أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - الذئاب الرمادية والحصانة القضائية















المزيد.....

الذئاب الرمادية والحصانة القضائية


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2067 - 2007 / 10 / 13 - 12:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



إن حادث «ساحة النسور» طرح بقوة موضوع مئات الآلاف من المرتزقة ليس في العراق فحسب، بل في أنحاء العالم جميعها من كولومبيا إلى أفغانستان وبلدان الفلبين وبيرو والاكوادور وجنوب أفريقيا، إذ يمثل سوقاً رائجاً حجمه 100 مليار دولار في السنة، وإن زبونه الأساسي هو الولايات المتحدة.
عاد خبر شركة «بلاك ووتر» إلى الأضواء، إذ تصدّر واجهات الصحف ونشرات الأخبار مجدداً، خصوصاً بعد نشر خبر يقول إن اللجنة المشتركة العراقية- الأميركية عقدت اجتماعها الأول، وكانت قد تألفت للتحقيق في ظروف مجزرة «ساحة النسور» في بغداد يوم 16 سبتمبر الماضي، بشأن تورّط أفراد شركة الحماية الأمنية (بلاك ووتر) في حادث قتل أسفر عن مقتل 17 شهيداً وجرح 27 ضحية.
وكانت الحكومة العراقية قد أكدت على لسان رئيس الوزراء نوري المالكي وقف عمل الشركة في العراق، لكنها عادت بعد يومين وعلى لسان الناطق الرسمي باسمها لتؤكد أن أعمال الشركة مفيدة في العراق وأنها تقوم بأعمال لا يمكن التعويض عنها، وكل ما هو مطلوب احترام الأنظمة واللوائح العراقية.
لكن تداعيات الأمر لم تنتهِ عند هذا الحد، فقد تشكلت واجتمعت لجنة التحقيق في حادث إطلاق النار بشكل عشوائي، وقال د. علي الدباغ الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية: إن اللجنة التحقيقية أنهت تحقيقاتها، إذ لم يثبت ميدانياً تعرّض رتل سيارات شركة «بلاك ووتر» لأي إطلاق نار مباشر أو غير مباشر ولم تصب حتى بحجارة، وهو على الضد من الرواية الأميركية التي قالت إن أفراد شركة الحماية ردّت بنيران كثيفة بعد إطلاق النار عليها، مما أدى إلى مقتل عدد من الأشخاص وجرح آخرين، وأشار الناطق الرسمي إلى أن ما ارتكب يعتبر جريمة قتل متعمّد ويتعين محاسبة أفراد الشركة وفقاً للقانون.
لكن كلام الناطق الرسمي، وإن كان صحيحاً، لم يأخذ بعين الاعتبار. حقيقة أن الشركة لديها حصانة قضائية وقانونية عن القانونين العراقي والأميركي، لدرجة أن البنتاغون طلب من الكونغرس سن قانون لإخضاعها إلى القانون العسكري الأميركي، لكن الأخير تجاهل الموضوع، أما الحقيقة الثانية فهي أن الحكومة العراقية لا تستطيع مقاضاة الشركة لأنها طبقاً للقرار رقم 17 الذي أصدره بول بريمر الحاكم المدني الأميركي في العراق، عشية مغادرته بغداد، في 28 يونيو 2004، قد أعفى طاقمها من المساءلة رغم أن القانون الدولي يقف ضد ذلك.
كل ما توصل إليه وزير الدفاع عبدالقادر محمود جاسم والقائمة بأعمال السفارة الأميركية في بغداد باتريسيا بوتينيس اللذان ترأسا اجتماع اللجنة المشتركة العراقية- الأميركية هو أنهما سينشران تقريراً باسم اللجنة يحدد بعض التوصيات لحكومتي البلدين وعلى مواصلة التنسيق وإنجاز التحقيقات الجارية لتجنّب تكرار ما حصل من أحداث في المستقبل.
إن حادث «ساحة النسور» طرح بقوة موضوع مئات الآلاف من المرتزقة ليس في العراق فحسب، بل في أنحاء العالم جميعها من كولومبيا إلى أفغانستان وبلدان الفلبين وبيرو والأكوادور وجنوب أفريقيا، إذ يمثل سوقاً رائجاً حجمه 100 مليار دولار في السنة، وإن زبونه الأساسي هو الولايات المتحدة بسبب ازدهار حروبها، ولكونها تحتاج إلى قوة مساندة تعتبر جزءًا لا يتجزأ من الحروب الحديثة، لاسيما أن تجاوزات هذه الشركات الأمنية هي فوق حدود المساءلة القانونية والملاحقة القضائية.
وكان روبرت فيسك وسيفرين كاريل قد نبّها منذ وقت مبكر وعشية معركة الفلوجة في أبريل 2004 وفي صحيفة «الإندبندنت» البريطانية في 29 مارس 2004 إلى خطورة دور المرتزقة، إذ بلغ عدد أفراد الجيش الخفي أو الرديف نحو 100 ألف شخص، و160 شركة ولا يشمل هذا الرقم المتعاقدين من الباطن والمقاولين الثانويين وغيرهم.
وأود أن ألفت الانتباه إلى أن القانون الدولي لم يحدد تعريفاً للمرتزقة حتى وقت متأخر ماعدا ما ورد من صياغة عام 1977 في البروتوكول الإضافي الأول الملحق باتفاقيات جنيف لعام 1949، وأعني بذلك البروتوكول الخاص بحماية ضحايا المنازعات الدولية المسلّحة، إذ استُثنوا من التمتع بوضع المقاتل أو أسير الحرب، لاسيما إذا شارك في الأعمال العدائية، وهو ما ذهبت إليه الأمم المتحدة في الاتفاقية الدولية الصادرة في 4 ديسمبر 1989 لمناهضة تجنيد المرتزقة واستخدامهم وتمويلهم وتدريبهم، التي دخلت حيّز التنفيذ في 20 أكتوبر 2001، وكانت منظمة الصليب الأحمر الدولي منذ التسعينيات قد نشطت ضد «خصخصة الحرب» أو إبرام مقاولات أو عقود الباطن، لإفلات المرتزقة من العقاب.
إن تصاعد مخاطر الشركات الأمنية في العراق أثار من جديد الإشكالات القانونية على الصعيد الدولي أيضاً، لاسيما أن الاتفاقيات الدولية كانت قد ذهبت إلى حظر استخدام المرتزقة الذين يعملون بأجر لمنع الشعوب من ممارسة حقها في تقرير المصير أو التدخل للإطاحة بنظام سياسي قائم في أي بلد، وهو ما ذهب إليه البروتوكول الأول الإضافي لاتفاقيات جنيف لعام 1977 في المادة 47، وكذلك المادة الأولى من اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1989.
إن المجتمع الدولي إذ يندد بما تقوم به الشركات الأمنية الخاصة التي مارست انتهاكات سافرة وصارخة وخطيرة لحقوق الإنسان وللقانون الدولي الإنساني، فإنه بلا أدنى شك يشير بإصبع الاتهام إلى الجهات التي كانت مسؤولة عن إغراق العراق بتلك الشركات، بالاضافة الى ممارسة جرائم التعذيب، ولاسيما أن المتعاقدين يستهدفون جني الأرباح من دون أي وازع من ضمير أو أخلاق أو دين.
في الختام نتساءل من المرتزق؟ ونجيب إن المرتزق هو الشخص الذي يجنّد خصوصاً، محلياً أو دولياً، للمشاركة في القتال المسلّح، ويكون هدفه الأساسي الحصول على مغانم شخصية، ولا يكون من رعايا طرف من أطراف النزاع، أو مقيم على أرضه، وليس من أفراد قواته المسلّحة.
وقد وضعت المفوضية السامية لحقوق الإنسان بعض المعايير والضوابط للتصدي لأنشطة شركات الأمن الخاصة وشركات المساعدة العسكرية، وقد كان القسم الأكبر من حيثياتها هو الحديث عن ضرورة التفريق بين الخدمات المشروعة، وتلك التي تصنّف كأنشطة مرتزقة، وأضيف استخدام آخر إلى المرتزقة وهو «شركة المرتزقة»، لاسيما أن الشركات العسكرية والأمنية الخاصة وموظفيها يقعون في «منطقة رمادية» غير مشمولة، على وجه التحديد، بالاتفاقية الدولية، وفي ظل غياب التنظيم والضوابط والرقابة المناسبة، تشكل أنشطة هذه الشركات خطراً على حقوق الإنسان خارج حدود المساءلة!
* كاتب ومفكر عربي
جريدة الجريدة الكويتية رقم العدد: 115
الجمعة 12 اكتوبر 2007 ,01 شوال 1428



