أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - بلاك ووتر والحصانة القانونية















المزيد.....

بلاك ووتر والحصانة القانونية


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2052 - 2007 / 9 / 28 - 10:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


سلّطت المجزرة التي ارتكبتها عناصر من شركة «بلاك ووتر» للحماية الأمنية في ساحة النسور ببغداد بحق نحو 30 عراقياً بينهم 11 قتيلاً، الأضواء مجدداً حول الوضع القانوني للشركات الأمنية، خصوصاً بعد إطلاق نار عشوائي وقتل عراقيين مدنيين أبرياء.

ولعل مصدر الالتباس أو الإبهام في مدى خضوع هؤلاء المرتكبين إلى حكم العدالة أو القانون، يعود إلى استثناء السلطات الأميركية موظفيها والعاملين معها بعد الاحتلال بمن فيهم «المرتزقة» من الخضوع لأحكام القوانين العراقية.

وكان بول بريمر الحاكم المدني الأميركي للعراق قد أصدر قراراً برقم 17 عشية مغادرته العراق 27/ 6/ 2004 أعفى فيه العاملين من أفراد الشركات الأمنية من الملاحقة القانونية ونص على «حرية الشركات الأمنية للعمل في العراق» ومنحها «حصانة قضائية ضد ملاحقة القانون»، وهو ما سبق أن بيّناه في هذه الزاوية عند حديثنا عن «حقيقة فرسان مالطا وبلاك ووتر» بتاريخ 27 يوليو 2007.

يقدّر عدد أفراد الشركات الأمنية العاملة في العراق بنحو 48000 ألف عنصراً، فإضافة إلى شركة بلاك ووتر أكبر الشركات الأمنية للحماية، هناك شركة «دين كورب إنترناشيونال» وشركة «تريبل كانوبي»، وشركات أخرى.

لكن الالتباس القانوني لا يخّص العراقيين وحدهم بل شمل الكونغرس الأميركي، فقد طلب من البنتاغون (وزارة الدفاع) إعداد لائحة تعمل على إلحاق آلاف المرتزقة في العراق، للقوانين العسكرية الأميركية، لكن وزارة الدفاع لم تستجب للموضوع، وهكذا ظلّ المرتزقة خارج نطاق الخضوع للقوانين العراقية أو للقوانين العسكرية الأميركية، بل هم يعملون حالياً بحصانة افتراضية خارج نطاق أي قانون أو قضاء، أو مساءلة!

بغض النظر عن الرأي بحكومة المالكي، فإن مجرد تنديده بقتل المواطنين العراقيين «بدم بارد» كما جاء على لسانه أمر إيجابي، خصوصاً عندما أكد أنه لن يتسامح، وأن هذا الحادث هو السابع الذي تتورط فيه شركة بلاك ووتر.

لكن هذه التصريحات لم تصمد أكثر من 48 ساعة، فبعد نحو يومين تراجعت حكومة المالكي عن سحب الترخيص الذي تعمل شركة بلاك ووتر بموجبه، وقال الناطق الرسمي باسمها (د.علي الدباغ)، إن القرار يقضي فقط بمنع الشركة من النشاط لحين انتهاء التحقيق،

وأضاف بتقديم حسن النية بالقول: نحن لا ننوي وقفهم أو سحب ترخيصهم نهائياً، ولكننا نريد منهم أن يحترموا القوانين في العراق، وتابع قوله مُشيداً بالشركات الأمنية: نحن نتفهم ونحييّ الشركات الأمنية على تقديمها مستوى من الحماية ليس متوفراً، وذلك للدبلوماسيين والمسؤولين والشركات الأجنبية العاملة في العراق.

جاء هذا التصريح بعد الرد السريع لدانا بيرينو باسم البيت الأبيض بطريقة استعلائية لا تخلو من خبث عندما قالت: إن الشركة باقية في العراق ولن ترحل أو توقف عملها بسبب حمايتها للسفارة الأميركية وعدد من أعضاء الحكومة العراقية، بما يعني أن أمرها يهمّ الإدارة الأميركية ولا يمكن الاستغناء عنها، وبطريقة مبطّنة أرادت أن تقول: حتى لو تم سحب ترخيص المالكي!!

