أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد البغدادي - بقايا ذكريات ...















المزيد.....

بقايا ذكريات ...


سعد البغدادي

الحوار المتمدن-العدد: 2087 - 2007 / 11 / 2 - 06:36
المحور: الادب والفن
    


هذه الوريقات عثر عليها في احدى المقابر الجماعية في تل لحم بعد سقوط النظام السابق. لم يكن من السهل قراءتها او الاحتفاظ بها لفترة طويلة, فهي ممزقة وعتيقة ورطبة تكاد تتناثر بمجرد ملامستها. عثرت عليها ام عراقية في رحلة البحث عن ولدها. احصوا مئتين وخمسين جثة هي لم تعثر على ولدها. لم تعثر على بقايا عظام.
لكن احدهم نادها ايتها الام الحزينة علام تبكين؟
ربما تكون هذه الملابس لولدك والاوراق ربما تعود اليه؟ صحيح انها لاتحتوي على هوية تعريفية او بطاقة شخصية او حتى اثرا يعود لابنك لكن الاوراق التي هنا ربما تعود له.
احتفظت الام بهذه الوريقات وجعلت من غرفة ولدها قبرا لها احاطتها بالحناء واوراق الياس وقطع الحلوى واقامت ماتما كبيرا سوف يتذكره كل ابناء المحلة. ماتم للبكاء والفرح الجنوبي. بكت فيه كثيرا , حتى ان جميع نسوة المحلة لم يستطعن مواساتها. في هذه الليلة وبعد ان خرجن النسوة. قال الجميع انهم سمعوا صوت عويل او صوت ملائكي بعضهم قال انه شاهد جنازة تخرج من دار العجوز واخرون اكدوا لي انهم سمعوا اصوات غريبة اصوات نواح وبكاء .كيف اذن وصلت هذه الوريقات بيدي ؟ تلك قصة اخرى ربما سيكون هناك وقت اخر لارويها لكم.
مايس/2003 تل لحم

