|
قرار -قطع الشكِّ باليقين-!
جواد البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 2110 - 2007 / 11 / 25 - 11:54
المحور:
القضية الفلسطينية
قرَّرت 16 دولة عربية دعتها الولايات المتحدة إلى حضور مؤتمر أنابوليس أن تلبَّي الدعوة، وأن تشارك في المؤتمر، الذي يعقد وينتهي في يوم واحد فقط، على مستوى وزراء خارجيتها، توصُّلاً إلى "قطع الشكِّ باليقين"، فـ "المتردِّدون"، وفي مقدَّمهم السعودية، اقتنعوا بأهمية وضرورة حفظ وصون "الإجماع العربي"، وأن يذهب العرب إلى المؤتمر "كتلةً واحدة"، وبـ "موقف (عربي) موحَّد"، لإظهار رغبتهم الجدِّية في السلام، ولاختبار النيَّات الإسرائيلية، على أن يستمسكوا، طوال يوم 27 تشرين الثاني الجاري، بشرط "مبادرة السلام العربية" لتطبيع العلاقة مع إسرائيل، وهو أن يأتي هذا التطبيع "بعد" إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية، فلا "مصافحَة"، ولا ما يشبهها من صُوَر "التطبيع المجَّاني".
على مضض، على ما ظَهَرَ لنا، اقتنع "المتردِّد الأكبر"، أي السعودية، بالحضور؛ أمَّا "المعارِض الأكبر"، وهو سورية، فقد أبلغَ إليه "وزراء عرب" أنَّ الولايات المتحدة وافقت على إدراج الجولان في "جدول أعمال" المؤتمر؛ ولكن القرار السوري النهائي (قرار المشاركة من عدمها) لن يُتَّخذ قبل أن تتسلَّم دمشق من واشنطن "خطابا رسميا" تؤكِّد لها فيه إدراج الجولان في "جدول أعمال" المؤتمر، ليكون "البند الثاني" بعد "البند الفلسطيني"، الذي هو "جوهر" أنابوليس، على ما تزعم إدارة الرئيس بوش.
رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وعلى الرغم من إبلاغه إلى وزراء خارجية الدول العربية الذين اجتمعوا في مقر جامعة الدول العربية في القاهرة فشل الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي في التوصُّل إلى صوغ وثيقة مشتركَة بسبب إصرار الطرف الإسرائيلي على جَعْل تلك الوثيقة تعبيرا عن وجهة نظره ومواقفه في المقام الأول، بدا مؤيِّدا كبيرا لمؤتمر أنابوليس ولمشاركة عربية واسعة وثقيلة فيه. ويبدو أن إدارة الرئيس بوش، ورايس على وجه الخصوص، قد أقنعتا الطرف الفلسطيني ودولا عربية عدة بأنَّ الفشل في التوصُّل إلى صوغ تلك الوثيقة لا يُقاس عليه، وبأنَّ "يوم الثلاثاء" سيأتي بما يَجْعَل "يوم الأربعاء" مختلفا تماما عن "يوم الاثنين"، وسيُقْطَع، بالتالي، الشكُّ باليقين.
وأحسب أنَّ إدارة الرئيس بوش قد نفثت في روع الطرف الفلسطيني ـ العربي أنَّ رئيس الوزراء الإسرائيلي "المتشدِّد" في موقفه السياسي والتفاوضي قبل المؤتمر، وفي أثناء الاجتماعات التي عقدها مع عباس، سيُحوِّل تشدده هذا إلى "مرونة" تكفي لجعل الفلسطينيين والعرب "متفائلين" بعدما أظهروا كثيرا من التشاؤم من قبل، فهو، أي رئيس الوزراء الإسرائيلي سينجح في اجتذاب ما يكفي من التأييد الإسرائيلي لـ "مرونته السياسية والتفاوضية" المنتظَرة عندما يرى الإسرائيليون تلك المشاركة العربية الواسعة في أنابوليس، وعندما يرونها متوَّجة بالمشاركة السعودية (والسورية على الأرجح).
