أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - خالد يونس خالد - معركة الديمقراطية في عراق المستقبل بين الحرب والسلام - القسم الثاني















المزيد.....



معركة الديمقراطية في عراق المستقبل بين الحرب والسلام - القسم الثاني


خالد يونس خالد

الحوار المتمدن-العدد: 620 - 2003 / 10 / 13 - 03:19
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


  الوعي بالتاريخ

سُئِل وزير الدفاع الإسرائيلي الأأسبق موشي دايان عن أسباب هزيمة العرب في حرب حزيران عام 1967، فأجاب: العرب لا يقرؤون. ماذا كان الأعور دايان يقصد من مقولته المعروفة؟

    إن قراءة بسيطة للخطط الإسرائيلية في دراسة نفسية العرب، تعطينا نوعا من القناعة، عن رغبة الصهاينة في الدخول إلى العقل العربي من الباب والشباك. ففي أوربا اليوم نجد بأن اليهود قد سيطروا على أغلب المؤسسات الثقافية للدراسات العربية اللغوية والأدبية والسامية بشكل عام، في الوقت الذي لجأ أغلب الأكاديميين العرب إلى الدراسات الإجتماعية وخاصة السياسية. الهدف من تعمق اليهود واللوبي الصهيوني في الآداب العربية هو دراسة الإنسان العربي من خلال التراث العربي الإسلامي، وهذه الظاهرة برزت بعد الحرب العالمية الثانية، حين فشل الخبراء السياسيين الأمريكان فهم نفسية الأنسان الياباني إبان فترة الحرب العالمية الثانية، وتوصلوا إلى نتيجة مهمة مفادها أنه لايمكن تخطيط السياسة وفهمها إزاء شعب من الشعوب بدون فهم نفسية ذلك الشعب. ومن هنا ظهرت فروع جديدة لدراسة الآداب والعلوم الإجتماعية من خلال دراسة الأدب. ومن هنا أيضا إزداد الإهتمام الأمريكي والصهيوني واليهودي بدراسة الإستشراق، فبرز مستشرقون كبار قسم منهم عملاء للمخابرات، وقسم منهم لتشويه التراث العربي الإسلامي، وقسم آخر منصف. كما نجد اليوم كثير من المستشاريين في الدوائر السياسية الأمريكية والأوربية والإسرائيلية ممن يجيدون اللغة والآداب العربية.

    مايهمنا في هذا البحث المقتضب هو مغزى جواب دايان من أن العرب لا يقرؤون.

العرب يقرؤون بالتأكيد كتب كثيرة وكثيرة، ويؤلفون كتبا كثيرة وكثيرة، ولكنهم يتعرضون لهزيمة تلو هزيمة، ومأساة تلو مأساة، والسبب في ذلك أن العرب لايقرؤون التاريخ عن وعي. فإنعدام الوعي بالتاريخ أدى إلى هزيمة العرب في حرب الأيام الستة، وما لحقها من هزائم.

    ماأريد أن أقوله هنا أيضا، هو عجز العقلية العربية في مواجهة إسرائيل، وعجزها في مواجهة الأزمات. وأعني هنا بالتأكيد، عدم قدرة العرب في إيجاد حل واحد للأزمات التي تحكم الشرق الأوسط. لا أريد هنا أن أدخل تفاصيل هذه الأزمات، إنما أحدد الفكرة في موضوع واحد أنا بصدد دراسته، وهو القضية الكردية في معركة الديمقراطية في عراق المستقبل.

 

نماذج سيئة للعقلية المتشنجة في الوضع الراهن

الأنظمة العراقية المتعاقبة دفع الشعب الكردي في العراق إلى الإستياء من السياسات الظالمة التي مارستها تلك الأنظمة ضد الكرد، وما لحقها من دمار بالعراق والكرد والعرب والأقليات. كما أن عدد كبير من العناصر المثقفة العراقية والعربية إتخذوا مواقف معادية ومتشنجة من حقوق الكرد، فازدادت الخلافات بين الجانبين، وتوسعت الفجوة بين الشعبين، إلى درجة شعر كثير من الكرد، إستحالة العيش مع العرب، مثلما شعر كثير من العرب، ضرورة ضرب الكرد بالقوة، بينما الحلول الناجعة هي إيجاد حل أخوي عادل لقضاياهم.