بقايا ذكريات:
اليوم هو الخامس والعشرون من اذار عام 1991 مضى على اعتقالي يومان. المكان لااعرفه على وجه التحديد لكن يخيل الي انه مقر الفيلق الرابع , من خلال حركة العجلات التي كنت اسمعها ثم انهم لم ياخذوني بعيدا حينما تم القبض علينا هكذا تصورته مقر الفيلق. الضابط يقول غدا سيتم تنفيذ حكم الاعدام بكم؟ لم يجرؤ احدا منا يساله لماذا؟ لان الخوف والرعب سيطر على الجميع وحينما اعتراني الضعف والخوف بادرت لطرح هذا السؤال؟ لماذا نموت ولماذا نخاف ولماذا تنقضي اعمارنا بهذه العجالة؟ وقبل ان افتح فمي بكلمة وقبل ان انطق بحرف؟
حسنا سوف لن احدثكم ماذا جرى لي لاني سافترض انكم تعرفون الذي حدث لي ؟اه نسيت ان اذكر لكم اني تبولت على ملابسي وان احدهم طلب مني ان العق خروجي وبينما انا افعل ذلك كان الجميع يضحك رايتهم حتى السجناء يضحكون رايتهم جميعا. حدث هذا في ليلة اعدامي؟ عدت الى زنزانتي او بالاحرى هم من سحلني الى تلك الزنزانة, احد الجنود اشفق علي, جلب لي ماءا وبعض الطعام وناولني علبة سكائر ما زالت هي الان معي, رجوته ان يجلب لي قصاصات ورق وقلم؟
اسمي غير مهم خاصة خاصة هنا الاف الاسماء التي تشبه اسمي اخاف ان ادونه ويختلط عليكم الامر لذا قررت ان لا اذكر هذا الاسم اللعين, قتل ابي في معركة معروفة باسم نهر جاسم وبعدها عملت امي كي توفر لي لقمة العيش بكافة المهن الوضيعة لكنها سرعان ماتجد النساء الاخريات ينافسنها على تلك المهنة, قررت ان اساعدها واعمل في احد المخابز ,لكن الرفيق خلف بدء يطاردني ويضايقيني للالتحاق بالجيش الشعبي حاولت امي ان ترده فانا ابن شهيد ومعيلها الوحيد لكنه اصر على طلبه رغم ان الجيران وبعض الوجوه حاولا ايضا اقناعه, وحينما ذهبت الى المعسكر كانت امي معي رايتها تركض نحو احد الضباط حاول الرفيق خلف منعها شاهدت امي من بعيد وهي تبكي وتولول وتتوسل من اجلي وبلهجة الفارس النبيل قال لي الضابط اذهب واعتن بامك. كانت فرحتها كبيرة جدا سمعتها تزغرد رغم جراحها والمها الكبير الذي غاص في جسدها.
2
كتبت في احدى الوريقات :
وطن يعشقه الله ويحرسه الفقرا ء ويكتب تاريخه الشهداء. حينما قرءها مدرس اللغة العربية وبخني كثيرا وطلب مني ان اعتني بامي؟ وان اترك هذا الكلام الفارغ في
البداية لم يعجبني كلامه حاولت ان اجادله لكنه منعني( قلت لها)
- لكنه كلام جميل لماذا الفقراء يحرسون الوطن؟ وهل انكيدوامن الحراس سالتني؟
حاولت ان اشرح لها علاقة انكيدوامع كلكامش وكيف انه شكل له وطن لكنها كانت اكثر قربا والتصاقا مني اذكر انها همست في اذني
- من الممكن يكون انكيدوا امرأة؟
- طبعا لا
- اذن انت على خطا حراس الوطن دوما هم احبابه ليس الجنس مهم شكله لمن يحمي الوطن او الحبيب, قد يكون رجلا لكن ليس دائما يكون ذلك
في رحلة البحث عن عشبة الحياة رافق انكيدوا زميله كلكامش من هنا مروا و هنا صرع انكيدوا كل خصومه ومن هنا استمر كلكامش في بحثه لم يكل ولم يضعف رغم كل الصعوبات التي احاطت به
- هل تعتقدين اني ساجد انكيدوا
- ربما ..
- بدءت الشمس تاذن بالوداع وبدءت خيوط الظلام تهبط قبل ان ترحل هي الى منزلها وابقى انا وحيدا مع افكاري ؟من المؤكد اني سوف التقي به واحكي له كل شئ .راودني احساس بان انكيدوايعيش في هذه القرية واني سوف التقيه سوف يسمع لي لماذا قتل والدي وهل يعرف نهرجاسم؟ طبعا هو يعرف كل شئ من يصارع الثور الجبار من يقتل كل تلك الوحوش من يدافع عن كلكامش يعرف نهر جاسم ويعرف لماذا يموت الفقراء.لكن امي لاترضى لي هذا الكلام تقول انه اعمى واصم وانه لم يحمي والدي في محنته كما تخلى عن صاحبه من قبل كانت امي تحكي لي عن انكيدوا وهي تبكي ومنذ ذلك الحين اصبحت انظر في السماء اترقب ظهوره . لكن اوقاتي ذهبت سدى لانه في الواقع لم يظهر او بالاحرى انا الذي لم يره كل الذين اعرفهم قالوا انهم شاهدوه وهو يصارع خمبابا حتى امي قالت انها راته حينما اخبروها بوفاة ابي وقالت انه حضر الماتم لكنه كان اعمى واصم. اكدت لي ان جرحه كان نافذا كانت الرصاصة في راسه كان جسمه سالم, جسده كان طبيعيا سوى هذه الرصاصة التي جعلته لايتكلم ابدا ورضى ان يكون هناك ويتركنا لوحدنا انه يرقد الان بسلام مع انكيدوا الجبان
