أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - مهدى بندق - اللغة .. والثقافة الشعبية المظلومة - مصر وتونس نموذجاً















المزيد.....



اللغة .. والثقافة الشعبية المظلومة - مصر وتونس نموذجاً


مهدى بندق

الحوار المتمدن-العدد: 2024 - 2007 / 8 / 31 - 10:10
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


اللغة والثقافة الشعبية المظلومة
مصر وتونس نموذجاً
مهدي بندق
للثقافة تعريفات عديدة، ربما كان أشهرها تعريف المفكر البريطاني تايللور Taillor، حيث يحددها بـ "الكل المركب المتضمن المعرفة، والعقيدة، والفنون والآداب، والقانون، والأخلاق، والأعراف والتقاليد، والعادات المكتسبة.
وأنا أقبل هذا التعريف، ولكني بعد أن أضيف إليه الجملة الفارقة التالية ..... " وكل ما سبق رهين بشروط أنماط وعلاقات الإنتاج المحددة لهذا الكل المركب". فبفضل هذه الجملة سوف يتسع المفهوم ليشمل في ماصدقياته كل أنواع النشاط البشري مادياً ومعنويا، والأكثر أنه لن يصادر على حقائق التحولات الجارية مجرى النهر تبعاً للقانون الهيروقليطي الناجز المنجز "أنت تنزل النهر، ولا تنزله، لأن مياهه تتغير كل لحظة" وآية ذلك أن كل ثقافة لابد متأثرة بالتغيرات الحياتية، سواء انبثقت هذه التغيرات من داخلها ، تبعاً لتطورها الإنتاجي المادي والعقلي، أو جاءها التبديل من احتكاكها بغيرها من الثقافات عبر الحروب، أو التجارة ، أو غيرهما من وسائل الاتصال.
من هنا يمكننا أن نفهم كيف أن مصر، وكذلك تونس (ضمن مناطق الشمال الإفريقي) المتميزتين أنثروبولوجياً عن العرب الساميين، قد أصبحتا عربيتى الثقافة- على الأقل بالنسبة للنخب – بفضل الاحتكاك الطويل لغوياً ، ودينياً ، وأخيراً على الصعيد السياسي جراء الوقوف في معسكر واحد (لفترة معينة) هو معسكر النضال ضد الاستعمار الغربي الحديث والمعاصر.
بيد أن هذه العوامل الثلاثة إنما تختلف فيما بينهما كيفاً وكماً ، فالسياسة أضعفها ضرباً في الجذور، بحكم إمكانية تغيرها تبعاً للظروف ، أما الدين ، فهو أكثر رسوخاً وعمقاً من السياسة في مجال صنع وتأكيد الهوية، لكنه أيضاً قابل للتغير بإرادة الأفراد والشعوب، ومثال ذلك عبادة آمون في مصر التى تحولت الى المسيحية ثم الى الإسلام. أما اللغة فشئ مختلف تماماً عن الدين والسياسة. اللغة لا يختارها المرء بل الأصح هى التى تختاره. واللغة هنا Language غير الكلام Speech ، الأولى أجرومية بنائية ذات هيكل سابق يتمثل في قواعدها النحوية و الصرفية, بينما الكلام هو الفعل action المنبثق عن هذا البناء المسبق , و هو ما ركز عليه كل من فردينان دى سوسير ، ونعوم تشومسكي من علماء اللغة .
و السؤال المركزى فى هذا السياق هو ما يلى : هل يمكن اعتبار اللغة العربية التى فرضت على مصر فى عهد عبد الملك بن مروان عام 87 هـ و اختيرت لتونس رسميا عام 1974 لغة أولى للشعبين؟ هل يمكن القول بأنها لسان الأمmother tongue ؟ بالتأكيد لا . فالمصريون و التونسيون لا يتكلمون فى الأسواق و مع ذويهم بالفصحى , بل باللغة الدارجة , سواء كانت العامية المصرية المنحدرة من الديموطيقية الى القبطية , أو كانت اللغة التونسية المتصلة بلغة البربر , بالتوازى مع الفرنسية التى فرضت على المثقفين و موظفى الادارة من قبل المحتل الفرنسى لما يقرب من قرن و نصف قرن من الزمان.
نستطيع القول إذن – باطمئنان معقول – أن فعل الكلام , و الذى هو أحد تجليات اللغة , قد احتفظ لدى الشعبين فى مصر و تونس بدرجة كبيرة من الاستقلالية تمسكاً منه (أعنى فعل الكلام) بلسان الأم, تاركاً للطبقات العليا فى الدولتين التعامل مع العربية الفصحى , تلك الطبقات التى خضعت لعوامل الأيديولوجيا , و العوامل السياسية , لكى تثبت مركزها عند الفاتحين أياً كانت أجناسهم و ثقافاتهم . لكن الذى يؤكد أكثر أصالة لسان الأم , هو ذلك السلوك التلقائى عند هؤلاء المثقفين , و الإداريين و المتمثل فى كلامهم بلغة الشعب فى حياتهم اليومية , حينما لا يكونون مشغولين بالكتابة, أو إلقاء المحاضرات أو البيانات الرسمية , فى مجرى الصراع الطبقى داخل مجتمعاتهم.
