أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - مهدى بندق - التراث المجهول














المزيد.....

التراث المجهول


مهدى بندق

الحوار المتمدن-العدد: 1934 - 2007 / 6 / 2 - 11:18
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


إنَّنا كأمَّة قد تعاملنا طوال عصورنا التاريخيَّة مع تراثنا بمنطق الإلغاء والتغييب . هكذا يستخلص المؤلِّف هنا حصيلة تجربته فى تحقيق مخطوطات التراث العربي . فهو عاشقٌ للتراث وله سبعةَ عشرَ كتاباً ما بين التأليف والتحقيق. والكتاب الذى بين أيدينا كرَّسه لتحقيق ونشر ثلاثين مخطوطةً نادرة أغلبها لم ينشر من قبل.
يبدأ المؤلف كتابه بمقدِّمةٍ يحدِّد فيها غاية البحث ومنهاجه مؤكداً خطأ "الانتقائيَّة" التى درجنا عليها أنظمةً وأفراداً فى تعاملنا مع تراثنا الغني، فالبلاد التى تتعامل مثلاً بالمذهب السلفي تُنكر مِن كُتب التراث إلا ما كان متصلاً بابن تيمية وسائر الحنابلة، ونُضيف نحن إلى قوله والأشعريَّة بوجه عام بتراثها الكلامى الذى يتوسَّط ما بين المعتزلة وبين أهل السنَّة. بينما يرى المؤلِّف أن البلدان التى تدَّعى التقدميَّةَ لا تتعامل إلا مع التراث الاعتزالى. وحتى الأفراد من الباحثين لا ينجون من هذه الانتقائية المتعسِّفةِ، فإذا أُعجب باحث بابن رشد رأيته يخاصم الغزالى، ويطالب الناس بألا يقرأوه بل ربما سُرَّ إذا رآهم يلعنونه! والنتيجة فيما يرى المؤلف أننا نجهل تراثنا فى مجمله ولا نعرف عنه إلا ما نرغب في معرفته بحكم ميولنا الثقافيَّة أو بحكم ما يراد لنا من قِبَل المؤسسات الثقافيَّة المهيمنة على تعليمنا وتربيتنا وهى مؤسسات محدودةٌ بحدود البراجماتيَّة والمذهبيَّة فيما نرى أيضاً. بيد أننا نود لو أن مؤلِّفنا يفرق بين معرفتنا الضرورية لمجمل التراث وبين نقدنا الضرورى أيضاً له، ذلك أن أحداً لا يمكنه أن يقبلَ فكر الجبريَّة من السُّنَّة أو بالأكثر فكرة الكسب من الأشاعرة وفى نفس الوقت يصادق على غايات المعتزلة التى تستهدف التركيز على حريَّةِ الإرادة الإنسانيَّة.
وينعى الدكتور يوسف زيدان- فى مقدِّمة كتابه المهمِّ هذا- غياب الخطة المنهجيَّة للتعريف بتراثنا من حيث إنَّ نشرَ هذا التراث فى الآونة الحالية لم يعد يخضع إلا للاعتبارات التجاريَّة أو الدعائيَّة ! ويطالب ملحاً بإنشاء هيئةٍ عربيَّة متخصِّصة تتولى مهام نشر التراث وتحقيقه. وهو ما يدعونا إلى تساؤلٍ جديد حول طبيعة هذه الهيئة المقترحة- ما دام الوطن العربى منقسماً على نفسه- وكيف ستنتصر لهذا الاتجاه أو ذاك إذا كان مبدأ الانتقائيَّة سيظل هو الحاكم بيننا.. فأما إذا أخذ برأى يوسف زيدان القائل إنَّ التراث كلَّه يشكِّل وحدةً واحدة لا تفاضل فيها بين جزء وجزء، لكنَّا قد انتصرنا لمبدأ الاستمرار الثقافي، فهل ينطبق هذا على عدم الانقطاع المعرفي وتظلُّ قضايا الفتنة الكبرى كالمنـزلة بين المنـزلتين وقدم القرآن أو حدوثه والجبر والاختيار هى قضيانا المعاصرة؟ أو ترانا سنقبل فحسب من تراثنا ما هو حىٌّ وصالح للتفاعل مع قضايا عصرنا مخلَّفين غير ذلك وراء الظهور وعندئذ نعود مَّرةً أخرى إلى مبدأ الانتقاء الذى ينعيه علينا د. يوسف ؟
أسئلة مهمَّة تنتظر حواراً واسعاً بين مثقَّفى الوطن العربي من حيث إنَّه قد آن لنا حسم هذا الخلاف والانطلاق بعده إلى بناء حضارة عربيَّة وإسلاميَّة جديدة لا تنقطع عن تراثها بالطبع وإنما ترتكز على ما هو إيجابىٌّ فيه مضيفةً إليه المبدع والجديد.
وتتصل رؤية المؤلِّف للتراث بمنهاجه فى تصنيف وترتيب المخطوطات، فما دام الحبُّ البالغ درجة العشق هو رائده فى التعامل مع المادة العلميَّة المتوافرة لديه، فإن مؤلفاً لا يسبق غيره ولا يتميز عنه سواء من حيث القيمة العلميَّة أو الشهرة أو التقدُّم زماناً أو التأخُّر. الكل سواسية كأسنان المشط، فابن النفيس لا يسبق مؤلفاً مجهولاً، وابن خلدون على مكانته الرفيعة يتأخَّر فى العرض داخل الكتاب عن مؤرخٍ تلميذ لابن حجر العسقلانى هو الشيخ عبد الوهاب بن عمر الحسينى، وحتى لم يشفع لابن خلدون أنَّه تُوفى في نفس العام الذى ولد فيه الحسيني.. لكنَّ المنهجَ الصارم عند مؤلِّفنا هو الذى دعاه إلى ترتيب المؤلفين التراثيين- داخل كتابه- وفقاً للترتيب الأبجدي متَّسقاً في ذلك مع رؤيته "العادلة" لكلِّ أعضاء المؤسَّسة التراثيَّة دون تفضيل لأحد. بل وربما قاده العدل يرافقه التبصر إلي إنصاف مؤلفينا المجهولين. ذلك أنه حين يُنصف مؤلفنا العربي "المجهول" فإنَّه بذلك إنَّما يؤكِّد فكرته الأساسيَّة التى تقول إِنَّ تراثنا مظلوم ومغيَّبٌ إلى درجة الإلغاء.. وأى إلغاء وأى تغييب وأى ظلم أشد من تجاهل أسم المبدع برغم روعةِ إنتاجه وبديع أعماله؟! ولكى يزيدنا د. يوسف شجناً على شجن، نراه يذكرنا بإنَّ حجمَ ما نعرفه من تراثنا المحقق والمنشور لا يزيد على خمسةٍ في المائة من مجموع الإنتاج التراثي! وهى حقيقةٌ صادمة ومروِّعة ومستفِّزة فى آن. ولأنَّ يوسف زيدان يعلم أنَّ الغوصَ فى أعماق اللجِّ التراثيِّ أمرٌ ليس سهلاً علي القارئ المعاصر فإنَّه ينتهج نهج الطبيعة ذاتها حين تغرى الناس علي التقدُّم إلى المياه العميقة بتدرُّجِها من رمال الساحل إلى التوسط ثم إلى ما هو أبعد .. فتراه يقدِّم مخطوطات صغيرة الحجم فى أول الكتاب يتبعها بمخطوطاتٍ متوسِّطة الطول منتهياً إلى الثالثة الأطول والأعمق .

