الكوليرا ...تنظيم إرهابي جديد !

هفال زاخويي

الحوار المتمدن-العدد: 2044 - 2007 / 9 / 20 - 12:09
المحور: الطب , والعلوم
    

يبدو اننا في العراق تأقلمنا مع ظاهرة الابادة الجماعية سواء بدفن البشر احياء على طريقة "القائد الضرورة" أو بالمفخخات على طريقة الإرهابي "ابي مصعب الزرقاوي" او بالكوليرا وهي الطريقة الجديدة الصامتة ولا تحتاج الى مفرقعات ولا تترك ضجيج الإنفجارات باستثناء الضجيج الإعلامي.

أكثر من شهر واجهزة الإعلام العراقية وكذلك العربية منهمكة في نقل اخبار انتشار وباء الكوليرا والذي انطلق بامتياز من اقليم كردستان الآمن والذي تتوفر فيه الخدمات لكن لاتتوفر فيه مشاريع مياه عصرية بعد ستة عشر عاماً من الانجازات والتي لم تشمل قطاع المياه والكهرباء والبلديات على ما يبدو...والا كيف ترجع السلطات الصحية أسباب انتشار المرض الى مياه السليمانية ...!؟

القصة لا تخلو من فكاهة ، تضارب الانباء حول اعداد المصابين..."الشرقية " - هذه الفضائية التي لايمكن ان تحافظ على الاستقلالية وقول الحقيقة مهما كان الثمن- لاتصدق ان تنشر نبأً كهذا وبطريقة المذيعين الثوريين ايام فضائية العراق وتلفزيون الشباب حيث الاداء العنيف وتضخيم الصوت بالضغط الشديد على الحنجرة وكأن التوجيهات لازالت تأتي من السكرتير الصحفي لصدام حسين او مدير اذاعة وتلفزيون العراق ايام " صدام اسمك هز امريكا" ... وزير الصحة المسكين في كردستان يعلن ان عدد المصابين 700 فنرى على الشرقية 7000 ، ثم يعلن الوزير ان عدد المصابين 1600 فنرى على الشرقية 16000 مصاب .

لحد الآن عجزت عقولنا عن تفسير لعبة الكوليرا او بالأحرى سياسة الكوليرا ، فقد كنت في السليمانية قبل اسبوع بالضبط أسأل الأصدقاء والمواطنين عن هذا المرض المخيف وكنت امتنع عن شرب الماء الا المعقم بالطبع " التعبئة التركية او السعودية المنتشرة في الاقليم" حيث سمعنا ان مياه التعبئة الكردستانية ايضاً ملوثة ... لكن الأصدقاء وبعض المواطنين ضحكوا بشكل مثير وابلغوني : كيف لإعلامي مثلك ان يصدق هذه الأقاويل...؟! بالطبع صحيح... لكني اخبرتهم اني لست اعلامياً سلطوياً كي اتقن فن التلفيق كما ليس لي ماض اعلامي بعثي عتيد كي اتقن فن تحويل الهزائم الى انتصارات والبكاء الى ضحك والأسود الى أبيض ...بل اتعامل مع الإعلام من منطلق الشعور بالمسؤولية ومراعاة مواثيق الشرف الاعلامية ... ولو كان القضاء قضاء ولو كان في العراق حكم للقانون لكان بالإمكان ملاحقة هذه القنوات الاعلامية قضائياً ومن قبل عشرات الالاف من المواطنين بسبب حالة الذعر التي تركتها الشرقية واخواتها في نفسيات المواطنين .
حسب تصريحات وزير صحة اقليم كردستان هناك 1600 اصابة وان التقارير الاخرى التي هولت من عدد المصابين تقاير خالية من الصحة ، ثم ان بؤرة انطلاق جيش الجراثيم االارهابي من تنظيم "كوليرا" الجديد كان مشروع الماء في السليمانية ، اذن نسأل حكومة اقليم كردستان ومؤسساتها الخدمية : اين التطور والتقدم الذي تتحدثون عنه واين الخدمات الصحية اذا كان مشروع ماء باكمله قد تحول الى وكر للكوليرا ...؟! ستة عشر عاماً من التجربة الادارية ولازالت التجربة تحبو...؟! ستة عشر عاماً من التحرر والادارة الذاتية والحركة العمرانية ولازلنا تحت رحمة جارتنا الحسودة تركيا والحقودة ايران كي تزودنا بالكهرباء وبالوقود وبالمعلبات بشتى انواعها بالاضافة الى تزويد الأقليم يوميا بعشرات القذائف المدفعية الايرانية والتركية ...؟! الم يكن بمقدور السلطة الثنائية قبلا والموحدة البيروقراطية حاليا في اقليم كردستان توفير الطاقة الكهربائية وعلى مر ستة عشر عاماً ...واقامة مشاريع عصرية وبشروط صحية لاسالة الماء الصالح للشرب ...؟ ولأن الموضوع متعلق بالكوليرا فانا لن اسيس الموضوع ولن اتحدث عن الثغرات الأخرى كالفساد والبيروقراطية وظهور طبقة جديدة ضيقة منتفعة على حساب طبقة واسعة مسحوقة
انا لااتحدث عن السياسة ولا انتقد لمجرد النقد بل لتشخيص الخلل ...ولا انتظر منكم تهماً جاهزة رجاء"...! فانا لم اثر الا موضوعاً صحياً ...ونسألكم لوجه الله ان تغيثونا فلا زلنا نجهل حقيقة ومدى وسبب انتشار هذا المرض...ام ان الموضوع متعلق بالأمن القومي ...؟!

#هفال_زاخويي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل