أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - جنس وأجناس : تأسيس السينما المصرية















المزيد.....

جنس وأجناس : تأسيس السينما المصرية


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 2038 - 2007 / 9 / 14 - 11:49
المحور: الادب والفن
    


1
صناعة الفيلم ، المنسلخة أصلاً من مقام التصوير ( الفوتوغراف ) ، ما كان لها إلا أن تحتفي بالجسد الإنسانيّ ، عرياً وتجربة ً على السواء . التصوير في مبتدئه ، كان فنّ الريشة واللون ؛ الفنّ ، المتحتم عليه ، تاريخياً ، التصادم مع " تابو " العقيدة والتقاليد والأعراف . هذا المحرّم ، عكَسَ صورة المجتمع وما بلغه من تطوّر أو ما دأب عليه من إنحطاط ؛ وفي آن ، قدرته على التنوّع أو إنكاره له . ففي القرون الوسيطة ، وفيما كان رسامو عصر النهضة ، الإيطاليون ، يتناولون في لوحاتهم المواضيع الإيروتيكية ، في مماهاتها بنقيضتها ، الدينية ، فبالمقابل نجدُ إسبانية ، المتاثرة بمحاكم التفتيش وطرد المسلمين واليهود ، تحرّم على رساميها الخوض في غمار هكذا مواضيع ، مما حتم على بعضهم ( " فيلاسكيث " و" غويا " ، مثلاً ) أن يقوم بتجارب مع موديله ، العاري ، بعيداً عن الأعين المراقبة . أما لدينا ، في المشرق المسلم ، فإنّ فن التصوير كان منذوراً لتجسيد مواضيع الطبيعة وحسب ؛ بما أنّ تناول رسم المخلوق البشريّ كان محرماً ، بما فيه من شبهة تحدّي الخالق ، الواحد الأحد ، وقدرته في الخلق والتكوين . لا مراء إذاً أن يبقى فنّ التصوير ، الإسلاميّ ، أسيرَ تجارب الخط والزخرفة ، وألا يشهدَ نقلته النوعية المطلوبة ، الضرورية ، قبل مستهل القرن التاسع عشر . إنما في أواخر القرن نفسه ، كان الغرب من جهته على موعد مع ضرب آخر من فنّ التصوير ، أكثر جدّة ؛ ألا وهوَ " الفوتوغراف " . ومن ثمّ راح هذا الأخير في مدارج التطوّر ، مع التقدم التقني الحاصل ، حتى أمكن للآلة نعمة تحريك الصور ومونتاجها وتركيبها ؛ لينبثقَ هكذا فنّ جديد ، هوَ السابع في ترتيبه الزمنيّ ، المفترض : فنّ السينما .

2
فيما كان التخلف فاشياً في فجاج الخلافة العثمانية ، الهمايونية ، فإنّ بارقا من نور الحضارة ، الغربية ، قدّر له أن يتغلغل في أحد أمصار تلك الخلافة ، السماوية ؛ في مصر الخديوية بالذات ، المتعيّن عليها أن تصيرَ سريعاً نجم المشرق ، المؤتلق ، الذي سيلمّ في كنفه نجومَ الفن غناءً وموسيقى وتمثيلاً . ما كان بالغريب ، والحالة تلك ، أن تشهد أرض الكنانة ولادة الفن السابع ، عربياً ، قبل قرن بتمام الزمن وعدّته . جوّ الحرية ، المستلهم تقاليد أوروبة ، وجدَ متنفسه الطبيعي في هذه الأرض المعطاء وبفضل عدد من الحكام المتنورين ، كان أبرزهم ولا شك الخديوي إسماعيل . مآثر هذا الحاكم ، وخاصة دار الأوبرا ، الباذخة ، والمسارح الراقية ، كان عليها الإسهام في خلق فن التمثيل وجعله بالتالي أثيراً لدى الطبقات العليا والشعبية سواءً بسواء . بيدَ أنّ السينما المصرية ، شاءت في زمن آخر أن " تكرّم " ذكرى إسماعيل ، راعي النهضة الحديثة ، وعلى طريقتها : إذ تمّ تقديم صورته في فيلم " ألمظ وعبده الحمولي " ، على أنه فاسق ، مبذر ، ودمية بيد الدول الغربية ؛ وبكلمة اخرى ، فقد تمّ إلباسه حلة تاريخية ، مفصلة وفق هوى ثوريي العهد الجديد آنذاك ، الناصريّ . وعودة إلى البدايات ، لنرى أنّ جوّ الإستبداد الحميديّ ، المطلق ، الجاثم آنذاك على أنفاس المشرق ، كان قد دفع بالعديد من مبدعي الخلافة العتيدة ، إلى إختيار سبيل الهجرة إلى موطن النيل ، كيما يتمكنوا في ربوع حريته من التعبير عن مكنوناتهم الفنية والأدبية وثقافاتهم الخاصة . كان العديد من هؤلاء قد قدم من الولايات السورية ، المختلفة ؛ ممن عرفوا في مصر بالإسم الجامع المانع ، " الشوام " . وهذا أبو خليل القباني ، " رائد المسرح العربي " ، ينضمّ إلى ركب الهجرة ذاك ، بعدما أحرق متزمتو دمشق المقهى الذي كان يحيي فيه تمثيلياته وكادوا أن يهلكوه معه . وإذاً ، بين خشبة المسرح واستديو السينما ، تنقل نجوم الفنّ في مصر ، من ممثلين ومطربين ؛ نجومٌ ، طبعوا أعمال تلك الأيام بلهجاتهم المحلية ، الأولى ، كما بملامحهم وطباعهم المنتمية لأصول مختلفة ، قصية .

