أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عبد الحسين شعبان - الديمقراطية : أزمة وعي أم أزمة ثقافة ؟















المزيد.....

الديمقراطية : أزمة وعي أم أزمة ثقافة ؟


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2105 - 2007 / 11 / 20 - 10:23
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


المستقبل - الاربعاء 14 تشرين الثاني 2007 - العدد 2792 - رأي و فكر - صفحة 19

انشغلت النخب السياسية والثقافية والفكرية والدينية في العقدين الماضيين في الحديث عن الديموقراطية وضرورتها، باعتبارها المفتاح السحري الذي يمكن بواسطته تجاوز "المحنة" القائمة وتحقيق التنمية، أو كونها خشبة خلاص او منقذ لمعالجة أوضاعنا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، لكون ما اضطلعت به أطروحات الخلاص الأيديولوجية الاشتراكية من جانب التيار الماركسي، والوحدة العربية من جانب التيار القومي العربي والثورة الاسلامية من جانب تيار الاسلام السياسي، من رؤية تبشيرية قد وصلت الى طريق مسدود، فهل يمكن تعويض الحلم المفقود بالفردوس الموعود، لمجرد رفع يافطة الديموقراطية او التشبث بأذيال النعيم الديموقراطي لمواجهة جحيم الواقع المأسوي؟
رغم التحولات الديموقراطية التي حصلت في العديد من دول العالم منذ أواخر الثمانينات، ما زالت منطقتنا تفتقر الى ابسط مقومات الديموقراطية، خصوصاً باستمرار ظاهرة الاستبداد على نحو مشين، وتعاظم تفاوت توزيع الثروة، حيث الغنى الفاحش والفقر المدقع، ناهيكم عن تدني مستوى التعليم وشحة المعارف وتراجع التنمية واستمرار تدهور اوضاع المرأة والأقليات وهو ما كشفته، على نحو شديد، تقارير التنمية البشرية الصادرة عن الأمم المتحدة في السنوات الأخيرة.
ولم تكن النخب الفكرية والثقافية والسياسية هي الوحيدة الداعية للديموقراطية والمبشرة بها وتعظيم شأنها بل هناك قوى دولية دخلت على الخط، بعد اخفاق مشاريع الخلاص السابقة وانسداد افق تجارب الخمسينات والستينات والسبعينات لما أطلق عليه دول وحركات التحرر الوطني، ولكن هل يكفي مجرد رفع "خطاب ايديولوجي جديد" حامل لوعد اكثر من كونه حاملاً لبرهان، كفيل باعتباره وصفة علاجية شافية حتى بعدم اكتمال شروطها؟
وهل الديموقراطية "برسم القطف" لمجرد رفع شعارات وانتظار نتائج سريعة لاحداث التنمية المنشودة من دون شروط ومستلزمات ذاتية وموضوعية، وحسبما يبدو فانها لم تنضج بعد، بل لعلها لم تزرع في العديد من البلدان العربية وان تم بذرها أحياناً في بعض منها، ولهذا لن تكون مفتاحاً سحرياً لفتح جميع الأبواب الموصدة المفضية الى جميع الطرق المغلقة من دون تهيئة الشروط العامة والخاصة بما فيها البيئة الثقافية والاجتماعية واحداث التراكم الطبيعي التدريجي التاريخي وبما يتناسب درجة تطور كل مجتمع.
من جهة أخرى فان القوى الدولية التي روجت للتغيير الديموقراطي وبخاصة في أوروبا الشرقية في أواسط الثمانينات لم يكن من مصلحتها احداث التغيير المنشود في منطقتنا، ولهذا السبب انكسرت رياح التغيير عند شواطئ البحر المتوسط وغدت من أكثر مناطق العالم بعدا عن الاصلاح والتغيير. وعادت الولايات المتحدة ودول أوروبية، بعد احداث 11 ايلول الارهابية الى الحديث عن الديموقراطية والاصلاح، بل انها لم تتوان عن مساعيها لفرض الديموقراطية من الخارج احياناً وبقوة السلاح في احيان أخرى، تحت باب الشرق الأوسط الكبير او مشاريع الاصلاح ومبادرات التغيير أو الشرق الأوسط الجديد، او غيرها، دون اكتراث باستعداد المجتمع ودرجة تقبله وبالتالي تطوره التدريجي خصوصاً بحساسيته ازاء الأجندات الأجنبية.
وجرى الحديث علناً عن ربيع الديموقراطية ونعيم الحرية والرفاه الاجتماعي الذي يمكن ان يعم ليصبح هذا المجتمع او ذاك نموذجاً يحتذى به، شريطة التخلي عن خصائصه وتكوينه الثقافي واستعداده للانخراط ضمن المشاريع المصنوعة خصيصاً.