مهدى بندق (مجلة العربى – العدد 445 – ديسمبر 1995



#مهدى_بندق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوارات مهدي بندق – 7 - مع أدونيس
- في رماد المحو
- استقالة من ديوان العرب
- مواسم الجفاف
- حوارات مهدي بندق - 6 - مع قطب اليسار أبو العز الحريري
- حوارات مهدى بندق - 5 - مع الدكتور مجدى يوسف
- حوارات مهدى بندق -4 -مع الناقد د.صلاح فضل - القسم الثاني
- حوارات مهدى بندق - 3 - مع الناقد الأدبىّ د. صلاح فضل
- حوارات مهدى بندق -2 - مع السيد ياسين
- والدولة أيضاً محاصرة في مصر
- حوارات مهدي بندق - 1 - مع جابر عصفور
- البلطة والسنبلة -5- المصريون واشارات الخروج من الحصار
- ريا وسكينة بين صلاح عيسى وميشيل فوكوه
- البرهان الثقافي على المسألة الإقتصادية
- قصيدة أُقَلِّبُ الإسكندرية على أجنابها
- تفسير غير تآمري للتعديلات الدستورية المصرية
- إضراب عن الماء
- الإخوان -المسلمين- وغيرهم ثقافة مُحاصَرة ومحاصِرة
- * المدربون
- *قصيدة الكمائن


المزيد.....




- وثقته كاميرا.. فيديو يُظهر إعصارًا عنيفًا يعبر الطريق السريع ...
- -البعض يهتف لحماس.. ماذا بحق العالم يعني هذا؟-.. بلينكن يعلق ...
- مقتل فلسطينيين برصاص الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية (صور+ ...
- سماء غزة بين طرود المساعدات الإنسانية وتصاعد الدخان الناتج ع ...
- الناشطون المؤيدون للفلسطينيين يواصلون الاحتجاجات في جامعة كو ...
- حرب غزة في يومها الـ 204: لا بوادر تهدئة تلوح في الأفق وقصف ...
- تدريبات عسكرية على طول الحدود المشتركة بين بولندا وليتوانيا ...
- بعد أن اجتاحها السياح.. مدينة يابانية تحجب رؤية جبل فوجي الش ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن عدد الضحايا الفرنسيين المرتزقة ف ...
- الدفاعات الروسية تسقط 68 مسيرة أوكرانية جنوبي البلاد


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - مهدى بندق - التراث المجهول