3
لوحة الموزاييك ، المصرية ، لم تعرفَ الكمال فنياً إلا بلمسات اخرى ، ضافية ، من الألوان ؛ من إسهامات مواطني البلد أنفسهم ، مسلمين ونصارى وموسويين . فن السينما ، وبحكم طبيعته قبل كل شيء ـ كتشخيص حيّ بالصوت والصورة ، جعلَ إسهام الملتيْن ، الأخيرتيْن ، أكثر جلاءً ووضوحاً وفاعليّة . فالمجتمع المسلم ، المحافظ في نزعته ، ما كان يحبّذ هذا الفن الجديد ، الطاريء عليه ؛ وتكيّف بصعوبة مع حقيقة مشاركة المرأة فيه وأهميتها وضروريتها . لا غروَ إذاً أن يكون بين رواد الفن السابع ، زمنئذٍ ، عددٌ من الأسماء اليهودية المصرية ، إخراجاً وإنتاجاً وتمثيلاً : إن وداد عرفي ، وهو من أصل تركيّ ، أسهم في تلك البدايات السينمائية بين الأعوام 26 ـ 1932 ، وتعاون مع الممثل المسرحي ، المميّز ، يوسف وهبي . يعقوب صنوع ، جاء إلى فن المسرح والسينما من باب مهنته الأولى ـ كرسام كاريكانير ، سبق له تأسيسَ عددٍ من المجلات الساخرة ، ثم تواصل إبداعه على الخشبة حدّ نعته بـ " مؤسس المسرح المصري " : صفة أولئك المبدعين ، الدينية ، أضحَتْ اليوم وفي عشية الإحتفال باليوبيل المئوي للسينما المصرية ، كما لو أنها " تهمة ! " بحدّ ذاتها . ومن غرائب الجهبذة النقدية ، المنهالة على كاهل القراء ، زعْمُ بعض الكتبَة بأنه ما كان من عمل للفنانين المصريين ، من ذوي الجذور اليهودية ، سوى : " بث مفاهيم الخلاعة والتبذل والإستهتار ، بغية تحقيق هدف الصهيونية العالمية في تدمير الشخصية الوطنية " ( أحمد رأفت بهجت ، في كتابه " اليهود والسينما في مصر " ـ القاهرة 2005 ) . وكما لو أنّ هذه الشخصية ، العتيدة ، ليست مكوّنة من الروح الجماعية للوحة الموزاييك ، بكل مكوناتها وألوانها ومشاربها . في واقع الأمر ، فإنّ فنّ السينما ، وبغض الطرف عن البيئة الإجتماعية والمنظور الثقافي ، ما كان له إلا أن يغدوَ ـ بنظر المتزمتين على الأقل ـ خصماً للمحرَّم وصنواً للمَباحة . غنيّ عن التأكيد هنا ، أنّ أفلام التأسيس المصرية ، الأولى ، ستكون ضحايا لمقصلة الرقابة . كما بالنسبة لفيلم " تحت سماء مصر " ، من تمثيل وإنتاج فاطمة رشدي ، و " غادة الصحراء " من بطولة راقصة شرقية ، إسمها إفرانز ، من أصول يهودية تركية ، حيث تمّ منع كل منهما كونه " مفرطاً في الخلاعة " . في المرحلة التالية ، شهدت سينما وادي النيل ، الوليدة ، وجوهاً نسوية جديدة . وبما أنّ مخرجي ومنتجي تلك الآونة ، بمعظمهم ، كانوا يهوداً ، فمن الطبيعي أنّ بنات جنسهم كنّ الأولى بالمعروف : ليلى مراد ، المغنية العذبة الصوت ، سيقدّمها المخرج الرائد أحمد المشرقي ( وإسمه الأصلي توجو مزراحي ) في سلسلة أفلام ، رومانسية ، يحمل كلّ منها إسم البطلة ، الأول . كاميليا ، كانت إسماً ذائعاً في سينما ذلك العصر ؛ إسماً ، تواشج أيضاً بفضيحة علاقة صاحبته ، الغرامية ، مع الملك فاروق . وجيل أمهاتنا يحفظ عن ظهر قلب أفلام النجمة راقية إبراهيم ، التي وقفت في الكثير منها أمام عبد الوهاب ، عملاق النغم . ولم يُنسَ في أيّ وقت دورُ " ريا " ، الرهيب ، الذي أدته الممثلة القديرة نجمة إبراهيم ، في رائعة المخرج صلاح أبو سيف " ريا وسكينة " ، عن سيناريو الأديب الكبير نجيب محفوظ . في هذا المقام ، يجدر بنا تذكر حقيقة اخرى ؛ وهيَ أنّ الرقابة على الأعمال الفنية ، من سينمائية ومثيلاتها ، وجدت على الدوام في الغرب الأوروبيّ والأمريكيّ ، المتحضر ، فما بالكَ هنا في مشرقنا ، البائس . وإذاً ، كائناً من كان أصوله وجذوره ، فالعامل ضمن هذه المنظومة الفنية إخراجاً أو تأليفاً أو إنتاجاً أو تمثيلاً ـ كالسائر عند حافة بركان خامد ، مهيأ بين أونة واخرى للإنفجار والدمار . كان من الطبيعي ، والحالة تلك ، أن تتعرض أولى المحاولات في مجال الفيلم ، المصريّ ، لمقصّ الرقيب وعسفه وتعنته . وبما أنّ روّاد هذا الفيلم ، عصرئذٍ ، كانوا بمعظمهم من جذور يهودية ، فمن البديهيّ ألا يعثرَ رقيبُنا ، العتيد ، على غيرهم في طريق الصلاح والفلاح ، الموصل إلى رضى الخالق وخلقه ! هكذا ، من فيلم التدشين ، الصامت ( عام 1907 ) ، إلى الفيلم الروائي الطويل ، الأول ، " ليلى " ( 1929 ) ، من إنتاج الممثلة عزيزة أمير وإخراج النجم استيفان روستي ( الإيطاليّ الجنسية ) ، قطعَ فن الكنانة ، السابع ، شوطاً مهماً وربما كادَ أن يلحق مثيله في دول الغرب . إلى أن هلت بشائر العهد الثوريّ ، الناصريّ ، وفيه تمّ حذف المكونات الإجتماعية من تلك اللوحة ، والمشتبه في نسَبها أو ولائها للعروبة . فكان قدَرُ الرحيل والهجرة مكتوباً ، ثانية ، على أولئك المستوطنين ؛ من " الخواجات " اليونان والطليان .. ، إلى " الأغراب " الشوام والأرمن .. ، لينضمّ إليهم أيضاً العديد من مواطني البلد ، " الأصليين " ، اليهود والقبط . لدينا الآن في مصر ، وإعتباراً من عقد الستينات ، الثوريّ ، سينما عربية الوجه واللسان ؛ فهل أضحَتْ مواضيعها مختلفة عن ذي قبل ، بعدما غادرها المنحوسون أولئك ، من متآمرين ومنحلين ومبتذلين ـ كذا ؟