الثقافة إذن . المتصلة بلغتها الأم اتصال الإهاب باللحم هى ما نود استبصاره , و سبر أغواره , بعيدا – إلى حد ما – عند المفهوم البراجماتى للغة , بحسبانها أداة للتواصل . بل نتوجه لرصدها علميا ً- كما قال جاك بيرك –باعتبارها أداة للوجود . فأنا لا أوجد , ككائن بشرى , قبل أن ألتحق بمؤسسة اللغة . قبل ذلك أنا مجرد كائن طبيعى تحكمه قوانين الطبيعة , مثل الطفل الذى تسميه اللغة الفرنسية infans أى الذى لا يتكلم . و لأن الطفل الرضيع لا يتكلم فلا غرو ألا تُحق له كل حقوق الانسان الكامل مثل الزواج و الترشيح للمناصب.و الانتخابات و التصرف فى أملاكه , فضلا عن حريته فى اختيار دين أو عقيدة ..إلخ.
الكلام التلقائى إذن هو الوجود . لكن الكلام وحده لا يكفى لبلوغ المرء مرحلة الوجود المتحضر . إذ لا بد من تحقيق التراكم المعرفى علمياً و فلسفياً , فناً و أدباً يمكنه العيش و التجدد , و إثراء الأجيال التالية بخبرات الاجيال السابقة . ذلك كان الداعى لاختراع الكتابة . فأما اللغات التى عجزت , أو قمعت و حجمت كى لا تمارس فعل الكتابة ( مثل العامية المصرية , و البربرية و الأمازيغية ) فلقد لجأت الى الفنون و الآداب الشفاهية , كالموسيقى و الغناء و السير و الحكايات تعبر بها عن آمالها المحبطة , و همومها المتجددة . و تقف السيرة الهلالية بين هذه الحكايات موقفا متميزا , من حيث ربطها بين مصر – و من وراء مصر الحجاز التى قدم منها الهلاليون و بين تونس حيث دارت وقائع حرب ضروس , انتصر فيها عنف البداوة العربى على مدينة قرطاجة التى بناها الفينيقيون أصحاب الحضارة القديمة قرناء الاغريق و الرومان .
ليس هذا مجال تلخيص أحداث السيرة . و لكن يكفى – فى معرض الإقرار بجدارة الثقافة الشعبية فى البلدين – أن نشير الى ما ذكره ابن خلدون من أن العرب لا يحصل لهم ملك بغير عصبية وأنهم تغلبوا على أوطان أسرع إليها الخراب، خُلقاً فيهم وجِبلّة. و هو ما دعا الخليفة المستنصر للاستعانة بفصيل من هؤلاء العربان بالضد على المعز بن باديس صاحب القيروان , حيث انطلق الهلاليون ينشرون الشر و الغدر فى ربوع تونس الخضراء , الى درجة أن تقوم سعدى ابنة الزناتى – الذى أوقف الهلاليين طويلا – بالتحريض على أبيها لتظفر بحب مرعى عدو بلادها . و تكشف قصة مقتل الزناتى عن تأثر أصحاب السيرة (و غالبا هم من المصريين و التوانسة ) بالإلياذة , حيث تتشابه مقتلة الزناتى طعنا فى عينه , بمقتل آخيل من كعبه . و الأسوأ أبا أبو زيد يتنكر فى هيئة طبيب معالج , يتوجه الى الرجل الطعين فى عينه ليضع له السم بدلاً من الدواء الشافى. ألا يذكرنا هذا بالموقف المعاكس من صلاح الدين الأيوبي الذى تنكر أيضا فى زى طبيب ليعالج بفروسية النبلاء عدوه ريتشارد قلب الأسد ؟
إن قصة صلاح الدين هذه – و المكتوبة باللغة العربية – انما تتفاخر بشهامة العربى و خلقه الرفيع , و سواء كانت هذه القصة حقيقية أو مخترعة , فلا شك أنها تعبر (على المستوى الرسمى للغة) عما ينبغى أن يكون . بينما تذهب السيرة الشعبية الى التعبير عما هو كائن بالفعل , دون تزييف أو تزويق. أما سعدى (بروفة زينب البكرية عشيقة نابليون فيما بعد) فتعاقبها السيرة عقابا صارما ً بأن جعلت مرعى يذلها – بعد قتل والدها – بإطعامها الفاسد من الطعام , و إلباسها الخيش , أسوأ الثياب , و إجبارها على أن تطحن الملح حتى أجبره السلطان حسن على الزواج منها . و من الواضح أن هذه النهاية السعيدة لقصة العشق الخائن إنما هى نهاية مفتعلة , و لعل كتاب السيرة قد سعوا الى ذلك قصداً . و لا تزال هذه السيرة الشعبية المدهشة فى حاجة الى إعادة تحليل , و إلى إعمال آليات النقد الأحدث في بنيتها ومضامينها.
أن الظلم الذي حاق بالثقافة الشعبية في كل مكان ليرد الى تلك الثنائية الشريرة التى تقسم البشر الى أسياد وعبيد والمجتمع البشري الى طبقات واللغة الإنسانية الى منظومة للفكر والأدب الرفيع ومنظومة لمجرد البقاء والوجود المهمش.