ولعل هذا التصريح يحمل أكثر من دلالة سياسية وقانونية وإنسانية، لمن يريد أن يعرف حقيقة ما يجري في العراق، ناهيكم عن أنه يدحض أي ادعاء بشأن السيادة المجروحة والاستقلال المعوّم أو غير ذلك من المظاهر المعروفة لمواصفات الدولة.

وكان جيرمي سكايل قد أشار إلى العلاقة الوثيقة التي تربط بين شركة بلاك ووتر ومنظمة فرسان مالطا (كتاب بلاك ووتر ـ صعود أقوى جيش مرتزقة في العالم) أو «فرسان المعبد» التي تعود جذورها إلى القرن الحادي عشر، وتزوّد منظمة فرسان مالطا شركة بلاك ووتر وغيرها من الشركات بمرتزقة، متمرسون بأعمال القتل ولا تحدّهم حدود للقيام بالفضائح والارتكابات، كما حصل في الكثير من بلدان العالم.

وقد تردد ذكر بلاك ووتر في العراق في شهر مارس 2004 عندما ألقي القبض على أربعة من عناصرها في مدينة الفلوجة وقام مواطنون غاضبون بحرقهم والتمثيل بهم بطريقة بشعة، كرد فعل على ما حصل في مدينتهم، الأمر الذي أدى إلى اجتياحها فيما بعد، ابريل 2004 ـ زمن حكومة د. أياد علاوي).

وأثار سقوط طائرة تحمل 11 شخصاً قتلوا جميعهم في ابريل 2005 استغراباً شديداً، وكانوا ستة من حملة الجنسية الأميركية وثلاثة بلغار واثنان من فيجي، وفي 23 يناير 2006 سقطت إحدى طائرات بلاك ووتر في شارع حيفا ببغداد، وقُتل فيها خمسة أشخاص، ووصفهم السفير الأميركي السابق زلماي خليل زاد بأنهم رجال أكفاء.

جدير بالذكر أن شركة بلاك ووتر تأسست عام 1996 ـ 1997 على يد المليونير الأميركي أريك برنيس، وان عدد منتسبيها يبلغون نحو مليونين و300 ألف مقاتل، معظمهم خدم في القوات الخاصة الأميركية أو المارينز أو السي.آي.إيه،

وفي العراق يتلّقى عناصر الشركة رواتب ضخمة تصل لحدود 12 ـ 20 ألف دولار شهرياً. وقد وقّعت وزارة الخارجية الأميركية أول عقد مع شركة بلاك ووتر لحماية السفير الأميركي بول بريمر الحاكم المدني الأميركي في العراق، بمبلغ 300 مليون دولار،

ثم انهالت عليها العقود حيث ساهمت ببناء قاعدة عسكرية لها وهي تملك مروحيات ومدرعات ومعدّات عسكرية وأسطول من الطائرات، بما فيها طائرات الهليكوبتر المقاتلة حيث تحلّق طائراتها فوق بغداد وأحيائها السكانية. وتشير الإحصاءات أن 7 ونيّف مليار دولار من مجموع 21 مليار (34%) خصصتها الولايات المتحدة لإعادة إعمار العراق، قد تم تحويلها إلى الشركات الأمنية الخاصة وفي مقدمتها بلاك ووتر.

بعد كل هذه الضجة والأخذ والرد وتراجع المسؤولين العراقيين، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية طوم كايسي: أن واشنطن لم تبلّغ بأي إجراء عراقي اتخذ ضد الشركة الأميركية واكتفى بالحديث عن لجنة مشتركة عراقية ـ أميركية للتحقيق في ملابسات القضية،

وحسب صحيفة نيويورك تايمز فإن إدارة الرئيس بوش سوف تتصدى لأي محاولة لطرد أو ترحيل بحق الشركة، ولعل هذا الأمر سيزيد من تبهيت صورة المالكي أمام العراقيين، فالشركة التي تعهد المالكي بتجميد نشاطها عاودت العمل بعد 5 أيام بذريعة حصول فراغ أمني كما برر الناطق باسم الحكومة العراقية.

أما بخصوص الوضع القانوني، فلم يزل الجدل مشتعلاً بين البيت الأبيض والكونغرس لإخضاع المرتزقة لأحكام القانون العسكري الأميركي الموحد، لكن المقترحات لم تتضمن أولئك الذين تعاقدوا مع وزارة الخارجية الأميركية كمرتزقة بلاك ووتر.

