أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الخمسي - مسؤولية المفكرين في ثقب طبقة الأوزون الإيديولوجي















المزيد.....

مسؤولية المفكرين في ثقب طبقة الأوزون الإيديولوجي


أحمد الخمسي

الحوار المتمدن-العدد: 2090 - 2007 / 11 / 5 - 10:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في الدورة الأخيرة لمعرض الكتاب، سافر شباب من أقصى شمال المغرب. كان هدفهم الرئيسي هو الاتصال المباشر بالمفكر عبد الله العروي. حضروا واستمعوا للنقاش الذي دار حول روايته الأخيرة (الآفة). ثم تركز الوجدان في نفوسهم ليلمسوا الجانب الإنساني في هذا الهرم الفكري في المغرب والعالم العربي الإسلامي. اقتربوا منه والتمسوا التقاط صورة تذكارية. ربما كان فكر العروي شاردا في ثنايا النقاش الذي دار. ولم تسع مخيلته نظرات الشباب الراغب في التقاط صورة مع مفكرهم المفضل. أو اتصل سلوك العروي اتجاههم ما انتهى إليه العروي في علاقته بمحيطه العاجي.

ومن الناذر أن تجد اشتعال الفكرة موقدة في جمرتها الأصلية/مفكرها المنتج لها، ممتد ضوؤها في أحلام جيل ثالث. يكاد إن لم يكن يحتل موقعا أفضل من المفكرين الأموات المخلدين عبر كتبهم والمذاهب التي ساهموا في تأسيسها. من طراز فلاسفة اليونان والعرب وأنوار أوربا وجهابذة القرنين التاسع عشر والعشرين.

ومن باب الغرابة أن تميل النفوس اليوم للفكر العقلاني المنفصل عن المصير اللاهوتي في الدائرة الميتافيزيقية للحياة والكينونة. لكن الشباب المذكورين أعلاه، من فرط ارتباطهم بزمنهم، وضعوا عبد الله العروي موقع المفكر الخالد حيا. هل التمسوا منه صورة جماعية معهم؟ هل استجاب العروي أم رفض؟

الجواب كما حصل مفترضا، في مختلف الاتجاهات، ليس مهما في حد ذاته. بل المعنى المستخرج منه، هو الذي قد يفصح عن نوعية شخصية العروي في الامتدادات الحية للمفكر المجرد. إذ، يختلف الأثر من مفكر لآخر، ليس بالحجم الكمي لما كتب. وليس بما عمق من أطروحات. لكن بما تمكن من موقعه المكتسب، من مد شرايين الحياة لأفكاره المعدنية المحنطة في الورق.

فجودة الأطروحات وعبقرية الخلاصات لا تنوب عن المقدرة التدبيرية للبيئة الثقافية الاجتماعية السياسية التي تحيى في مائها تلك الأفكار والأطروحات والخلاصات. وبالتالي، قد يصلح عبد الله العروي لما يأتي من الزمن. لكن عبد الله العروي، مستنكف عن الحضور، درجة الجفاء. بل إلى حد الخطو نحو عتبة القبيلة التي انتمى اليها سياسيا. مما يزيد في لف أفكاره في المزيد من الورق الأقل جودة مما هي عليه تلك الأفكار. بل وينقل الجفاء ما بين جودة أفكاره المجردة وانعزالية الجزء الحي البشري من كينونته. مما يلقي به ضمن ملفوفات الزمن الردئ، المتحدث عنه في السياسة. كأن رحمه الفكري متأصل في الانقسامية. داخل نفس الفكرة. ما بين محنطها وحيها في المعاملة.

وللمتربص دوما أن يتابع هذا الرأي ليسفهه بما قد يظهر فيه من تفاهة الحجة. القائمة على التبسيط والحسية الرثة. النازلة بمقام المفكر من محيطه العاجي إلى تفاصيل اليومي.

والرد على هذا الاعتراض المحتمل، في مستويين. فالمفكر الكبير نفسه، علق على الراحل المهدي بنبركة من حيث منهجية التعامل مع الجمهور المستهدف بالاختيار الثوري، كون المهدي لم يكن يستكمل تصوره المجرد ببيداغوجية الارتباط والشرح والتفسير عند الضرورة. مما ترك في نظر العروي اختيارات المهدي خارج مخيلة الجماهير، بأحد المعاني، فلم يتمكن من تحريكها في الاتجاه الصواب المأمول. والقانون العام للمردودية هو درجة التوازن بين التعميق والتعميم، هل يوجد أحد في مستوى عبد الله العروي ليحيل على الإلحاح الذي ظل ماوتسي تونغ يلح عليه في التوازن بين التعميم والتعميق. أما الأمية التي مازالت تلفنا جميعا بصدد العلوم الديمغرافية، رغم وجود الهرم العروي بيننا وفوق أدمغتنا، فيمنعنا الجهل بها من اكتساب القدرة على تخيل التطورات الاقتصادية والثقافية، وبالتالي تعجز السياسة بالضرورة، عما يأتي بعد ربع قرن، عندما كان مالتوس يؤكد أن عدد السكان الذي يتضاعف كل ربع قرن، يزيد من عجز النخب لاستشفاف التحولات ومقتضياتها.

إن عجز نخبنا الموجهة لنا عن استحضار فطالحة الثقافة الأنغلوسكسونية، يأتي من حجز مفكرينا لأفق انتظار سياسيينا في حدود التنظير العقلاني القاري الفرنسي خصوصا اليعقوبي على الأخص. لذلك، ما يعجز عنه الوزير الأول كائنا من كان، تجثم جرثومه في دماغ المفكر أولا وقبل كل دور أو مسؤولية. فقد يأتي زمن قياس الوزن في قناعات المفكر وفي مواقفه. لنجد أنفسنا أمام اختلال بنيوي ما بين سلوك القناعات وسلوك المسؤولية، لدى المفكر قبل السياسي.



والنتيجة، من جملة ما يعاب على عبد الله العروي أنه لم يلقح مدرسة فكرية ولا مد تجربته العلمية والفكرية في شبكة من الهيئات العلمية المرئية. فكأنما الرغبة التي اجتاحته في منتصف السبعينات ليكون مفكر الأمير قصد التشبه بثنائية هيغل وبسمارك، لم تؤت أكلها بما يلي مساعيه لفائدة الإصلاح الاستراتيجي. فنضب معين رغبته في الارتباط مع المحيط من استهداف التأثير التاريخي في الأمير، ثم تجلى النضوب في جفاف فردية المفكر وجفائه تجاه محيطه الحي. حد التنكر البارد. إن كل متربص مستهدف الدفاع عن المفكر( "الأكبر" في سماء الفكر العقلاني في المغرب) سوف يستهجن هذا الرأي القائل بعزلة العروي عن محيطه الفكري والثقافي. لكن الرأي صادر من حصيلة القراءة والقول بأفكار العروي في مدارات الفكر والتاريخ والسياسة، عشرات السنين، في مستويات بلغت مراكز صناعة الموقف الايديولوجي لأجيال من المغاربة. وهم في معترك الفعل السياسي في أقسى لحظاته.

وقد أصبحت مقدمة "العرب والفكر التاريخي" بمثابة شهرة مقدمة ابن خلدون، من فرط مطابقتها لأفق انتظار رؤية الفاعلين السياسيين المتشبثين بالواقع والفكر معا.

لقد اقتسمت أجيال من المغاربة حظوظها مع مصير الكتلة الديمغرافية المسماة شعبا. وعاشت يومها الحركي لزرع أفكارها، مستنكفة عن الاستهلاك وعن كل زبونية تستبدل آمال الشعب بأوهام عبدة الأعيان. وهو ما حول الكثير من السياسيين والمثقفين إلى مجرد أعوان. بالأمس قبل اليوم.