قال ديكارت " أنا أفكر إذاً فأنا موجود " والحق أن هذه العبارة خاطئة وكان أولى به أن يقول (أنا اتكلم فأنا موجود) ذلك أن الفكر بما هو عليه من أنساق عقلية وتجريدات ظل حكراً على إناس دون غيرهم منذ أنقسم المجتمع البشري الى سادة وعبيد فملاك وأقنان فبرجوازيون وأجراء. ومن قبل الانقسام الطبقي جرى نوعاً من التقسيم البيولوجي المؤقت ليفصل في الحقوق والواجبات بين الراشدين والأطفال. إذن الفكر "خاصة" – إذا اعتمدنا تعريف أسطو – لا ترقى الى مستوى "الفصل" عند تعريف الإنسان بالحد لا بالرسم.
وهذا لا غرو يعيدنا الى تأمل العلاقة بين فعل الكلام وبين اللغة وما بينهما من ازدواجية هى أيضاً تعبير عن الانقسام لدى المجتمعات والأفراد. فعلى الجانب الأنطولوجي يظل الكلام موجوداً ما بقى البشر مستمداً وجوده بالطبع من لغة الام على المستوى الحياتي، فإذا كانت الحياة هذه طيبة اتسعت "اللغة" بالتثقيف الاجتماعي والذاتي لتشمل أنواعاً من الفكر فلسفة وعلوماً وآداباً. يقول العرب " ثقف العود أى هذبه وشذبه" أى صار خليقاً بأداء وظائف أخرى غير الوظيفة الأولى والتى هى (الوجود) أما إذا نكدت الحياة وحاق الظلم بشرائح وطبقات دون غيرها فإن المظلومين يكتفون بالوجود دون الفكر وسرعان ما تحل محل لغتهم لغة أخرى خاصة بالظالمين .. هكذا ظهرت الهيروغليفية كلغة للكتابة عند قدماء المصريين، لغة لا يعرفها عامة الشعب بل الكهنة والحكام والإداريون ، وبالمثل فإن لغة الشعب في الشمال الأفريقي (وهى خليط من لغة البربر والعربية الدارجة ) لم تكن يوماً لغة للكتابة فكان سهلاً أن تنتشر اللغة الفرنسية انتشارها الواسع بين الصفوة والمتعاملين مع المحتل، إلى أن بدأت الدعوة الى التعريب على يد خير الدين (صاحب أقوم المسالك في تعريف الممالك) منذ الثلث الأخير للقرن التاسع عشر. فهل كانت الدعوة هذه الى التعريب دعوة للوجود أم للفكر ؟ وهل كان منتظراً من الطبقات الشعبية أن توجد أولاً على المستوى الحياتي الوجود الإنساني المستقل الثري أم يزيح هذا الوجود الأولى جانباً ليتعلم لغة أخرى هى أيضاً وافدة كالفرنسية، مع التسليم بأن العربية متصلة بالدين الإسلامي اتصالاً وثيقاً وإن لم يكن عضوياً (بدليل دخول الفرس والأتراك والأندونسيين الإسلام دون تخل منهم عن لغاتهم الأصلية) لكن مثقفاً كبيراً هو هشام جعيط يكتب في مجلة المستقبل العربي أبريل 1982 قائلاً عن كتابة الأدب باللغة العربية أنه / (ربما يعود اليها الفضل الأساسي في انتزاع اللغة العربية من عالم أهل الدين ليقذف بها بقوة داخل عالم علماني)!
فمن الواضح أن هذا القول يفتقر الى الانسجام من حيث فصله المتعسف بين ما يسميه اللغة الدينية واللغة العلمانية. لكنه يفعل ذلك للهرب من القضية الحقيقية ألا وهى قضية الإزدواج اللغوي المعبرة بقوة عن الانقسام الطبقي في المجتمعات العربية من الخليج الى المحيط.
بالمقابل لهذا الوعى الأبستمولوجي المشتت عند هشام جعيط، نرى وعياً بازغاً ، علمياً وثقافياً عند المفكر الراحل د. غالي شكري حيث يقول في كتابه الثقافة العربية في تونس معلقاً على زعم طه حسين... أن اللغة العربية مشتركة بين مصر وغيرها، يقول غالي : " إن تعميم طه حسين بقوله "مصر " يخرج باشكالية اللغة من ذلك التشكيل الطبقي الذي عاصر النهضة لحظة صعود الطبقة الوسطى، وهو أمر لا ينفي مطلقاً تأثير الجغرافيا والمجتمع والتاريخ في اللغة والثقافة ... علينا إذن أن نضع كل شئ في إطاره النسبي التاريخي. ولا نتحول به الى المطلق الميتافيزيقي تقديساً للفصحى باسم الدين، أو العامية باسم الشعب".
تقوم نظرية تشومسكي على أن اللغات الإنسانية جميعاً لغة واحدة على مستوى البنية العميقة، فلا توجد لغة تحتوي فيها الجملة الفعلية على أكثر من فاعل واحد بجانب مفعول أو أكثر أو حتى بدون مفعول ، إنما الاستحالة في وجود الجملة بدون فاعل أو نائب له.
