بولس ادم
الحوار المتمدن-العدد: 2030 - 2007 / 9 / 6 - 05:02
المحور:
الادب والفن
ليس ذلك فقط , هو بداية ( رحلة لصيد الأسود) !
في المقطع الأول ، بداية كل فقرة في هيكله الأستهلالي يصلح
ان يكون بداية للقصة والبدايات الثانوية التي تعقب عتبة المقطع الأول هي :-
1- كنّا (أنا وهو) من عالمين متباينين, ولكننا كنا متشابهين
2- لحظة التعارف بيننا كانت مربكة حقاً.
3- كان أبي قد اصطحبني معه لزيارة اقاربه الذين يعيشون بعيداً في أقاصي الجنوب .
4- بدأ مراد الحديث محطماً جدار الصمت الذي بنته لحظات المفاجأة الباردة بيننا.
5- في غرفته الطينية, التي كان يسميها (القبو) , فوجئت بالسكاكين الكثيرة المعلقة على الجدار فوق مربعات ومستطيلات من قماش ملوّن .
كل هذه البدايات ترتبط بصلة رحم قوية مع البداية الأم بل هي مداخل اساسية ليس في وظيفة الأخبار ومهمة السارد ( ضمير المتكلم) في (التوجيه ) بل للوصول باكثر قدر ممكن من المسك بحركات الباطني في عالم القصة كلها ، يلجا ( فؤاد) الى /ضمير المتكلم/ الأصلح تقليديا للتنقيب عن تلك الصور الضائعة في اللاشعور ( هو يكرر في اغلب نصوصه هذه الملازمة) ، طبعا لابد ان ( يكون هناك سارد / باختين + تودوروف + ايكو+ ميشيما..الخ)
السارد في قصص ( فؤاد مرزا) هو من يطمح لتوليد الصور الدرامية بخيال عال / وهو الذي كتب قصصاقصيرة جدا بنيتها مستمدة من وتنتهي في التخيل ( قصة غيمة + يوم طارت الأسماك ) وقبل ان يكتب ( رحلة لصيد الأسود) بفترة لاباس بها ، وهذا يفسر تمرد السارد عدة مرات على ارضية القصة الواقعية بمظلة ساعدته سابقا
في
الكتابة بتقنية التحليق والطيران التخييلية ،
وهو مقنع جدا ،
لأنه يربط ذلك في رحلته ب / المعتقد/ التقاليد/ الموروث الخرافي
/ الخيال الشعبي / خيال الجنوبي الريفي / الميثولوجياالآنية التي
تبتكرها لنفسها شخصيات القصة وتبرر لنفسها تمردها على حصارها ومحاولاتها الأسيانة لفك الحصار الواقعي حولها في مجتمع القرية وغيره وعكس بلا ريب حصارا اخر ساعد القاص كثيرا في شم الهواء روحيا و.. القصص تحرره من حالات حصاره وتفعل فعل التطهير له شخصيا = ( معاناته كفيلي --> عقودمن جدل وشبهات واضطهاد وتدمير..) في عام 76 هو كتب ( قصة قصصه) ! .. في المقطع الكامل الأستهلالي الأول
تتحقق اشياء مثيرة جدا ومهمة لها علاقة متشابكة وبشكل صادم ..
لكان ابن 22 عاما كان مصمما على كتابة ( رواية سيرة ذاتية ) !
الا انه اكتفى بكتابة ذلك وبتطويع كامل للزمن الثالث / الباطني / في قصة قصيرة .. هناك من همس في اذن( فؤاد)
لكي يتحول من شاعر الى قاص وبعدها اصبح ( القاص الشاعر في نصوصه) ! ..
اهمس اليوم في اذنه باننا كسبنا قصة قصيرة من ذلك العالم الستيني المكتوب سبعينيا من مادة روائية غنية بكل جنون التنقيب المحموم والربط الدلالي المتشظي .. كم اتمنى ياصديقي ان تكتب الرواية ! رواية كان لها ان تظهر والأنسان لاياتي متاخرا جدا ( على حد تعبير , ديلاكروا ) .. بداية القصة اوحت لي بذلك !
