أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد علي محيي الدين - مقاهي الشيوعيين في القاسم















المزيد.....

مقاهي الشيوعيين في القاسم


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 2043 - 2007 / 9 / 19 - 12:13
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


للمقاهي في ذاكرة الشيوعيين مكانها اللائق،وموقعها المتميز،فقد كانت هذه المقاهي أشبه بالمقرات الحزبية غير الرسمية،والمكان الدال عليهم والمقر الدائم لتواجدهم،خصوصا في الفترات التي تميزت بأنحسار الضغط على الشيوعيين،او فترات العمل العلني،فكان روادها يقتصرون على الشيوعيين وأصدقائهم ومؤازريهم ،ومن يهوى المعرفة والثقافة الأصيلة،لذلك نلاحظ أن هذه المقاهي تميزت بالرواد غير العاديين من أصحاب الثقافة وطلاب المعرفة ،والمهتمين بالشؤون السياسية،بل أن بعض أصحابها يشاركون في نضال الحزب،وتوزيع منشوراته،والتحذير عند المداهمات،أو أخفاء المنشورات،وتكون العنوان الدائم للقأآت والمواعيد لمن يأتي من خارج المدينة.
ولا تخلو مدينة عراقية من مقهى شيوعية،أو موسومة بالصبغة الشيوعية ومن هذه المقاهي مقهى (جاسم برغوث)هذه المقهى التي أخذت طابعها المميز بأرتيادها من قبل الطبقة المثقفة وعلى رأسهم الشيوعيين أصحاب الثقافة الحقة،وكان صاحبها شيوعيا حتى النخاع،ملتزما مؤمنا بالأهداف والمباديءالى حد المغالات ،وقد لاقى المصاعب،وواجه العقبات بسبب أنتمائه،والتقاء الشيوعيين بمقهاه،فلا يمر شهر دون أن يستدعى من رجال الأمن للاستفساروالمسائلة والتحقيق،وقد طلب منه عدم السماح للشيوعيين بالجلوس في مقهاه،بل كثيرا ما حورب من قبل الجهات الصحية بحجج واهية تخفي ورائها الأسباب الحقيقية،فقد كانت مقهاه في منتهى الأناقة والنظافة وتوفر الشروط الصحية،ومنع من أخراج الكراسي على الرصيف المواجه لها،بحجة التأثير على السابلة وأعاقة المارة رغم المسافة المتروكة للمرور،وحركوا بعض ضعاف النفوس للشكوى لدى أدارة الناحية بتأثير المقهى على العوائل في الدور المجاورة فلم يخشى الأراجيف ولم يهن امام المصاعب وظل على ما عهدناه رفيقا رقيقا حييا وادعا لا تفارق الإبتسامه شفتيه وكان بعض الطلبه الشيوعيين لا يمتلكون ثمن الشاي الذي يتناولونه في المقهى فيعاملهم بالنسيئه رغم ما تراكم عليهم من مبالغ ليس بإستطاعتهم سدادها او الوفاء بها وهو ادرى بحالهم فكان يشطبها بين أونة وأخرى،ويعيد التسجيل مجددا،لذلك لا يزال يحظى بالأكبار والأجلال والعرفان بالجميل من زبائنه الكثيرين.
نعم هذا هو(أبو محمد)وهذه سجاياه،وهذا مقهاه،لذلك تغنى بها الشعراء فقال فيها الشاعر الشعبي طاهر الحسني قصيدة رائعة بعنوان (ناطريتك)نشرت في الصحف ولهج بها الكثيرون منها:
ناطريتك لهفة العريس لشفاف الحبيب
ناطريتك..آخ لو تدري بغيابك ..بليالي
شحبلت وكامت تجيب
ناطريت بكل مچانات المواعيد وعطرها
بطبع من شوگ الحمامه..
وساهرت بعيون ذيب
واعشگت حتى الگهاوي...
الچنت أخط بيها الرسايل..
آخ يا ًگهوة (أبن برغوث) ياچاي الصحن..
بالهيل من (مهدي الشبيب)(1)
ويا حديقة (جاسم)الگطعوا نهرها(2)
مثل ماگطعوا عله اليرضع حليبه
وعلموه (عالنيدو)و(الماي الغريب)
ولا زالت في ذاكرة الملحن والفنان المبدع(كوكب حمزه) عندما تغنى بها في حفلات براغ وأمستردام وسوريا والمنافي الأخرى،وقال عندما سئل في أحدى الفضائيات عن ذكرياته(لقد جبت العالم،ورأيت الكثير،فلم أجد فيها ما كنت أجده في مقهى جاسم برغوث).ولا زال الكثير من أبناء القاسم،أو الوافدين اليها يستذكرون تلك المقهى،والأيام الخوالي،وأحبتهم الذين رحلوا،أو هاجروا،أو لا زالو يتنفسون نسيم العراق.وبعد أشتداد الهجمة الشرسة على الشيوعيين ،وأنصارهم وموأزريهم،اضطر لأغلاقها،والأنصراف لبيع الأجهزة المنزلية،وعندما سقط النظام طلبت منه فتحها فقال لي وقد سالت دمعة كريمة على وجنتيه:لو كنت أستطيع أدارتها لأفتتحتها من جديد ولكن ها هي الأمراض تتناهب جسدي،كما تناهبت الأجهزة الأمنية أخوتي وأبنائي ورفاقي ممن كانو يرتادونها،واليوم أتلفت في كل مكان فلا أجد أحدا من أولئك الذين ملئوا الدنيا وشغلوا الناس بصمودهم وتضحياتهم الجمة،أين علي الصگر وكاظم عبيسان وهادي حنتوش ومحمد النعمان وحسن سعيد وعامر الصافي وو،وأخذ يبكي بكاء الوالهة الثكلى وهو يتذكر رفاق أعزة كانوا ملء العين والبصر.