لكن اللغات العديدة لها أيضاًَ أسسها الهيكلية بحيث تتشابه مجموعة اللغات الهندوأوربية في كثير من الخصائص، تختلف عن الخصائص التى تجمع فرع اللغات السامية كالعربية والعبرية، واللغات الحامية كالمصرية القديمة والأمازيغية المنتسبة جغرافيا الى الشمال الافريفي. فالجملة العربية تبدأ عادة بالفعل في إلماحة الى أولوياته على الذات الفاعلة "وكأن الأفعال مقدرة سلفاً" أما العائلتان اللاتينية والحامية فتبدآن بالفاعل أو المبتدأ للتأكيد على أولوية الذات وقدرتها على مباشرة أفعالها. أنظر الى بناء الجملة العربية الآتي: سار الرجل مسرعاً. مقابل المصرية التى تقول الراجل مشى فكيك.
يحدث هذا في مجريات العقل الباطن الجمعي ، وليس على مستوى التعامل الفردي، فالفرد يكاد أن يكون غير موجود أمام سلطة اللغة، وسلطة القبيلة وسلطة الدولة ... إلخ.
وثمة فارق آخر بنيوى أيضاً فى تشكيل الجملة المنفية يتعلق بتكوين الجملة الفعلية عند النفى..فاللغة العربية تجد ميلها الطبيعى متوجهاً الى نفى الفعل ابتداء ( وكأنها ترتاح الى ذلك) ، يقول المتكلم باللغة العربية " لم ير الرجل شيئاً ... لم يجد أخى أحداً يفهمه ... أما المصرية فتجعل أداة النفى تالية للفاعل والفعل معاً " الراجل شافش حاجة ... لقتيش حد يفهمنى " وهكذا ، وحتى اذا ألحق بالفعل المنفى حرف " ما" العربى (نتيجة التأثر اللغوى ) فإن هذا الالحاق لا يقصد به استعمال الـ" ما " بإعتبارها أداة نفى ، وإلا لوجب حذف حرف " الشين" المصرى الدال على النفى . وإنما تستخدم الـ " ما " للدلالة على المصدرية الظرفية مثل " وأوصانى بالصلاة والزكاة ما دمت حياً " للإشارة الى الدوام لا الى النفى .
وربما كان لغيرى من المتخصصين فى لغة البربر ما يؤكد – أو يصحح أو حتى ينفى – هذا الاستدلال ، انما القصد هنا أن نثبت الاختلاف البنيوى بين العربية ( وبالذات عربية قريش التى سادت الأمصار بفضل الفتح الاسلامى) وبين اللغات الأصلية للمناطق المفتوحة ، وكانت مصر وتونس دليلنا على سبيل المثال لا الحصر.
لقد حاولت – جهد طاقتى – أن أطرح أسئلة بقيت متوارية فى ظل المسكوت عنه فى ثقافاتنا العربية ، وذلك من خلال منهج علمى ، يقبل التخطئة بطبيعة الحال كما يقول كارل بوبر . ولكن التخطئة ينبغى أن تأتى من منهجية علمية أيضاً - تقبل التخطئة بدورها . أما الرافضون لمبدأ المسائلة أصلاً إنطلاقاً من أيديولوجية معينة ، أو لأسباب سياسية محددة ، فلهؤلاء أقول : إذن ماذا أنتم فاعلون إزاء أعاصير العولمة ، وأمام سيول ما بعد الحداثة التى أخرجت كل ما أسميتموه بالثوابت من كهوفها المركبة ، وأطلقتها فى العراء بلا سواتر أو أغطية تمهيداً لدفنها ضمن الأحافير؟!
لقد آن الأوان للثقافات الشعبية التى طالما ظُلمت ، وطالما هُمشت أن تتحرك فى إتجاه عالم جديد ، حر وشجاع حقاً . عالم لا يعرف التفرقة بين أسياد ومسودين ، أو بين كبير وصغير ، أو بين رجل وإمرأة ، أو بين أصحاب عقائد وأديان ولغات ، وأصحاب عقائد وديانات ولغات اخرى ، فللجميع الحق فى الحياة والتعايش مع الغير على خلفية التنوع البشرى الخلاق .
اللغة والثقافة الشعبية المظلومة
مصر وتونس نموذجاً
مهدي بندق
للثقافة تعريفات عديدة، ربما كان أشهرها تعريف المفكر البريطاني تايللور Taillor، حيث يحددها بـ "الكل المركب المتضمن المعرفة، والعقيدة، والفنون والآداب، والقانون، والأخلاق، والأعراف والتقاليد، والعادات المكتسبة.
وأنا أقبل هذا التعريف، ولكني بعد أن أضيف إليه الجملة الفارقة التالية ..... " وكل ما سبق رهين بشروط أنماط وعلاقات الإنتاج المحددة لهذا الكل المركب". فبفضل هذه الجملة سوف يتسع المفهوم ليشمل في ماصدقياته كل أنواع النشاط البشري مادياً ومعنويا، والأكثر أنه لن يصادر على حقائق التحولات الجارية مجرى النهر تبعاً للقانون الهيروقليطي الناجز المنجز "أنت تنزل النهر، ولا تنزله، لأن مياهه تتغير كل لحظة" وآية ذلك أن كل ثقافة لابد متأثرة بالتغيرات الحياتية، سواء انبثقت هذه التغيرات من داخلها ، تبعاً لتطورها الإنتاجي المادي والعقلي، أو جاءها التبديل من احتكاكها بغيرها من الثقافات عبر الحروب، أو التجارة ، أو غيرهما من وسائل الاتصال.