- ,- جرح والدك كبير تماما مثل جرح جلجامش, حينما راى الدود يخرج من انف صديقه انا ايضا رايت الدود يخرج من انف والدك ادركت حينها انه اعمى واصم ولن ياتي لنجدتنا ابدا
3
كنت في المنزل ولم اخرج او لم اتذكر اني خرجت كنت اسمع الاصوات بانه ظهر الجميع ينادي بان انكيدوا ظهر , امي رفضت قولهم وتوسلت بي ان لااخرج بكت وقالت لي انه اعمى واصم وانه عاجز حتى انه الان اصبح عنينا. وغير قادر على الانجاب
استمعت لصوتها واغلقت الباب لم اقترب من الشارع حاولت ان انظر من خلال النافذة رايت الحرائق ورايت الرفيق خلف مقتولا في الشارع وضعوا اطار سيارة في رقبته واحرقوه حيا ؟ سمعتهم يقولون ان انكيدو من فعل ذلك وخلال نصف ساعة اصبحت المدينة خالية الا من صرخات خمبابا المهزوم قلت لامي ها هو عاد الم اقل لك سياتي انت تكذبين حينما تقولين انه اعمى واصم والان تقولين انه عنين لكنه عاد وها هم يهربون لا احد يستطيع ان يقف بوجه انكيدوا الجبار تمسكت بي وتمارضت قالت ان قلبها اصبح ضعيفا وهي بحاجة الى ان ابقى الى جانبها بدلا من الوقوف امام النافذة ففعلت . وفي اليوم التالي انتهى كل شئ رايتهم يضعون قطع صغيرة من القماش ذات اللون الاسود والاخضر مكتوب عليها ادركنا يا انكيدوا واخرى مكتوب عليها يا جلجامش واخرى لم اتبينها؟ رايت الجميع يرتدي ملابس مثل انكيدوا رايتهم يحملون السيوف والسواطير ورايت النساء يحملن الزناجيل وهن يتجولون في المدينة, لكني ايضا رايتهم يضاجعون بعضهم الاخر وحينما سالت امي قالت انه ضاجعها ثلاثة ايام قبل ان ياتي الى المدينة ويصارع جلجامش. لكن الموت انتشر مثل الطاعون مات جميع سكان قريتنا بعضهم مات حزنا على ابنائه وبعضهم قتلته الوحوش وبعضهم مات كمدا من كلكامش الجميع هنا يموت وسيعود خمبابا.
ناره الازلية هي التي تسحق وصوته هو الذي يسقط الاسوار وحينما يعود سينتشر الطاعون من جديد لم تكمل امي حديثها حتى سمعت صوت المدفعية وهي تقصف المدينة وسمعت زناجير الدبابات وهي تمر من شارعنا سمعت صوت العسكري وهو يقول القوا السلاح لقد انتهى كل شئ
وسمعت اصوات اخرى نظرت من النافذة رايت جثثا في الشوارع اعرفها رايت اطفالا ونساءا رايت الطاعون وقد انتشر في كل القرية وايضا رايت جثثا محترقة واخرى متفحمة قالت امي الم اقل لك انه اعمى واصم .وبينما كانت امي تتحدث سمعت ضربات قوية لدى الباب في الحقيقية لم يكن الباب قويا فقد سقط ورايت الجنود يدخلون في دارنا وحينما راني احدهم صرخ لقد وجدته لقد وجدته وبسرعة ضربني على راسي باخمص سلاحه وحملوني الى هذا المكان غدا اذن ساموت لماذا يا انكيدوااصبحت اعمى واصم وكما تقول امي اصبحت عنينا .



#سعد_البغدادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الا طماع التركية في كردستان
- حول الميليشيات والجماعات الارهابية:
- هاتف الجنابي خطوة الى الامام خطوتان الى الخلف؟
- نحو هيكلية جديدة لبنية المجتمع العراقي
- حول قرار التقسيم
- شارع بشار
- في الطريق الصحيح.. حول ستراتيجية الامن القومي
- رائحة الصندل
- المعلم:
- اضاءات على ستراتيجية العراق اولا
- دم وجدار..
- ترنح الكتل الطائفية؟؟
- الحلم ....قصة قصيرة
- صور الاشياء... السجين 930
- خيارات التحالف الشيعي
- محسن سويلم قصة قصيرة
- تداعيات التقرير؟؟
- ايران وخيارات الصراع.هل حسمت خياراتها باتجاه تقاسم السلطة
- غرفة حمراء: قصة قصيرة
- الانسحاب من البصرة هزيمة ام انتصار


المزيد.....




- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد البغدادي - بقايا ذكريات ...