أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هادي الحسيني - سركون بولص ، ايها الشاعر الفذ














المزيد.....

سركون بولص ، ايها الشاعر الفذ


هادي الحسيني
(Hadi - Alhussaini)


الحوار المتمدن-العدد: 2080 - 2007 / 10 / 26 - 10:40
المحور: الادب والفن
    


برحيل الشاعر العراقي الكبير سركون بولص يكون المشهد الشعري العراقي خاصة والعربي عامة قد فقد واحد من عمالقة قصيدة النثر ومن المجددين الذين استطاعوا ان ينقلوا الذائقة العربية وبمهارة قلّ نظيرها من القصيدة الكلاسيكية الى قصيدة النثر . فيما تجاوز سركون بولص في قصيدته الكثير من أقرانه ومجايليه والذين سبقوه ، واستطاع بولص منذ بداياته الاولى ان يتسلل خلسة الى قلب المتلقي وان يحدث أنفلاقاً شعرياً داخل القصيدة الحديثة في عقد الستينيات ، الامر الذي أنتبهت اليه حينها الشعرية العربية برمتها قبيل ان يغادر وطنه العراق في أواخر العقد الستيني من القرن الماضي .

لم يكن شاعرنا يوماً من الايام يحب الاضواء والاحتفاء به كبقية الشعراء غير انه ضل مواظباً على كتابة القصيدة وتطورها بطريقة المثقف البارع والشاعر المجدد الذي كلما كتب قصيدة جديدة أبدع في تكوينها وتجسيد ملامح صورها البارعة ، الامر الذي جعله يتأنى كثيراً حتى يصدر مجموعته الاولى ( الوصول الى مدينة أين ) في عام 1985 ، لقد ضل سركون بولص اكثر من عقدين من الزمان وهو يجرب ويجدد في قصيدة النثر حتى رسى على الصورة الواضحة تماماً بعد قراءات واشواط طويلة في معترك المعرفة الشعرية ، فهو يمتلك ثقافة واسعة ذات مناخات مختلفة أهلته لان يصنع قصيدة مغايرة عاكسة لمرآة الشعر الحقيقي والذي من خلاله استطاع بولص ان يأتينا بخلاصة الشعر من اعماق البحر ، ومن أبعد كوكب في السماء ، ومن زوايا درابين المدن المنسية ، ومن الارصفة وشوارعها ، ومن الغابات وأشجارها صاحبة الظل ، ومن الحزن العميق والفرح البائس الذي لم يعرفه العراقي يوماً ، ومن الحروب وويلاتها والسلام الذي لم نراه ، ومن الحب والاخلاص ، ومن الحياة والموت ، ومن الطفولة حتى الشيخوخة ، ومن الصحراء ورمالها ، ومن الشتاء وزمهريره ، ومن الصيف وقيظه ، ومن كل شيء بعد أن تمكن في ترحاله الطويل من أن يتعرف معرفة دقيقة على مجمل الآداب العالمية ويقارن ما بينها وبين الشعرية العربية . أنه الفنان الماهر شعرياً بتفاصيل الحياة اليومية وبدقة ، كما وأنه وظف أحسن توظيف الزمكانية داخل قصيدته التي شقت طريقها المغاير ..

قبل ثلاثة شهور كان سركون بولص قد نشر مجموعة من قصائده الجديدة في موقع كيكا الثقافي ، وهو مقل جداً بالنشر هنا او هناك ، وحين قرأت القصائد ، كنت كمن تلقى لكمات متتالية ، لقوة النصوص التي نشرت ! فكتبت أليه معرباً عن اعجابي الشديد بتلك القصائد وسائلاً عنه ، وفي اليوم التالي جاء جوابه ليقول :

(عزيزي هادي، جميل أن أسمع منك وأشكرك على كلمتك بصدد القصائد
في هذا الزمن، كما يبدو يا صديقي، لم يعد لنا نحن العراقيين سوى أن نعري قلوبنا ونحن ندري أن العراقي وحده، أينما كان، سيفهم ، . يسعدني أنك اتصلت في هذا الوقت ، إذ أنني مسافر الى أوربا بعد اسبوع ، وقد أعبر الى أسكندينافيا ، من يدري .
على أية حال سأراك بالتأكيد فأنا باق لمدة طويلة بعيداً عن بلد الأوباش هذا ، محبتي وتحياتي / سركون .. 5/6/2007) .