من هنا يمكننا أن نفهم كيف أن مصر، وكذلك تونس (ضمن مناطق الشمال الإفريقي) المتميزتين أنثروبولوجياً عن العرب الساميين، قد أصبحتا عربيتى الثقافة- على الأقل بالنسبة للنخب – بفضل الاحتكاك الطويل لغوياً ، ودينياً ، وأخيراً على الصعيد السياسي جراء الوقوف في معسكر واحد (لفترة معينة) هو معسكر النضال ضد الاستعمار الغربي الحديث والمعاصر.
بيد أن هذه العوامل الثلاثة إنما تختلف فيما بينهما كيفاً وكماً ، فالسياسة أضعفها ضرباً في الجذور، بحكم إمكانية تغيرها تبعاً للظروف ، أما الدين ، فهو أكثر رسوخاً وعمقاً من السياسة في مجال صنع وتأكيد الهوية، لكنه أيضاً قابل للتغير بإرادة الأفراد والشعوب، ومثال ذلك عبادة آمون في مصر التى تحولت الى المسيحية ثم الى الإسلام. أما اللغة فشئ مختلف تماماً عن الدين والسياسة. اللغة لا يختارها المرء بل الأصح هى التى تختاره. واللغة هنا Language غير الكلام Speech ، الأولى أجرومية بنائية ذات هيكل سابق يتمثل في قواعدها النحوية و الصرفية, بينما الكلام هو الفعل action المنبثق عن هذا البناء المسبق , و هو ما ركز عليه كل من فردينان دى سوسير ، ونعوم تشومسكي من علماء اللغة .
و السؤال المركزى فى هذا السياق هو ما يلى : هل يمكن اعتبار اللغة العربية التى فرضت على مصر فى عهد عبد الملك بن مروان عام 87 هـ و اختيرت لتونس رسميا عام 1974 لغة أولى للشعبين؟ هل يمكن القول بأنها لسان الأمmother tongue ؟ بالتأكيد لا . فالمصريون و التونسيون لا يتكلمون فى الأسواق و مع ذويهم بالفصحى , بل باللغة الدارجة , سواء كانت العامية المصرية المنحدرة من الديموطيقية الى القبطية , أو كانت اللغة التونسية المتصلة بلغة البربر , بالتوازى مع الفرنسية التى فرضت على المثقفين و موظفى الادارة من قبل المحتل الفرنسى لما يقرب من قرن و نصف قرن من الزمان.
نستطيع القول إذن – باطمئنان معقول – أن فعل الكلام , و الذى هو أحد تجليات اللغة , قد احتفظ لدى الشعبين فى مصر و تونس بدرجة كبيرة من الاستقلالية تمسكاً منه (أعنى فعل الكلام) بلسان الأم, تاركاً للطبقات العليا فى الدولتين التعامل مع العربية الفصحى , تلك الطبقات التى خضعت لعوامل الأيديولوجيا , و العوامل السياسية , لكى تثبت مركزها عند الفاتحين أياً كانت أجناسهم و ثقافاتهم . لكن الذى يؤكد أكثر أصالة لسان الأم , هو ذلك السلوك التلقائى عند هؤلاء المثقفين , و الإداريين و المتمثل فى كلامهم بلغة الشعب فى حياتهم اليومية , حينما لا يكونون مشغولين بالكتابة, أو إلقاء المحاضرات أو البيانات الرسمية , فى مجرى الصراع الطبقى داخل مجتمعاتهم.
الثقافة إذن . المتصلة بلغتها الأم اتصال الإهاب باللحم هى ما نود استبصاره , و سبر أغواره , بعيدا – إلى حد ما – عند المفهوم البراجماتى للغة , بحسبانها أداة للتواصل . بل نتوجه لرصدها علميا ً- كما قال جاك بيرك –باعتبارها أداة للوجود . فأنا لا أوجد , ككائن بشرى , قبل أن ألتحق بمؤسسة اللغة . قبل ذلك أنا مجرد كائن طبيعى تحكمه قوانين الطبيعة , مثل الطفل الذى تسميه اللغة الفرنسية infans أى الذى لا يتكلم . و لأن الطفل الرضيع لا يتكلم فلا غرو ألا تُحق له كل حقوق الانسان الكامل مثل الزواج و الترشيح للمناصب.و الانتخابات و التصرف فى أملاكه , فضلا عن حريته فى اختيار دين أو عقيدة ..إلخ.
