أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - عبد الحسين شعبان - وجه آخر للتراجيديا العراقية: الطفولة المنسية!















المزيد.....

وجه آخر للتراجيديا العراقية: الطفولة المنسية!


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2086 - 2007 / 11 / 1 - 11:43
المحور: حقوق الاطفال والشبيبة
    


كشف تقرير طبي أميركي أن طفلاً من بين كل ثمانية أطفال في العراق يموت قبل أن يبلغ الخامسة من عمره، وذلك بسبب سوء الأوضاع الصحية وتفشي الأمراض وتدهور حياة السكان بانعدام المستلزمات الأولية للعيش، خصوصاً الامدادات الصحية والكهربائية ونقص المياه الصالحة للشرب وتصاعد أعمال العنف والارهاب والتشظي المجتمعي والانقسام المذهبي والاثني وغير ذلك.
تراجع الوضع الصحي في العراق على نحو مريع، خصوصاً باستمرار الحصار الدولي الذي دام 13 عاماً (1990 ـ 2003)، وبعد أن كان في العراق نظام صحي من أفضل الأنظمة الصحية في الشرق الاوسط وبخاصة في سنوات السبعينات، أصبح اليوم في أسفل السلّم الدولي من حيث مستوى الفقر وتعاظمت وفيات الأطفال لتصل الى أكثر من 150 قياساً بعام 1990، وفي بلد يطفو على بحيرة من النفط ليصل أكثر من 35 من السكان الى خط الفقر.
ويوجد في بغداد وحدها حالياً نحو 900 ألف طفل يتيم وأكثر من 300 ألف أم أرملة، ولعل هذا العدد ارتفع بشكل ملحوظ منذ احتلال العراق في 9 نيسان (ابريل) 2003، واستمرار العمليات العسكرية وأعمال العنف والارهاب، التي تقف وراء ارتفاع نسبة الأرامل والأيتام في المجتمع العراقي، تلك التي ولدّتا معها مشاكل وأمراض اجتماعية خطيرة منها: انتشار ظاهرة تسوّل الأطفال وبخاصة الأيتام في الشوارع بهدف تأمين مستلزمات العيش، خصوصاً ان التخصيصات المالية للأطفال الأيتام لا تسدّ الحاجة ولا تغني 1 من الأطفال الأيتام.
وشهد العام 2005 حسب تقرير منظمة "أنقذوا الأطفال" وفاة 122 ألف طفل عراقي، وتشير التقارير الطبية الى ان مجموعة من الأمراض مثل: ذات الرئة والملاريا والحصبة والاسهال وغيرها، تشكّل مسببات أساسية لوفيات الأطفال العراقيين.
الظاهرة الثانية هي تشغيل الأطفال دون السن القانونية، حيث تعاظمت هذه المشكلة التي تتعارض مع الاتفاقيات الدولية بشأن تشغيل الأحداث واستخدام الأطفال في العمل. وتؤكد العديد من التقارير الدولية والاقليمية والعراقية، بما فيها لبعض منظمات حقوق الانسان والمجتمع المدني، ان ظاهرة تشغيل الأطفال العراقيين بدأت تتزايد بما فيهم لأطفال لا تتجاوز أعمارهم عن 10 سنوات في أعمال لا تتناسب مع بنيانهم الجسماني وتركيبة أبدانهم. وأصبح مألوفاً مشاهدة الأطفال الذين يقومون بتنظيف الشوارع، خصوصاً ان أمانة العاصمة (بغداد)، والمجالس البلدية قامت بتوظيفهم بصفة "عمال نظافة" مقابل أجر يومي لا يتعدّى ألف دينار عراقي (أقل من دولار واحد في اليوم)، الأمر الذي دفع بعدد غير قليل من الأطفال الى ترك الدراسة والتسرّب من الذهاب الى المدرسة.
وظاهرة التسرّب وترك مقاعد الدراسة، هي الظاهرة الثالثة الخطيرة الملفتة للنظر في ظل الأوضاع الراهنة في العراق. فمن جهة ظروف العوز المادي والفقر المدقع، ويزيد عليها الأوضاع الأمنية الخطيرة وارتفاع منسوب العنف والارهاب، وبخاصة التطهير المذهبي والإثني واضطرار مئات الآلاف من العوائل الى النزوح عن مناطق سكناها الى مناطق أخرى أو الى الخارج بالنسبة للعوائل التي تستطيع تأمين مستلزمات سفرها لتبدأ معاناة جديدة ورحلة مضنية من أجل الإقامة واللجوء والعمل والصحة والدراسة بالنسبة للأبناء، ناهيك عن المستقبل الغامض.