والى جانب هذه المقهى توجد مقاهي أخرى سبقتها بأعوام أو عاصرتها منها مقهى(أبو رشيد)الكائنة جوار الأمام القاسم(ع) وكان صاحبها الحاج شهيد الحاج عبود من الشيوعيين الأماجد الفاعلين أيام المد الثوري بعد ثورة الرابع عشر من تموز المجيدة وله مواقفه النضالية المعروفة في قيادة المظاهرات والمسيرات المؤيدة للثورة وقانون الأصلاح الزراعي،ورغم تقدمه في السن الأ أنه كان يتصدر المظاهرات الصاخبة ويشارك مشاركة الشاب النشيط،وكانت مقهاه مجاورة لمقهى الشيوخ ورجال الأقطاع،فأضطروا لتركها والأنزواء في بيوتهم خوفا من غضبة الشعب،وقام أبو رشيد بجلب أول تلفزيون للمدينة،أبان نقل محاكمات النظام البائد،فترى أبو نضال وهو يصدح بصوته المدوي،وبلاغته الرائعة وهو يحاكم رموز النظام وزبانية البعث،وكانت المقهى غاصة بالمئات التي جاءت لمشاهدة وقائع المحاكمة مما دفع الرجعيين ومن لف لفهم الى أستئجار بعض الأشقياء لأفتعال معركة في المقهى لتفريق الناس وعدم سماع المحاكمة،مما دفعه لمقابلتهم بالمثل وأفشال مخططاتهم،ولم تتمكن القوى الموتورة من أذناب العهد المباد من تحقيق طموحاتهم وعاد كيدهم الى نحورهم. والى جانب دوره النضالي،كان له دور آخر له أهميته البالغه وبعده الأجتماعي،فقد كان من قادة المواكب الحسينية الذين يشار لهم بالبنان وله دور في تنظيمها وخصوصا في الثالث عشر من المحرم،وأقام مسرح كبير لتمثيل ما دار في مجلس يزيد عند ذهاب السبايا للشام،وأدار هذا المشروع بأقتدار الرفيق حسن حمزة(أبو يقظان)الذي كان يقوم بالأخراج والتمثيل والتدريب والأعداد،فكان هذا الجهد الشيوعي الخالص،دحض للأراجيف والدعايات التي روج لها البعثيين والرجعيين ومن لف لفهم من الموتورين،ودليل على عمق تفاعل الشيوعيين مع التاريخ الثوري الناصع للأسلام الحنيف.
وهناك مقهى آخر للحاج حميد عبيد(أبو شاكر) يقابل المرقد المقدس،كان يرتاده نخبة من الشيوعيين الذين غيب النظام المقبور أكثرهم،وكان الحاج حميد من أنصار الحزب الأشداء ومؤآزريه الأوفياء،وله الدور المميز في قيادة وأدارة المواكب الحسينية .
وللحاج گاطع جمعه مقهاه المعروفة الواقعة في الشارع العام حله- ديوانية،يرتادها الكثير من الشيوعيين وتستغل لأستقبال الوافدين من المحافظات الأخرى ،حتى لا يسترعوا أنتباه رجال الأمن، لتميزها بتواجد الغرباء والمسافرين بين المحافظات الجنوبية،وكان صاحبها وأبناءه شيوعيون على درجة عالية من الألتزام وتحمل المسؤلية،وقد قدموا خدمات جلى للحزب،وكانت داره الواقعة خلف المقهى مخبأللكثيرين من المطلوبين للسلطة،وأتذكر أن الرفيق (قيود كاظم الجاسم مكث أسابيع عديدة مختبا في تلك الدار.
وألأن عندما أتذكر ذلك الماضي التليد ،تنداح أمام ناظري مواكب الشهداء الأبرار الذين طرزوا أديم العراق بدمائهم ذودا عن المباديءالنبيلة،والقيم السامية التي يدعوا اليها الشيوعيون،وأتذكر بأجلال أولاءك الرفاق الميامين، الذين نذروا أنفسهم لقضية شعبهم بعيدا عن المنافع والمكاسب التي يتطلع اليها بعض الأقزام ممن أرتدوا أردية الوطنية المهلهلة،التي لم تستر عوراتهم فبانت لكل ذي عينين،وسسيأتي اليوم الذي يعرف فيه الشعب حقيقة هؤلاء الأدعياء ،فيلفظهم لفظ النواة،وسيبقى العراق وشعبه نصب أعين العراقيين لأنهم من الشعب وللشعب.