الكلام التلقائى إذن هو الوجود . لكن الكلام وحده لا يكفى لبلوغ المرء مرحلة الوجود المتحضر . إذ لا بد من تحقيق التراكم المعرفى علمياً و فلسفياً , فناً و أدباً يمكنه العيش و التجدد , و إثراء الأجيال التالية بخبرات الاجيال السابقة . ذلك كان الداعى لاختراع الكتابة . فأما اللغات التى عجزت , أو قمعت و حجمت كى لا تمارس فعل الكتابة ( مثل العامية المصرية , و البربرية و الأمازيغية ) فلقد لجأت الى الفنون و الآداب الشفاهية , كالموسيقى و الغناء و السير و الحكايات تعبر بها عن آمالها المحبطة , و همومها المتجددة . و تقف السيرة الهلالية بين هذه الحكايات موقفا متميزا , من حيث ربطها بين مصر – و من وراء مصر الحجاز التى قدم منها الهلاليون و بين تونس حيث دارت وقائع حرب ضروس , انتصر فيها عنف البداوة العربى على مدينة قرطاجة التى بناها الفينيقيون أصحاب الحضارة القديمة قرناء الاغريق و الرومان .
ليس هذا مجال تلخيص أحداث السيرة . و لكن يكفى – فى معرض الإقرار بجدارة الثقافة الشعبية فى البلدين – أن نشير الى ما ذكره ابن خلدون من أن العرب لا يحصل لهم ملك بغير عصبية وأنهم تغلبوا على أوطان أسرع إليها الخراب، خُلقاً فيهم وجِبلّة. و هو ما دعا الخليفة المستنصر للاستعانة بفصيل من هؤلاء العربان بالضد على المعز بن باديس صاحب القيروان , حيث انطلق الهلاليون ينشرون الشر و الغدر فى ربوع تونس الخضراء , الى درجة أن تقوم سعدى ابنة الزناتى – الذى أوقف الهلاليين طويلا – بالتحريض على أبيها لتظفر بحب مرعى عدو بلادها . و تكشف قصة مقتل الزناتى عن تأثر أصحاب السيرة (و غالبا هم من المصريين و التوانسة ) بالإلياذة , حيث تتشابه مقتلة الزناتى طعنا فى عينه , بمقتل آخيل من كعبه . و الأسوأ أبا أبو زيد يتنكر فى هيئة طبيب معالج , يتوجه الى الرجل الطعين فى عينه ليضع له السم بدلاً من الدواء الشافى. ألا يذكرنا هذا بالموقف المعاكس من صلاح الدين الأيوبي الذى تنكر أيضا فى زى طبيب ليعالج بفروسية النبلاء عدوه ريتشارد قلب الأسد ؟
إن قصة صلاح الدين هذه – و المكتوبة باللغة العربية – انما تتفاخر بشهامة العربى و خلقه الرفيع , و سواء كانت هذه القصة حقيقية أو مخترعة , فلا شك أنها تعبر (على المستوى الرسمى للغة) عما ينبغى أن يكون . بينما تذهب السيرة الشعبية الى التعبير عما هو كائن بالفعل , دون تزييف أو تزويق. أما سعدى (بروفة زينب البكرية عشيقة نابليون فيما بعد) فتعاقبها السيرة عقابا صارما ً بأن جعلت مرعى يذلها – بعد قتل والدها – بإطعامها الفاسد من الطعام , و إلباسها الخيش , أسوأ الثياب , و إجبارها على أن تطحن الملح حتى أجبره السلطان حسن على الزواج منها . و من الواضح أن هذه النهاية السعيدة لقصة العشق الخائن إنما هى نهاية مفتعلة , و لعل كتاب السيرة قد سعوا الى ذلك قصداً . و لا تزال هذه السيرة الشعبية المدهشة فى حاجة الى إعادة تحليل , و إلى إعمال آليات النقد الأحدث في بنيتها ومضامينها.
أن الظلم الذي حاق بالثقافة الشعبية في كل مكان ليرد الى تلك الثنائية الشريرة التى تقسم البشر الى أسياد وعبيد والمجتمع البشري الى طبقات واللغة الإنسانية الى منظومة للفكر والأدب الرفيع ومنظومة لمجرد البقاء والوجود المهمش.
قال ديكارت " أنا أفكر إذاً فأنا موجود " والحق أن هذه العبارة خاطئة وكان أولى به أن يقول (أنا اتكلم فأنا موجود) ذلك أن الفكر بما هو عليه من أنساق عقلية وتجريدات ظل حكراً على إناس دون غيرهم منذ أنقسم المجتمع البشري الى سادة وعبيد فملاك وأقنان فبرجوازيون وأجراء. ومن قبل الانقسام الطبقي جرى نوعاً من التقسيم البيولوجي المؤقت ليفصل في الحقوق والواجبات بين الراشدين والأطفال. إذن الفكر "خاصة" – إذا اعتمدنا تعريف أسطو – لا ترقى الى مستوى "الفصل" عند تعريف الإنسان بالحد لا بالرسم.