لقد توصَّل العرب إلى "استراتيجية تفاوضية"، قوامها، على ما أوضح وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل، "رَفْض ما لا يُمْكِن قبوله عربيا (من مقترحات وأفكار للحل)"، فـ "ليس هناك (في أنابوليس) سيوفاً مسلطة على رؤوسنا لنقبل ما لا نريد".
إنَّ يوما واحدا لا غير في أنابوليس، ومهما أُلْقِيَت فيه من خُطَب وكلمات..، لا يكفي لـ "قطع الشكِّ باليقين" إلا إذا تضمَّن "الخطاب الإسرائيلي" و"خطاب صاحب الدعوة" من "التنازل (المفاجئ)" ما يجعل الطرف الفلسطيني ـ العربي مقتنعا بأنَّ السلام قد أصبح حقَّاً في متناول أيدي المشاركين في أنابوليس جميعا، وبأنَّ الوصول إليه أصبح في حُكْم اليقين، ولا بدَّ، بالتالي، من أن تتحوَّل "المشارَكة العربية في المؤتمر" إلى "مشاركة عربية منظَّمة في مفاوضات السلام" التي ستبدأ في "اليوم التالي".
ولا شكَّ في أنَّ أهمية قرار سورية أن تَحْضُر لا تُسْتَمَد من قرار الولايات المتحدة أن يدرج الجولان في "جدول أعمال" أنابوليس، وإنَّما من أن ينتهي المؤتمر بإطلاق مفاوضات سياسية مباشِرة بين الطرفين السوري والإسرائيلي، فدمشق يتعذَّر عليها أن تكون مُقْنِعة في موقفها إذا لم تبدأ تلك المفاوضات بعد إدراج "الجولان في "جدول الأعمال"، بندا ثانيا، وبعد انتهاء أعمال المؤتمر.
"المؤتمر" في حدِّ ذاته ليس بكافٍ لتحقيق ما فشل المفاوضان الفلسطيني والإسرائيلي في التوصُّل إليه قبل عقده؛ ولكنَّه يجب، إذا ما أريد للشكِّ العربي أن يُقْطع بسكِّين اليقين، أن يكون كافيا، في نتائجه، لتذليل العقبات التي حالت بين الطرفين وبين التوصُّل إلى تلك الوثيقة المشترَكة، فليس من أهمية تُذْكَر لهذا المؤتمر إذا لم تأتِ "مفاوضات اليوم التالي" بما يقيم الدليل على أنَّها ليست، ولن تكون، امتدادا لـ "مفاوضات الوثيقة" مع ما أظهرته من مواقف إسرائيلية رَفَضَ الرئيس عباس قبولها توصُّلاً إلى صوغ "الوثيقة" التي ما كان لها أن تكون "مشترَكة" إلا بمعنى أن يشارِك المفاوِض الفلسطيني المفاوِض الإسرائيلي وجهات نظره في شأن مبادئ وأسُس وسُبُل إنهاء النزاع.
"المشارَكة العربية في المؤتمر" ليس من أهمية لها إذا ما اسْتُنْفِدَت في خلال يوم واحد فحسب، هو يوم انعقاد المؤتمر، فأهميتها لن تَظْهَر وتتأكَّد إلاَّ إذا اسْتَوْفَت (في خلال ذلك اليوم) ما تحتاج إليه من شروط لتحوُّلها إلى "مشاركة جماعية منظَّمة" في مفاوضات السلام، ولو شغل إنهاء النزاع بين الفلسطينيين وإسرائيل حيِّزها الأكبر بدءاً من "اليوم التالي"، وفي الأشهر المقبلة.
وإنَّ من الأهمية بمكان أن ينتهي أنابوليس مع ما أٌلْقي فيه من خطب وكلمات إلى عقد مؤتمر صحافي عربي هناك وعلى غرار المؤتمر الذي عقد في القاهرة وأُعلن فيه قرار المشاركة العربية يُجاب فيه، إنْ سُئِل "المجيبون" أو لم يُسْألوا، عن سؤالين هما: "هل قَطَعْتُم الآن الشكَّ باليقين؟"، و"هل وَقَفْتُم على النيَّات الحقيقية لإسرائيل؟".
