|
عراق لكل العراقيين ..!
هادي فريد التكريتي
الحوار المتمدن-العدد: 2085 - 2007 / 10 / 31 - 10:44
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
حشدت الحكومة التركية مئات الآلاف من جنودها المدعومين بالدبابات وسلاح الجو ، وما يقتضيها من عتاد ومؤنة ، على الحدود العراقية الشمالية من اقليم كوردستان ، بحجة مكافحة إرهاب متمردي حزب العمال الكوردستاني التركي ، بعد أن رفضت تركيا كل مقترحات الحكومة العراقية بصدد حل المشكلة سلميا ،الموقف التركي المتعنت يستغل ما يعانيه العراق من وضع داخلي متمزق ، فالحكومة المركزية غارقة في خلافاتها مع الفصائل السياسية المكونة لها ، وهي غير قادرة على اتخاذ قرار موحد بصدد أية قضية مهما كانت ،وكل وزارة تنفذ ما يراه وزيرها وفق رؤية الفصيل الذي يمثله ، وهذا شأن البرلمان أيضا ، كما هو شان الرئاسة ومكتبها ، فكل أعضاء هذه المؤسسات ، يزورون مختلف البلدان ، الإقليمية والأوربية والأمريكية منفردين ،أو ضمن وفود ، وكل يدلي بتصريحات متناقضة ومتضاربة ، عن الوضع العراقي وكيفما اتفق ، وكأن أمر هذا البلد لا يعنيهم بالمرة ، أو ربما اعتقده البعض منهم ملكية خاصة به ، فرئيس الوزراء المالكي يزور العديد من دول الجوار دون أن يقدم تقريرا عن زيارته أمام مجلس النواب ، وكأن الأمر شأن من شؤون طائفته ، وليس باعتباره رئيسا لحكومة العراق، وكذا رئيس الجمهورية وأعضاء مكتب الرئاسة ، كل منهم يعتقد أنه ممثلا لانتمائه العرقي والطائفي ، وليس كونهم مكتبا رئاسيا للجمهورية العراقية ، وكذلك شأن المجلس التشريعي وهيئته الرئاسية ، وليس الحال بأفضل من هذا الواقع، فيما يخص العلاقة القائمة بين الحكومة المركزية وإقليم كوردستان ، فالتنسيق معدوم بينهما، كما هو الحال بين المجلسين التشريعيين في المركز والإقليم ، وهذا ما جعل البعض يعتقد أن الأقليم الكوردي وحكومته غير معنيين بسياسة الحكومة المركزية ، إلا ما يترتب بذمة الحكومة المركزية من التزامات مادية تجاه الإقليم ، وكذا المركز لا يهمه ما يجري في إقليم كوردستان ،حتى وإن تعرض الإقليم لمخاطر جدية من جيرانه ، نتيجة لنشاطات عسكرية لحزب العمال الكوردستاني ، ضد الحكومة التركية ، على الرغم من أنها نشاطات غير مرغوب فيها من على الأرض العراقية ، ولم تكن وفق رغبة كوردية عراقية ، حتى وإن كان بعض القوميين من الكورد ممن يدعمون سرا هذه النشاطات ، دون علم أو دعم من حكومة الإقليم ، كما إنها غير خاضعة لسيطرتها ، مع الجزم بأن هذه النشاطات لم تكن وليدة الساعة . الحكومة التركية على علم بهذه الحركة المسلحة منذ سنين طويلة ، وهي غير قادرة على القضاء عليها عسكريا ،كأي حركة مقاومة قومية ـ وطنية ، تجد ملاذا لها بين أحضان شعبها المجزء ـ بين تركيا والعراق وإيران وسوريا ـ الذي يشاركها أهدافها ومنطلقاتها، في الحرية والتحرر من الاضطهاد القومي والشوفيني الواقع عليها ، كما ترى، هذه الحركة الغير معترف بها ، في الديموقراطية والحوار السلمي أسلوبا لحل صراعها مع الحكومة التركية ، فالحل لن يكون إلا سياسيا أولا وأخيرا ، وهذا ما ترفضه الحكومة التركية ، أما حمل السلاح والمقاومة فما هو إلا مظهر من مظاهر الضغط على الحكومة التركية ، وعلى القوى الديموقراطية في العالم ، للإقرار بالحقوق السياسية للكورد المجزء وطنه وشعبه . الاحتلال الأمريكي وتواجد القوات الأجنبية على أرضه ، تسبب في ضعف العراق حكومة ومؤسسات أمنية ودفاعية ، كما تسبب في احتراب مكوناته الطائفية والقومية فيما بينها ، واصبح العراق هو المكان المناسب و الظرف المناسب لحل كل تناقضات وخلافات بعض دول الجوار مع الولايات المتحدة الأمريكية ، فالعراق غدا ساحة نزال لتحقيق أهداف لا يمكن أن تحققها دول الجوار في ظرف آخر، إن تعافى الوضع العراقي وتمكنت حكومته من فرض سيطرتها وسيادتها على كل جزء من العراق . فسوريا تغازل تركيا ، وتعطيها الحق في دخول العراق للقضاء على المقاومة الكوردية التي يقودها حزب العمال الكوردستاني ـ التركي ، ليس حبا بتركيا ، بل كرها بالكورد ، وإمعانا في توسيع شقة الخلاف التركي ـ الأمريكي ، فيما يخص الموقف الأمريكي من تحميل تركيا مسؤولية ذبح الأرمن ، ومحاولة جر تركيا لأن تقف موقفا مؤيدا لها في نزاعها مع أمريكا ، بالموقف من إسرائيل والمحكمة الدولية ـ اللبنانية ، عن التفجير الذي أودى