واليوم، وقد أصبحت الثقافة الأنتروبولوجية جزءا من التجديد الفكري والمنهجي في تقليب تربة الأوضاع والأفكار ما بين الثوابت والمتغيرات. رد عبد الله العروي على الناس بتلخيص الهوية في المخزن واللغة والدين. نعم، وهو كذلك عندما نلخص الوجدان في خلية "التيموس" الرسمي في العلاقات الخارجية، كما ذكرت افتتاحية العدد الماضي بصدد استهجان العمل ببروتوكول التعامل بين الدول، على صعيد الخطاب اللغوي. ولا يعدم المطالبون بالأمن المعنوي والرمزي الحد الأدنى المعبر عن الوجود المستقل للذات السياسية.

هكذا، يمكن تحميل المفكر جزءا مما يجري، لأن ما يجري على صعيد السياسة، يظل عاريا، "بلا حماية" على حد التعبير الذي كانت من خلاله إذاعة متوسطية، من خلاله، تشمت في الشعب الجزائري سنوات كارثة الحرب الأهلية الأخيرة.

فثقب طبقة الأوزون الآتي من فوق، باسم الدين، من مسؤولية المفكرين الذين يخلون مكانهم في الغلاف الفكري القاضي بتحصين الكوكب المعيشي من الغازات الأيديولوجية الهابطة باسم الفوق.

فإذا كان البعض منا يجد نفسه أقرب إلى العروي على الصعيد المجرد، فإنه يجد يجد نفسه محميا بما ينتجه الجابري عمليا، للتقليل من خطر الاحتباس الأصولي إن صح التفكير. بعد اتساع ثقب طبقة الأوزون الفكري في السماء الحداثية والعقلانية.




#أحمد_الخمسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما سحقت الدولة المعنى النبيل للسياسة
- تشكيل الحكومة وزيت العزوف المسمومة
- وداعا أيتها السنونو
- من المسؤول عن ملوحة الماء في النهر الانتخابي
- حسب توقيت الرماد
- -غير بالتاويل- مع نتائج الانتخابات
- لموت الصري وموعد الانتخابات هل دقت ساعة القطيعة مع سياسوية ا ...
- بمناسبة عيد ميلادك أيتها الجميلة
- سيف الصيف
- الجسد الذي تحول إلى طائرة مروحية
- بعض قواعد البرشمان لتشكيل البرلمان
- في غفوة قرب معرض الجزائر
- تأمل وباقة ورد لمحمد بوكرين
- !!محبط أخوك لا بصل
- الانتخابات المقبلة في المغرب لن تجدد النخبة السياسية
- ما هي دلالات السعي لتحسين موقع اليسار المعارض ؟؟؟
- أعطاب أمام القطب الاقتصادي/شمال المغرب ودور النخب في تخريب ا ...
- هل يعيد مركز النظام الرأسمالي إنتاج النظام الفاشي في محيطه ا ...
- الثورة البوليفارية أو ثقب الأوزون في سماء العولمة
- الجبهة النسائية ....وإنتاج قيم المواطنة وتكافؤ الفرص


المزيد.....




- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- اكتشاف آثار جانبية خطيرة لعلاجات يعتمدها مرضى الخرف
- الصين تدعو للتعاون النشط مع روسيا في قضية الهجوم الإرهابي عل ...
- البنتاغون يرفض التعليق على سحب دبابات -أبرامز- من ميدان القت ...
- الإفراج عن أشهر -قاتلة- في بريطانيا
- -وعدته بممارسة الجنس-.. معلمة تعترف بقتل عشيقها -الخائن- ودف ...
- مسؤول: الولايات المتحدة خسرت 3 طائرات مسيرة بالقرب من اليمن ...
- السعودية.. مقطع فيديو يوثق لحظة انفجار -قدر ضغط- في منزل وتس ...
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيرة أمير ...
- 4 شهداء و30 مصابا في غارة إسرائيلية على منزل بمخيم النصيرات ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الخمسي - مسؤولية المفكرين في ثقب طبقة الأوزون الإيديولوجي