  أعطي هنا مثالا بسيطا لكاتب عراقي، يسئ إلى العرب قبل أن يسئ إلى الكرد، وهو الكاتب سليم مطر، من خلال مقالاته التي تعبر عن العقلية العربية المتشنجة والمعادية للحقوق القومية الكردية. فبدلا من الدعوة للحوار الهادئ البناء، والحوار العقلاني المفيد، وتبادل الآراء، لجأ سليم مطر إلى كتابة مقالات تنبعث منها الكراهية، والإتهامات ضد شعب بكامله على القنوات الفضائية العربية المعروفة بزرع الأحقاد بين الكرد والعرب والتركمان، وإختيار هذه القنوات لعناصر معينة تجيد الشتم السياسي بين القوميات والطوائف العراقية.

    أنا هنا لست ضد الأستاذ سليم مطر كفرد عراقي، فله الحق أن ينقد، مثلما للكردي الحق أن ينقد، ولكنني لا أعتقد أن له الحق أن يشهر بشعب كامل كالشعب الكردي، لأن ذلك قد يشجع كثير من الكرد أن ينزل إلى ذلك المستوى ليشهر بالشعب العربي، وهذا خطأ جسيم، فعلى الكردي أن يحترم الشعب العربي والشعوب الأخرى، مثلما على العربي وغيره أن يحترم الشعب الكردي. وإنه بدون الإحترام المتبادل بينهما وبين الأقليات العراقية الأخرى لا يمكن إيجاد حل للأزمات التي تحكم المنطقة. لقد ذكرت في كتابي الأخير، كتابي الثاني عشر الذي حاز على جائزة من وزارة الثقافة السويدية، بعنوان "القضية الكردية بين الحلول الإسلامية والعلمانية والدولية" الطبعة الثانية، يونيو 2003، من أن العرب المتشددن والحاقدين على الكرد شجعوا كرد كردستان العراق بالتوجه نحو الولايات المتحدة الأمريكية، وربما إسرائيل تدريجيا.

    صدام حسين بكل عنجهيته وإرهابه إعترف بوجود الشعب الكردي، ولو نظريا، واعترف بإصطلاح كردستان العراق، وقد إستخدم الأسلحة الكماوية ضد الكرد، في حين يرفض العراقي سليم مطر ذلك. وأقول جازما بأنه يضر بالقضية العراقية عموما أكثر مما يضر بالقضية الكردية، وأنه شجع، بكتاباته، كثير من الكرد أن يتحولوا إلى جبهة التشدد القومي الكردي والدعوة إلى الإنفصال، ومطالبة هذه القوى الكردية المتشددة من القيادات الكردية بإتخاذ مواقف أكثر صرامة وحزما. إنه، أي مطر وأمثاله يشجعون بعض الكرد إلى معاداة العراق أيضا، وهذا ما لانريده نحن أبدا، فبالعداء لا نجد حلا لمعضلة، وبالحقد نصل إلى طرق مسدودة، تُزهق فيها أرواح آلاف الأبرياء ، وأنا وسليم مطر وعشرات أمثالنا نعيش في أوربا، وكأننا نعيش بأمان، لكن لا أمان لإنسان شريف لا يتضامن مع شعبه، ولا يقاسم مآسي أمته ووطنه، ولا يفهم بأن للآخرين حقوق كما له ولشعبه الذي ينتمي إليه.

   الإعلام العربي، وتأكيدا قناة الجزيرة والعربية وأبو ظبي نماذج سيئة لخَلق الكراهية بين الشعوب والقوميات والأقليات والطوائف العراقية. العهر الإعلامي يضر مجتمعا بكاملة بخلق الفوضى والبلبلة والحقد والكراهية، وبث المعلومات الخاطئة، والتحريض على القتل والشتم والسلب والنهب جرائم بحق الإنسانية. واقول جازما، وعن وعي وإدراك ودراسة، ومن خلال مساهمتي في السيمينارات والندوات والمناقشات على عدة مستويات، من أن بعض الفضائيات العربية ساهمت مساهمة جدية في تقوية المواقف الكردية المتعصبة، والجماعات القومية الكردية المتطرفة، وأضعفت الجهات التي تدعو إلى التعايش مع الأخوة العرب، والحفاظ على وحدة العراق. وأقول عن قناعة أيضا، بأن العمل من أجل تشكيل دولة كردية، أصبح مطلبا أساسيا كنتيجة من نتائج أكاذيب بعض الفضائيات العربية.

    نعم النقد البناء واجب من أجل الإصلاح، لكن التهجم وإنكار حقوق الآخرين، وإهانة القيادات التي تقود شعبا آخر من أجل الحرية ليس نقدا. سحقا لعقليات كهذه، تثير الفتن، وتعمق الخلافات، وتتفرج لرفات تناجي السماء بين المقابر الجماعية التي هي نتائج لمثل تلك العقليات المتخلفة والإستبدادية. كفانا تجارة بدماء الابرياء من العرب والكرد والأقليات، وقليل من الحياء، من الهزائم التي تصيب شعوبنا، ونحن لا نخجل من أنفسنا، ومن أطفالنا، ومن تلك الأرواح الطاهرة التي سقطت بسبب هذه الغباءات التي نعيش فيها.

      

إساءة إستعمال الديمقراطية قد تكون وسيلة للإضطهاد والإستغلال     

 ممارسة الديمقراطية تحتاج إلى وعي بالتاريخ، ودراسة أسباب الفشل، للتخطيط الناجع من أجل المستقبل. والعمل بالمثل الديمقراطية يحتاج إلى فهم الفكر الديمقراطي ومزايا الديمقراطية ومساوءها، وتربية الذات على الإلتزام بها. الإشكالية الكبيرة هي التقلب في المواقف، والتراجع عن الآراء، وخرق الإتفاقيات.

   لقد كان الإتفاق بين قوى المعارضة العراقية في لندن في أواخر عام 2002، وفي مؤتمر صلاح الدين في أوائل عام 2003، على عراق ديمقراطي فدرالي برلماني تعددي. ولكننا نسمع اليوم تصريحات كثيرة تدعو إلى الحكم الذاتي ، أو أقل من الحكم الذاتي للكرد.

   الديمقراطية وسيلة ناجعة لحل المشكلات الأثنية والطائفية بالإعتراف المتبادل وحق الجميع في ممارسة الحرية، والإحتفاظ بحقوقها. ولكن الديمقراطية قد تكون وسيلة للإضطهاد والتنكيل إذا ما أُسيأت إستخدامها، وفُسرت على أساس سيطرة قومية واحدة لتضطهد قومية أخرى ، كما هو الحال في تركيا اليوم. في حين نجد بأن الديمقراطية أعطت حلا شاملا لتعايش أربع قوميات مختلفة في سويسرا.

    الديمقراطية لا تجد حلا سحريا للأزمات إذا إفتقدت الإرادة في الممارسة، وإذا سيطر الحقد القومي الشوفيني على العقول. وحينذاك تصبح الديمقراطية وسيلة للإضطهاد والإستغلال. الجميع يعلم بأن هتلر وصل إلى السلطة في ألمانياعن طريق الإنتخابات الديمقراطية، وشن حروبا عنصرية قذرة ضد الجيران، مما أدى إلى إندلاع الحرب العالمية الثانية. والجميع يعلم أن شارون وصل إلى السلطة في إسرائيل عن طريق الإنتخابات الديمقراطية أيضا، وهو يفتك بالشعب الفلسطيني. والجميع يفهم بجلاء أن حزب الفضيلة الإسلامي التركي قبض على السلطة بالإنتخابات البرلمانية في تركيا، ووزير الخارجية التركي غول يقول اليوم بكل تخلف بأن تركيا لن تسمح بالفدرالية للكرد في العراق، وهو وحزبه الجديد، تحت مظلة الإسلام الذي يؤمن بالأتاتوركية أكثر من إيمانه بالقرآن الذي إعتبره أتاتورك، الكتاب الأسود، يقتل ويفتك بالشعب الكردي في كردستان الشمالية، كما يفتك بالشعب الأرمني.

 

الإستفتاء على مستوى العراق أم على مستوى كردستان بين الحرب والسلام

إذا كانت للديمقراطية ذلك الوجه القبيح، رغم إيجابياتها، فكيف يمكن أن تكون الديمقراطية في عراق المستقبل حين تجري الإنتخابات الديمقراطية؟ قد يصرح شيخ أو آية الله بأن الفدرالية كفر ، ومَن يصوت للفدرالية فهو كافر. أو قد يدعو زعيم قومي علماني بأن الفدرالية تضر بالعراق، ويجعله معزولا عن الوطن العربي. كيف تكون النتيجة في هذه الحالة إذا أُجري إستفتاء في العراق على الدستور الدائم الذي يدعو إلى الديمقراطية والتعددية والفدرالية؟ وكيف يمكن أن تقود الديمقراطية في العراق على مستوى شعب خرج لتوه من براثن العبودية والقهر والظلم البعثي الصدامي، وهو لم يمارس الديمقراطية، ويتأثر بأبسط الدعايات المغرضة؟ ماذا هيأت القيادات العراقية للمارسة الديمقراطية وللإستفتاء لحل المشكلات القراقية وعلى رأسها القضية الكردية وقضايا الأقليات القومية والدينية؟

    الإستفتاء على الفدرالية على مستوى العراق يمكن أن تكون كارثة على الشعب الكردي، لأن المخاطر الجسيمة تكمن في فقدان التجربة الديمقراطية للشعب العراقي، إضافة إلى الخوف من الفدرالية، بسبب ضعف الوعي التاريخي لدى الكثيرين من أبناء الشعب العراقي، حيث ان أجيالا كثيرة ترعرعت بين القنابل والحروب والخوف والقتل والإضطهاد.

   أعتقد بأن التصريح الذي أدلى به الأستاذ مسعود البارزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، من أن الشعب الكردي هو الذي يختار شكل العلاقة مع السلطة المركزية، تصريح في محله. فالأستاذ البارزاني يفهم المخاطر الموجودة، وهو يعلم بأن فشل المطلب الكردي في التعددية الديمقراطية والفدرالية يعني الحرب بين الجانبين الكردي والسلطة المركزية العراقية. وأعتقد بأن جميع الكرد سيتوحدون خلف القيادة الكردية إذا ما فشل مطمح الفدرالية، في حين توجد في الوقت الحاضر خلافات وتناقضات بين شرائح كردية كثيرة وقياداتها. وعلى هذا الأساس فإنني أعتبر بأن الإستفتاء على مستوى كردستان هو الحل الأمثل لإختيار شكل العلاقة مع النظام الديمقراطي الحاكم في العراق. لأن الأتحاد مثلا في العراق عن قناعة سيقوي العراق الموحد، ويرضى الجميع، في حين أن الإتحاد القهري سيؤدي إلىحروب دموية طاحنة بين الكرد والسلطة المركزية، ولن يكون بمقدور القوات العراقية، مواجهة حرب العصابات، بعد كل هذه المآسي التي لحقت بالعراق، خاصة إذا أدركنا بأنه لن يكون للعراق جيشا هجوميا، بعد أن جرد من السلاح الهجومي. كما أن بدء الحرب بين الكرد والسلطة تشجع الكرد باللجوء إلى الدول الأخرى ومنها إسرائيل. والأهم من كل ذلك وجود لوبي كردي قوي جدا في أوربا وأمريكا ويعتبر ثاني اكبر قوة مهاجرة منظمة بعد اللوبي الصهيوني، كما أنه لا توجد خلافات بين الجماعات الكردية المثقفة في الخارج كالخلافات الموجودة بين القيادات الكردية وقواعدها في الداخل، لأن العوامل التي تبقي الخلافات بين القيادات الكردية غير متوفرة في الخارج.    

