أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي العامري - مولد الغريب في أبي غريب !(*)














المزيد.....

مولد الغريب في أبي غريب !(*)


سامي العامري

الحوار المتمدن-العدد: 2053 - 2007 / 9 / 29 - 11:15
المحور: الادب والفن
    


الى : جبران خليل
ضروبُ الفنونِ
رِهانُ البقاءْ
ولكنْ فَدَتْكَ الرهاناتُ
أيُّ نهارٍ وأيُّ هباءْ !
وأيَّ جَمالٍ تُشيعُ الغيومُ إذا أمطرتْ ورَبَتْ ذكرياتٌ
وأيُّ ربيعٍ عميقِ الشتاءْ !
مولدي ذاكَ يوميءُ لي حاسرَ القلبِ
من فوق رابيةٍ
والليالي الصغيرةُ مثل الجِداءْ !
إنها بعضُ ذاكرةِ الطفلِ
أسكبُها كاللحونِ انتظاراً شفيفاً
ولكن لِمَنْ ؟
لا يهمُّ
فإنْ يحضرِ الطفلُ في خاطري فالجميعُ سَواءْ !
وإذّاكَ أَغفلُ أمري
وأهمسُ في أُذنِ صدري
هنيئاً لقلبي شذىً لا يدومْ
لعمرٍ وجيزِ الغيومْ !
شموعٌ أمامي تميسُ بمُتعهْ
وسربُ بلابلَ من آخر الأرضِ يُقبلُ ,
يَفتحُ نافذتي ليحطَّ على عِذْقِ شمعهْ !
كأني تَرَهْبَنْتُ جيلاً
وما عاد في باحتي غيرُ هذا الصليبْ
وبعضِ صغارِ الخنازيرِ تتبعني ثمَّ أتبعها
وألوِّنُها كيفما شئتُ مُستأنِساً
فهي صفراءُ حيناً وزرقاءُ حيناً
وحمراءُ داكنةٌ كالزبيبْ !
وحيناً على العكسِ
فهي تُلَوِّنني إنما بابتهاج الحقولِ
فَجَنْبي خريرٌ وفوقي نَثيثْ
وأحسُّ بأنْ ليس للأفقِ من زائرٍ
ما خلا خطواتِ المَحاريثْ
لمْ تكنْ صُدفَةً أنْ وُلِدْتُ كما البعض في قريةٍ ,
قريتي
سطحُها ساكنٌ
ودواخِلُها مَرْكبٌ يتحرَّكُ دَوماً
فَهَبْني إذاً أَحتفي بالخَفيِّ الذي لا يُقاوَمُ ,
أتَّبِعُ الريحَ حتى تغيبْ
وأدعو الذُرى
وكَمَنْ يَشْرَئِبُّ من السجنِ , سجنِ أبي غريبْ
أُشيرُ كذا بيدي
وأقول : هناك ترعرَعتُ حيث الحُبارى
كأنيَ ما كنتَ أجهلُ جُبرانَ قَطُّ ولا ( يوم مولدهِ )(**)
كنتُ أعرفُ نهراً يُقالُ لهُ الشَّطُّ
رُحْنا نطلُّ عليهِ
ونسبحُ في ضِفَتَيْ دمعتَيهِ !
وكنّا نريد العبورَ ضُحىً في ظِلالِ الهَسيسْ
ولكنما الجسرُ كانَ رؤوسَ الجَواميسْ
في قريتي تلكَ عند الشمالِ
هنالك بيتٌ وحيدٌ من الخَرَسانةِ
كانوا يُسمّونهُ القصرَ
يا طالما فوق أعتابهِ في خوالي السنينْ
صَنَعتُ ولَمّا أزلْ كائناتٍ من الطينْ !
كُنّا جميعاً كذلك ,
أثوابُنا نَفْسها كان يَلبَسُها الطينْ !
في قريتي تلكَ لا شيءَ إلاّ من الطينْ
وحليبُ الخفافيشِ في سقف كوخٍ
لجَدَّتيَ العلَويَّةِ
أسمعُهُ كالرنينْ
فكما لو سيرضَعُهُ الضوءُ حالاً
وأُمّي بفانوسها عاطرِ الضوءِ تَغمرُنا ,
خمسةٌ إخوتي ,
أربعٌ أخواتيَ ,
والناسُ أرغفةٌ لا تُجارى حرارتُهم
وكذلك أسماكُهم
فهي وقتِ الحَميَّةِ
كُلٌّ لِكُلٍّ خَدينْ !
وعند اليمين تلوحُ الإذاعهْ
وكُنّا نراها فَحَسْبُ !
فلا صوتَ غيرَ صياحِ اللقالقِ ,
ظلَّتْ لقالقُها مَعْلَماً
فهي عند الظهيرةِ ظلٌّ الينا
وفي الفجرِ تأتي مَزارِعَنا صادحاتٍ
ومنها تغارُ الديوكُ
لأنَّ مناقيرَها ما تزالُ تَتِكُّ كساعهْ !
ومن ثمَّ تعلو بنا صوبَ أعشاشِها الباسقاتِ
فيالَلفظاعهْ !
ويالَلمآلْ
وكم قد تنَفَّسْتُ من وحي ذاك العلُوِّ
غِنى الصَّبَأُوتِ
ومعنى الجلالْ
قريتي
لاحِنٌ في الكآبةِ
إنسانُها ,
لاحِنٌ في المَلالْ
وتلك الإذاعةُ ,
أذكرُ أنَّ أبي كان يحرسُها
هو والسُكَّريُّ العُضالْ
ولكنهُ لا يُبالي ,
ويوماً أَسَرَّ اليَّ
بأنّا جميعاً حَزانى !
لأنَّ سِوانا
لا يعرفون مباهجَنا ورِضانا !
ورُوَيداً رُوَيداً
إذا قريةُ البُسطاءْ
أفاقتْ على كهرباءْ !
أفاقتْ على عالَمَينِ
وسجنٍ مريعٍ وأقبيةٍ ومشانقْ
مُرْعِبٌ كلُّ هذا وقد زالَ , قالوا
وها انا ثانيةً صُرتُ أحصي الدقائقْ
بانتظارِ رجوعِ الصِّبا
وانتظارِ حَجيجِ اللقالقْ !
*******************************************
(*) أبو غريب : إسم القرية التي ولدتُ فيها .