ويضطر الأطفال للعمل في أعمال شاقة لا يستطيعون تحمّل أعبائها مثل أعمال البناء والخدمات المنزلية وجماعات الحماية مؤخراً أو في ورش ومعامل أهلية غير حكومية أو حكومية. وكان مكتب حقوق الانسان في بعثة الامم المتحدة العاملة في العراق (يونامي) قد حذّر في تقرير خاص من الكارثة الانسانية بحق أطفال العراق الذين يعانون من مشاكل صحية واجتماعية قاسية، فضلاً عن تدّني مستوى التعليم، الأمر الذي يستوجب تأمين الظروف المناسبة لضمان مستوى معيشي ملائم للاطفال لما ينعكس إيجابياً على حياتهم العامة وعلى حياة المجتمع ككل.
لعل مشاهد الحروب والعنف اليومي تكاد تطغى على ثقافة الأطفال وألعابهم، خصوصاً ان عمليات الاحتقان والتطهير والإجلاء الطائفي والاثني، والقتل اليومي على الهوية والجثث المقطوعة الرؤوس والمجهولة الانتماء، قد أثرّت بشكل سلبي وخطير لا على حياة الاطفال الحالية، ولكنها بالتأكيد ستترك تأثيراتها العميقة على مستقبل الأطفال وحياتهم وعلاقاتهم.
وحسب تقرير لمنظمة اليونيسف، فإن أطفال العراق هم من أكثر أطفال العالم عرضة للأذى بسبب فقدان الأمن والنقص الفادح في الخدمات، ناهيك عن صعوبة حمايتهم (حماية حياتهم) وحماية حقوقهم في الحصول على طفولة آمنة وسليمة. ولعل استمرار الارهاب وأعمال العنف قد زاد من عزلة أطفال العراق وحرمهم من فرص الذهاب الى المدارس، وانعكس ذلك بشكل خطير على أوضاعهم النفسية والاجتماعية.
لقد عانى العراق طيلة ربع قرن تقريباً قبل الاحتلال من الحروب والحصار والسياسات السلطوية والاستبدادية، ودفع الأطفال وما يزالون الثمن باهظاً، الأمر الذي انعكس على جوانب الحياة العامة، في ما يتعلق بتدهور مستوى التعليم والمستوى المعيشي والغذائي وضعف ومن ثم انعدام مستوى الترفيه، ناهيك عن انحدار المستوى الصحي وانتشار الأمراض والمشاكل الاجتماعية والنفسية، إضافة الى مشاهد القتل والدمار والتفجير والسيارات المفخخة، التي تكاد تشكل المشهد السائد، والذي انعكس تربية وسلوكاً على ثقافة الأطفال وألعابهم، وهو ما يعكسه أحد التقارير حول صالات ومقاهي الانترنيت الذي يصل الى حد الإدمان كما يقول لممارسة الألعاب الحربية والمعارك الالكترونية وأفلام الرعب والقتل وغير ذلك، إضافة الى انتشار ظاهرة المخدرات وأنواع السموم فضلاً عن التدخين بين الأطفال.
كان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قد حذّر من تفاقم مشكلة اللاجئين العراقيين، ولا سيما الأطفال، ودعا الى تقديم جميع أنواع المساعدات الممكنة لمواجهة الوضع المتردي، وهو ما دعا وكالات الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في جنيف الى عقد مؤتمر دولي حول اللاجئين "انطونيو جويتريس" للبحث في شؤون أكثر من أربعة ملايين عراقي نزحوا داخل وطنهم أو تركوه الى بلدان مجاورة في ظروف قاسية وقلق مستمر وحاجة ماسة.
بعيداً عن المسؤولية السياسية، التي تتحملها "القوات المتعددة الجنسية" (قوات الاحتلال) وفقاً لاتفاقيات جنيف لعام 1949 وقواعد القانون الدولي الانساني وطبقاً للقرار 1546 الصادر في 8 حزيران (يونيو) 2004، وقوات الحكومة العراقية لفشلهما في تأمين مستلزمات الحياة الأولية بضبط وحفظ الأمن والنظام العام وحماية أرواح وممتلكات المواطنين، إضافة الى مسؤوليات الجماعات الإرهابية والجريمة المنظمة، فإن جهداً انسانياً ودولياً واقليمياً وعربياً وبخاصة من دول الجوار، لا بدّ أن يبذل لحماية الطفولة العراقية المعذّبة وتوفير المتطلبات الضرورية للأطفال واللاجئين والنازحين بشكل خاص، للعيش الآمن وحماية حقوقهم تلك التي نصت عليها "اتفاقية حقوق الطفل" الدولية لعام 1989، قبل أن تتفشى عدوى العراق وتنتقل الى دول الجوار، وهو أمر يتحمله المجتمع الدولي أيضاً باعتباره واجب الاداء في الحال وليس في المستقبل!!
(*) كاتب عراقي