 

تشكيل لجان كردية من أجل تنظيم الإستفتاء على مستوى كردستان

الوضع في العراق غير مستقر، والمخاوف تزداد لدى قطاعات كبيرة من الكرد من تأزم الوضع، وإمكانية سيطرة قوى مستبدة، أو جماعات دينية متشددة معادية لحقوق الشعب الكردي، أو تكتل مجموعات قومية شوفينية أو عروبية معادية لكل ما هو غير عربي، جعلت الكرد في المهجر بشكل خاص، وفي كردستان بشكل عام إلى تنظيم أنفسهم فيما يسمى بلجان العمل من أجل إستفتاء في كردستان بإشراف الأمم المتحدة والقوى الدولية المحايدة لغرض إختيار شكل العلاقة بين الكرد العراقيين والحكومة المركزية العراقية. وهناك أيضا جماعات تستعد نفسها للحالات الطارئة لغرض مواجهة الموقف السلبي المحتمل من هضم حقوق الكرد في كردستان العراق.

   كردستان العراق بين مفترق طريقين إثنين، إما إجراء الإستفتاء على مستوى كردستان لتقرير مصير الكرد في كردستان العراق، أو البدء بتجديد الثورة الكردية فيما إذا رفضت الحكومة المركزية الإعتراف بحق الكرد في الفدرالية كأقل تقدير، كما تم الإتفاق عليه في مؤتمرات المعارضة العراقية كما ذكرنا أعلاه. ويبدو أن الكرد يستوعبون المخاطر المحتملة من فشل العملية الديمقراطية، أو جعل الديمقراطية وسيلة لإضطهاد الشعب الكردي، كما هو الحال في تركيا وإيران. وهنا من الضروري التأكيد بأن الكرد في كردستان العراق، يختلفون في توجهاتهم ومطالبهم ووعيهم عن الكرد في الأجزاء الأخرى من كردستان، بسبب الظروف الخاصة التي مر بها الكرد، والحالة الخاصة للمنطقة الآمنة الني كانت تحت سيطرة الإدارات الكردية، منذ عام 1992، بعد إجراء الإنتخابات الديمقراطية المحلية هناك في أيار من ذلك العام.

   الخطوة التي أقدم عليها المهاجرون الكرد، بشكل منظم، وبعد دراسة مستفيضة، وإقامة عشرات الندوات والسيمينارات لتوعية المهاجرين الكرد بتوحيد الصفوف، والإتصال بالحكومات الأوربية، لكسب الرأي العام العالمي، لها مبرراتها، وهي دليل على وعي الكرد بإشكاليات المستقبل في العراق في الممارسة العملية تحت المظلة الديمقراطية.  

    

الخلافات الفكرية والسياسية بين القيادات الكردية والجماهير الكردية

لابد من الإعتراف بوجود خلافات فكرية وسياسية بين مئات الآلاف من الكرد في كردستان بشكل عام، والمهاجرين الكرد في الخارج بشكل خاص حول طريقة أداء القيادات الكردية في التعامل مع الأحداث. فهناك مجموعات كردية، وهي غير منظمة في أحزاب سياسية، تطالب القيادات الكردية بضرورة التأكيد على كردستان ورص الصفوف، وتوحيد الإدارتين في السليمانية وأربيل، وتوحيد قوات البيشمه ركة كجيش ثوري محتمل لمواجهة الأحداث، وتوعية الشعب، بحق الكرد في تقرير مصيره بنفسه. في حين هناك جماعات أخرى تؤكد على حق الكرد في تشكيل دولة كردية والإستفادة من الظروف الراهنة، والمراهنة أساسا على كردستان وليس على العراق، وذلك بسبب المواقف السلبية لكثير من التنظيمات والأفراد من حق الكرد، وصعوبة مواجهة المد القومي العروبي المتطرف، والمد الإسلامي والإسلاموي المتطرف أيضا، والخوف من تنظيم هذه القوى نفسها لضرب الكرد، إذا لم يكن الكرد منظمين.