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بلفور العراقي.. حامل لوعد أم حامل لبرهان
- الحرب العالمية الرابعة وتروست الادمغة
- بلاك ووتر والحصانة القانونية
- تنميط الاسلام!
- بيئة العنصرية وسؤال ما بعد 11سبتمبر
- ثقافة العولمة أم عولمة الثقافة؟!
- تركيا وجدل الهويات !!
- إرهاب أشرار وإرهاب أخيار
- خيارات الديمقراطية
- موريتانيا واستحقاق الذاكرة
- هل هناك مستقبل للامم المتحدة
- ألغام دارفور...بين الغطاء القانوني والخيط الإنساني!
- جدلية المشاركة والقطيع ...هل هناك نموذج للإصلاح؟!
- جولة جديدة من المفاوضات الإيرانية - الأميركية؟!
- حرب النجوم الثانية
- مفارقة لوكربي ثانية!
- هل عادت الحرب الباردة؟!
- الأيزيدون وملف الاقليات في العراق
- البوليساريو بؤرة النزاع المستديمة
- هل سيصبح تقسيم العراق - أحسن - الحلول السيئة!


المزيد.....




- فعل فاضح لطباخ بأطباق الطعام يثير صدمة بأمريكا.. وهاتفه يكشف ...
- كلفته 35 مليار دولار.. حاكم دبي يكشف عن تصميم مبنى المسافرين ...
- السعودية.. 6 وزراء عرب يبحثون في الرياض -الحرب الإسرائيلية ف ...
- هل يهدد حراك الجامعات الأمريكية علاقات إسرائيل مع واشنطن في ...
- السودان يدعو مجلس الأمن لعقد جلسة طارئة الاثنين لبحث -عدوان ...
- شاهد: قصف روسي لميكولايف بطائرات مسيرة يُلحق أضرارا بفندقين ...
- عباس: أخشى أن تتجه إسرائيل بعد غزة إلى الضفة الغربية لترحيل ...
- بيسكوف: الذعر ينتاب الجيش الأوكراني وعلينا المواصلة بنفس الو ...
- تركيا.. إصابة شخص بشجار مسلح في مركز تجاري
- وزير الخارجية البحريني يزور دمشق اليوم للمرة الأولى منذ اندل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - الذئاب الرمادية والحصانة القضائية