من خلال رسالته هذه أحسست بالعزلة الكبيرة التي يعيشها هذا الشاعر الفذ على الرغم من أنه أحب سان فرانسسكو ومكث فيها سنوات طويلة جداً ، كان حدسه في الموت واضحاً وكأنه يعلم سيبقى فترة طويلة حيث رقاده الابدي في برلين وما بين أصدقائه الذين احبهم وأحبوه ، ففي برلين يموت شاعر العراق المجدد سركون بولص الذي رفد الشعرية العربية بتجربة غنية بألتقاطاتها وتصورها وموضوعها الانساني البحت
. لقد أستطاع ان يتخطى المحلية ليصل الى العالمية ، فقد ترجمت قصائده الى الكثير من اللغات العالمية وتعرف على اهم الشعراء في العالم خاصة من الامريكيين الذين يمثلون جيل ( البيتنكس ) مثل ألن غينسبرغ وغريغوري كورسو ولورنس فيرلينغيتي وبوب كوفمن وغيرهم ، كما وأن شاعرنا الراحل أرفد المكتبة العربية بالعديد من الترجمات ونقل لنا الكثير من شعراء العالم الى العربية .

في عام 1985 أصدر سركون بولص ديوانه الاول الوصول الى مدينة أين ، ثم تتالت مجاميعه الشعرية الاخرى ، الحياة قرب الاكروبول 1988 ، والاول والتالي 1992، وحامل الفانوس في ليل الذئاب 1996، وإذا كنت نائماً في مركب نوح 1998، كما وصدرت له مختارات شعرية مترجمة بعنوان ( رقائم لروح الكون ) ، ومختارات قصصية باللغتين العربية والالمانية بعنوان غرفة مهجورة ، وكذلك سيرة ذاتية بعنوان شهود على الضفاف ، وكان قد وضع اللمسات الاخيرة لديوانه الجديد ( عظمة أخرى لكلب القبيلة ) الذي سيصدر هذه الايام عن دار الجمل بالمانيا ، الا ان الموت جعله لم يشهد صدور هذا الديوان المهم ، وسيتكفل الشاعر خالد المعالي ناشر الديوان بالاحتفاء به بعد ان رحل سركون عن الدنيا بسرعة احدثت صدمة كبيرة لمحبيه وعشاق شعره وروحه الطيبة ..


بستان الآشوري المتقاعد

النجوم تنطفي فوق سقوف كركوك وتلقي
الافلاك برماحها العمياء
الى آبار النفط المشتعلة في الهواء ،
إلى كلب ينبح في الليل ،
مقيداً إلى المزراب ، حزناً ؟
أو رعباً أو ندماً ،
وضفادع تجثم على أعراشها الآسنة
في بستان مهجور
عندما تشق حجاب الليل صرخة مقهورة ،
إنه الآشوري المتقاعد يقلع ضرسه المنخور
بخيط مشمع إلى أكرة الباب
ثم يرفس الباب بكل قواه مترنحاً
وهو يئن مغمض العينين ،
الى الوراء .



#هادي_الحسيني (هاشتاغ)       Hadi_-_Alhussaini#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مع الشاعر العراقي سركون بولص
- قضية رأي عام
- تركيا ، الطريق سالكة !
- الشيخ حارث الضاري !
- تنقيرات / 1 عمار الحكيم ، إخرس !
- كيمياء الألم
- كيمياء عادل عبد المهدي
- كيمياء جوزيف بايدن
- كيمياء قناة الفرات الفضائية
- رسالة الى رئيس الوزراء المالكي لانقاذ الفنان كريم منصور
- رفقتي مع السياب
- بلاك ووتر وساحة النسور
- رمضان الذي لم يتفق عليه
- فيزياء كربلاء
- عمار الحكيم دبلوماسياً
- انتربول موفق الربيعي
- سنجار والشاحنات الاربع
- تسيّس النصرالكروي
- في الذكرى الثامنة لرحيل البياتي / الحرية والشعر
- مئذنة الشعر


المزيد.....




- يمكنك التحدّث لا الغناء.. المشي السريع مفتاح لطول العمر
- هل يسهل الذكاء الاصطناعي دبلجة الأفلام والمسلسلات التلفزيوني ...
- فيلم جديد يرصد رحلة شنيد أوكونور واحتجاجاتها الجريئة
- وثائقي -لن نصمت-.. مقاومة تجارة السلاح البريطانية مع إسرائيل ...
- رحلة الأدب الفلسطيني: تحولات الخطاب والهوية بين الذاكرة والم ...
- ملتقى عالمي للغة العربية في معرض إسطنبول للكتاب على ضفاف الب ...
- لأول مرة في الشرق الأوسط: مهرجان -موسكو سيزونز- يصل إلى الكو ...
- شاهين تتسلم أوراق اعتماد رئيسة الممثلية الألمانية الجديدة لد ...
- الموسيقى.. ذراع المقاومة الإريترية وحنجرة الثورة
- فنانون يتضامنون مع حياة الفهد في أزمتها الصحية برسائل مؤثرة ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هادي الحسيني - سركون بولص ، ايها الشاعر الفذ