وهذا لا غرو يعيدنا الى تأمل العلاقة بين فعل الكلام وبين اللغة وما بينهما من ازدواجية هى أيضاً تعبير عن الانقسام لدى المجتمعات والأفراد. فعلى الجانب الأنطولوجي يظل الكلام موجوداً ما بقى البشر مستمداً وجوده بالطبع من لغة الام على المستوى الحياتي، فإذا كانت الحياة هذه طيبة اتسعت "اللغة" بالتثقيف الاجتماعي والذاتي لتشمل أنواعاً من الفكر فلسفة وعلوماً وآداباً. يقول العرب " ثقف العود أى هذبه وشذبه" أى صار خليقاً بأداء وظائف أخرى غير الوظيفة الأولى والتى هى (الوجود) أما إذا نكدت الحياة وحاق الظلم بشرائح وطبقات دون غيرها فإن المظلومين يكتفون بالوجود دون الفكر وسرعان ما تحل محل لغتهم لغة أخرى خاصة بالظالمين .. هكذا ظهرت الهيروغليفية كلغة للكتابة عند قدماء المصريين، لغة لا يعرفها عامة الشعب بل الكهنة والحكام والإداريون ، وبالمثل فإن لغة الشعب في الشمال الأفريقي (وهى خليط من لغة البربر والعربية الدارجة ) لم تكن يوماً لغة للكتابة فكان سهلاً أن تنتشر اللغة الفرنسية انتشارها الواسع بين الصفوة والمتعاملين مع المحتل، إلى أن بدأت الدعوة الى التعريب على يد خير الدين (صاحب أقوم المسالك في تعريف الممالك) منذ الثلث الأخير للقرن التاسع عشر. فهل كانت الدعوة هذه الى التعريب دعوة للوجود أم للفكر ؟ وهل كان منتظراً من الطبقات الشعبية أن توجد أولاً على المستوى الحياتي الوجود الإنساني المستقل الثري أم يزيح هذا الوجود الأولى جانباً ليتعلم لغة أخرى هى أيضاً وافدة كالفرنسية، مع التسليم بأن العربية متصلة بالدين الإسلامي اتصالاً وثيقاً وإن لم يكن عضوياً (بدليل دخول الفرس والأتراك والأندونسيين الإسلام دون تخل منهم عن لغاتهم الأصلية) لكن مثقفاً كبيراً هو هشام جعيط يكتب في مجلة المستقبل العربي أبريل 1982 قائلاً عن كتابة الأدب باللغة العربية أنه / (ربما يعود اليها الفضل الأساسي في انتزاع اللغة العربية من عالم أهل الدين ليقذف بها بقوة داخل عالم علماني)!
فمن الواضح أن هذا القول يفتقر الى الانسجام من حيث فصله المتعسف بين ما يسميه اللغة الدينية واللغة العلمانية. لكنه يفعل ذلك للهرب من القضية الحقيقية ألا وهى قضية الإزدواج اللغوي المعبرة بقوة عن الانقسام الطبقي في المجتمعات العربية من الخليج الى المحيط.
بالمقابل لهذا الوعى الأبستمولوجي المشتت عند هشام جعيط، نرى وعياً بازغاً ، علمياً وثقافياً عند المفكر الراحل د. غالي شكري حيث يقول في كتابه الثقافة العربية في تونس معلقاً على زعم طه حسين... أن اللغة العربية مشتركة بين مصر وغيرها، يقول غالي : " إن تعميم طه حسين بقوله "مصر " يخرج باشكالية اللغة من ذلك التشكيل الطبقي الذي عاصر النهضة لحظة صعود الطبقة الوسطى، وهو أمر لا ينفي مطلقاً تأثير الجغرافيا والمجتمع والتاريخ في اللغة والثقافة ... علينا إذن أن نضع كل شئ في إطاره النسبي التاريخي. ولا نتحول به الى المطلق الميتافيزيقي تقديساً للفصحى باسم الدين، أو العامية باسم الشعب".
تقوم نظرية تشومسكي على أن اللغات الإنسانية جميعاً لغة واحدة على مستوى البنية العميقة، فلا توجد لغة تحتوي فيها الجملة الفعلية على أكثر من فاعل واحد بجانب مفعول أو أكثر أو حتى بدون مفعول ، إنما الاستحالة في وجود الجملة بدون فاعل أو نائب له.
لكن اللغات العديدة لها أيضاًَ أسسها الهيكلية بحيث تتشابه مجموعة اللغات الهندوأوربية في كثير من الخصائص، تختلف عن الخصائص التى تجمع فرع اللغات السامية كالعربية والعبرية، واللغات الحامية كالمصرية القديمة والأمازيغية المنتسبة جغرافيا الى الشمال الافريفي. فالجملة العربية تبدأ عادة بالفعل في إلماحة الى أولوياته على الذات الفاعلة "وكأن الأفعال مقدرة سلفاً" أما العائلتان اللاتينية والحامية فتبدآن بالفاعل أو المبتدأ للتأكيد على أولوية الذات وقدرتها على مباشرة أفعالها. أنظر الى بناء الجملة العربية الآتي: سار الرجل مسرعاً. مقابل المصرية التى تقول الراجل مشى فكيك.
يحدث هذا في مجريات العقل الباطن الجمعي ، وليس على مستوى التعامل الفردي، فالفرد يكاد أن يكون غير موجود أمام سلطة اللغة، وسلطة القبيلة وسلطة الدولة ... إلخ.
