير المزين بالأشرطة، لتنام على حشية من القش مطروحة على الأرض. وحين يقترب الفجر، تعود بهدوء إلى السري المذهب، وتتظاهر بالنوم، يضحك الهندي العجوز الجالس قربها في الظلام، والمتظاهر هو الآخر بالنوم، يضحك دون أن يحدث صوتا.

(عيسى الأبله ) اذن وبمعزل عن دوره في الوقائع منطقيا لايصلح تماما ليكون خيار الكاتب للأعلان عن شخص قادم سرا من نقطة الهدف
في مخطط القصة ( جزيرة الفطر الأحمر ) بل سيكون ( خليل ) / ابن عم اخر للسارد هو الأختيار الأفضل .. اولا لأنه استنسخ علاقة شبيهة بعلاقة ابيه مع امه وطاله عقاب قدري ورفض اجتماعي ونفي :-


( في حكاية الأب, ينصّب غضب السماء على عمي, الذي عشق وأختطف صبية دون موافقة أهلها, وعوقب على ذلك بحرمانه من الجاه والولاء والثراء الذي كانت ترفل به عائلته ليعيش حياة تشرد وفاقة مضنية. أما أبنه البكر خليل فعقابه كان أشد وأقسى , لأنه هو أيضاً كان قد أحب صبية لكنها اصيبت بداء الجذام بعد عام, فتبعها إلى جزيرة (الفطر الأحمر) حيث حجرتها السلطات الصحية المحلية مع المصابين بهذا المرض . وتلك الجزيرة التي يتسع حولها نهر دجلة, مكان رهيب محاط بالإشاعات والغموض. )

من يكشف لنا اسرار ( خليل ) هنا هو المتلصص الذي يريد دوما معرفة المزيد عن عالم سيكون متفاعلا معه تماما ومشاركا في تفاصيل
المغامرة بكل ماتكتنفها من مخاطر كبيرة .. ( فؤاد مرزا نفسه )

سيكون الأمر مثير جدا عندما نقرا الأعتراف ادناه :-

( لم اتصور بأن مراد كان جاداً بشأن رحلة صيد الإسود تلك )

لكن هناك ماهو خارج توقعات ذلك الطفل اذ ان هناك فعلا ( رحلة لصيد الأسود ) .. سيغادر فراشه سرا مع المجموعة ليس اعزلا بل
مثلهم مسلحا !

يعتقد المحليون انذاك طبعا باهمية ودور الكوابيس والأحلام وماتحمله من نبوءات تتحقق وليس بالضرورة حرفيا بل يكفي بانها تغذي المخيلة الشعبية بغيمة شؤم لابد من بلل مطرها الأسود :-

( استيقضتُ على صوت الباب يطرق, رفعت رأسي فرأيت أبي يغط في نوم عميق وقد فتح فمه وغارت عيناه المغمضتان في محجريهما فسرت في جسدي قشعريرة وكأني أحلم من جديد بالكابوس نفسه .. كابوس رؤية أبي ميتاً و جثته ممزقة و ملقاة بين النجوم. والنجوم ببرودتها وسط عتمة الليل بدت مثل اصداف بيضاء على رمل سواحل جزيرة نائية.)

.. نتهيا كقراء لأستقبال الشبح الذي يتجول هنا ويحوم حولنا( خليل ) القادم من جزيرة الموت هو من يحمل شفرات غامضة سوداوية
تماما .. هو الذي يرغب جاهدا برؤية امه .. يتحد هنا رسول الموت في ذلك اللقاء مع ملاك الحياة .. في حيرة المصير .. لربما نقف دوما
في هكذا لحظة من لحظات حياتنا مع غراب / ادغار الن بو ! اليس الحاضر على البوابة ؟ لنتبادل معه غرابة الحضور والغياب الأبدي
ليس لنا ان نسال .. لماذا ؟! .. سنتسائل مندهشين راغبين في المضي
مجددا لكشف اسرارنا مشغولين بكلمة .. ماذا ؟! اكثر منا في لماذا؟!

ماذا يعني حلول كابوس بحجم موت الأب في نومة طفل ؟ !!

ذلك بلاشك يقودنا الى الأخطار وحالة الحصار التي يشهد عليها الطفل ليس بما يعيشه هنا فقط بل بما كان يجري في ( بغداد ) قبل السفر
الى القرية اقصى جنوب العراق .. قبل وبعدايضا !

ادناه مقتطف من رسالة ( فؤاد مرزا ) :-

( .. ما حدث لنا تلك الأيام العصيبة (1963) يجعلني اصاب بالحمى والتعرق كما لواني مازلت اعيش الكابوس الآن... ) !

( يتبع )



#بولس_ادم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 6 كلمات ( قصص سريعة جدا )
- عازفة الفلوت
- اسماك ( فؤاد مرزا ) التي طارت ! .. ( 14 )
- اسماك ( فؤاد مرزا ) التي طارت .. ( 13 )
- ست كلمات اخرى ( قصص قصيرة جدا )
- اسماك ( فؤاد مرزا ) التي طارت ..(12)
- سامي العامري يستعرض كابته تاسفا على موتنا !
- ست كلمات فقط ( قصص قصيرة جدا )
- ورقة ( محمود الريماوي ) الصفراء حول ( سركون بولص ) !
- حوار مع مؤلف الكتاب الوحيد عن الشاعر الراحل ( سركون بولص ) و ...
- خزي وعار .. سري ومستعجل !
- سركون بولص ( شيء ضائع بين التقاطيع ) ( 1 )
- سركون بولص
- الأب
- عبيدات
- مقدمة بقلم الشاعر ( ميخائيل ممو )
- قداس ازمنتي .. 2 - 3
- قصة قصيرة جدا ( بخار الرمل )
- قداس ازمنتي ( 1 )
- مقطع من رواية ( الجراد و الماراثون )


المزيد.....




- البيت الأبيض يدين -بشدة- حكم إعدام مغني الراب الإيراني توماج ...
- شاهد.. فلسطين تهزم الرواية الإسرائيلية في الجامعات الأميركية ...
- -الكتب في حياتي-.. سيرة ذاتية لرجل الكتب كولن ويلسون
- عرض فيلم -السرب- بعد سنوات من التأجيل
- السجن 20 عاما لنجم عالمي استغل الأطفال في مواد إباحية (فيديو ...
- “مواصفات الورقة الإمتحانية وكامل التفاصيل” جدول امتحانات الث ...
- الامتحانات في هذا الموعد جهز نفسك.. مواعيد امتحانات نهاية ال ...
- -زرقاء اليمامة-... تحفة أوبرالية سعودية تنير سماء الفن العرب ...
- اصدار جديد لجميل السلحوت
- من الكوميديا إلى كوكب تحكمه القردة، قائمة بأفضل الأفلام التي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بولس ادم - اسماك ( فؤاد مرزا ) التي طارت !..(15)