أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم إستنبولي - موسكو و الحَمَام .. و الحب ( بمناسبة مرور خمسين سنةعلى مهرجان موسكو للشبيبة و الطلاب عام 1957 )















المزيد.....

موسكو و الحَمَام .. و الحب ( بمناسبة مرور خمسين سنةعلى مهرجان موسكو للشبيبة و الطلاب عام 1957 )


إبراهيم إستنبولي

الحوار المتمدن-العدد: 2051 - 2007 / 9 / 27 - 11:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


" الاتحاد السوفييتي – عبارة عن عشرة آلاف كم من دون أي لوحة دعاية واحدة لـ " كوكا كولا ".
يحكى أن هذه العبارة قالها يوماً ما صاحب " مائة عام من العزلة " ماركيز

يبدو أن هذا هو الانطباع الذي كان سيخرج به المشاركون في المهرجان العالمي للشبيبة و الطلبة الذي صادفت قبل بعض الوقت الذكرى الخمسون لانعقاده في العاصمة موسكو إذ جرت فعالياته في نهاية صيف عام 1957 .
كما لو إن كل شيء في هذا العالم يحدث يوماً ما لأول مرة. فإذا كان ترتيب ذلك المهرجان هو السادس من حيث الشكل ، فإنه عملياً كان الأول بالنسبة لمدينة موسكو بل و الاتحاد السوفييتي السابق ككل . ذلك أنه لم يسبق أن استقبل الاتحاد السوفييتي حتى ذلك الحين ، بعد الانتصار المظفر في الحرب الوطنية العظمى ، مثل هذا العدد الهائل من الضيوف الأجانب – الضيوف الذين قصدوا بلد " الاشتراكية الأول " بنوايا حسنة .
عندئذ ٍ فقط راحت موسكو تتعرف على العالم من جديد ، كما إن العالم هو الآخر بدأ يتعرف على موسكو من جديد . كان الناس يعيشون آنذاك جوعاً إعلامياً حقيقياً أين هم منه الآن حيث طالت التخمة الإعلامية جميع مناطق الاتحاد الروسي على مداه الشاسع ..
نعم ، لقد كان المهرجان العالمي السادس للشبيبة و الطلاب لحظة مدهشة في تاريخ موسكو . إذ تناقلت وسائل الإعلام العالمية صوراً معبرة راحت تجوب الدنيا و تظهر فيها أسراب الحمام الأبيض ( حوالي 40 ألفاً ) و هي تنطلق من الملعب المركزي في لوجنيكي لتطير في سماء العاصمة موسكو .. و كما شاهد الناس في مختلف أنحاء الأرض كيف راحت الحشود تطلق آه مدوية و يصفقون مبتهجين دهشة لما تراه أعينهم .
و بهذه المناسبة انعقدت في العاصمة الروسية " طاولة مستديرة " جمعت بعض المشاركين في ذلك الاحتفال التاريخي .. و أدار الندوة الصحفي و الخبير في الشؤون الدولية البروفيسور فالنتين زورين الذي أشار إلى أن الاحتفال " فتح أول ثغرة في الستار الحديدي " الذي ضرب آنذاك حول الاتحاد السوفييتي و بلدان الكتلة الشرقية ، و كان له تأثير كبير على الأحداث التي جرت فيما بعد .
كما تمت الإشارة إلى صعود عدد لا بأس به من المشاركين في ذلك الاحتفال إلى مستويات قيادية عالية في بلدان آسيا و أفريقيا و في بعض البلدان الأوروبية أيضاً ، فمثلاً : كارل بيلدت أصبح رئيس وزراء السويد ، و إي . تيكّا - رئيس وزراء فنلندة ..
و كان لافتاً إلى أن اجتماع " الطاولة المستديرة " انعقد في مبنى يقع في الشارع الذي أصبح بعد الاحتفال يحمل اسم شارع السلام و مازال يحتفظ بهاذ الاسم حتى الآن . و أن خط سير المشاركين قد مرّ عبر هذا الشارع انطلاقاً من معرض إنجازات الاقتصاد الوطني ( V.D.N.KH ) باتجاه الاستاد المركزي ( لوجنيكي ) في قلب موسكو .
و قد لفت المشاركون إلى أن المنظمين نقلوا الضيوف في شاحنات مكشوفة عبر بحر من البشر ، الذين احتشدوا عفوياً ، مما تسبب بإرباك الخطط و الجدول الزمني المحدد .. حيث اضطر نيكيتا خروتشوف إلى انتظار الافتتاح الرسمي للمهرجان ساعتين كاملتين .