للحديث صلة ..

[email protected]



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هذا الشبل
- زهْرُ الصَبّار 2 : طفلٌ آخر للعائلة
- وداعاً ، إسكندريّة كافافيس / 3
- يا نائب وَحِّد القائد
- وداعاً ، إسكندريّة كافافيس / 2
- زهْرُ الصَبّار
- وداعاً ، إسكندرية كافافيس
- الأرمن والعنصرية اللبنانية
- الختم السابع : بيرغمان وشعريّة السينما
- قاض سوري للمحكمة الدولية
- رحلة إلى الجنة المؤنفلة / 3
- زنّار الجنرال
- موت إنغمار بيرغمان ، آخر رواد السينما العالمية
- أمير الشعر
- لحية أتاتورك
- السادي والسويدي
- حكاية باموك : إسمٌ بينَ الوردةِ والأحمَر / 5
- ويحدثونك عن العدالة السويدية
- حكاية باموك : إسمٌ بينَ الوردةِ والأحمَر / 4
- محاكمة الكاتب


المزيد.....




- شارك في -ربيع قرطبة وملوك الطوائف-، ماذا نعرف عن الفنان المغ ...
- اللغة الروسية في متناول العرب
- فلسطين تتصدر ترشيحات جوائز النقاد للأفلام العربية في دورتها ...
- عُمان تعيد رسم المشهد الثقافي والإعلامي للأطفال
- محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية يع ...
- -الحب والخبز- لآسيا عبد الهادي.. مرآة لحياة الفلسطينيين بعد ...
- بريطانيا تحقق في تصريحات فرقة -راب- ايرلندية حيّت حماس وحزب ...
- كيف مات هتلر فعلاً؟ روسيا تنشر وثائق -اللحظات الأخيرة-: ما ا ...
- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني
- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - جنس وأجناس : تأسيس السينما المصرية