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نهاية الديمقراطية
- المؤتمر الدولي ومهمات الوسيط الدولي توني بلير
- هامش على هوامش آرا خاجادور
- العراق .. بين التنظير والتشطير .. !!
- هامش على هوامش آرا خاجادور في شؤون وشجون الحركة الشيوعية !
- الذئاب الرمادية والحصانة القضائية
- بلفور العراقي.. حامل لوعد أم حامل لبرهان
- الحرب العالمية الرابعة وتروست الادمغة
- بلاك ووتر والحصانة القانونية
- تنميط الاسلام!
- بيئة العنصرية وسؤال ما بعد 11سبتمبر
- ثقافة العولمة أم عولمة الثقافة؟!
- تركيا وجدل الهويات !!
- إرهاب أشرار وإرهاب أخيار
- خيارات الديمقراطية
- موريتانيا واستحقاق الذاكرة
- هل هناك مستقبل للامم المتحدة
- ألغام دارفور...بين الغطاء القانوني والخيط الإنساني!
- جدلية المشاركة والقطيع ...هل هناك نموذج للإصلاح؟!
- جولة جديدة من المفاوضات الإيرانية - الأميركية؟!


المزيد.....




- بدول أوروبية.. اشتباكات واعتقالات مع توسع الاحتجاجات الطلابي ...
- للتعامل مع طالبي اللجوء.. الشرطة الأميركية تستعين بالذكاء ا ...
- أمريكا تدعو إسرائيل إلى اعتقال المسؤولين عن مهاجمة قافلة الم ...
- الجمعية العامة للأمم المتحدة تصوت الجمعة على عضوية فلسطين ال ...
- الجمعية العامة للأمم المتحدة تصوت الجمعة على عضوية فلسطين ال ...
- النيابة التونسية -تتحفظ- على مدافعة بارزة عن حقوق المهاجرين ...
- تونس: توقيف رئيسة منظمة -منامتي- التي تناهض العنصرية وتدافع ...
- رئيس البرلمان التونسي: الادعاءات بالتعامل غير الإنساني مع ال ...
- أزمة مياه الشرب تزيد محنة النازحين في القضارف السودانية
- الأمم المتحدة: غوتيريش سيوجه رسالة إلى بوتين بشأن تنصيبه


المزيد.....

- نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة / اسراء حميد عبد الشهيد
- حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب ... / قائد محمد طربوش ردمان
- أطفال الشوارع في اليمن / محمد النعماني
- الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة / شمخي جبر
- أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية / دنيا الأمل إسماعيل
- دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال / محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
- ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا ... / غازي مسعود
- بحث في بعض إشكاليات الشباب / معتز حيسو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - عبد الحسين شعبان - وجه آخر للتراجيديا العراقية: الطفولة المنسية!