إنَّنا لن نعلِّل أنفسنا بوهم أن نرى السماء في أنابوليس تُمْطِر يوم الثلاثاء المقبل؛ ولكنَّنا لن نرضى مقياساً نقيس به نجاح المؤتمر من فشله غير "الغَيْم"، فالسماء هناك يجب أن "تُغَيِّم" ولو قليلا حتى نقول، ولو بقليل من اليقين، إنَّها ستُمْطِر، إنْ لم يكن يوم الأربعاء، فبعد بضعة أيام، أو بضعة أسابيع، أو بضعة أشهر.
و"الغيم"، في قليله، إنَّما هو كناية عن أن يمتنع رئيس الوزراء الإسرائيلي عن تضمين خطابه كل ما يشير، تصريحا أو تلميحا، إلى شرط "أن يعترف الفلسطينيون بإسرائيل بوصفها دولة يهودية (أو دولة للشعب اليهودي)".
وإذا كان لي أنْ أعرِّف "التطبيع المجاني" لقُلْت إنَّه ليس "المصافحة" وإنَّما بقاء الحاضرين العرب في مقاعدهم ورئيس الوزراء الإسرائيلي يتلو على مسامعهم سورة "الاعتراف" تلك!
#جواد_البشيتي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مجلس نواب يُمثِّل 560 ألف مواطن لا غير!
-
يوم تكون -الوعود- كالعهن المنفوش!
-
الانتخابات معنى ومبنى!
-
هذا الخيار التفاوضي الجديد!
-
لا اعتراف بها بوصفها -دولة يهودية-!
-
الزهار في حضرة عرفات!
-
الكَوْن -المطَّاطي-!
-
-الثلاثون من شباط-.. ليس ب -سياسة-!
-
-انحناء الزمان المكان-.. بعيداً عن الميثولوجيا!
-
إشارات إلى -اختراق كبير-!
-
بلفور.. العربي!
-
في -الكوزمولوجيا- القرآنية
-
حتى ينجو الفلسطينيون من -مؤتمر الخريف-!
-
صورتنا كما نراها في -مرآتنا الانتخابية-!
-
الحرب إذا ما شنتها تركيا!
-
أزمة أردوغان في شمال العراق!
-
ثرثرة في -عرس انتخابي-!
-
ثورة -الإلكترون-!
-
بعض من الجدل الذي أثاره بحث: سؤال -كيف خُلِقَ الإنسان؟-
-
سؤال -كيف خُلِقَ الإنسان؟-
المزيد.....
-
صور صادمة من غابات الأمازون إلى مناجم تشيلي توثق حجم الجمال
...
-
من -سارق الأرز- إلى نقانق الدم.. اكتشف ألذ أطباق كوريا الجنو
...
-
السعودية تُعلق على اتفاق وقف إطلاق النار بين -طرفي التصعيد-
...
-
وزير دفاع إسرائيل: سنرد بقوة على انتهاك إيران لوقف إطلاق الن
...
-
الجيش الإسرائيلي: صواريخ أُطلقت من إيران بعد وقف إطلاق النار
...
-
ألمانيا ـ قطاع صناعة الأسلحة يطالب حلف الناتو بضمانات سريعة
...
-
هجوم إيراني على قاعدة العديد الأمريكية في قطر: إدانات دولية
...
-
إيران تستهدف قاعدة العديد الأمريكية في قطر والدوحة تعتبر اله
...
-
-هنيئا للجميع-... ترامب يعلن نهاية الحرب بين إيران وإسرائيل
...
-
ست موجات جديدة من الصواريخ الإيرانية على إسرائيل خلال ساعتين
...
المزيد.....
-
1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت
...
/ كمال احمد هماش
-
في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية
/ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
-
الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها
/ محمود خلف
-
الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها
/ فتحي الكليب
-
سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية
...
/ سمير أبو مدللة
-
تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل
/ غازي الصوراني
-
حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية
/ فتحي كليب و محمود خلف
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
المزيد.....
|