   الغرض من تنظيم الكرد في الداخل والخارج، هو لمنع وقوع حوادث دامية، حيث لابد أن يشعر الكرد بالأمان، وبقدرته على الرد في وقت الحاجة. ومَن يعلم أين يقود الصراع بين بعض القيادات الكردية وبين بعض القوى الكردية الجماهيرية الغاضبة. ولكن كما ذكرت، بأن أي عمل من قبل السلطة المركزية العراقية ضد الكرد يؤدي إلى رص صفوف جميع الفئات الكردية، والوقوف وراء القيادات الكردية لمواجهة الموقف. أما إذا إتخذت القيادات الكردية مواقف غير مبدئية ومساومة وإستسلمت للذين يهضمون حقوق الكرد، فذلك يعني نهاية هذه القيادات على المدى البعيد.

 

التنظيمات السياسية الكردستانية في الخارج

التنظيمات السياسية الكردستانية في الخارج لا تملك زمام المبادرة، فعدد أعضاء التنظيمين الكبيرين، الحزب الديمقراطي الكردستاني والإتحاد الوطني الكردستاني لا يتجاوزون خمسة بالمائة (5%) بين المهاجرين الكرد. فإذا أخذنا السويد مثلا، كأكبر مركز تجمع كردي، وفيها ما يقارب مائة ألف كردي، لهم إذاعات وعشرات الصحف والمجلات ومواقع أنترنت ودور نشر ومطابع، وتصدر فيها أكبر عدد ممكن من الكتب والدراسات، نجد بأنه لا يتجاوز عدد أعضاء كل تنظيم ألف عضو، بل أقل من ذلك، ومن هنا يظهر لنا حقيقة مفادها أن القيادات الكردية يجب أن تستمع لآراء الكرد في المهجر، إذا ما فكرنا بمئات الآلاف بل الملايين من الكرد المهاجرين من الأجزاء الأربعة من كردستان.

   صحيح أن التنظيمين الكبيرين مسيطران على الوضع نسبيا في كردستان العراق، لكن الخلافات بينهما قائمة، إلى درجة يصعب عليهما توحيد الإدارتين في السليمانية وأربيل، وهذا ما يؤدي إلى إستياء الكرد منهما لأن هذه الخلافات في حقيقتها ليست على أساس المبادئ والأساسيات إنما على أساس مادي وشخصي، رغم تبادل القبلات بين هذه القيادات. ومع كل ذلك فإن الكرد بشكل عام يحترمون قياداتهم، لعدم وجود البديل في الوقت الحاضر، ولأن الظروف تتطلب هذا التأييد والإلتفاف حول القيادة. لكن الإستياء ظاهر، خاصة حين تمارس هذه القيادات أساليب التحزب المتعنت، بإجبار الناس بالإنخراط في صفوف الحزبين الكبيرين في داخل كردستان للحصول على الوظائف والمسؤوليات، وهيعلى أساس الولاء للحزب، وليس على أساس الوطنية والكفاءة في أغلب الأحوال. فنحن هنا نعطي لأنفسنا الحق في النقد النزيه من أجل الأفضل، مع الإحترام والتقدير لهذه القيادات، وضرورة تصحيح المسارات السلبية التي تضعف الصف الكردي.

 

الطريق إلى السلام في العراق

الطريق إلى السلام في العراق يمر عبر كردستان العراق، لأن القضية الكردية كانت دائما عامل ضعف وإمتصاص للقوة العسكرية والإقتصادية العراقية، كما أنها كانت عامل مساعد ومباشر للتدخلات الدولية في العراق. إضافة إلى كون كردستان كانت المنطقة الآمنة للقوى المعارضة للسلطة المركزية. وقد ساهم عدد كبير من العناصر اليسارية والدينية العربية في نضالات الشعب الكردي من اجل الحرية. كما أن الطريق إلى السلام يمر من بوابة الديمقراطية، وممارستها، على أساس الإعتراف بحقوق الإنسان، وحق الجميع في الحرية على أساس العدالة والمساواة بعيدا عن الشوفينية والعنصرية والمذهبية.