نعم لقد تحول مهرجان الشباب السادس إلى علامة فارقة على طريق " ذوبان الجليد " و ما تلاه من أحداث . فالكثير مما جاء به المهرجان – أزياء الموضة و خصوصاً الجينز و كذلك موسيقى الجاز ، إلى جانب الاحتكاك و الاتصال المباشر مع الأجانب و ما رافق ذلك من زيجات مع ضيوف المهرجان ، مع ولادة أطفال " أمميين " تالياً – كل هذا اقتحم الحياة السوفييتية حتى بعد انتهاء المهرجان " دبَّ الدفء " في أفئدة أهالي موسكو المتجمدة على مدى عقود من جراء القهر و الحرب و الحرمان ... الحرمان من كل شيء ينعكس في العينين ابتسامة طبيعية صادقة بعيداً عن خواء الأهازيج في المظاهرات و المسيرات الشعبية التي كان يقدمها المكتب السياسي و لجنته المركزية بلسماً كاذباً لآلام و عذابات الملايين من الناس السوفييت الذين أفنوا حياتهم لينالوا شعارات طوباوية على شاكلة " من كل حسب طاقته و لكل حسب جهده " .. ليتبين أنه مجرد كلام لا ينتج لا شققاً سكنية و لا سيارات و لا مواد استهلاكية .. و هي أكثر ما تذكرني بشعارات الأنظمة الثورية العربية من نوع " ثورة حتى النصر " ، " اليد المنتجة هي العليا " أو " لا حياة في هذا البلد إلا للتقدم و الاشتراكية " .
لقد استطاب الحَمامُ العيش في أقبية و حدائق و سماء موسكو اعتباراً من تلك الحقبة الخمسينية بالضبط .. إذا ما علمنا بأن الحمام تعرض للقتل و الإبادة في القسم الأوروبي من الاتحاد السوفييتي أثناء الحرب الوطنية العظمى من قبل قوات الاحتلال الفاشي بهدف منع أية إمكانية لاستخدامه كواسطة اتصال بين الفدائيين .
و للعلم ، تحيط بالحمام منذ القدم هالة رومانسية . ففي زمن الحضارة الرومانية القديمة كان الحمام يرمز إلى الحب و الاستمرارية . أما السلافيون القدماء فقد كانوا يعتقدون بأن روح الميت تنتقل إلى الحمام . و قد انتقل هذا التقدير للحمام إلى المسيحية فصار يرمز إلى الروح القدس . كما إنه علامة على الأنباء الطيبة - فالحمامة هي التي حملت إلى سفينة نوح الخبر عن انتهاء الطوفان .
أما لوحة الحمامة مع غضن الزيتون في منقارها فقد أنجزها بابلو بيكاسو قبل بدء فعاليات مهرجان موسكو بالضبط ، مما جعل من ذلك الرمز للسلام هدية القدر لصالح الحمام الموسكوفي . إذ اتخذ مجلس مدينة موسكو قراراً " باقتناء و تربية الحمام في موسكو بمناسبة المهرجان العالمي السادس للشبيبة و الطلبة " .
نعم ، لقد تحولت " حمامة بيكاسو " على أيدي المنظمين و المشاركين في احتفال موسكو عام 1957 إلى رمز للسلام و الحب .. الحب بكل تلاوينه و تظاهراته .
فقد عاش أهالي العاصمة السوفييتية صدمة حقيقية من جراء ذلك الظهور المفاجئ لكل هذه الحشود المبتهجة .. و المنفتحة للتواصل مع بني جلدتهم بغض النظر عن أي انتماء ديني أو مذهبي أين نحن منه جميعاً الآن . في زمن العولمة و صدام الحضارات الذي طغى على جميع شعارات الحقبة " السوفييتية " اعتباراً من " يا عمال العالم اتحدوا " و انتهاء " نعم للسلم و للصداقة بين الشعوب " . فلم تبق صداقة لا بين شعوب و لا بين عمال تكفي لأن يفكروا بالاتحاد . بل أصبحت تسود شرعة بين الدول أكثر ظلماً و أقسى من شرعة الغاب التي تسود بين أخوتنا في عالم الحيوان .
فهل يمكننا أن نحلم بمهرجانات تشبه و لو من بعيد المهرجان السادس للشبيبة و الطلبة في موسكو علّه يفتح ثغرة في جدار الكراهية و القتل و الحروب المحمول على النظام العالمي الجديد و محاربة الإرهاب على الطريقة الأمريكية هذه المرة ؟



#إبراهيم_إستنبولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موسكو – المدينة من طابقين
- الصراعات السياسية في القرن العشرين - روسيا نموذجاً
- كيمياء المشاعر - قطط حمراء و فئران زرقاء
- إسحاق بابل I. Babel - دي ساد الثورة الروسية
- يفغيني الكساندروفيتش يفتوشينكو Yevgeni Yevtushenko- ... أكثر ...
- لا حياة لمن تنادي .. أو عبثية الكلام
- كل شيء يغرق في الرياء - قصائد للشاعر الروسي بوريس باسترناك
- قصائد للشاعر الروسي العظيم الكسندر بوشكين - بمناسبة ذكرى رحي ...
- آخر فرسان العصر- بمناسبة الذكرى الثالثة لرحيل رسول حمزاتوف
- كتاب لكل العصور
- ليلة القدر في الشعر الروسي ؟ - تنزّل الملائكة و الروح فيها . ...
- تعليقات سريعة حول قضايا راهنة
- ما بين التزوير و التضليل ... توضيح
- طرطوس و المقاومة ... و عماد فوزي الشعيبي
- أحلام = شيطانية = صغيرة
- ديموقراطية .. غير شعبية - نص شبه أدبي
- المواطن السوري ما بين الهم و القبح
- تفاصيل صغيرة في قضايا كبيرة - من دفتر يوميات
- لا تقاوموا الشر
- و يحدثونك عن الإصلاح ! نهاية التضليل ؟


المزيد.....




- بالأسماء.. 48 دول توقع على بيان إدانة هجوم إيران على إسرائيل ...
- عم بايدن وأكلة لحوم البشر.. تصريح للرئيس الأمريكي يثير تفاعل ...
- افتتاح مخبأ موسوليني من زمن الحرب الثانية أمام الجمهور في رو ...
- حاولت الاحتيال على بنك.. برازيلية تصطحب عمها المتوفى إلى مصر ...
- قمة الاتحاد الأوروبي: قادة التكتل يتوعدون طهران بمزيد من الع ...
- الحرب في غزة| قصف مستمر على القطاع وانسحاب من النصيرات وتصعي ...
- قبل أيام فقط كانت الأجواء صيفية... والآن عادت الثلوج لتغطي أ ...
- النزاع بين إيران وإسرائيل - من الذي يمكنه أن يؤثر على موقف ط ...
- وزير الخارجية الإسرائيلي يشيد بقرار الاتحاد الأوروبي فرض عقو ...
- فيضانات روسيا تغمر المزيد من الأراضي والمنازل (فيديو)


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم إستنبولي - موسكو و الحَمَام .. و الحب ( بمناسبة مرور خمسين سنةعلى مهرجان موسكو للشبيبة و الطلاب عام 1957 )