وعندما أصبحت الديموقراطية مساراً كونياً واستحقاقاً لا مفر منه، خياراً أو اضطراراً فان العديد من الحكومات العربية قد اخذت تدعو للديموقراطية لأنها لا يمكن لها الانعزال أو العيش داخل ستار حديدي، ولكن هذا الامر حتى وان كان من باب مجاراة الموجة العالمية فانه شكل هاجسا لها وهامشاً مناسباً لمعارضتها احياناً، وان يفترض البعض ان الامر لمجرد تلميع صورتها أو رضوخ للضغوط الخارجية وبخاصة امام المجتمع الدولي او دفاعاً عن نفسها. ومهما كانت المبررات فان جدلا ونقاشا كانا قد اثيرا على نحو واسع ساهمت فيه الحكومات والحركات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني بشأن السبل المناسبة لانتهاج طريق التحول الديموقراطي وهو امر مرغوب ومطلوب وان كان هناك عقبات وتحديات تواجهه، وعوامل كبح قانونية واجتماعية واقتصادية وثقافية وغيرها داخلية وخارجية.
الوجه الآخر للاشكالية هو ان بعض احزاب المعارضة المستلبة من حكوماتها اكثرت في خطابها من استخدام مصطلحات الديموقراطية والاصلاح والتغيير، ولعل هذه الدعوة تشكل وسيلة للضغط على الحكومات او لكسب قوى الخارج او تعويضاً لشيء مفقود او غير ذلك، حتى وان كانت هذه الأحزاب ذاتها لم تستخدم الديموقراطية في علاقاتها الداخلية وبخاصة مع أعضائها وهناك شكاوى مريرة، ناهيكم عن علاقاتها مع القوى الأخرى.
ولم يشذ عن ذلك ان بعض مؤسسات المجتمع المدني التي يفترض ان تكون مدارس تنويرية ونوافذ واسعة للتدريب والتأهيل على الفكرة والممارسة الديموقراطية تعرضت هي الأخرى الى المساومة والابتزاز والخضوع للأجندة الخارجية أحياناً بهدف الحصول على التمويل او مارست هي الأخرى ما تمارسه الحكومات من تشبث قياداتها في المواقع او لجوئها لأساليب غير ديموقراطية، خصوصا وانها ظلت محاصرة أو مقموعة أو غير مرخص لها من جانب الحكومات.
ومع كل هذه الدعوات وكثرة الحديث عن الديموقراطية ورغم بعض الارهاصات والخطوات الايجابية التي تحققت في بعض البلدان مثل المغرب والاردن واليمن والبحرين وموريتانيا اضافة الى وجود هامش مهم في لبنان والكويت والى حدود معينة في مصر وحراك في العديد من الدول العربية، باتجاه اقرار التعددية والسماح بحرية التنظيم والتعبير والحق في المشاركة السياسية، فان بلداننا لا تزال تفصلها هوة سحيقة عن الديموقراطية.
في الواقع تحتاج الديموقراطية الى بيئة وتراكم وتطور تدريجي طويل الأمد، وهي بحاجة الى نزع جذور التسلط في الثقافة السائدة، سواءاً كانت اقتصادية أم اجتماعية أم موروثاً دينياً سلبياً ام عادات ام تقاليد، للتخلص من ثقافة الاكراه السائدة في الحكم والمجتمع والعمل والمدرسة والحزب والمؤسسة الدينية والأسرة.
والثقافة بحاجة الى تراكم ومران وتدريب وتأهيل وتربية وممارسات وقوانين ومؤسسات ومساءلات بعيدا عن العشائرية والطائفية او المذهبية، فالديموقراطية لا بد لها من اقرار ثقافة الاختلاف، وقبول التنوع ومن حرية التعبير وحق المشاركة وبخاصة عندما تتحرك الأغلبية الصامتة وتأخذ أمورها بيدها.
ولكن الديموقراطية لا تأتي دفعة واحدة وليس هناك عصا سحرية أو صيغة خارقة، فهي ليست منقذاً اسطورياً بقدر ما هي آليات ووسائل ونظم وعقد اجتماعي، تعتمد على سيادة القانون واستقلال القضاء وحق اختيار الحكام واقالتهم واقرار مبادئ المساواة والمساءلة والشفافية واشاعة الحريات العامة والفردية. وبقدر الحاجة الى الحقوق المدنية والسياسية، فلا بد من توفير الارضية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، اي الحاجة الى العدل الاجتماعي وتخفيف التفاوت بين الفئات والطبقات الاجتماعية وتأمين مستلزمات وضمانات لعيش كريم للجميع، ولعل مثل هذا الامر يحتاج الى تراكم وتطور طويل الامد والى اوضاع سلمية وطبيعية وبيئة حاضنة.