    من الصعب إعتبار العراق أفغانستان آخر، ومن الصعب أيضا إعتباره كإيران الخميني لسبب بسيط، وهو أن نفسية الإنسان العراقي، تواقة للحرية، لكن الإشكالية هي فقدان الممارسة الديمقراطية والتجربة الديمقراطية، ومن هنا تأتي المخاوف. يجب على عناصر قيادية كثيرة فهم الديمقراطية من خلال قراءة التاريخ العراقي عن وعي، فالوعي بالتاريخ، والوعي بالنكسات التي مر بها العراق، والوعي بحضارة العراق التي حاول صدام حسين أن يفسدها، والوعي بالهزيمة وسياسات البعث الهمجية، كافية لإعطائنا درسا من أن العنف والإرهاب والظلم والقهر والحرب لن تحل أية مشكلة عراقية. على العراقيين أن يفهموا من أن العراق يتكون من شعبين إثنين، الشعب العربي، والشعب الكردي، إضافة إلى الأقليات القومية الأخرى من تركمان وآشوريين وكلدان وسريان وطوائف دينية أخرى غير المسلمين السنة والشيعة، من مسيحيين وأيزيديين ومندائيين ويهود وغيرهم. ولكل هؤلاء الحق في أن يعيش بحرية وأمان وإستقرار على قدم المساواة. أما الذين يحاولون زرع الفتن والأحقاد، وينكروا على الشعوب والأقليات حقوقهم فليذهبوا إلى الجديم، وليعلموا أن العراق لن يبقى آمنا ومستقرا وموحدا بالقوة والإضطهاد. 

 



#خالد_يونس_خالد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكرد ومعركة الديمقراطية في العراق 3-3 - القسم الأول
- أغنية العمر
- الكرد والنموذج الديمقراطي الإيراني ومساندة الولايات المتحدة ...
- في رحاب الحب
- إشكالية ديمقراطيات الشرق الأوسط وموقع الكرد في معركة الديمقر ...
- صرخة النفس المتمردة
- معركة المصطلحات يجب ان تكون قائمة على العلم حوار مع الاستاذ ...
- ثماني قصائد نثر في الشعر
- أين العقل العربي؟
- ربط الدبلوماسة بالإستراتيجية ليأخذ العراق موقعه الاقليمي وال ...
- الجمعية الدولية للمترجمين العرب منبر إبداع وإشعاع حضاري
- القضية الكردية في المعادلة الدولية ودورها في مستقبل الشرق ال ...
- غابت معك رحلة التاريخ
- القضية الكردية في المعادلة الدولية ودورها في مستقبل الشرق ال ...
- لن تُجبرني على الرحيل
- ثلاث قصائد مهداة لاطفال فلسطين
- أرضي
- القضية الكردية في المعادلة الدولية ودورها في مستقبل الشرق ال ...
- القضية الكردية في المعادلة الدولية ودورها في مستقبل الشرق ال ...
- القضية الكردية في المعادلة الدولية ودورها في مستقبل الشرق ال ...


المزيد.....




- صياد بيدين عاريتين يواجه تمساحا طليقا.. شاهد لمن كانت الغلبة ...
- مقتل صحفيين فلسطينيين خلال تغطيتهما المواجهات في خان يونس
- إسرائيل تعتبر محادثات صفقة الرهائن -الفرصة الأخيرة- قبل الغز ...
- مقتل نجمة التيك توك العراقية -أم فهد- بالرصاص في بغداد
- قصف روسي أوكراني متبادل على مواقع للطاقة يوقع إصابات مؤثرة
- الشرطة الألمانية تفض بالقوة اعتصاما لمتضامنين مع سكان غزة
- ما الاستثمارات التي يريد طلاب أميركا من جامعاتهم سحبها؟
- بعثة أممية تدين الهجوم الدموي على حقل غاز بكردستان العراق
- أنباء عن نية بلجيكا تزويد أوكرانيا بـ4 مقاتلات -إف-16-
- فريق روسي يحقق -إنجازات ذهبية- في أولمبياد -منديلييف- للكيمي ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - خالد يونس خالد - معركة الديمقراطية في عراق المستقبل بين الحرب والسلام - القسم الثاني