بالحريري وركبه ، كما تبحث عن مؤيد لها يبرؤها من تهمة دعم ومساعدة الإرهابيين في العراق . و إيران الحليف لسوريا ، تعضد وتدعم الموقف التركي في جهوده للقضاء على حزب العمال الكوردستاني وغزوه للعراق، فالمشكلة الكوردية في إيران هي بعينها ما تعاني منه تركيا ، وكلنا يتذكر حكومة مهاباد ، أول حكومة كوردية قامت في أربعينيات القرن الماضي في إيران ، لذا فالمصيبة قادمة حتما ، بعد أن تحقق بعض النصر للكورد في العراق ، وإذا ماتحقق لاحقا في تركيا ، لابد من أن يتحقق غدا في إيران ، فالقضية قضية وقت ليس إلا ، وإيران في نزاع مع أمريكا منذ سقوط الشاه في العام 1979وسيطرة الملالي على الحكم ، وهي أيضا متهمة بدعم ومساندة الإرهاب في العراق ،عن طرق ميليشيات عراقية ، قوات بدر ، وجيش القدس الإيراني ، وبالأمس قامت ميليشيات "جيش المهدي " باختطاف شيوخ ديالى ، وهذا ما كان له أن يكون دون إيعاز من الحكومة الإيرانية ودعمها ، كما تحاول إيران جر تركيا إلى موقف داعمة لها فيما يخص نزاعها مع أمريكا، بصدد موقفها من تهديد بإبادة إسرائيل ، ومحاولة امتلاك السلاح النووي ، والعقوبات التي تسعى أمريكا ودول أخرى فرضها على إيران ، . وتركيا شريك موثوق به ، وحليف تاريخي يعتمد عليه لأمريكا في المنطقة ، وأمريكا لا يمكنها الإستغناء عن تلك الشراكة ، ولا يمكن أن تعرض تحالفها مع تركيا للإنهيار، أو تسمح لها بالذهاب ـ زعلانة ـ إلى التحالف الروسي الإيراني مع بقية الدول الواقعة على بحر قزوين ، وبذا تخسر أمريكا ، الطاس والحمام، كما يقول المثل ، فالخبراء العسكريون ، الأمريكان ، ومعهم وزيرة خارجيتهم ، قادمون إلى أنقرة لتنفيذ كل ما تطالب به من تعويضات عن حشدها العسكري الحالي ، و تحتاجه تركيا من مطالب وضمانات ليس أولها رفع الإدانة عن مذابح الأرمن ، وليس آخرها الضغط على العراق وحكومته المركزية ، وحكومة إقليم كوردستان، لطرد حزب العمال الكوردستاني من المنطقة العراقية ، بل و تقديم الضمانات لها ، فيما يخص تعديل الدستور العراقي بموجب المادة 142، الذي لا يمكن الركون لأي اتفاق سياسي أو اقتصادي ، أو تشريع أي قانون و نفاذه ، وحل أي من المشاكل العراقية دون تعديل المواد المختلف عليها ، فالفيدرالية وحل قضية كركوك ، التي تعتبرها تركيا ، من القضايا التي تهدد أمنها وأمن المنطقة ، وهذا ما ستنصاع له الدولة العراقية طالما هي غير قادرة على تحقيق وحدة وطنية عراقية ، و عراق لكل العراقيين ..!
#هادي_فريد_التكريتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السيد آرا خاجادور ..بيان محبوس ..وحقد أسود ..!
-
ماالحل...عندما يتحول النقد إلى تشهير ..!!
-
مع رابطة الأنصار الشيوعيين في مؤتمرهم الرابع .
-
الحل السياسي ...نهاية المطاف ..!!!
-
سقط النظام ..وماذا بعد يا مستأجرون ..!
-
الحزب الشيوعي العراقي..ضمير وطن ..!
-
ما كو شي ...والوضع في تردي ...!
-
قانون النفط والغاز ..رطانة شهرستانية ..!
-
سفاراتنا بين الأمس واليوم ..وطموحاتنا الوطنية ...!
-
وطنية مجلس النواب على المحك ..!
-
المرأة العراقية ...خيار مستقبلنا !!
-
ا لمشروع الطائفي في العراق ... والمجتمع المدني المعاصر
-
بوش والمالكي ..فرسا رهان خاسران ..!
-
مصداقية حق المواطنة في الدستور العراقي ..!
-
نمر من ورق ..!
-
وثائق مؤتمر الحزب الشيوعي العراقي ..جرأة وحياء / الفسم الثان
...
-
وثاءق مؤتمر الحزب الشيوعي العراقي..جرأة وحياء ..!
-
العلم العراقي ..والسيد مسعود البزاني ..!
-
الصابئة المندائيون ..ومسؤولية الدولة ..!!
-
- معا إلى الأمام -...إلى أين ..؟!!
المزيد.....
-
مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق
...
-
بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا
...
-
الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
-
-وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم
...
-
بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا
...
-
عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر
...
-
خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا
-
مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
-
الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو
...
-
مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|