في المقطع الأول من ( رحلة لصيد الأسود) عثرت على الشاب في قصة( النهر ) القصيرة جدا وهو الحضور الآنوي لمراد الذي شحن فؤاد
تحت سطوة شخصيته عشقا للنهر ، ففي الصيف كان مراد يلتحم مع النهر هاربا .. هاربا من كوابيسه .. اسال هنا سؤالا غريبا..
- مالذي كان سيكتب ( فؤاد مرزا) لو كان قد قرا( كافكا) كله.
- الدفين المبهم الذي ظهر في نص ( النهر) كان ( فؤاد+ مراد)
على الأقل ...
يشعر ( فؤاد) بالأمتنان الكامل لوالديه ، فهو في قصته يشير
الى ان الأب اصطحبه في رحلة اكتشاف غنية ومغذية كمادة للكتابة
لاحقا .. وهو قد شكره مرارا على كل شئ يدين به اليه ولم يكن
البورتريه الشخصي الذي رسمه له مرفوع الحاجب من العين القريبة
من عين راسمها سوى تاكيدا على حرص تربوي يتمثل بالحاجب المتبرم
لعين متفحصة حريصة كانت لازمة ابائنا ايضا ! والعقيد الجد لماركيز ايضا..
اما الأم التي افلت من كفها طفلا قبل دخوله المدرسة ليواجه ,,,
ماساة الفريسة البشرية تحت الأسد وتترسب في لاوعيه صورة مبكرة
عن التسلط والأفتراس ، اجل ، كان الأسد قد استحال الى ظالم/ .. انسان ! .. هل كان نحات اسد بابل بالأصلي والمستنسخ / نحاتا مكلفا من قبل الملك الكلداني لتفخيم سلطته / هل كان ذلك المثال مظلوما ؟
مثل الفيليين في عكد الكفاح و باب الشيخ و.. اقصى جنوب ( رحلة
لصيد الأسود ) !! .. ابن (5) سنوات ياكله الحزن حتى التلاشي في
قدرية المصير .. هو التمرين المحلي الأول على مواجهة الخطر الأول
في حياته .. اذكر هنا بلا تاخير بان الأسد ملأ ( فؤاد) خوفا وهو
سيظهر كانتقام بلا سفك دماء .. / ابداعيا في القصة / الرحلة بعد(12) عاما.. كيف لا وان مراد و شيبوب ازاحا كل ستارة تتعلق باسطورة الأسد بعد حرب 74/75 في خيال الكاتب الشاب مصمما على التداعي الدامي نصا وكتابة ذلك مبكرا قبل فوات الفرصة ! ..
الفرصة الذهبية للتماهي والتعاطف مع الأنسان تحت جثمة الأسد
وفرها المقطع ادناه ونحن ننهي الأستهلال الأول للمتن :-
( في غرفته الطينية, التي كان يسميها (القبو) , فوجئت بالسكاكين الكثيرة المعلقة على الجدار فوق مربعات ومستطيلات من قماش ملوّن. أخذ مراد يعدد لي أسماءها ومواصفاتها وطريقة حصوله عليها, وحينما أكتشف ضجرى, وعدم اكتراثي بهوايتة, توقف لبرهة عن الحديث, نظر ناحية شيبوب كما لو كان يستشيره في أمر خطير ثم استدار بهيبة نحو ثلاث سكاكين كبيرة الحجم معلقة فوق خامة حمراء وهتف: (أما هذه.. فواحدة مدماة بدم أسد والثانية بدم طنطل والثالثة) وركز مباشرة في عيني لكي يدرس تأثير كلماته (وهذه بدم أمرأة).
في هذا المقطع يحصل المس الكهربي بين العقل الباطن والثقة
بمراد الذي سيثار للضمير المتكلم وخاصة ان السكين التي ادمت
الأسد معلقة على خلفية حمراء ، لذا فان المقطع التالي الذي
يعقب --> هو صريح جدا في ترتيب الأليات الخالقة لضرورة واهمية كتابة هذا النص في ذلك الوقت المبكر من حياة القاص .
هكذا قصة ، حتما كانت احدى هدايا العرفان للأم في عيدها !
( يتبع )
#بولس_ادم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