وثمة فارق آخر بنيوى أيضاً فى تشكيل الجملة المنفية يتعلق بتكوين الجملة الفعلية عند النفى..فاللغة العربية تجد ميلها الطبيعى متوجهاً الى نفى الفعل ابتداء ( وكأنها ترتاح الى ذلك) ، يقول المتكلم باللغة العربية " لم ير الرجل شيئاً ... لم يجد أخى أحداً يفهمه ... أما المصرية فتجعل أداة النفى تالية للفاعل والفعل معاً " الراجل شافش حاجة ... لقتيش حد يفهمنى " وهكذا ، وحتى اذا ألحق بالفعل المنفى حرف " ما" العربى (نتيجة التأثر اللغوى ) فإن هذا الالحاق لا يقصد به استعمال الـ" ما " بإعتبارها أداة نفى ، وإلا لوجب حذف حرف " الشين" المصرى الدال على النفى . وإنما تستخدم الـ " ما " للدلالة على المصدرية الظرفية مثل " وأوصانى بالصلاة والزكاة ما دمت حياً " للإشارة الى الدوام لا الى النفى .
وربما كان لغيرى من المتخصصين فى لغة البربر ما يؤكد – أو يصحح أو حتى ينفى – هذا الاستدلال ، انما القصد هنا أن نثبت الاختلاف البنيوى بين العربية ( وبالذات عربية قريش التى سادت الأمصار بفضل الفتح الاسلامى) وبين اللغات الأصلية للمناطق المفتوحة ، وكانت مصر وتونس دليلنا على سبيل المثال لا الحصر.
لقد حاولت – جهد طاقتى – أن أطرح أسئلة بقيت متوارية فى ظل المسكوت عنه فى ثقافاتنا العربية ، وذلك من خلال منهج علمى ، يقبل التخطئة بطبيعة الحال كما يقول كارل بوبر . ولكن التخطئة ينبغى أن تأتى من منهجية علمية أيضاً - تقبل التخطئة بدورها . أما الرافضون لمبدأ المسائلة أصلاً إنطلاقاً من أيديولوجية معينة ، أو لأسباب سياسية محددة ، فلهؤلاء أقول : إذن ماذا أنتم فاعلون إزاء أعاصير العولمة ، وأمام سيول ما بعد الحداثة التى أخرجت كل ما أسميتموه بالثوابت من كهوفها المركبة ، وأطلقتها فى العراء بلا سواتر أو أغطية تمهيداً لدفنها ضمن الأحافير؟!
لقد آن الأوان للثقافات الشعبية التى طالما ظُلمت ، وطالما هُمشت أن تتحرك فى إتجاه عالم جديد ، حر وشجاع حقاً . عالم لا يعرف التفرقة بين أسياد ومسودين ، أو بين كبير وصغير ، أو بين رجل وإمرأة ، أو بين أصحاب عقائد وأديان ولغات ، وأصحاب عقائد وديانات ولغات اخرى ، فللجميع الحق فى الحياة والتعايش مع الغير على خلفية التنوع البشرى الخلاق .





#مهدى_بندق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحطيم سرير -بروكروست-
- ثقافتنا العربية أمام خيارين التحول أو التلاشي
- مياه الأمن القومى
- !السلام بين العرب واسرائيل ..كيف؟
- لغة عربية أم لغة مصرية؟
- الكاتب في عصر العولمة
- تفكيك العقاد العقاد مفككاً
- إلى أن تطل عيون المطر.
- الأصولية تلتهم الحداثة
- رفع الالتباس بقراءة ميثاق حماس
- ساعات بين الكتب
- احسان عبد القدوس وشمس اللبرالية الغاربة
- التراث المجهول
- حوارات مهدي بندق – 7 - مع أدونيس
- في رماد المحو
- استقالة من ديوان العرب
- مواسم الجفاف
- حوارات مهدي بندق - 6 - مع قطب اليسار أبو العز الحريري
- حوارات مهدى بندق - 5 - مع الدكتور مجدى يوسف
- حوارات مهدى بندق -4 -مع الناقد د.صلاح فضل - القسم الثاني


المزيد.....




- -الأغنية شقّت قميصي-.. تفاعل حول حادث في ملابس كاتي بيري أثن ...
- شاهد كيف بدت بحيرة سياحية في المكسيك بعد موجة جفاف شديدة
- آخر تطورات العمليات في غزة.. الجيش الإسرائيلي وصحفي CNN يكشف ...
- مصرع 5 مهاجرين أثناء محاولتهم عبور القناة من فرنسا إلى بريطا ...
- هذا نفاق.. الصين ترد على الانتقادات الأمريكية بشأن العلاقات ...
- باستخدام المسيرات.. إصابة 9 أوكرانيين بهجوم روسي على مدينة أ ...
- توقيف مساعد لنائب من -حزب البديل- بشبهة التجسس للصين
- ميدفيدتشوك: أوكرانيا تخضع لحكم فئة من المهووسين الجشعين وذوي ...
- زاخاروفا: لم يحصلوا حتى على الخرز..عصابة كييف لا تمثل أوكران ...
- توقيف مساعد نائب ألماني في البرلمان الأوروبي بشبهة -التجسس ل ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - مهدى بندق - اللغة .. والثقافة الشعبية المظلومة - مصر وتونس نموذجاً