وما زالت متعثرة اقتراحات بشأن تشريع يفرض على وزارة الدفاع وضع معايير وأحكام تعاقد جديدة لمتعهدي الخدمات الأمنية في العراق وأفغانستان. وإذا كانت شركة بلاك ووتر والشركات الأمنية معفيّة من الخضوع للقوانين الأميركية، فهل سترضى بالخضوع للقوانين العراقية؟

حيث تستمر في الحصول على الحصانة القضائية، خارق نطاق القوانين السائدة ويعتبر أفرادها مستثنين من الملاحقة ويحققون أرباحاً طائلة، ولهذا وسّعت من نشاطها ومناهج عملها وبرامجها، رغم أن عدد القتلى فيها ليس قليلاً، غير ان هذا العدد يجري التكلم عليه وتمريره في سياق ضحايا الحرب،

وأن ما يحصلون عليه من أرباح خيالية اعتبر ضريبة الخطر، وحسب القانون الدولي يفقد أفراد الحماية حمايتهم في حال «قيامهم بأعمال تعدُّ بمثابة اشتراك مباشر في العمليات العدائية، أما إذا وقعوا في الأسر فلا يحقّ لهم التمتع بالوضع القانوني لأسرى الحرب، وتجوز محاكمتهم لمجرد مشاركتهم في العمليات العدائية، حتى لو لم يكونوا قد ارتكبوا أي انتهاكات للقانون الدولي الإنساني».

والقانون الدولي الإنساني لا يستثني المرتزقة من الملاحقة رغم التباسه وما يشوب بعض بنوده من نواقص في هذا المجال، لكنه لحد الآن لم يخضع أي مرتزق أجنبي في العراق لأي شكل من أشكال الملاحقة القضائية، في حين أن جنوداً نظاميين مثلوا أمام محاكم عسكرية أميركية أو بريطانية لمقاضاتهم بشأن الجرائم التي ارتكبوها في العراق، وتلكم إحدى مفارقات الوضع الاستثنائي الفريد في العراق.

فإلى متى سيبقى المرتزقة خارج نطاق المحاسبة والمساءلة؟



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تنميط الاسلام!
- بيئة العنصرية وسؤال ما بعد 11سبتمبر
- ثقافة العولمة أم عولمة الثقافة؟!
- تركيا وجدل الهويات !!
- إرهاب أشرار وإرهاب أخيار
- خيارات الديمقراطية
- موريتانيا واستحقاق الذاكرة
- هل هناك مستقبل للامم المتحدة
- ألغام دارفور...بين الغطاء القانوني والخيط الإنساني!
- جدلية المشاركة والقطيع ...هل هناك نموذج للإصلاح؟!
- جولة جديدة من المفاوضات الإيرانية - الأميركية؟!
- حرب النجوم الثانية
- مفارقة لوكربي ثانية!
- هل عادت الحرب الباردة؟!
- الأيزيدون وملف الاقليات في العراق
- البوليساريو بؤرة النزاع المستديمة
- هل سيصبح تقسيم العراق - أحسن - الحلول السيئة!
- حقيقة فرسان مالطا وبلاك ووتر
- توصيات بيكر-هاملتون من جديد!
- العرب والفصل السابع


المزيد.....




- أمريكا تزود أوكرانيا بسلاح قوي سرًا لمواجهة روسيا.. هل يغير ...
- مقتل أربعة عمال يمنيين في هجوم بطائرة مسيرة على حقل غاز في ك ...
- ما الأسلحة التي تُقدّم لأوكرانيا ولماذا هناك نقص بها؟
- شاهد: لحظة وقوع هجوم بطائرة مسيرة استهدف حقل خور مور للغاز ف ...
- ترامب يصف كينيدي جونيور بأنه -فخ- ديمقراطي
- عباس يصل الرياض.. الرئيس الفلسطيني وزعماء دوليون يعقدون محاد ...
- -حزب الله- يستهدف مقر قيادة تابعا للواء غولاني وموقعا عسكريا ...
- كييف والمساعدات.. آخر الحزم الأمريكية
- القاهرة.. تكثيف الجهود لوقف النار بغزة
- احتجاجات الطلاب ضد حرب غزة تتمدد لأوروبا


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - بلاك ووتر والحصانة القانونية