أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخمسي - وداعا أيتها السنونو















المزيد.....

وداعا أيتها السنونو


أحمد الخمسي

الحوار المتمدن-العدد: 2046 - 2007 / 9 / 22 - 10:35
المحور: الادب والفن
    


كان حلم اليقظة وراء البانضة كثير التردد. إذ كان التجويع في درب الشريف ينهش نفسية المعتقل من جميع النواحي. من التغذية إلى التذكر. فكنت تشتاق إلى "شهيوة الوالدة" وكنت تتعب لتستعيد ملامح وجه غابر في غابة النسيان. لا تدري ما تفعل: هل تستكمل جهد التخيل لتعيد ملامح الحديث الشيق الفلاني وتستعيد طعم السودانية فالبيصار مع زيت الزيتون والقرفة فالسفة والقوق بالجلبانة أم تنتظر نداء الحاج....كعبة زمن الأوباش كانت غرفة سوداء. وفيها قضيت شهرين متتابعين. 20 يونيه 20 غشت 1975. ذات يوم فاجأني الديب ابتسم رد فعل حديث مع رشيد نزهري. فأمرني بالقيام لأسوم عذاب الحاج. لكنه استفسرني عما كنت أضحك ومع من كنت أضحك. وفي سياق الإصرار على عدم توريط الآخرين، اختلقت سيناريو حلم اليقظة. فاستفسرني عن التفاصيل فأمعنت في اختلاق حكاية عائلية.

وبعد 32 سنة، في الحلم، رأيت أحد عشر كوكبا، يسافرون إلى أقشور. يقتسمون السفر والنكت والتعب، وخرير الماء والعنب، وزرقة السماء وأشعار الذات وأفكار الكتب. ويتدربون على غسل المكر في ماكينة المحبة. يصنعون من أنفسهم بأنفسهم مجتمع المودة والتعايش مع الآخر. من يصلي يغني ومن "يحرك" عن الموروث ينسل بأدب.

وبأدب تخفي تلك السعيدة ما قد ينبئ عن وجودها في أرشيف الآخرين. فالريفية أقوى احترازا من أن يلتقط جبلي لحظة انشراحها عبر آلة التصوير. إيوا مزيان تبارك الله! وبمودة تعفي نفسها من دور الرقيب أيضا. وتنصح في غير الناصح: "تذكر شعر محمود درويش: لا تعتذر عما اقترف الفؤاد....

وبعد تقلب في غيبوبة النوم الرمضاني، ينقشع الحلم عن فقرة ثانية:
كله يهون. من أجل الصرف على المشروعين، استراتيجيا الابن في الجامعة واستراتيجيا البناية الرائعة. ذهبت توا كعادتها نحو فكرة الرحيل. ولم يتراجع أمام مغامرة العودة إلى الكراء. من أجل القفز نحو المستقبل الأفضل، لا بأس، ولو بغير قليل من الألم، خطوتان إلى الوراء. يحركان سكين الأمل في جرح المحبة. فتأتي الذاكرة الحية بذكر الدم العاطفي ينز طازجا من دمل الآن.

تلك قطع الجمر من نفسية الأوباش. أتذكر يوم فتحت البنادق أفواها في كل اتجاه دون تمييز. لما تحولت الدهماء إلى أوباش، غاب الطفل أولاد منصور عن القسم. وشاع أنه يعاني من أثار الطلقات. استفسرت المعيد عن محل السكنى. واشتريت بعضا من مشتقات الحليب واتجهت صوب شارع المامون. ليعلم الناس أنه فعلا "الناس لبعضيها". كان نجم "الأحد عشر كوكبا" قد سلمني مفتاح المنزل لأحل بمنزله عندما تضيق بي السبل.

من أجل البناء، رحلت من تطوان نحو ثانوية الإمام الشاذلي بشفشاون لأستجيب لطلب شاب مغربي من شعبة التعليم الأصيل قصد الالتحاق بمنظمة يسارية في ظرفية كانت الثورة الإيرانية تسحر الناس في كل مكان. كان نكران الذات هو المحرك سواء نحو شفشاون أم نحو شارع المامون. كان بعض من نخبة اليسار يرتب أوضاعه المهنية ويحسن مرتبته في درجات وسلاليم الوظفية. ساعتها عجزنا فعلا عن كتابة عنوان المقر لتكتمل الشروط المسطرية. ومن مؤسسي الفرع من البيوتات والنخب. ومنهم من عات عليه الظهر بالصرف على نزلاء السجن المركزي بالقنيطرة. ومنهم من يرتجف وما سجل للمقر عنوانا. كنت قد رحلت إلى مطحنة الصعيدية للاستجابة لرغبة عامل نقابي يريد الانضمام. كما تكلفت بالاتصال بثلاثة مواطنين راسلوا جريدة أنوال. كان حزب تودة في تطوان قد عرف انتكاسة تنظيمية. محمد ربيعة ومحمد الخشين يعرفان أما سليمان و اسماعيل فكانا "استيتوين". وكانت ثورة البازار في أوج العقول...تماما كما كانت سمعة حزب الله قبل استنكافه عن التنديد بسوء معاملة صدام لحظة الإعدام.