(*) كاتب عراقي



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دارفور وتجارة الاطفال
- المعرفة وحرث البحر
- واشنطن بين حليفين لدودين
- بلفور العراقي: حامل لوعد أم حامل لبرهان
- التنوع الثقافي في المجتمعات العربية - مصدر غنى أم فتيل أزمات ...
- وجه آخر للتراجيديا العراقية: الطفولة المنسية!
- نهاية الديمقراطية
- المؤتمر الدولي ومهمات الوسيط الدولي توني بلير
- هامش على هوامش آرا خاجادور
- العراق .. بين التنظير والتشطير .. !!
- هامش على هوامش آرا خاجادور في شؤون وشجون الحركة الشيوعية !
- الذئاب الرمادية والحصانة القضائية
- بلفور العراقي.. حامل لوعد أم حامل لبرهان
- الحرب العالمية الرابعة وتروست الادمغة
- بلاك ووتر والحصانة القانونية
- تنميط الاسلام!
- بيئة العنصرية وسؤال ما بعد 11سبتمبر
- ثقافة العولمة أم عولمة الثقافة؟!
- تركيا وجدل الهويات !!
- إرهاب أشرار وإرهاب أخيار


المزيد.....




- لعلها -المرة الأولى بالتاريخ-.. فيديو رفع أذان المغرب بمنزل ...
- مصدر سوري: غارات إسرائيلية على حلب تسفر عن سقوط ضحايا عسكريي ...
- المرصد: ارتفاع حصيلة -الضربات الإسرائيلية- على سوريا إلى 42 ...
- سقوط قتلى وجرحى جرّاء الغارات الجوية الإسرائيلية بالقرب من م ...
- خبراء ألمان: نشر أحادي لقوات في أوكرانيا لن يجعل الناتو طرفا ...
- خبراء روس ينشرون مشاهد لمكونات صاروخ -ستورم شادو- بريطاني فر ...
- كم تستغرق وتكلف إعادة بناء الجسر المنهار في بالتيمور؟
- -بكرة هموت-.. 30 ثانية تشعل السوشيال ميديا وتنتهي بجثة -رحاب ...
- الهنود الحمر ووحش بحيرة شامبلين الغامض!
- مسلمو روسيا يقيمون الصلاة أمام مجمع -كروكوس- على أرواح ضحايا ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عبد الحسين شعبان - الديمقراطية : أزمة وعي أم أزمة ثقافة ؟