أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فيليب عطية - الدين وعقدة الطفولة














المزيد.....

الدين وعقدة الطفولة


فيليب عطية

الحوار المتمدن-العدد: 2049 - 2007 / 9 / 25 - 03:18
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لم ينفصل مفهوم الاله في معظم المجتمعات البدائية عن مفهوم الاب الاول أو الاب المشترك للقبيلة ، وفي المجتمعات ذات النسب الامومي حلت الالهة الام في المقام الاول ،ولقد قدم لنا برونسلاو مالينوفسكي في ابحاثه الرائدة عن السحر والعلم والدين في المجتمعات البدائية شرحا وافيا عن الدور الذي يلعبه كل عامل من هذه العوامل في حياة وتقاليد المجتمع البدائي .
ولم تتغير الصورة كثيرا في المجتمعات الاكثر تعقيدا رغم ان مجمع او بانثيون الآلهة قد اتسع وتعقد بالموازاة مع اتساع وتعقيد تلك المجتمعات ، فسواء وضعنا هذا المجمع علي قمة الاوليمب كما هو الحال في اليونان القديمة أو في مسار الشمس فان الوضع هو هو :زيوس بجانب زوجته هيرا ، وبراهما بجانب زوجته سرسفاتي وبجوارهم طائفة هائلة من الابناء من آلهة والهات وكل منهم يؤدي الوظيفة المناط بها لخدمة المجتمع بالطبع ، ونجد في مؤلف هسيود الشهير المعروف ب "انساب الآلهة" صورة ادبية رائعة لعائلة الآلهة الاغريقية الكريمة ، وهي نفس العائلة التي اقترضها الرومان وصارت عائلتهم باسماء اخري ولكن مع نفس المهام والوظائف .
وفي مصر الفرعونية كانت ثنائيات الآلهة التي انحدرت من آتوم الخالق(وهو الوحيد الذي انفرد بذاته ) شائعة ومعروفة لعل من اشهرها أيزيس واوزيريس ، ونفتيس وست اعضاء الملحمة الاوزيرية ، ولم تكن تلك الاسطورة -كما يتصور الكثيرون- ضربا من الخيال ،بل كانت تصويرا رائعا للصراع بين الخير والشر او بين الجدب والخصوبة في مجتمع هو بالاساس مجتمع زراعي .
ورغم ان لاهوت الاله بتقدم الحضارة الانسانية قد صار اكثر تجريدا الا اننا نجد ان المسيحية قد احتفظت بخصائص الاله (الاب والابن والروح القدس ) ولم تختفي الانثي من الصورة فقد احتلت مريم العذراء نفس المكانة التي احتلتها ايزيس كأم كونية ، حتي في الاسلام ورغم النزعة المتشددة كي يحتفظ الله بتفرده ، لم تجد الجماهير بأسا في اتخاذ بنات النبي كأمهات شفيعات ، والكل يعلم بالمكانة التي تحتلها السيدة زينب في وجدان البسطاء ذوي الحاجات .
وباختصار لقد قدمت الديانات تعويضا عبقريا عن فترة من اهم فترات حياة الانسان ،وهي فترة الطفولة ، التي يكون فيها الاب هو الراعي الحافظ ، والام هي العطوف الحنون ......لكن ذلك لايشكل عقدة ،فمن اين تأتي العقدة اذن ؟
ينبغي بالطبع ان نتوقف لنشير الي مفهوم العقدة complex عند اول من صاغاها واستخدماها في التحليل النفسي وهما سيجموند فرويد ، وكارل يونج فهما يعنيان بالعقدة تلك المجموعة من الارتباطات والخبرات اللاواعية التي تجبر الانسان فيمابعد علي اتباع سلوك معين هو في الغالب سلوكا شاذا معيبا ، وقد قدم فرويد مجموعة من العقد الشهيرة لعل اهمها عقدتي أوديب والكترا وهما تتصلان بالسلوك الجنسي ، كما قدم يونج عددا من العقد الاخري من بينها عقدة الاب ، وكل تلك العقد تتصل بفترة الطفولة ولكن لاعلاقة لها بعقدة الطفولة كما اقصدها ،فعقدة الطفولة هي تلك المجموعة من الخبرات التي تجبر الانسان عند مواجهته الازمات الصعبة الي النكوص او الارتداد الي مرحلة سابقة من حياته شعر فيها بالامان ، وهذا النكوص او الارتداد ليس غريبا في علمي النفس والامراض العقلية ، ويقدم لنا الوضع الجنيني الذي يقدمه لنا المريض بالهوس الاكتئابي صورة باهرة عن هذا الارتداد حيث يميل المريض الي الالتفاف حول نفسه مقلدا الجنين في رحم الام !
بالطبع لن نجد في عقدة الطفولة بالغا يلهو بالارجوحة او يتسلي بلوك الحلوي حيث تعمل جملة من الاستبدالات والاحلالات علي اعادة تشكيل الصورة لاسيما عندما ترتبط بالدين , نعلم جميعا ان الطفل المحبط يسلك سلوكين لاثالث لهما :البكاء او تحطيم الاشياء بصرف النظر عن قيمتها ...عند مريض الطفولة يتم استبدال البكاء بالتدين المفرط بمختلف مظاهره المرفوضة بما فيها تكفير الآخرين وادعاء العلم الارضي واللدني وغير ذلك من المظاهر بما فيها التهجد البالغ متصورا بهذا انه سينال استحسان الاله -الاب فيفتح له ذراعيه مزيلا همومه .
السلوك الثاني هو الاخطر ، انه لن يحطم لعبة بل سيحطم البشر انفسهم ، وقد يحطم نفسه بدعوي الشهادة !
ومن سوء الحظ ان علاج كل تلك الانحرافات لن تكون داخل عيادة التحليل النفسي وانما علاجها الوحيد تغيير مجمل تلك الظروف التي قادت لتلك الانحرافات .