فعلت أحداث يناير 1984 من حولنا ما يشبه الانكفاء الذي عانى منه حزب العدالة والتنمية بعد 16 ماي 2003. وذلك بسبب روح الاستئصال التي كان الجناح اليميني المتطرف في السلطة يواجه به اليسار. كان تشيرنينكو على فراش المرض وغورباتشوف يستعد للانقضاض على رأس الدولة السوفييتية ليطلق مسلسل الهدم في مارس 1985. وصدام كان يستجمع الكراهية حتى وسط القوميين عندما ساند الامبريالية الأمريكية لتعيث في أسيا الغربية وقد هزمها شعب صغير في آسيا الجنوبية الشرقية. كنا نتساءل ما إذا كان صدام يشكل المعول الذي يهدم القاعدة الخلفية للذين انطلقوا في افغانستان ليذهب ريح أمريكا في دورة طاحونة الحرب المحلية؟ فقد توقفت الحرب بين العراق وايران في نفس السنة التي انهزم فيها الاتحاد السوفييتي 1988. وفي نفس السنة بعد ثلاثة أشهر قامت المظاهرات في الجزائر ضد النظام الذي كان يصنف يساريا. المهم، استنكف المؤسسون عن التفضل بعنوان لاستكمال مسطرة التأسيس. فالريفي أحمد اكليلاح هو الذي قبل أن نجعل محل سكنانا المشترك مقرا اسميا لفرع المنظمة. في حومة عيساوة. في جبل درسة. لكن المهمة سهلت عندما أتينا لتوزيع المهام في التنظيم. خصوصا ما يرتبط بالرئاسة وما حولها.

عندما يعيش الإنسان من العمل، لا شيء يحول دون الأمل. ورغم ذلك ما بين العمل والأمل، تقف الدولة والإدارة والدبلوماسية وكل مواصفات البيروقراطية العتيقة. لتجعل من العمل طاحونة هواء. لا تنتج سوى الضجيج والضجر. فتفل الأمل والحجر. رغم ذلك، يبقى العقل ما دام الجسد حيا.

ما بين الإصرار على المشروع والرحيل إلى الضفة الأخرى كلنا في الميزان. من الصعب أن تجد الناس يقتنعون بالصيام عن الأنس المتبادل اليومي وعن نهاية الأسبوع العائلية، من أجل رص بنيان الفكرة الواحدة الواعدة. وعن رفقة ربع قرن بكل الملح والعذابات. من يعرفهما يشقى بعطفه عن نفسه وعنهما. عالم المودة والصلابة والمغامرة ونحت الأفكار في الصخر المغربي. قطع الذات لتأكيد الثبات على المودة. ملامح الغرابة في اليومي.

يحفظ محمود درويش ومظفر النواب. يلفظ الراء ملفوفة في ثوب الغاء. أبناء العمومة. أسماء الأبناء منحوتة من أرواح الشجعان الشهداء. المختطف المغربي والمغتال الفلسطيني. من صنف النساء والرجال، في الشمس سواء. ورث أحدهما الطيبوبة. وثانيهما التماهي مع الأفكار.

اشهد ايها المقر. بيع الدار من أجل بناء البشر. كما الأمس سيأتي الإنسان. فليذهب الحجر. المهم أن ينهض المهدي من القبر. ذاك قدر. أما العمل فيبني الحلم ويحوله قمرا أو وتر. ولأن التشابه للرمال وأنت للأزرق. عندما غادرت حكيمة فيما يشبه اليوم. كنت أفتح الهاتف على مسامعها وهي على الضفة الأخرى صوت محمد عبد الوهاب: يا مسافر لوحدك! وفايتني! لكنني تذكرت أن بطل أحد عشر كوكبا يكره عذابات الموسيقى من فرط عشقه لموسيقاه الراحلة. أما ترديدات شيرين: "ارجع ارجع ارجع" فقد ساهمت في إقناع حكيمة في العودة قبل إتمام الفترة الزمنية التي كانت معدة سلفا.



#أحمد_الخمسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من المسؤول عن ملوحة الماء في النهر الانتخابي
- حسب توقيت الرماد
- -غير بالتاويل- مع نتائج الانتخابات
- لموت الصري وموعد الانتخابات هل دقت ساعة القطيعة مع سياسوية ا ...
- بمناسبة عيد ميلادك أيتها الجميلة
- سيف الصيف
- الجسد الذي تحول إلى طائرة مروحية
- بعض قواعد البرشمان لتشكيل البرلمان
- في غفوة قرب معرض الجزائر
- تأمل وباقة ورد لمحمد بوكرين
- !!محبط أخوك لا بصل
- الانتخابات المقبلة في المغرب لن تجدد النخبة السياسية
- ما هي دلالات السعي لتحسين موقع اليسار المعارض ؟؟؟
- أعطاب أمام القطب الاقتصادي/شمال المغرب ودور النخب في تخريب ا ...
- هل يعيد مركز النظام الرأسمالي إنتاج النظام الفاشي في محيطه ا ...
- الثورة البوليفارية أو ثقب الأوزون في سماء العولمة
- الجبهة النسائية ....وإنتاج قيم المواطنة وتكافؤ الفرص
- هل يمتلك العقل السياسي المغربي مفتاح التواصل مع النواة الصلب ...
- هل تكفي الانتخابات الموريطانية والحكم الذاتي المغربي؟
- الاستحقاق المهني بين النصوص واللصوص


المزيد.....




- الضحكة كلها على قناة واحدة.. استقبل الان قناة سبيس تون الجدي ...
- مازال هناك غد: الفيلم الذي قهر باربي في صالات إيطاليا
- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخمسي - وداعا أيتها السنونو