(**) يوم مولدي : مقالة لجبران أثّرَتْ بنفسي كثيراً ويعتبرها العديدُ من النٌقاد واحدة من قمم أعماله النثرية .



#سامي_العامري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رباعياتٌ مِن الآخرة !
- ذُبابةُ فرعون ! ( مقالة في إشكالية مصطلح الأجيال الشعرية وقض ...
- ذُبابةُ فرعون !
- أيتها الكآبة !
- قَومي بأيزيديَّةٍ هاموا ! (*)
- قطفتْ نداكِ يدي
- الجرح الأيزيدي المُتَّسِع كضفتَي الفرات
- الواوي تحتَ إبط فاضل العزاوي !
- رِقَّةُ عفريت !
- حديث المواسم
- اليكَ بغداد
- سعدي يوسف والصداع الأمريكي !
- رباعياتٌ مُهاجرة
- واحة الكوابيس !
- لا خَفْقَ للحِدَأة
- إنْ كنتُ أُسيءُ فأنتَ تُضيءُ !
- لها سأقول
- مِن شجون الأسماء وجرائرِها
- دخلتُ حقيبتي كي أستريح !
- قرارُكِ لا قراري


المزيد.....




- كيف تُغيّرنا الكلمات؟ علم اللغة البيئي ورحلة البحث عن لغة تن ...
- ما مصير السجادة الحمراء بعد انتهاء مهرجان كان السينمائي؟
- وفاة الممثلة الإيطالية ليا ماساري عن 91 عاما
- البروفيسور عبد الغفور الهدوي: الاستشراق ينساب في صمت عبر الخ ...
- الموت يغيب الفنان المصري عماد محرم
- -محاذاة الغريم-... كتاب جديد في أدب الرحلات لعبد الرحمن الما ...
- -أصيلة 46- في دورة صيفية مخصصة للجداريات والورشات التكوينية ...
- -نَفَسُ الله-.. هشاشة الذات بين غواية النسيان واحتراق الذاكر ...
- جبل كورك في كردستان العراق.. من خطر الألغام إلى رفاهية المنت ...
- لماذا يفضل صناع السينما بناء مدن بدلا من التصوير في الشارع؟ ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي العامري - مولد الغريب في أبي غريب !(*)