-----
الهوامش:1صاحب مقهى في القاسم عرف ببيع الشاي المهيل
2-حديقة غناء في أطراف البلدة قطع عنها الماء فماتت أشجارها وأصبحت في الوقت الحاضر مباني حكومية.



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أجتثاث الطائفية ،الطريق لبناء العراق الجديد
- الحقوق المنسية لضحايا 8 شباط الأسود
- هروب السجناء
- ذوله وين...وأحبه وين
- شمرّ بخير ما يعوزها غير الخام والطعام
- السيف البتار لمن يقول أن المطر من البخار
- موقف المرأة من رجال الدين
- تجارة الجنس..تجارة لن تبور!!!
- المفاهيم الدينية في الدارمي
- الأثراء غير المشروع
- الرجل العنكبوت
- تيتي تيتي مثل ما رحتي أجيتي
- أعادة أعمار معامل القطاع العام
- جمل الغركان غطه
- رفاق في الذاكرة/5 عزيز حمزة الأحمد -أبو منذر-
- من كان منكم بلا خطيئة فليرجمه بحجر
- اذا طلعت لحية أبنك زين لحيتك
- العركة على اللحاف
- أذن من طين وأذن من عجين
- ضعف القوى الأمنية وراء أحداث كربلاء


المزيد.....




- الخرطوم تطالب بعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن لبحث -عدوان الإمار ...
- استمرار الاحتجاجات في جامعات أوروبا تضامنًا مع الفلسطينيين ف ...
- الرئيس الإيراني: عقيدتنا تمنعنا من حيازة السلاح النووي لا ال ...
- مظاهرة ضد خطة الحكومة لتمديد استخدام محطة -مانشان- للطاقة ال ...
- الدفاع الروسية تعلن حصيلة خسائر القوات الأوكرانية خلال أسبوع ...
- أطباء المستشفى الميداني الإماراتي في غزة يستأصلون ورما وزنه ...
- مجلس أميركي من أجل استخدام -آمن وسليم- للذكاء الاصطناعي
- جبهة الخلاص تدين -التطورات الخطيرة- في قضية التآمر على أمن ا ...
- الاستخبارات الأميركية -ترجح- أن بوتين لم يأمر بقتل نافالني-ب ...
- روسيا وأوكرانيا.. قصف متبادل بالمسيرات والصواريخ يستهدف منشآ ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد علي محيي الدين - مقاهي الشيوعيين في القاسم