#فيليب_عطية (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يابخت شنطح بشرفنطح !
- العلمانية ليست دينا,,,, كفي خلطا للاوراق !
- استراتيجية الشيكابيكا وابولادن الانتيكه
- المحرقة النووية وصناعة الاوهام
- البدائية والسمائية ومستشفي العباسية !
- ديانات العراق وثراء الفكر الانساني
- مجرد رأي في المستنقع العراقي - الايراني
- شمشوم ولعبة كل يوم
- الضربات العشر وحدود الفشر
- ابرام ومائدة اللئام (2
- نوح واللغو المفضوح
- سليمان وملوك الجان
- بين اوزيريس والمسيح
- سيف الله ام سيف الجريمة ؟
- ابتعدوا عن عبد الناصر
- الديانات الذكورية ،والديانات الانثوية
- الوثنية وحكاية السلطانية
- علي الله ان يثبت ذاته
- حركات الزعابيط وآخرة التنطيط
- ساركوزي وحلف الكوز.....ي


المزيد.....




- حزب الله: إيران حقّقت نصرا مؤزرا
- كيف تطيل عمر مناشف الميكروفايبر وتحافظ على فعاليتها؟
- 16 قتيلا في احتجاجات بكينيا
- اعتمد على المباغتة.. الجزيرة تحصل على تفاصيل كمين خان يونس
- الموساد يشيد بعملائه داخل إيران وبدعم الـ-سي آي إيه- للهجوم ...
- إصابة 3345 إسرائيليا بالحرب مع إيران و41 ألفا طالبوا بتعويض ...
- أبو عبيدة: جثث العدو ستصبح حدثا دائما ما لم يتوقف العدوان
- لماذا تتجه طهران لمنع الوكالة الدولية لتفتيش منشآتها؟
- كاتب روسي يدعو موسكو للتحرك دبلوماسيا من موقع قوة
- موقع تركي: القبة الفولاذية باتت ضرورة ملحة لتركيا


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فيليب عطية - الدين وعقدة الطفولة